آخر الاخبار

اول دولة توقف استيراد النفط الخام من إيران تقرير حقوقي يوثق تفجير مليشيا الحوثي لِ 884 منزلا لمدنيين في اليمن. منفذ الوديعة يعود لظاهرة التكدس .. وهيئة شؤون النقل البري تلزم شركات النقل الدولية بوقف رحلاتها إلى السعودية المبعوث الأممي يناقش في الرياض مع مسئولين سعوديين معالجة الأزمة الاقتصادية في اليمن وقضايا السلام أسباب وخفايا الصراع بين فرعي العائلة الملكية في قطر وقصة الجوهرة الماسية التي فجرت الخلافات توجه لإلغاء تقنية الفار من مباريات كرة القدم واستبدالها بـ(FVS).. ماهي؟ حمدي منصور لاعب نادي السد بمحافظة مأرب ينتزع ثلاث ميداليات ذهبية ويحقق أعلى النقاط في بطولة الأندية العربية للووشو بالأردن صورة.. هل ظلم الحكم الإماراتي المنتخب السعودي أمام استراليا؟ مع تواصل انهيار العملة.. الرئيس يبحث هاتفيا مع رئيس الحكومة خطة الانقاذ الإقتصادي وتدفق الوقود من مأرب وحضرموت ترامب يرشح أحد الداعمين بقوة لإسرائيل في منصب وزير الخارجية

الحياة في الفلوجة.. من نافذة مدرعة أميركية
بقلم/ محمد الشافعي
نشر منذ: 16 سنة و 11 شهراً و 8 أيام
الأربعاء 05 ديسمبر-كانون الأول 2007 07:46 م

خلال الرحلة إلى الفلوجة في الطائرة الهليكوبتر التي أقلت مجموعة قليلة من الصحافيين العرب من المنطقة الخضراء في العاصمة بغداد، بدأت تدور بذهني مشاهد الصحافيين الذين لقوا حتفهم في العراق او الذين اصيبوا بإصابات بالغة مثل الإعلامي التلفزيوني في شبكة «إي.بي.سي» الأميركية، بوب وودروف في منطقة التاجي العام الماضي، كنت أسأل نفسي هل ستكون النجاة حليفي هذه المرة ايضا بعد العودة سالما بحمد الله من اكثر من زيارة الى افغانستان، وأسأل ايضا زميلي الجالس بجانبي في الهليكوبتر عن اسباب حمله جواز سفره البريطاني في مكان بارز في سترته، ليقول لي باستفزاز: «حتى يتعرفوا على اشلائي، اذا ما حدث لي مكروه»، وكان يتفاخر ان الجريدة التي اوفدته امنت عليه بنصف مليون دولار. عند الوصول الى معسكر طارق الذي كانت تحتله كتائب مجاهدي خلق في زمن الرئيس المخلوع صدام حسين، الذي احتلته قوات البحرية الاميركية «المارينز» وعددها حسب مصدر مسؤول داخل المعسكر نحو 3 آلاف جندي وضابط، كان السؤال الاول من الملازم باري ادوارد المتحدث الاعلامي باسم الكتائب الاميركية المقاتلة في الفلوجة عن فصيلة دم كل منا، وكان يستغرب بشدة عدم معرفة البعض بفصيلة دمه وهل هي ايجابية او سلبية. وكان يؤكد انه بالرغم من انخفاض العنف في احياء الفلوجة السنية بصورة حادة خلال الشهور الماضية، الا ان هناك اجرءات امنية وامور عامة يجب الالتزام بها. وضمن تلك الامور كانت التعليمات الصادرة تقتضي بارتداء سترة واقية من الرصاص وخوذة من الفولاذ تسلمتهما في المعسكر الاميركي الذي بات اسمه معسكر «بيلوود».

وفي المدرعة بينما عيناي كانتا تلتقطان عبر زجاج السيارة المدرعة مشاهد سريعة لبرك من المياه الآسنة ومنازل مهدمة على الطريق السريع الذي يشق وسط المدينة، واطفالا يلعبون ويحيون الضباط الاميركيين عند نواصي الشوارع، كنت في الوقت ذاته منشغلا بترديد دعاء السفر عشرات المرات «سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وانا الى ربنا لمنقلبون» من داخل السيارة المدرعة كان يطل جندي من المارينز من سقف العربة ويده جاهزة على مدفع رشاش، والاتصالات اللاسلكية من الداخل بين السائق وبقية العربات في الموكب، وبجانب الملازم ادوارد كانت هناك بندقية من طراز «اس ايه 80»، ومسدسات جاهزة على الفخذ للتعامل مع الخطر ايضا.

وداخل العربات المدرعة كان الملازم ادوارد لا يتوقف عن التأكيد على انخفاض حالات العنف، الا انه كان يشير الى ان السبب يعود في الاساس الى ان قيادات القاعدة هربت من داخل الفلوجة، عقب سلسلة من المداهمات، واستحداث نظام امني جديد يسمح بتوظيف شبان الاحياء كمخبرين، للابلاغ عن الغرباء من عناصر القاعدة، وهو نظام غربي يعرف باسم neighborhood watch . وكان يثني بشدة على الشيخ عبد الستار ابو ريشة، رئيس «حركة صحوة الانبار»، التي تصدت لفلول «القاعدة»، الا انه لقي حتفه بتفجير انتحاري لسيارة مفخخة على موكبه قرب منزله، في الثالث عشر من أيلول/ سبتمبر الماضي، أسفر أيضا عن مقتل عدد من حراسه ومرافقيه.

وكان الملازم ادوارد وهو من هواة التصوير الفوتوغرافي يقول ان هناك كثيرا من مشايخ العشائر على خطى عبد الستار ابو ريشة في التصدي لفلول الارهابيين. وقال الملازم الاميركي ان المنطقة اليوم تنتفض من تحت التراب، لأن رجال القاعدة حولوا حياة الناس الى جحيم، لانهم كانوا يهاجمون كل شيء جميل في الحياة، ولم يستثنوا ابراج الكهرباء والمدارس ومحطات المياه.

وشهدت الفلوجة التي كانت احد معاقل تنظيم القاعدة بعضا من أكثر المعارك دموية بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003.

وقبل عام كانت محافظة الانبار في غرب البلاد التي تضم الفلوجة هي ثاني اكثر المناطق عنفا في العراق بعد بغداد. واحتلت المحافظة التي تقطنها أغلبية سنية عربية المرتبة الخامسة من حيث عدد الهجمات بين محافظات العراق وعددها 18 محافظة في الفترة من أوائل مايو ايار حتى يوليو (تموز) من العام الحالي حسب تقرير فصلي تعده وزارة الدفاع الاميركية «البنتاغون» صدر في سبتمبر ايلول الماضي.

ورغم تأكيد الملازم ادوارد ان الحياة بدأت تعود الى احياء الاندلس والصناعي والاحياء السكنية الاخرى التي شهدت تفجيرات انتحارية العام الماضي، الا انه رفض بشدة ان يفتح باب المدرعة او يجعلها تتوقف للخروج للحديث مع السكان او الاطفال الذين كانوا يتجمعون عند المحال التجارية في الشوارع الرئيسية، او الاطفال الذين يلعبون كرة القدم على ضوء أنوار الشوارع التي تعمل بألواح الطاقة الشمسية والتي تم تركيبها حديثا.

وكان ادوارد يتعذر بأن هطول الليل قد اقترب او ان موعد رحيل الطائرة الهليكوبتر قد ازف.

ويقول الملازم ادوارد مع هزات العربة المدرعة فوق طريق وعر: «بدأت المدينة مشروعات صغيرة وكبيرة في مجال الاشغال العامة. وفي القطاع الغربي من المدينة اقيمت مآذن جديدة فوق مسجد حديث اقيم مكان مبنى دمرته غارة جوية. وهناك مستشفيات وعيادات ومدارس جديدة».

وحدث التحول الامني في الفلوجة بالتزامن مع تحالفات جديدة بين زعماء العشائر السنية العربية المحلية والقوات الامريكية التي ساعدت في اخراج مقاتلي القاعدة من الانبار. وانتشر نموذج ما حدث في الانبار في مختلف ارجاء العراق وساعدت «مجالس الصحوة» لزعماء العشائر السنية والشرطة في خفض العنف بدرجة كبيرة. وتأتي مساعي الاعمار في الفلوجة في اطار اتجاه في العراق لترميم المباني التي دمرتها القنابل وطلقات الرصاص وتحديث البنية الأساسية وتهيئة الظروف لتحقيق نمو اقتصادي إذا استمر الاستقرار.

* الشرق الأوسط