3 اكتشافات تمت بفضل الذكاء الاصطناعي في 2024 الجيش الروسي يعلن عن السيطرة والتقدم وهجوم صاروخي عنيف يستهدف خاركيف مكافأة فورية ومغرية من الاتحاد الكويتي للاعبين بعد هزيمة الإمارات الكويت تقهر الإمارات بهدف قاتل في خليجي26 مارب برس يكشف عن شبكة حوثية تغرر خريجي الإعلام للعمل مع منظمة مضللة في صنعاء محاولة تصفية مواطن خلال تلقيه العزاء بوفاة زوجته بمحافظة إب منتخب عُمان يحول تأخره بهدف أمام قطر إلى فوز 2-1 النائب العام السوداني: 200 ألف مرتزق يقاتلون إلى جانب قوات الدعم السريع معارضون في تل أبيب: يجب على إسرائيل أن تضرب إيران بشكل مباشر إذا كانت تريد وقف الحوثيين المليشيات الحوثية تعتدي على أحد التجار بمحافظة إب
لا ادري أين الحكمة، أو المصلحة العامة، أو الانجاز الخارق، من موضة تغيير اسماء مؤسسات تعليمية، ومنشئات حيوية، بمسميات جديدة ؟
اثار انتباهي كثيرا تغيير اسم مدرسة نشوان الحميري باسم جديد.. وبقدر ما آلمني الخبر أضحكني ايضا، فقد ذكرني باول قرار اتخذه الاخ خالد الرويشان عندما عين وزيرا للثقافة وامر بتغيير اسم قاعة الزرقة (محمد)، وهو الوطني الاديب والقاص المعروف، وصاحب المدرسة المتميزة في الإعلام اليمني، باسم فنان لا اتذكره، وهو بالتأكيد جدير بالتكريم، لكنه كان بالامكان اختيار احدى قاعات الثقافة وما اكثرها، لتطلق على من يحب، غير ان المزاج الشخصي للمسؤول في بلادنا ينتقل معه من البيت الى الوظيفة فور تسلمه المنصب.
نحن نحب ونكره ونخاصم، وذلك أمر طبيعي في العلاقات الشخصية، لكن عندما تكون مسئولا عاما، فانت بالضرورة مسئول عن الدولة والمجتمع في نطاق مهمتك .. بمعنى ان الشخصي هنا يجب ان يختفي لمصلحة العام..
والمهم، ايا كانت مبررات تغيير اسم (نشوان) فذلك برايي مجرد عبث لا يقدم ولا يؤخر.. وظني ان المعنيين يدركون هذه الحقيقة جيدا.. ويدركون ان التغيير الحقيقي ليس في تغيير الاسماء وإنما هو في البناء والتجديد، وهو في تقديم الخدمات، وخلق فرص عمل وحياة هادئة وآمنة لأبناء المجتمع..
نصيحتي:
ونصيحتي، ان ابنوا مدرسة او جامعة او برجا، وصمموا حديقة، او شيدوا ميدانا واطلقوا عليها ما تشاؤون من الاسماء، فذلك امر طبيعي ومرحب به ايضا، اما ازالة اسم (نشوان الحميري)، من يافطة مدرسية وهو أحد ابرز اعلام اليمن لمبرر انه كان صاحب رأي مخالف فذلك مدعاة للاستغراب حقا !!!!.
هذا القرار الذي يثير جدلا، لن يزيد او ينقص من نشوان الحميري، فهو محفوظ في ذاكرة التاريخ، ولن يغير في الامر شيئا، بل سيحث الناشئة على الانكباب على درسه وبحثه، فقد عاش ومات قبل حوالي 900 عام تقريبا، بينما اسمه لا يزال حيا ساطعا، وجيل الشباب المعاصر من اليمنيين يحفظ اليوم اشعاره ومواقفه ويتمثلها.
بمعنى ان قرارا من هذا النوع أقل ما يمكن ان يقال عنه انه أحمق وغير عاقل، خاصة اذا كان مرتبطا بشخصيات علمية وقومية ووطنية كنشوان.
الامام عبد الله بن حمزة الذي اختلف مع نشوان الحميري في مسألة "الولاية"، ساجله وحاوره، وحاول التعريض به والانتقاص من حقه فيها، لكنه لم ينل من نشوان، ولا من قدره ومكانته وعلمه وفطنته، فقال فيه:
ما قولكم في مؤمنٍ صوام * موحد مجتهد قوام
حَبْرٍ بكلّ غامضٍ علّامِ * وذِكرُهُ قد شاع في الأنامِ
لم يبق فنٌ من فنون العلمِ * إلا وقد أضحى له ذا فهمِ
وماله أصل إلى آل الحسن * ولا إلى آل الحسين المؤتمن
بل هو من أرفع بيت في اليمن * قد استوى السر لديه والعلن
ثم انبرى يدعو إلى الإمامة * لنفسه المؤمنة القوامة
فقال نشوان:
إن أولى الناس بالأمر الذي * هو أتقى الناس والمؤتمن
كائناً من كان لا يجهل من * ورد الفضل به والسنن
أبيض الجِلدة أو أسودها * أنفه مخرومة والاذن
وقال أيضاً:
إِذا جادلت بالقرآن خصمي
أجاب مجادلًا بكلام يحيى
فقلت له: كلام الله وحيٌ
أتجعل قول يحيى عنه وحيا؟!
فيلسوف متحرر:
نشوان بن سعيد الحمري هو احد أبرز أعلام اليمن ومفكريه، عالم وفيلسوف متحرر، اعمل العقل وجادل بالحجة والمنطق، مؤرخ دقيق، وسياسي حصيف وبارع.
في كتابه "النقائض" حاور نشوان في الاديان والعقائد بلغة جمعت بين رجاحة العقل وسلامة المنطق وسهولة الفهم، هو ايضا لغوي جدد في مفردات العربية عبر معجم "شمس العلوم"، الذي يعتبر من اهم المراجع اللغوية في تاريخ العربية.
أثرى نشوان الحميري مسيرة الشعر والادب العربي، فكان اديبا وشاعرا فصيحا بليغا لا يبارى، كتب الدامغة الشعرية الأكثر شهرة وانتشارا "ملوك حمير واقيال اليمن" او "القصدة النشوانية"، وهي تمثل تحفة فنية وأدبية وتاريخية عبرت الحدود في زمنه (القرن السادس الهجري)، ولا تزال حية ناطقة.
مؤلفاته نوادر تزين مكتبات التراث العربي في عواصم عربية وعالمية، كتب نشوان الحميري في علوم الفلك والنبات، وكتب في التاريخ عن "خلاصة السيرة الجامعة لعجائب أخبار الملوك التبابعة" و "منتخبات في أخبار اليمن"، و "أحكام صنعاء وزبيد". ولا تزال الكثير من مؤلفاته مفقودة.
ومن هنا، فنشوان بن سعيد الحميري قد تخلد بفكره وعلمه وأدبه، واذا ما اردنا تكريمه فهو جدير ببناء مكتبة وطنية تحمل اسمه في صنعاء.