الحوثيون والهاشميون الآخرون
بقلم/ علي أحمد العمراني
نشر منذ: 8 أشهر و 26 يوماً
الثلاثاء 02 إبريل-نيسان 2024 12:39 ص

يميل بعض الناشطين إلى تعريف الصراع الحالي في اليمن بأنه صراع مع الهاشميين، ويجب أن لا يكون كذلك. ولا يليق باليمنيين إلا تبني مشروع وطني إنساني جامع، وهو مشروع المواطنة المتساوية، مثل ما يسود في كل بقاع العالم المحترم، والمشاريع الجامعة نتاج لجهد البشرية السوية ونضجها الإنساني، أما سوى ذلك فهو نتاج التخلف والجهل والانحطاط. وإذا تعذر على الحوثي، وأشباهه تبني مشروعا جامعا لليمنيين وهذا طبيعي بسبب تكوينهم وجهلهم ومعتقدهم الضال وإجرامهم، فلا يليق بخصومهم إلا تبني المشروع الجامع. ومن غير شك، فإن المشروع الجامع يقوم في الأساس على هزيمة المشروع الفئوي الطائفي المستند إلى العنف فقط ، بصفة نهائية. وحقيقة الصراع في اليمن، أنه بين من يدعي أن له وحده الحق المطلق في حكم اليمنيين، بل حكم المسلمين؛ إلى الأبد، على أساس نسب سلالي، حقيقي أو مزعوم، ومعتقد الإصطفاء والحق الإلهي. ومن يزعم أن له حقوقاً بسبب نسبه وسلالتة فهو عنصري مقيت، يستنكر ويُنبَذ ويجرَّم، وهذا ما صارت عليه الدنيا، كلها. في مسيرة البشرية المعقدة، بما في ذلك المسلمين، سادت في الأزمنة الغابرة، مفاهيم متخلفة، تتعلق بقداسة الحكام، بما يوحي أنهم ليسوا من طينة البشر. وفي عالم المسلمين ظهرت في زمن بعيد، نظرية قرشية الخلافة، أو علويتها، ويرجع ذلك إلى سذاجة معرفية تتسم بالبدائية، وقد مضت أمم كثيرة في ذلك السبيل من قبل، وكان يقال عن الإمبراطور في الصين، إنه إبن السماء؛ وفي اليابان كان يعد الإمبراطور، إلٰهاِ! وسادت معتقدات في الغرب عن الحق الإلٰهي للملوك، وكان يُدَّعَى أن سلطتهم مستمدة من الله، ولا يحق لأي قوة أرضية تنازعهم في حقهم الإلهي! لكن الثورة في بريطانيا في القرن السابع عشر، والثورة الفرنسية في القرن الثامن عشر، والثورة الأمريكية في القرن الثامن عشر أيضاً، قضت على تلك المفاهيم. وتحررت الإنسانية في الشرق والغرب من الخرافات والظلم والتمييز، ولم يبق من هذه الخرافات المدمرة والإدعاءات الباطلة القاتلة إلا ما يعشش في بعض الرؤوس الجاهلة المتخلفة، في بعض أقطارنا ووطنا اليمن، وآخرها ما جاء من مران، وهي قرية ريفية صغيرة ونائية في محافظة صعدة اليمنية، لكنها تسيطر الان على صنعاء حاضرة اليمن وعاصمتها، وجل سكان اليمن، قسراً وجبراً، وبالعنف المطلق. و في جميع البلدان العربية، تم تجاوز تلك الترهات عملياً؛ ما عدا جماعات ”المهدي المنتظر“ أو"السيد العلم“ الواجب ولايته، بأمر من الله، كما يزعمون زيفاً وكذباً، ويقاتلون من يخالفهم في ذلك! يتواجد الهاشميون في كل ربوع اليمن؛ وفي بعض المناطق الشافعية يتواجدون بنسبة بسيطة في المجمل ، ولا يختلفون عن غيرهم من المواطنين، سوى في استمرار بعض عاداتهم، في حصر التزاوج فيما بينهم ، وقد تجاوز بعضهم ذلك، خاصة حيث يتوفر الوعي، بما في ذلك عند بعض الزيود الهاشميين. ولا يقر فقهاء حضرموت السنيون الهاشميون حصر الحكم في البطنين، وكان من الطبيعي أن يصل إلى قمة السلطة في الجنوب اليمني السني، الهاشميان علي سالم البيض، وحيدر العطاس، باعتبارهم مواطنين، كاملي الحقوق ، ليس أكثر من غيرهم، ولا أقل. وكان الهاشميون في بعض المدن، وبعض الأرياف يقومون بالتعليم، كتاتيب، لكنهم كانوا أميين مثل غيرهم، حيث كانت تسود الأمية المطلقة. كان أول من علمني القراءة والكتابة، الحبيب عبدالله السقاف ذي الأصول الحضرمية، وكنت أفكر في التوجه إلى ا لحبيب محمد الهدار، ذي الأصول الحضرمية أيضاً، في مدينة البيضاء، لمزيد من العلم، الديني، لكن عمي محمد صالح زجرني، وهو يصحيني من النوم ذات صباح، وقال : المقضية ما هي لنا! وكان يسمى، عندنا، قاضي، الذي يسمى مطوع في السعودية، أو شيخ علم. ويرجع معظم إن لم يكن جميع الهاشميين في محافظة البيضاء، والمحافظات الشافعية السنية، إلى هاشميي حضرموت ونسبة الهاشميين هناك أعلى. وعادة تكون نسبتهم قليلة وتعد أسرهم بأصابع اليد، في القبيلة المكونة من مئات أو آلاف الناس، وفي هذه الحالة لا يحملون السلاح، ولا يؤذُون ولا يؤذَون . لكنهم في حالات محدودة ونادرة، قد يشكلون تجمعاً قبليا مستقلاً، مثل منطقة الهجر في مرخة، وشيخها الشهير ناصر بن محسن بن الحاج، الذي أوى القردعي وقال الموت عند القردعي ولا الحياة، وكان القردعي حينها متمرداً أو ثائراً على هاشمي آخر، إمام صنعاء، يحيى حميد الدين. وفي منطقة ريام، في رداع، يشكل الهاشميون قبيلة كاملة تحمل السلاح، مثل بقية قبائل المنطقة. و كان بعض مشايخ ريام القبليين منهى في العرف القبلي. وشارك الشيخ زائد الريامي مع عشرات من قبيلته في قتال الحوثيين، في حرف سفيان، وقابلته هناك في 2010، لكنه صار الآن مع الحوثيين. وفي 2015  كتبت مقالاً بعنوان : أحباؤنا الهاشميين في البيضاء، كونوا كما عرفناكم عبر الزمن! لكنني لاحظت قبل أيام، أن أحد الخطباء الهاشميين البارزين في مدينة البيضاء، يثني على عبدالملك الحوثي ويصفه بالسيد العلم، ويقول إن الله معه، ولاحظت أن حماس الخطيب كان ملفتاً وبدت عاطفته جياشة تجاه عبدالملك. وكان والد الخطيب علامة هاشمي بيضاني قدير، وكنت أرغب في السلام عليه، لشهرة صلاحه بعد صلاة عصر أحد الأيام، أول الثمانيات، وعدت أدراجي عندما لاحظت يده ممدودة على ركبته، وكان كبيرا في السن، ويقبُّلها طابور من الشباب لعلهم من تلاميذه، وربما آخرين، ويظنون أنهم يفعلون ذلك من أجل البركة! وأحد أسلاف الخطيب؛ وهو الحبيب سالم بن أحمد إبن الشيخ أبو بكر صاحب عينات في حضرموت، هو الذي أفتى أهل البيضاء، بأن يقاتلوا أحمد بن الحسن، قائد جيوش المتوكل عند وصولهم زهراء في منطقة السوادية 1654م، وعند عودة رسول الرصاص، من عينات حضرموت، ومعه الفتوى بالقتال، قاتل السلطان قوات الإمام حتى قُتِل في نجد السلف ( الدقيق) مع مأتين من رجاله. وأُخِذت رأس السلطان إلى ضوران عاصمة المتوكل، وعُلِّقت أمام الملأ مدة طويلة! وكانت أول حصون دمرها عبدالله أحمد الوزير ، بالمدافع، في عشرينات القرن الماضي، هي حصون أهل عزة وهم هاشميون، عندما كانوا أول من وقف مع سلطان بنير(بني أرض) بعد فشل وساطتهم بإقناع الوزير بالانسحاب من البيضاء بناء على طلب السلطان، وقيل إنهم أول من أطلق النار على موقع داخل مدينة البيضاء، وكانت حصونهم المدمرة ظاهرة للعيان إلى عهد قريب، على يمين الداخل إلى مدينة البيضاء .. وأتحاشى هنا ذكر أسم الخطيب البارز، للتأكد فيما إذا قد كان ساقه الحماس بسبب غزة فقط، أو أنه قد تعرض لضغوط، ويصعب تصور أنه قد تحوث، أما إذا حدث ذلك ، فذلك تطور جديد وغير مسبوق، وجلل. وفي هذه الحالة لست أعلم هل يقر الخطيب مظالم السيد العلم، الحوثي، وجوره وطغيانه وطائفيته وتجبره على اليمنيين، وإذا لم يكن كذلك فهل يستطيع أن ينصحه ويثنيه! أظنه قد لا يفعل، ولو كان والده مكانه لربما فعل!  وياتي السؤال؛ هل لو توجه الحوثي حضرموت، سيجد من يثني عليه ويرحب به، ويصفه بالسيد العلم، في دار المصطفى مثلاً أو غيره؟ لا أظن ذلك.. غير أن موقف خطيب البيضاء البارز يثير التساؤلات. دور الهاشميين طبيعي وبناء، في المجمل، في المناطق الشافعية في اليمن، وهم كذلك في بلدان عربية وإسلامية عديدة، ويعيشون في كل بلدان العالم الإسلامي، ولا يُعرف عنهم إلا كونهم مواطنين طبيعيين مثل غيرهم، ويصلون إلى أعلى المناصب لجدارتهم، وليس لنسبهم، أو بسبب حق إلهي! ويحكم الآن هاشميون بلدين عربيين شقيقين، هما الأردن والمغرب، بموجب دساتير مدنية تحدد الحقوق والواجبات، ولا يستند النظامان في الأردن والمغرب إلى مزاعم الحق الإلهي الحصري، وإنما إلى دساتير مدنية تمثل عقداً إجتماعيا. وقد عرفت المغرب أول دستور في 1908, والأردن في 1946, ويتذكر اليمنيون كيف كان الدستور يعد تهمة خطيرة في اليمن، قد تضاهي المروق من الدين والكفر في 1948، وقد أطاح اليمنيون بالإمامة في 1962 دون أن يكون لها دستور يحدد الحقوق والواجبات، وإنما إمام فقط! وقد تعرفت على طبيعة الحكم في الأردن عن قرب، وعن مدى الإحترام الشعبي الذي يحظى به الحكم هناك، وقربه من الشعب، وانفتاحه على كل الناس على مختلف دياناتهم وأصولهم، وتكاد تكون الأسرة الهاشمية الحاكمة نموذجاً في البساطة والتواضع والصلة بالمواطنين، وقد تحقق للأردن الكثير، على أيديهم، على الرغم مما يحيط بالأردن من تحديات ومصاعب منذ التأسيس. أما في المغرب، فأهم ما يميز النظام هناك، أن المغرب أول بلد عربي، وصلت فيه المعارضة اليسارية إلى الحكم في 1998 ورأس الحكومة المعارض الإشتراكي البارز عبدالرحمن اليوسفي، في عهد الملك الحسن، وفي عهد محمد السادس، وصل الإسلاميون أيضاً إلى السلطة في 2011 ، ورأس الحكومة عبدالإله بن كيران، وتبعه سعد الدين العثماني، في دوره انتخابية ثانية. وفي 2014 وصل عبدالملك الحوثي إلى صنعاء، بعد حربه و تمرده على الدولة عشر سنوات، وقضى على حكومة الوفاق الوطني وأطاح بالرئيس المنتخب، وفرض نفسه بالبنادق والقتل والإذلال وما يزال، وفي طريقه من صعدة إلى صنعاء نسف بيوتاً كثيرة، واقتحم أخرى داخل صنعاء وصادرها وما يزال ينسف أخرى بساكنيها، وأعلن نفسه؛ السيد العلم، له الولاية وحده، بأمر من الله ورسوله، كما يردد أتباعه في البيعة العلنية! ذاكرة اليمنيين مشحونة، بإرث مأساوي كئيب؛ عن حكم الإمامة في اليمن ودورها التدميري، وجاء الحوثي يذكي الذاكرة المشحونة الموجوعة، ويوغر صدور اليمنيين لقرون قادمة. وحتى حيث كان يقوم الحكم على معتقدات من قبيل إبن السماء في الصين، أو إلٰه في اليابان، فلم تكن تلك الأنظمة عقيمة، وفوضويّة مثل الإمامة في اليمن، وإنما استطاعت أن تنتج حضارة وتقدم في الصين واليابان، وتشكلت هناك إمبراطوريات عظمى، منذ قرون. وكذلك الحال عند ملوك أوروبا، أصحاب الحق الإلهي. وحيث صارت اليابان علمانية بالمطلق ودور الإمبراطور مراسمي فقط، أقل ظهوراً حتى من ملك بريطانيا، فإن الصين يحكمها الحزب الشيوعي، ولا علاقة له "بابن السماء" ولا "بابن النبي" ولا حتى بالسماء، ويحقق الحزب الشيوعي نجاحات مبهرة في كل ميدان، وبما يفيد الصين والعالم. ولن تعدم أن تجد مآثر أو آثار للدول التي  حكمت في اليمن في الألف عام الأخيرة، مثل الصليحيين والرسوليين والطاهريين، والعثمانيين، والإنجليز، فما بالنا بمآثر الأجداد قبل الإسلام، لكنك لن تجد شيئاً يذكر للإمامة، خلال الألف عام، فهم ينشغلون عادة بالحرب والسلب والنهب، و الصراع المرير المجنون على الحكم، والإقتتال مع بعضهم عندما يحكمون، و التربص والإطاحة بغيرهم من الحكام الآخرين، وقتالهم عندما يأنسون في أنفسهم قوة. وعلى وحشية أحمد وانعزالية يحيى، فقد يكون حكم بيت حميد الدين هو الأقل سوءاً، في عهود الإمامة، ومع ذلك فقد تجاوزهم الزمن، و لم يتحمل نظامهم اليمنيون في القرن العشرين، وثاروا عليه وأطاحوا به. ويعد الحوثيون أخطر وأسوأ نسخ الإمامة ظلماً وبشاعة وتجبراً وجشعاً وجهالة، وتأثيراً سلبياً على اليمن، وقد رفضهم اليمينيون من اللحظة الأولى. وإذا كان اليمنيون لم يتحملوا بيت حميد الدين، الذي كانت سلطتهم أقل بشاعة من سلطة الحوثيين، فهل يتوهم الحوثيون، أن اليمنيين يستحملونهم في القرن الواحد والعشرين؟ والحقيقة فقد ساعدهم الساسة الأغبياء، كما وصفهم جمال بن عمر، حتى اجتاح الحوثيون صنعاء، وهم قوة صغيرة، حسب وصفه أيضاً، وحسب الحقيقة التي نعرفها. وقد ساعدتهم الحرب منذ 2015، خاصة مع تبني مشروع التجزئة في اليمن. ويدرك عقلاء الهاشميين طبيعة ما يحدث، ولا أظنهم يجهلون ما يجب عليهم؛ لكن يبدو أنهم لا ينصحون الحوثيين للإنصياع لمخرج حقيقي مع اليمنيين، فضلا عن معارضة أعمالهم البشعة وظلمهم وتجبرهم وخرابهم؛ خلافاً لأحرار هاشميين كثر، عارضوا نظام يحيى، وأحمد منذ الثلاثينات والأربعينات في القرن الماضي، ودفعوا ثمنا لذلك مثل بقية إخوانهم اليمنيين، وساهموا في ثورة الـسادس والعشرين من سبتمبر، مثل الشهيد محمد مطهر زيد، ويحيى المتوكل وأخوه أحمد وعلي قاسم المؤيد وأحمد المروني وآخرين. ومع ذلك؛ لا نقلل من تقدير واحترام مواقف وأدوار أحرار حقيقيين في هذا الزمن، مثل محمد الربع، وحسن أبكر؛ وعبدالباسط القاعدي، وعبدربه لعكب الشريف البيحاني، وحمزة المقالح، ومحمد بن سالم الشريف ومحمد بن عبود الشريف، وآخرين . غير أن الملاحظ أيضاً، أن غالبية هولاء الأحرار ينتمون إلى تنظيم سياسي واحد، ولم يبرز بعد أحرار هاشيمون آخرون مستقلون، في مواجهة الحوثي، أو من تنظيمات أخرى، وإن وجدوا فهم قلة؛ مثل يحيى العابد، القيادي المؤتمري . ولعل إمكانية الحصر هنا، لا تعد شيئاً إيجابياً. كثيرا ما تحدثت مع محمد المتوكل وحسن زيد، وكنت ألاحظ عليهم تعاطفاً مع الحوثي، وأقول لهم : أنتم (الهاشميون) كانت فرصتكم أفضل نسبياً في التعلم (بالمقارنة ) منذ 1400 سنة، ويفترض أنكم تكوُّنوا نواة للمجتمع المدني في اليمن وتتبنونه وتدعمونه، ولا تضيفوا عصبية جديدة، أو قبيلة جديدة، مثل حاشد وبكيل، الذين حُرموا من التعليم طوال القرون؛ وكنت أعلق حينذاك على مشاهداتي، عند زيارة حرف سفيان والجوف، وصعدة، حيث لاحظت عشرات شباب من أسر هاشمية عرفوا بحضريتهم ومدنيتهم، لكنهم امتهنوا الحرب والقتال مع الحوثي. وأتذكر حديث للدكتور خالد الدخيل يقول فيه إن الأسرة الحاكمة في السعودية أكثر قبولاً هناك، كونها عائلة حضرية الطابع، وهي لا تستقوي على بقية الكيانات بعصبية قبلية تخصها، ولا تحشد قبيلتها الكبيرة عنزة، وتحرص أن تكون على مسافة واحدة من القبائل والجهات.  ولعل تصاعد نفوذ العصبيات العشائرية والقبلية في اليمن، منذ بداية التسعينات، وترييف المدن، أسهمت في تفاقم العصيبة الحوثية، وقد يعد البعض أن من التبسيط القول بأن كثير من شباب الهاشميين في اليمن، نطروا إلى حسين الحوثي، باعتباره شيخ قبيلة الهاشميين في اليمن، لكن مثل هذه العصبية، مع إرث الإمامة المعقد، وتأثير ثورة إيران، دمرت اليمن، على نحو لا سابق له ولا مثيل. وإذ نكتب عن الحوثيين، فإن الغرض ليس شيطنة أشخاص أو فئة من الشعب، وندرك أن فضلاء من إخوتنا الهاشميين عرفهم اليمنيون، عبر العصور، وهناك قادة عسكريون وسياسيون متميزون منهم، على مر العصور أيضاً، لكن المصيبة تكمن في المعتقد المدمر، الذي استوقف هاشميين بارزين إيضاً، ولا أود أن أكرر استشهادي بالأستاذ أحمد محمد الشامي، ونصحه بابتعاد الهاشميين عن الحكم في اليمن، لما جره عليهم من مآسي وعلى الشعب اليمني. وأتذكر رأياً مقارباً لإبراهيم بن محمد الوزير صاحب صحيفة البلاغ، في مقال مطول في صحيفته، وكان نصحه أن يتفرغ أهل البيت للدعوة.. وكذلك تصدي العلامة إبن الجلال، للإمام المتوكل في القرن السابع عشر، وإنكاره أخذ إسماعيل أموال الشوافع ظلماً، باعتبارهم كفار تأويل. وكنا نظن الإمامة سوف تكون من التاريخ، ورددت على أحد أحفاد الإمام يحيى، عندما علق على ما كتبت عن مرور خمسين عاماً على إسشتهاد أبي في يناير 2014، وهو يسأل عن شهدائهم أيضاً، فقلت ربنا يغفر للجميع؛ ويتقبلهم شهداء، وكلهم أهلنا. لكنني شاهدته، في صورة البروفايل، قبل نحو عامين من الآن، يحمل كلاشنكوف؛ وذكرني، بالمترجم الخجول الودود، خريج أمريكا، الذي رأيته يحمل السلاح عند دخول الحوثيين صنعاء، وبعد ذلك تحدث عن حسين الحوثي بعد أن زار قبره، بتقديس بالغ، ومثله أيضاً أحفاد إبراهيم بن محمد الوزير، وشاهدنا أحدهم، وقيل إنه كان طالب طب, وهو يحمل السلاح، في أحد شوارع صنعاء، عند غزو الحوثيين صنعاء .