ناطق المشترك لغة الرصاص لن تعلو على لغة الحوار
بقلم/ متابعات
نشر منذ: 14 سنة و 5 أشهر و 30 يوماً
الخميس 06 مايو 2010 06:00 م

عن تداعيات المشهد السياسي في اليمن وحادثة إطلاق النار على سيارة رئيس المجلس الأعلى للمشترك، و"مارثون" الحوار بين الحزب الحاكم وأحزاب اللقاء المشترك (المعارضة اليمنية)، والاتفاق بين اللجنة التحضيرية للحوار الوطني و الحوثيين ، وأزمة الجنوب، وقضايا أخرى يتحدث لرئيس الهيئة التنفيذية لأحزاب اللقاء المشترك وناطقها الرسمي محمد صالح النعيمي فإلى نص الحوار:

الوحدوي حاوره – عادل عبدالمغني:

• كيف تنظرون لحادثة إطلاق النار على سيارة الدكتور عبدالوهاب محمود الرئيس الدوري لأحزاب المشترك؟ وما هي الإجراءات المزمع اتخاذها إزاء هذا الحادث؟

ننظر لها في المشترك كمحاولة بشعة وآثمة ، وتهديد خطير للنضال السلمي في البلد.. ونحمل الأجهزة الأمنية في الدولة المسؤولية الكاملة إزاء هذا الحادث .. هذه السلطة التي وبدلاً من أن تقوم عبر أجهزتها الأمنية بإلقاء القبض على الجناة وكشفهم، راحت تبحث عن تفسيرات وتبريرات للحادث للتضليل على ما حصل .. الأمر الذي يؤكد صلتها المباشرة بذلك.

وبالطبع فان مثل هذه العمل الخطير لن يمر مرور الكرام بالنسبة لنا في اللقاء المشترك أو اللجنة التحضيرية للحوار الوطني، وسنقوم باتخاذ المواقف اللازمة إزاء هذه التصرفات الرعناء، التي تحاول إعلاء لغة الرصاص والعنف على لغة الحوار والتفاهم . وهنا أحب أن أجدد التأكيد على أن أحزاب المشترك ملتزمة بنضالها السلمي ولن تنجر وراء مثل هذه المحاولات البائسة التي تزيد الأوضاع تأزماً وخطورة في البلد.

• وماذا عن مطالبة السلطة لكم بتسليم خمسين مطلوباً أمنياً في المحافظات الجنوبية؟

مثل هذا المطلب يسيء كثيراً للسلطة وحزبها الحاكم ..هو بالفعل طلب غريب من سلطة يفترض بها أن تلقي القبض على كل مطلوب أمني عبر أجهزتها الأمنية، لا أن تطالب المعارضة التي لا تمتلك سلطة الضبط بإلقاء القبض على مطلوبين وتسليمهم لها.

لكن عموماً فإن مثل هذه التصريحات والمطالبات ليست بجديدة على السلطة التي تتحفنا كل يوم بتصريحات وخطب إعلامية غريبة من حيث المنطق والمضمون. وكما جرت العادة فإن أن هذا التصريح يأتي متماشيا مع التناقض الكبير بين ما تمارسه السلطة وما تقوله، حيث أن السلطة هي من تقوم مع الأسف الشديد بالدفع بعناصرها للتخريب ثم تقوم بمطالبة الآخرين ممن يعملون في إطار العمل السلمي بتسليمهم لها. هي عموما تعمد لمثل هذه الممارسات لأجندات نعلمها وننصحها بالكف عنها .

• ما حقيقة التقارب بينكم والحوثيين، وما تردد مؤخرا عن توقيع اتفاق بينكما ينضم الحوثيون من خلاله إلى اللجنة التحضيرية للحوار الوطني التي يعد تكتل أحزاب المشترك أحد لاعبيها الأساسيين ؟

لم يكن التقارب بين الحوثيين ولجنة الحوار أو المشترك رغبة سياسية محدودة أو مصلحة جزئية، وإنما ضرورة تفرضها المصلحة الوطنية والقومية العليا، لأن المضامين التي صيغت في محضر الاتفاق هي مضامين الرؤية الإنقاذية التي صدرت عن اللجنة التحضيرية، وهذه المنطلقات هي ما كان يعبر عنها المشترك منذ الوهلة الأولى لنشوب الحرب الأولى في صعدة عام 2004م، ومطالبته بإيقاف الحروب المتكررة، ورفضه لاستخدام السلاح في القضايا السياسية والالتزام بالدستور والقوانين النافذة، وجاءت رؤية الإنقاذ تحمل المنطلقات الوطنية التي تجعلها الحاضن الطبيعي للحوثيين وبقية القوى الوطنية والسياسية، بما فيها السلطة وحزبها، ولأهمية المعادلة السياسية التي أوجدها الحوثيون على الأرض كطرف في قضية صعدة يحتم على الجميع التقارب، والحوار الوطني معهم وهذا هو فهمهم لما تضمنه محضر الاتفاق.

• وماذا عن حواركم مع الحزب الحاكم؟

حوارنا مع السلطة وحزبها لم يصل حتى الآن إلى نتيجة منطقية، وإنما لازلنا بعد اتفاق فبراير 2009م في إطار تبادل الرسائل وهذا ما عودنا عليه الطرف الأخر ... فهو يوقع الحوار ثم يتراجع عن تنفيذ متطلباته ويعتمد على اللعب بتضييع الوقت ويستغله تحت يافطة يصنعها لكي يعطل تنفيذ الاتفاق ، ولهذا فالحزب الحاكم يتحمل مسؤولية ضياع للوقت .

• كثر الحديث عن الحوار بينكم وبين المؤتمر الشعبي العام وتعددت الرسائل المتبادلة بخصوص ذلك .. لكن شيء لم يتحقق على أرض الواقع .. برأيك لماذا؟

لأن كل طرف له منهج للتعامل مع القضايا الوطنية، فالسلطة وحزبها تريد الحوار وسيلة جديدة ينتج شرعيتها من جديد، وترى بأن على المشترك أن يكون حاضناً لأساس هذه الشرعية ومتحملاً لسوء إدارتها وفشلها بالطبع .. أما المشترك له مشروعه الوطني الذي يتناقض مع مشروع السلطة ولهذا قدم العديد من المبادرات والحلول وقد رفضها حزب السلطة .

المشترك يريد من الحوار أن يلبي كل متطلبات الشعب اليمني وأن يكون حلاً لكل مشاكله وأزماته الحادة حتى يكون الحل قابل للحياة والاستمرارية وتتوفر له الحماية والحصانة الشعبية ومحل توافق القوى السياسية بشكل عام.

• الرئيس صالح قال إن توقيع حزبه معكم اتفاق فبراير كان خطأ كبيراً ، ثم عاد ليدعوكم عبر مستشاره السياسي للجلوس على طاولة الحوار وفق مضامين اتفاق فبراير. كيف تفسر هذا التناقض ؟

هنا تبرز خطورة التناقض في الموقف الواحد، وهذا يؤكد أن السلطة لا تملك رؤية سياسية لحل الأزمات في اليمن ، بقدر ما تجيد صنع الأزمات ، وهم في السلطة حتى الآن لم يستطيعوا حل أي أزمة سياسية صنعوها وها هي السلطة في بحيرة من الأزمات .

• مر أكثر من نصف الفترة منذ تأجيل الانتخابات النيابية دون الوصول إلى صيغة توافقية بينكم والحزب الحاكم لإجراء التعديلات الدستورية التي لأجلها تأجلت الانتخابات.. هل يعني ذلك أن المشهد السياسي في اليمن يسير نحو أزمة حقيقية قد تفضي إلى فراغ دستوري في البلد؟

في حقيقة الأمر يمكن القول أن المعطيات السياسية تشير إلى ذلك للأسف الشديد .. فالسلطة لم تستوعب ثقافة التوافق السياسي وإنما تجيد فهم ( لا أريكم إلا ما أرى ) ، و أي فهم يبنى عليه حوار أو اتفاق يفضي إلى حلول وطنية هو في نظرها فوضى تتعارض مع مصالح الاستئثار والفساد . و اعتقد إن مقولة أنا ومن ورائي الطوفان، تنسجم مع هذه السياسة التدميرية والكارثية على اليمن واليمنيين .

• إذا ما استمرت حالة القطيعة القائمة بينكم والحزب الحاكم.. هل ستقاطعون انتخابات ابريل 2011م خاصة أن الرئيس صالح قد أعلن عن استعداد حزبه السير في الانتخابات بدونكم؟

أنا استغرب من مقولة السير منفرداً في الانتخابات !! أولا: إذا كانت الانتخابات غير صالحة في 2009م فكيف بها أن تكون صالحة في 2011م ، .. فكل يوم والظروف السياسية والأمنية هي أسوأ من ذي قبل !

ثانيا: آلية الانتخابات غير مؤهلة والقوانين غير صالحة بما يتناسب مع اتفاق فبراير ـ أي القائمة النسبية ـ ولهذا من المفترض أن يتم إصلاح سياسي وتعديلات دستورية ، والتعديلات الدستورية تتطلب التوافق الوطني أولا .. وحالياً الظروف غير مهيأة للانتخابات! ووحدها الانتخابات هي التي يمكن أن تكون الآلية للتغيير السلمي للسلطة وليس إعادة إنتاجها بذات الأدوات المعروفة.

وهذا يعني أن الأولوية هي للإصلاح السياسي الشامل الذي ينتج عنه انتخابات نزيهة وشفافة يقبل بإدارتها ونتائجها الجميع ، بعد توفر ضمانات كافية لحمايتها بشكل متكامل في شتى مراحلها .

• توجهتم مؤخراً نحو الشارع عبر إقامة اعتصامات في عدد من المحافظات.. هل من رسائل تحاولون إيصالها للسلطة من وراء هذه الفعاليات ؟

ما يقوم به المشترك لا يهدف من وراءه إيصال رسائل ، وإنما صارت الضرورة الوطنية تحتم علينا استكمال الحوار مع فئات المجتمع، وفي نفس الوقت ترسيخ الشراكة الشعبية من خلال الفعاليات التي تدافع عن المشروع الوطني واحتضانه لوقف انهيار الوطن، وهو ما يعني رفض سياسة الإفقار والتضليل والفساد وعسكرة الحياة السياسية. فأي موقف يهدد المشروع الوطني على الشعب التصدي له .. ومن هذا المنطلق صار تحريك الشارع ضرورة سياسية، وفرض واجب على كل مواطن وليس فرض كفاية للدفاع عن كرامة المواطن اليمني ووحدته التي صارت منتهكة ومهددة ودماؤهم مسفوكة في كل مكان و الأرض تنهب وتستباح.

أوقفت السلطة الحرب في صعدة واتجهت لإشعالها في المحافظات الجنوبية ! ولهذا المشترك يتحرك لإيقاف الحروب ولمواجهة الجرع والفساد وإفقار المواطنين وسيعمل المشترك مع بقية القوى الوطنية للتصدي لسياسة السلطة الفاشلة ، كما سيستمر في الفعاليات الشعبية للحيلولة دون استئثار حزب أو أفراد بمستقبل البلاد .

• ما تقييمكم لتطورات الأحداث في المحافظات الجنوبية؟ وما هو موقفكم من الدعوات التي تتعالى من يوم لآخر للمطالبة بالانفصال؟

مرت 16 عام على حرب صيف 94م والناس تطالب بمعالجات آثار تلك الحرب الظالمة والقاتلة للوحدة الوطنية والشراكة السياسية، بينما السلطة تستمر في غيها ولم تدرك بان التحرك الشعبي لمواجهة مظالمها يأخذ أطواراً ومراحل وأشكالاً حتى يتحول ذلك التحرك إلى طور الشمولية الشعبية لمواجهة السلطة كنتيجة لسياساتها المتطرفة التي أنتجت بعض ردود الأفعال المنفعلة، والتي وجدت السلطة فيها ضالتها كمبرر لسوء ممارساتها وللدفاع عن الوحدة التي يجمع عليها الموقف الإقليمي والدولي والشعبي . كان من الضرورة السياسية أن تتجه الجهود والمطالب بالتغيير ومبرراته الوطنية التي يسندها إجماع شعبي واحتراماً إقليمياً ودولياً بدلاً من استهداف الوحدة الوطنية التي هي بريئة من كل ممارسة خاطئة وفاشلة .

ونحن نرى أن الرأي المحلي والدولي يساند التغيير بدل التشطير ولهذا مطلوب من اليمنيين البحث عن صيغة جديدة للنظام السياسي من خلال الحوار الوطني والتوافق السياسي الذي يؤمن لليمن والأجيال القادمة أن تعيش في امن واستقرار وسلام .

• هناك من يقول أنكم في المشترك غائبون تماما عن مجريات الأحداث في الجنوب.. ما قولك؟

هذا الكلام غير صحيح ! لم نكن غائبين عن أي حق أو مطلب ، بل مواقف المشترك ومشاريعه السياسية لدعم المشروع الوطني حقق قفزة وطنية نوعية في المشهد السياسي والوطني وبتجميع القوى السياسية ، من خلال لجنة التشاور سابقاً ولجنة الحوار حالياً ، و تبلورت معه تلك المضامين الوطنية والتي خرجت في إطار مشروع رؤية الإنقاذ الوطني .

إن دفاع المشترك عن حقوق المواطنين وحرياتهم ومطالبهم السلمية أجهضت أكثر من اتفاق بين المشترك وحزب السلطة ، فقد كان مطلب ( تهيئة المناخ السياسي ) حاضراً في أي اتفاق أو حوار سياسي ، والشعب والقوى الوطنية المنصفة تدرك ذلك ونحن لا نريد شكراً على مواقفنا وجهودنا من أحد ، بل من الشعب والتاريخ سيحكم ويحاكم مواقف كل طرف أو جهة !

• كيف تقيمون في المعارضة الوضع الراهن في اليمن على مختلف الأصعدة وما قراءتكم للمستقبل؟

لا أخفيك القول عن خطورة المرحلة الحالية .. اليمن يمر بمخاطر حقيقيةـ وقد تكون الأسوأ في تاريخ اليمن الحديث ـ وهي كارثية تهدد اليمن واليمنيين كنتيجة لسياسة السلطة الفاشلة والمتطرفة وتغذيتها للحقد والكراهية المجتمعية، وغيرها من الأمراض السياسية الخطرة التي افرزها تعنت السلطة ومكابرتها بعدم الاعتراف بأزمات اليمن ورفضها للحوار الحقيقي الذي يشمل كل القوى الوطنية والقضايا وهروبها المستمر إلى عسكرة الحياة السياسية وذلك يدل على أن السلطة لا تمتلك المقدرة على قراءة المشهد السياسي ومتطلباته بشكل علمي موضوعي ومآلاته ! وكأن هذه السلطة لا تجيد سوى صناعة الأزمات !

 لقد ارتهنت وامتزجت رغبات وتفكير الممسكين بالسلطة وآفاقهم السياسية على ما يبدو بمتطلبات الفساد والاستئثار وصارت أفعالهم مرتهنة له وأي موقف سياسي يتناقض مع هذه المعطيات يواجهه بالتجريم والتخوين.

لقد نجحت السلطة في تدمير مشروع الديمقراطية بالتزوير وتسخير المال العام والوظيفة وخاضت أيضا حروب تدميرية وهي الآن متجهة إلى الحوار بنفس تلك الأفاق ! ولم تدرك السلطة بأن تلك المعطيات غير قابلة لأن تحكم اليمن بها وخاصة إجراءاتها الاقتصادية المدمرة للإنسان وكرامته وحقوقه وحريته فلم يعد أمامها خيارات سياسية كثيرة .. لقد ضاقت الخيارات أمام السلطة ـ والقوى الوطنية أيضا ـ وانحصرت في ثلاثة تقريبا وهي:

1. الحوار الشامل الحقيقي الذي يفضي إلى حلول لازمات اليمن

2. تحمل قوى المعارضة مشروع التغيير بشكل جذري وتعلن بأنها البديل للسلطة القائمة من خلال النضال السلمي

3. الفوضى التي تفضي إلى صوملة اليمن لا سمح الله

 

واعتقد أن الخيار الأول هو أسهل وأقل تكلفة للسلطة و المعارضة معا وكل الدول المعنية بأمن واستقرار اليمن أو انهياره لا سمح الله .