ليلة إنصاف (اليابلي) فيدل كاسترو ووحيد رشيد
بقلم/ صلاح محمد العمودي
نشر منذ: 12 سنة و 6 أشهر و يومين
الأربعاء 16 مايو 2012 06:06 م

عادة ما تجد في كتابات الصحفي القدير نجيب محمد يابلي إبداعا منصفا ودقيقا يشهد له بالاتزان يميزه عن غيره في بلاط صاحبة الجلالة ,فقد كان شفافا فيما ذهب اليه حتى النهاية في مقاله بعنوان (يا وحيد رشيد انت فين وفيدل كاسترو فين) ففي الوقت الذي اعطى فيه لكاسترو حقه اتمنى ألا يكون قد ابخس وحيد رشيد اشياءه حتى لا يتعرض للمسألة لأنها تعد بعد اجتياح قوات ما يسمى بالشرعية الدستورية للجنوب بطولات وانجازات لا يسمح قانونا لأحد بتجاهلها او اختزالها فيما يفتخر بها مرتكبوها حتى انهم اقروا لها مؤخرا القوانين لكي تبقيها محصنة من تطاول العدالة وإحقاق الحق .

 المقارنه بين وحيد رشيد وفيدل كاسترو كانت مستقيمة ولم تكن منحازة لأحد الطرفين واحتفظت بالبعد الانساني والتاريخي والعقائدي للرجلين فأعطى كما عودنا كاتبنا القدير (اليابلي) ما لقيصر لقيصر وما لكسرى لكسرى وهذه فلسفة صحفية تجسد المفهوم المنطقي لمهنة المتاعب التي ليست بالضرورة ان تجد قبولا عند الدخلاء عليها فامتهنوا الانحراف وفقدوا ليس الحرفة وإنما انفسهم

نعود للرجلين فيدل كاسترو ووحيد رشيد فالأول قاد ثورة عام 1956 بثمانين رجلا وصلوا على متن قارب الى الشواطئ الكوبية من المكسيك تعرضوا لهجوم عنيف من جيش باتيستا بعد اكتشاف امرهم فتمكن 40 منهم فقط من الوصول الى الجبال وهناك رتب كاسترو صفوف مقاتليه وشن حرب عصابات حتى سقطت هافانا في يده عام 1959 في اعقاب تأييد شعبي وعسكري,ومع انه شيوعي وملحد إلا انه قضى عمره كله يخطب في شعبه ببذلة عسكرية عتيقة ويد نظيفة ,عن العدالة الاجتماعية بمفهومها التحرري من كافة اشكال القهر والاضطهاد والاستئثار وغيرها من القيم والمبادئ الانسانية التي عرفها المسلمون منذ اكثر من 1400 سنة ولأنه صادق القول والفعل وقف شعبه الى جانبه ففشلت كل محاولات امريكا للنيل منه مع ان غرفة نومه على مرمى حجر منها ,اما وحيد رشيد فلم تذكر كتب التاريخ انه قاد ثورة تشليح عدن عام 94 ولم يدعي هو ذلك ولكنه لم ينكر انه احد قيادييها ولهذا كان نصيبه على قدر العطاء والتضحية 

وعلى عكس كاسترو فان وحيد رشيد مسلم وموحد بالله ويؤدي الشعائر الاسلامية واعتقد انه اعتمر وحج وسيكررها اذا تيسر الحال اما المال معين لا ينضب ويقال انه احد قيادي الاصلاح القلائل الذين لم يستطع الرئيس المخلوع ان يستغني عن خدماتهم فعصفت المتغيرات بالكثيرين بينما ظل هو في مكانه منتظرا الجائزة الكبرى حتى حصل عليها اخيرا

وفي اجتماعه الاخير بنساء عدن حرص المحافظ وحيد رشيد على اتخاذ إجراءات امنية مشددة تحسبا من اي اختراق يؤثر على نجاح الفعالية إلا انه فجأة ثارت ثائرته وزبد ورعد وقال ما قال حتى اتى على ذكر فيدل كاسترو , والسبب ان الاختراق الذي كان يخشاه قد حدث وجاء عن طريق مقترح احداهن بإحياء تجربة لجان الدفاع الشعبي (الانفصالي) بدلا من الحديث عن تجربة شيخ الحارة النموذج (الوحدوي) الذي رفع شعار الامن مقابل الغذاء كبادرة لم يسبقهم اليها احد ,حتى ان امريكا عندما اعجبتها الفكرة حاولت ان تنسبها لنفسها وتفرضها على قطاع غزة ولكنها فشلت بسبب ان الفلسطينيين رأوا انها تعطي لأمن اسرائيل اولوية قبل امنهم. 

بقي ان نعرف ان عبارة ( يا وحيد رشيد انت فين وفيدل كاسترو فين ) قيلت والعهدة على الراوي بالنص قبل 52 عاما من الان مع تغيير طفيف , حل اسم رشيد بدلا عن سيف وكانت سببا مباشرا في ميلاد اغنية ام كلثوم انت فين والحب فين , حدث ذلك في مناسبة خاصة جمعت عددا من الفنانين بمصر ولان كاسترو وثورته في عيدها الاول كان في تلك الفترة حديث الساعة فان الحوار الجانبي بين عادل امام ووحيد سيف يدور في هذا الاطار فأثارت بعض المتناقضات حفيظة عادل امام فقال (يا وحيد سيف انت فين وفيدل كاسترو فين) التقطت اذن الشاعر عبد الوهاب محمد الذي كان على مقربة منهما هذه العبارة فقال هذه مطلع اغنيتي القادمة يا عادل فسمع العالم كله بعدها الاغنية بصوت ام كلثوم التي أنتجت في العام نفسه الذي احتفل فيه بالذكرى الاولى للثورة الكوبية دون ان يدري احد شيئا عن قصتها والعهدة على الراوي 

amodisalah@yahoo.com