آخر الاخبار
محاكمة صحيفة الأولى وفرصتنا الثمينة للانتصاف لماجد مرشد!
بقلم/ محمد العبسي
نشر منذ: 12 سنة و شهرين و يومين
السبت 15 سبتمبر-أيلول 2012 11:32 م

مثول رئيس تحرير صحيفة «الأولى» أمام محكمة النيابة والصحافة، صباح أمس، ليس خبراً عابراً ولا حدثاً يكتفي فيه ببيان إدانة وتضامن نقابي. ولو أن شيئاً من هذا القبيل حدث في عهد الرئيس السابق علي عبدالله صالح لنصبت مشانق وحرصت أحزاب المشترك على عدم تفويت فرصة إدانة صالح والتباكي على حرية التعبير المنتهكة!

وليس علي إيضاح حقيقة أن لجوء طرف ما إلى القضاء سلوك حضاري، وأن مثول رئيس تحرير صحيفة أمام المحكمة مظهر ديمقراطي، غير أن القضية التي جرجرت «الأولى» بسببها إلى المحكمة، وهمّة القضاء وحماسته الفجائية تجاه هذه القضية – وهو المتثاقل لأكثر من عام عن محاكمة قتلة جمعة الكرامة - تثيران الريبة!

بصريح العبارة: صحيفة «الأولى» لا تحاكم بسبب قضية نشر. على الإطلاق. بل لأن محاولة اغتيال ثانية تلت محاولة اغتيال الدكتور ياسين سعيد نعمان. إنها محاولة اغتيال حقيقة ما تعرض له الدكتور ياسين ووحدها صحيفة الأولى أفشلت المخطط ونجحت في إيصال الحقيقة المراد اغتيالها إلى الرأي العام. ولهذا السبب تحاكم اليوم!

نحن أمام محاولتا اغتيال. يراد من «الأولى» إن لم يكن اغتياله - وليس هذا اكتشافاً - إيصال رسالة تهديد لتذكير الدكتور ياسين بتصفيات التسعينات واغتيال ماجد مرشد وكوادر الحزب الاشتراكي بعد يوم واحد من توصيات اللجنة التحضيرية للحوار بالنقاط العشرين. ويراد من الثانية تعمية الجريمة وتحويلها إلى حفلة شجب وندب دون توجيه اتهام صريح وواضح إلى طرف بعينه. والخروج منها بـ«ألف حمدًا لله على سلامتك.. ولن يمروا.. إلخ».

وكادوا ينجحوا لولا صحيفة الأولى ومهنيتها العالية: فإعلام الثورة والمشترك سميا ما جرى «حادثاً عرضياً» لا محاولة اغتيال. كان الرأي العام، الموجهة والنزيه، مهرولاً بهذه الاتجاه: فقائد الفرقة أولى علي محسن الذي تتبعه النقطة العسكرية كان أول من أدان «الحادث» بلهجة مراقب أممي في بعثة حفظ السلام! رئيس الجمهورية تالياً أدان، في سقطة إعلامية فادحة، «الحادث» وكأنه منظمة هود وليس رئيس جمهورية من واجبه، وصلاحياته، توجيه الجهات الأمنية التحقيق في الحادث وملابساته. وآخر محاولات اغتيال الحقيقة جاءت من رئيس حزب الإصلاح محمد اليدومي في حديثه لقناة الجزيرة وتقليله مما جرى وتصنيفه كحادث عرضي لا محاولة اغتيال وكأنه هو قائد النقطة العسكرية!

الآن أظن الدكتور ياسين يحك ذقنه في بيروت قائلاً: صدقكم محمد عبدالملك المتوكل بشأن الموتور! ولولا أن شعبية الدكتور ياسين، وصعوبة تلفيق تهمة الحوثية، لكان هدفاً لحملة إعلامية مسعورة كحملة الموتور على الدكتور المتوكل.

وتذكرت وأنا أقرأ بيان أحزاب المشترك ذلك الإعرابي الذي أراد استفزاز النبي الكريم فبال في وسط المسجد متظاهراً بالغباء وعدم المعرفة. لقد بدا بيان المشترك فعل تبول أمام الرأي العام وهو يطالب الداخلية بالكشف عن نقطة عسكرية يعرف الجميع أنها تقع أمام فندق أبراج سبأ وليست في بحر الكاريبي وتتبع الفرقة الأولى مدرع مذبح وليس اللواء الثالث.

بل زيادة في التمويه والتضليل حاولت جهة ما، عبر مكنة التسريبات الإعلامية، حرف الأنظار باتجاه آخر بعيد: ليست نقطة عسكرية بل سيارة مسلحين (أي إنه عفاش). وقد وقعت في هذه الزلة وكالة أنباء محترمة كـيوناتيد برس إنترناشونال التي نقلت عن مصدر مطلع قوله: «إن مسلحين ملثمين يستقلون سيارة ذات دفع رباعي (وكمان حدد نوع السيارة!!!) اعترضوا سيارة نعمان أثناء عودته من فندق موفمبيك شرق صنعاء، والقريب من فندق شيراتون». منو هذا المصدر باعتقادكم؟؟؟؟

ماذا الذي قامت به صحيفة الأولى لكشف الحقيقة؟ باختصار ثلاثة أشياء:

1- نشر فقرة من مكالمة بين الدكتور ياسين والزميل محمود ياسين أفصح له فيها أنها محاولة اغتيال محكمة في الصفحة الأخيرة (قف) بناء على تقديرات صحفية عالية من الزميل محمد عايش غابت عن محمود.

2- نتيجة ذلك، واستجابة له، كتب الزميل محمود ياسين في اليوم التالي مقالاً بديعاً حول مكالمته مع الدكتور ياسين كان بمثابة القول الفصل حول الحادثة ودليلاً قاطعاً على أنها محاولة اغتيال لا حادثاً عرضياً كما اعتقدنا جميعاً خاصة بعد بوستان كتبهما نايف حسان ونبيل سبيع، كل في حائطه على فيسبوك، نسبا لمقرب من الدكتور أنه حادث عرضي.

3- لم تكتف صحيفة «الأولى» بهاتين الضربتين الموجعتين. بل نشرت بعد يوم من محاولة وزير الداخلية التغطية على الجريمة وتمييعها أسماء جنود النقطة العسكرية في الصفحة الأولى. وهنا لم يعد بوسع أحد - باستثناء اليدومي - التشكيك في الحادثة والتقليل منها! ولهذه الأسباب تحاكم صحيفة «الأولى» اليوم.

لا ينبغي على الصحفيين التخلي عن «الأولى» وطاقمها أو التفرج والاكتفاء ببيانات النقابة العقيمة. وبالنسبة لتحقيق وزارة الداخلية ينبغي التصرف على النحو التالي: محاولة اغتيال الدكتور ياسين جريمة كأي جريمة في العالم، سياسية أم جنائية، تستند بالمقام الأول والأخير على قرائن وشواهد مادية هي وحدها صاحبة القول الفصل. فلا كراهيتنا لـ علي عبدالله صالح تجعله رأس الشر في البلد والمتهم الأول في أي جريمة ولا تملق الإصلاح لعلي محسن وتلميعه بحجة انضمامه للثورة تجعله فوق التهمة خاصة إن كل القرائن موجهة ضده. كما يتعين على الدكتور ياسين نشر البلاغ المقدم منه لوزارة الداخلية حالاً وبلا إبطاء أو أية حسابات سياسية وحرص على دماثة. يا دكتور ياسين لقد حاولوا اغتيالك فلا تقم أنت بالنيابة عنهم، وتستراً عليهم، باغتيال فرصتنا الثمينة للانتصاف لماجد مرشد من فرق الاغتيال المتجددة كجلد الثعبان!

Absi456@gmail.com