آخر الاخبار

الاعلان عن مفاوضات مهمة الأحد القادم بين طرفي الصراع في اليمن بمسقط وصحيفة سعودية تؤكد :جاءت نتيجة جهود جبارة سهرت عليها الدبلوماسية السعودية والعمانية وزير الدفاع لا سلام إلا بهزيمة ميليشيا الحوثيوإخضاعها بالقوة لكي تجنح للسلم مجلس الأمن يعتمد قرارا بشأن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر ندوة سياسية طالب بدعم الجيش والمقاومة لاستعادة صنعاء وتؤكد على عدمية الحل السياسي مع الحوثيين استقبال رفيع في بكين لقيادة حزب الإصلاح اليمني بقاعة الشعب الكبري .. ابرز القضايا والملفات شيطان البحر: الكشف عن السلاح السري لأمريكا عبر البحار .. وغوغل تلتقط أول صورة اللجنة الأمنية العليا تضع عيدروس الزبيدي امام تأثيرات الوضع الاقتصاد على الأوضاع العسكرية والأمنية وتطلعه على أنشطة القاعدة وداعش والمليشيات الحوثية بلا قيود : لا يزال التعذيب أداة في منطقة الشرق الأوسط لقمع المعلومات وإعاقة التحقيقات الصحفية وأداة ممنهجة لقمع حرية الصحافة من تايلاند وخلال مؤتمر دولي :توكل كرمان تجدد وقوفها إلى جانب غزة والتحدث بجرأة عن حرب الإبادة التي يرتكبها أسوأ احتلال في تاريخ البشرية البنك المركزي بمحافظة عدن يصدر قرارات صارمة بحق شركات الصرافة ويطيح بتصاريح عدد منها

تربية الأبناء بالقدوة الحسنة
بقلم/ إحسان الفقيه
نشر منذ: 9 أشهر و 10 أيام
الأحد 17 سبتمبر-أيلول 2023 07:01 م
 

كثيراً ما يستولي الخوف والقلق على المربي؛ خوفاً على أبنائه من الانفتاح الثقافي والمعرفي، والذي قد يشعر معه المربي بالعجز عن ملاحقته، وتفنيده، للاستفادة من النافع منه وتجنب الضار، وكثيراً ما يشغله سؤال: كيف يكون صاحب التأثير الأقوى على أبنائه كي يتمكن من تربيتهم وفق معايير التربية الراشدة؟.

إن الإجابة هي بين جنبي المربي نفسه؛ وهي أن يتحقق فيه وصف القدوة، ويعتمد نجاحه في أداء مهمته التربوية على مدى تطبيقه «هو نفسه» لما يدعوهم إليه ويربيهم عليه، فيكون قد جمع لهم بين التلقين المستمر «شفهيا» والتطبيق الثابت «عملياً»، وعندئذ يكتسب المربي القوة الجاذبة لأبنائه وطلابه؛ إذ يمثل في أذهانهم المصداقية التي تستحق ثقتهم بجدارة وتمنحهم الأمان أكثر من أي وسيلة تأثير أخرى داخل البيت أو خارجه.

إنّ القوة التربوية في (القدوة الحسنة) المتحلية بالفضائل العالية، ترجع إلى أنها تعطي الآخرين قناعة بأن بلوغ هذه الفضائل من الأمور الممكنة، وأن ذلك في متناول القدرات الإنسانية، لأن شاهد الحال أقوى من شاهد المقال؛ لذلك أرسل الله تعالى إلى البشر رسلاً من جنسهم البشري ليكونوا لهم قدوة ومثالاً يُحتذى، ولقد كان أوائل هذه الأمة على دراية واعية بأهمية القدوة وتأثيرها في واقع الأطفال، وهذا الإمام الشافعي يوصي مؤدب أولاد الخليفة قائلا:

ليكن أول ما تبدأ به من إصلاح أولاد أمير المؤمنين إصلاحك نفسك، فإن أعينهم معقودة بعينك، فالحسن عندهم ما تستحسنه، والقبيح عندهم ما تكرهه».

ولا يزال أهل التخصص يؤكدون أن أسلوب القدوة من أنجح أساليب التربية على الإطلاق، وهو من المفاهيم التربوية التي يمكن الاصطلاح عليها بـ (التربية بالنموذج)، ويعني:

تجسد المفاهيم والقيم التي يتربى عليها الابن أو الطالب في شخص المربي، أو في شخص غيره ممن كان يعيش في زمان قبله، أو في زمانه المعاصر. ويعزز من أهمية التربية بالقدوة وعمق تأثيرها، الاستعداد الفطري للطفل للتقليد والمحاكاة، حيث يولد ولديه حساسية شديدة تجاه تصرفات الوالدين والكبار المحيطين به؛ فالأطفال أكثر تأثراً بالقدوة، إذ يعتقد الطفل في سنواته الأولى أن كل ما يفعله الكبار صحيح، وأن آباءهم أكمل الناس وأفضلهم، لهذا فهم يقلدونهم ويقتدون بهم تلقائياً في كل شيء.

والتناقض بين القول والفعل في سلوك المربي يفسد شخصية الأطفال، ويجعل فهمهم للقيم والأخلاقيات التي يُربى عليها مضطربا، فهذا التناقض والازدواجية في شخصية المربي هو قاصمة الظهر التي تهدم معالم الفضيلة في مخيلة أبنائه وطلابه، ويصبح عندئذ ضرره على أبنائه كبيرًا؛ إذ يقدّم لنا أشخاصاً مذبذبين لا يعرفون الثبات على المبدأ، يحسنون الكلام الأجوف الخالي عن العمل والتطبيق، وذلك هو بعينه المقت الكبير الذي حذرنا الله تعالى من الوقوع فيه. ولا يكفي ذكر الفضيلة وتطبيقها مرة واحدة لكي يتعلمها الطفل، ولكن لابد أن يرى المربي يفعلها بشكل ثابت ومتكرر، لتثبت في نفس الطفل وتترسخ فيها، وهذا الأسلوب هو ما يعرف بـ (التأثير التراكمي)، حيث إن مجموعة من الأفعال المتكررة على مدى أيام أو شهور أو أعوام يكون لها من التأثير ما ليس للعارض المنقطع.

خلق الكرم – مثلاً – لا يترسخ في وجدان الطفل عبر رؤية فعل الوالدين له مرة أو مرتين، وإنما يتفاعل معه تعلما وتطبيقا إذا تكرر هذا الفعل من قبل المربي، بحيث يبدو أنه سجية وطبع، وحينئذ يتعامل الطفل مع هذا الخلق على أنه هو الأصل في الإنسان.

ومن النماذج العملية في توريث هذا الخلق بالقدوة العملية، ما أوْرده ابن حجر في كتابه «الإصابة في تمييز الصحابة» من خبر سعد بن عبادة الأنصاري رضي الله عنه، فقد كان مشهوراً بالجود هو وأبوه، وجده، وولده، وكان لهم أطم – صخرة كبيرة عالية – يُنَادَى عليها كل يوم: من أراد شحماً ولحماً فليأت سعداً، ثم استمر ولده محافظًا على هذا الخلق الكريم بعد وفاة والده، فكان ينادي كل ليلة:

من أراد شحمًا ولحمًا فيأتِ قيسًا». فلا مفر من تمثل المربي ما يدعو أبناءه إليه واقعًا في حياته، فأعينهم على ما يفعل لا على ما يقول، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.