الرياض وواشنطن توقعان اتفاقية تعاون إستراتيجي في هذا المجال 3 بطولات "مثيرة" في كأس العالم للرياضات الإلكترونية الشركة المالكة للناقلة (أولفيا) تفضح الناطق العسكري للحوثيين سلطات مأرب تطلق خطة الاستجابة الإنسانية للمحافظة للعامين 2024م- 2025م أبو حمزة يكشف كيف هربت قوة صهيونية كـ”الجراد”.. والقسام توجه رسالة مصورة انتشار مخيف لوباء الكوليرا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين توقعات بحدوث فيضانات مفاجئة في عدد من المناطق بـ اليمن خلال الأسابيع القليلة المقبلة أسطورة كرة القدم ميسي يحقق أحلام قائد وريثه يامال نائب ترمب: بريطانيا ستكون أول «دولة إسلامية» تملك «النووي» نيابة الاحتيال المالي السعودية تكشف عن محتال سعودي خدع ضحاياه بـ «مناقصات وهمية» تبلغ 12 مليون ريال
عشت الغربة وكتبت عنها مرارا فهي " حرق للعمر ، جربتها سنوات ووجدتها أمر من العلقم ، مهما حققت فيها من أهداف وصنعت انجازات وحولت الكثير من الأحلام والطموحات إلى واقع تظل في روحك غربة مخيفة وتظل في قلبك وحشة قاتلة وفي حياتك أشياء ناقصة وتظل في نفسك شيئا من الذل والانكسار ..
البقاء في الغربة يعني أن تموت ببطء كل يوم ، وأن تظل تكابد رياح الشوق إلى وطنك مهما كانت أحواله ومهما تنكر لك فيه الأهل والأقارب . بعيدا عن وطنك أنت فريسة الغربة ، وحتى لو كنت في سويسرا أو في السويد والنرويج ستظل متعب وسيظل يغمرك الشوق والحنين لبلدك ومع وصولك أرض المطار أو رصيف الميناء في بلدك ستتنفس الصعداء وتشعر بعودة الروح .. كتبت ما سبق مؤخرا ورويت جانبا من رحلتي إلى مصر وبقائي فيها لأكثر من عامين ، وبالأمس قرأت للمبدع حميد الرقيمي مقالا عن الغربة هزني من الأعماق ووجدته نصا أدبيا كتبه مبدع يعيش الغربة ويحتسي مرارتها ويتجرع عذابها ، وبرأيي فإن مثل هذا النص يستحق أن يدرس كنموذج لأدب الغربة وكتحذير تلزم مصلحة الهجرة والجوازات كل من قرر الغربة أن يقرأه لعله يعدل عن قراره ويرجع بصره كرتين فيما قرر أن يقدم عليه من الاحتراق الممنهج والموت البطيء في الشتات والأصقاع البعيدة عن الوطن .
قد يقول البعض : أنتم تعلمون وضعنا والظروف الصعبة التي نعيشها في ظل الحرب والحصار وغياب الدولة ووو ألخ وكل هذا صحيح ولكن صدقوني وخذوها نصيحة من صاحب تجربة :
كل المعاناة التي يمكن ان تعانيها في وطنك وبين أهلك وأقاربك تهون أمام محرقة الغربة وذلها ومعاناتها . أنا مع السفر للتعليم أو السياحة والتجارة والعلاج والمهام المؤقتة ولكني ضد الغربة التي تطول لسنوات ..
لن أطيل عليكم هاهو مقال الرقيمي : ( قد يتصوّر من هم في اليمن، بأن حياة من هم في الخارج مليئة بالبهجة والسعادة، وهذا في غالبه تصوّر خاطئ، الكثير هنا يقضي يومه في لملمت شتاته، لا يجد من يرافقه في لحظاته القاتمة، يفقد الدفء الأسري الذي لا يمكن أن تعوّضه الشوارع المزدحمة والرفقة الشاردة في همومها الخاصة، مهما كانت البلد التي تحمل جسده، يبقى في داخله شيء مفقود، أشياء كثيرة تموت كل يوم، قد نبالغ كثيراً في اظهار صوراً غير واقعية، لكن هذا أيضاً نتاج الخواء الذي تفرضه الغربة، نجد فيه أحياناً تعويضاً من خلال التعليقات والرسائل والإشادات الجميلة، ومع ذلك يبقى الواقع مختلف، الضمور الذي يتلبّس القلب مع كل صباح يتسع في الأعماق، وحالة التيه التي تستحضرها أوقات خوفك وحنينك وحزنك وحتى فرحك عندما لا تجد من يشاركك إياه مفزعة جداً، لا يمكن أن تطالك وأنت بين أهلك، تصحو كل صباح على صوت والديك وأقربائك، هذا لا يعوّض، مهما حزت من الأموال والوظائف والحياة الرغيدة، سيبقى في العمق شيء مفقود، أشياء تأكلك دون رحمة، تفاصيل تراقبك بين الحين والآخر، وحالما تظن بأنك نجوت، تخرج لك مكشّرة بأنياب حادة، وهذا لا يحدث كثيراً وأنت في بلدك، في بيتك، تعمل بعرق جبينك دون أن تخشى الترحيل أو التفوه أو حتى ممارسة طقوس الحياة العادية بحرية وراحة وسكينة.
الغربة لعنة حقيقية، تعيش فيها مودّعاً لكل من تصادف، لا تعطيك أمل اللقاء من جديد، حتى عمرك تشعر به وهو يتسرّب من بين يديك دون قدرة على الإمساك به، تخاف كل لحظة من فقدان من تحب وأنت في منأى عنهم، تتخشّب مشاعرك في كثيرٍ من الأوقات، وحالما تستدعيها تجد نفسك متبلّداً فاقد الحيلة التي تمنح الآخر مواساة واجبة عليك، تموت ألف مرّة وأعين الآخرين تصفعك بالشفقة، لسانهم الذي لا يتوقف حديثه عن بلادك وعن كونك لاجئ وهارب ونازح في الوقت الذي يريدون مواساتك وجبر خاطرك، كل شيء فيها منهك للإنسان، موت بطيء، تستنزف حياتك دون أن تأخذ منها حقك المشروع كإنسان، لا أحد بطبيعته وهو في هذه الأحوال الثقيلة، صدقوني لا أحد، مهما فرشت لك الحياة من بساط ومدّتك، لن تقف على قديمك، مثلما تفعل في صباحات بلادك الأولى وأنت محاطاً بدفء أهلك، بصوت بلادك، بأهلها، بكل مافيها من بياض وسواد، ستجد أشياء كثيرة تدفعك للبقاء،
لن تشعر بأن روحك منهكة، ولن تشعر بصيحات قلبك المبتور والموزع على الشتات. ومع كل هذا، لابد أن نقاوم، أن نعيش الحياة ونأخذ منها مثلما تفعل معنا، أن نتمسك بالأشياء الجميلة، ونستمد منها البقاء حتى الأبد، وهذه سنّتها الثابتة، مع السابقين واللاحقين).