ياسر العواضي: اللجنة الأمنية غير قانونية
بقلم/ مأرب برس - الشارع
نشر منذ: 14 سنة و 3 أشهر و يوم واحد
السبت 25 سبتمبر-أيلول 2010 07:02 م

عرف اليتم مبكراً، وتم تنصيبه شيخاً لمشائخ "آل عواض" وهو في الـ15 من عمره. والشيخ ياسر العواضي، الذي استند إلى قبيلته، التي كان لها دور معروف في كسر حصار السبعين عن العاصمة صنعاء؛ انتُخب، عام 1995 في دورة تكميلية، عضواً في البرلمان؛ خلفاً لخاله. وخلال النصف الثاني للتسعينيات؛ تصاعد حضوره السياسي والاجتماعي، مُذكراً الناس بـ"آل عواض"، القبيلة التي يقترن حضورها في ذاكرة اليمنيين بقيمتي الشجاعة، والوطنية. وحتى اليوم؛ مازال اليمنيون يتذكرون الشيخ أحمد عبده ربه العواضي، الذي يقترن اسمه مع عبد الرقيب عبد الوهاب باعتبارهما بطلي حرب السبعين.

ياسر العواضي هو نجل الشيخ أحمد سالم العواضي، الذي تقلد مناصب رسمية عدة، ثم قُتل في صنعاء؛ منتصف الثمانينيات. عمل الشيخ أحمد سالم محافظاً لأكثر من محافظة. وقد تنقل الشيخ ياسر مع والده في نحو 6 محافظات؛ وهو الأمر الذي أكسبه معرفة واسعة بطبيعة المجتمع اليمني.

كان في التاسعة من العمر حين قُتل والده. واليوم؛ يتذكر الشيخ ياسر أن أقسى ما عاشه هو "اليتم، وظلم ذوي القربى". إلى ذلك؛ عاش الرجل حياة "البؤس، والفقر، والهضم"، الذي عاشته قبيلته ومنطقته ومحافظته، بسبب غياب التنمية، "وصُعوبة الحياة وقسوتها".

وحين سألناه عن الظروف الإنسانية التي شكلت وعيه؛ صمت لثوانٍ، ثم قال: "أنا أُجبرت، من وقت مبكر في طفولتي، على سد الفراغ الذي خلفه أبي بعد استشهاده. كنت أعيش شخصية والدي، وأنتمي إلى الزمن الذي كان فيه، هذا ربما من الأشياء التي حرمتني، في لحظات معينة، من ممارسة شخصيتي أنا، وقناعاتي".

والشاب القادم من محافظة البيضاء، اتجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث درس هُناك. وخلال سنوات الدراسة تلك؛ درس التجربة السياسية، والحياة الاجتماعية الأمريكية، ما أكسبه بعداً أوسع في معرفة العالم, والحياة الحديثة.

لديه صداقات وعلاقات اجتماعية واسعة؛ خاصة بالصحفيين. وهو اليوم عضو في الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي العام، ونائب رئيس كتلته البرلمانية.

عصر الاثنين الماضي؛ أجرينا معه هذا الحوار، الذي تحدث فيه عن عدد من القضايا. ولئن بقي شيء، فهو الإشارة إلى نقطة هامة كان الرجل يُؤكد عليها، بين وقت وآخر، خلال إجراء هذا الحوار، وهي أن ما تحدث فيه هنا هو رأيه الشخصي.

حوار/ نائف حسان، محمد عايش

* اليوم كان هناك اجتماع للجنة الـ16، الخاصة بالحوار مع "المشترك"، وحصلنا على معلومات تقول إن الدكتور ياسين لم يحضر الاجتماع، وإن ممثلي المؤتمر الشعبي العام في اللجنة لم يحضروا بشكل كامل.. ما الذي حدث في لقاء اليوم؟ وإلى أين وصل الحوار مع "المشترك"؛ سيما وهناك أنباء تقول إن هناك خلافاً، وإن الحوار فشل؟

- بالنسبة للحوار فهو مستمر، رغم أن درجة الحماس حتى الآن لم ترجع إلى ما كانت عليه في البداية، أما اجتماع اليوم كان خاصاً بفريق الاتصال. كان يُفترض أن يتم هذا الاجتماع الأسبوع الماضي، لكنه تأجل؛ بسبب إجازة العيد، وانشغال الناس، وغياب بعض أعضاء اللجنة, الذين ذهبوا لأداء مناسك العمرة. كما قلت؛

كان اجتماع اليوم خاصاً بفريق الاتصال، وهو لم يخرج بشيء، إلا تحديد اجتماع لاحق إلى بعد الغد، الأربعاء.

كان هناك خلاف على موضوع التهيئة للحوار. نحن نقول إن هذا الفريق [لجنة الـ16] مهمته الاتصال مع الأطراف، الذين تم الاتفاق على التواصل معهم، وإقناعهم لحضور الحوار، أما التهيئة فهي مهمة لجنة الـ30. والإخوة في "المشترك" مصممون على أن التهيئة من ضمن مهام الفريق، واقترحوا قضايا كثيرة للتهيئة بعضها غير منطقية، وبعضها يجب أن تكون من ضمن نقاط الحوار. في الأخير تم الاتفاق على رفع هذه القضايا إلى هيئة الرئاسة المشتركة للجنة الحوار لحلها، أو لدعوة لجنة الـ30 للبت فيها.

* تقول أحزاب المشترك إن التهيئة ضرورية للحوار، ويتهموكم بعدم الجدية في مسألة الحوار. الأسبوع الماضي؛ قال الدكتور محمد عبدالملك المتوكل، في حوار أجريناه معه، إن هناك فشلاً مبكراً للحوار. في ما يخص مسألة التهيئة؛ يبدو أن وجهة نظر "المشترك" منطقية؛ فكيف يمكن أن تتحاور مع "الحراك"، والحوثيين، والوضع مازال متوتراً في الجنوب وصعدة؟

- أولاً؛ مع احترامي للدكتور محمد عبدالملك المتوكل، فهو أساساً مقاطع جلسات الحوار؛ منذ أول اجتماع للجنة المائتين. هو عضو في هذه اللجنة، إلا أنه لم يحضر اجتماعها الأول، وطوال الاجتماعات اللاحقة لم يحضر سوى اجتماع واحد؛ وكان ذلك بالإحراج من زملائه. أيضاً؛ هو ليس عضواً في فريق الاتصال [لجنة الـ16]. ربما له رأي مختلف؛ كما نسمع من البعض. لكن كيف يقول إن الحوار مات وفشل، ونحن حتى هذه اللحظة لم نبدأ في الحوار أصلاً. كل عملنا، حتى الآن، هو الترتيب للحوار والتهيئة له. وفي آخر اجتماع لها؛ أقرت لجنة الـ30 أن ينتهي عملها في 30 سبتمبر، لنبدأ، بعد ذلك مباشرة، في الحوار.

بالنسبة للحوثي، و"الحراك"؛ فقضايا التهيئة التي طُرحت ليست خاصة بهم. في ما يتعلق بقضايا المعتقلين؛ نحن أكدنا أن أي معتقل يجب أن يتم الإفراج عنه، أو يُحال إلى النيابة والقضاء إذا كان متهماً بجرم. لا يوجد نهائياً معتقلون سياسيون. الرئيس أعلن عفواً، وتم إطلاق الجميع، غير أن الأحداث تتوالى؛ كل يوم تقع مشكلة أمنية، سواءً في "الحبيلين، أو في "لودر"، أو في صعدة. وبسبب هذه الأحداث يتم اعتقال أشخاص جُدد؛ نتيجة قطع طريق أو قتل جنود.

بالنسبة للحوثيين؛ فـ"المشترك" طرح قضيتهم وفريق الحوثيين يتفاوض في الدوحة. قلنا للإخوة في "المشترك": لا يُمكن أن يتم حوار مباشر بيننا وبين الحوثي في الدوحة، وحوار آخر بيننا وبينكم هنا بشأن قضايا الحوثي. هذا ملف منفصل؛ إما أن تقولوا إنكم تمثلون الحوثي، وهو يتبعكم، ويجب، في هذه الحالة، أن تمنعوه من أي حوار خارجكم.. ونحن هنا مستعدون نتحاور معكم بشأنه. أما وهو يُحاورنا بشكل مباشر فلماذا سنحاوركم بشأنه أصلاً؟! ملف المعتقلين الخاصين به، والنزول من الجبال، وتسليم الأسلحة والمنهوبات والمخطوفين.. هذه قضايا ستُناقش مع الحوثي مباشرة..

* [مقاطعاً] لكن قيل إن نائب رئيس الجمهورية التزم ووعد، في لجنة الـ30، بإطلاق المعتقلين.. غير أن ذلك لم يتم.

- نائب الرئيس التزم بدعوة اللجنة الأمنية لإطلاق أي أشخاص على ذمة قضايا متعلقة بنشاط سياسي في المحافظات الجنوبية. وفعلاً تم اللقاء باللجنة الأمنية، وأبلغوه أن الجميع أُطلقوا. حتى هذه اللحظة، ونحن نقول للإخوة في "المشترك": إذا لديكم أسماء معتقلين؛ قدموا لنا هذه الأسماء، ونحن مستعدون نبحثها مع الجهات المعنية، أو إحالتهم إلى القضاء؛ لو كانوا متهمين بقضايا جنائية بحتة.

* واضح من حديثك أن هناك أزمة في مسألة الحوار. الأطراف الأساسية، التي تمثل جزءاً رئيسياً من الأزمات التي تعيشها البلاد، غائبة عن الحوار! أنتم تتحاورون مع "المشترك"، وحتى اليوم مازال "الحراك"، والحوثيون، بعيداً عن الحوار. كيف يُمكن حل القضايا، والمشاكل الرئيسية الملحة، التي تعاني منها البلاد، عبر الحوار مع أطراف ليسوا جزءاً رئيسياً في هذه المشاكل؟ هناك أيضاً أزمة ثقة بينكم وبين "المشترك"..

- المؤتمر جاد في الحوار، وحريص عليه، ويثبت هذا قبوله بضغط المعارضة لتأجيل الانتخابات لسنتين، وتوقيع اتفاق فبراير 2009. قبل المؤتمر بهذا وهو صاحب الشرعية الدستورية، وكان بإمكانه أن يجري الانتخابات منفرداً، ولكنه لم يفعل بسبب حرصه على الحوار. الجانب الآخر؛ هو أن الحوار مرتكز على اتفاق فبراير، الذي وُقع بين الأحزاب الممثلة في مجلس النواب؛ المؤتمر, وبعض أحزاب المشترك. وبصراحة؛ فهذا الاتفاق غير ملزم للأطراف التي لم تُوقع عليه. عندما تأتي لتحاور طرفاً آخر؛ يُمكن أن يقول لك إنه غير مُلزم أن يأتي يتحاور معك على قضايا اتفقت أنت وآخرون عليها. في هذه الحالة لا يُمكنك إشراك جميع الأطراف في الحوار؛ سواءً كانوا أحزاباً سياسية أخرى، أو "حراك"، أو منظمات أهلية، أو ما شابه. مع ذلك؛ قبل المؤتمر، في 17 يوليو، أن يكون الحوار حواراً وطنياً شاملاً. وهذا ما نحن متفقون عليه، ولذلك تم الاتفاق على دعوة منظمات المجتمع المدني لتدخل في الحوار، إضافة إلى حزب الرابطة، و"الحراك"، وبعض الشخصيات المعارضة المقيمة في الخارج، وشُكل فريق من أجل التواصل معهم، ليس من أجل الحوار معهم، بل لإقناعهم بالحضور للمشاركة في الحوار..

* [مقاطعاً] شُكل فريق من الطرفين، المؤتمر و"المشترك".. وسمي بلجنة الـ16..

- من الطرفين.

* هل تواصلتم مع معارضة الخارج..؟

- ما زلنا، حتى هذه اللحظة، لم نقر برنامج عملنا. ما زلنا مختلفين. ربما نحن متفقون على البرنامج الزمني، ومتفقون على أن نتوزع في مجموعات للتواصل مع "الحراك"، ومنظمات المجتمع المدني، والرابطة، ومع المعارضين الذين في الخارج. لكن الإخوة في "المشترك" يقولون إن هذا الفريق مهمته أيضاً التهيئة للحوار، قبل التواصل مع هذه الأطراف، وهذا الكلام غير صحيح. أما موضوع الثقة فأنا متفق معك بشأن ذلك؛ فأكبر مشكلة في الحياة السياسية هي أن هناك أزمة ثقة بين السلطة والمعارضة. لكن كنا نعتقد أن المشكلة فقط هي في هذه الأزمة القائمة بيننا وبين الإخوة في "المشترك"، وكنا متحمسين لخلق أجواء لإعادة بناء الثقة من أجل إنجاح الحوار، غير أننا عندما بدأنا جلسات اللجان المشتركة للحوار اكتشفنا أن هناك أيضاً أزمة عدم ثقة بين "المشترك" أنفسهم، وهذه إحدى الأزمات التي تعيق الحوار..

* [مقاطعاً] كيف..؟

- هناك أطراف في "المشترك" تعتقد أن لدينا اتفاقات مع بعض أحزاب "المشترك" دون الأحزاب الأخرى. هذا يبدو على كثير من تصرفاتهم، ويعيق عملية الحوار، وهنالك من يعتقد بوجود تفاهمات بين أطراف تحالف 94 لعودة ذلك التحالف.

* لكن موقف أحزاب المشترك واضح وموحد، ويتهمونكم أنتم بعرقلة الحوار..

- أنا أكلمك الآن عما هو حقيقي، وعما نلمسه بشكل مباشر، بعيداً عن المواقف المعلنة. نحن نواجه أزمة الثقة هذه، أما بالنسبة لتحالف 94 فأنا أعتقد أن أي تفكير لعودة ذلك التحالف بذلك الشكل هو خطير، ويُعتبر تفكير في الحرب، لأن هذا التحالف نشأ لمواجهة ظرف حرب 94 وأي عودة له قد تكون مؤشراً للعودة للحرب، وهذا لا يخدم المصلحة الوطنية العليا.

لا يجب أن يصبح "المشترك" مشكلة جديدة للبلاد

* ما هي القضايا التي اتفقتم على رفعها إلى هيئة رئاسة لجنة الحوار؟

- الإخوة في "المشترك" قدموا ورقة، وطرحوا مهام لفريق التواصل، وتحدثوا عن 8 نقاط خاصة بالتهيئة، وأعتقد أنهم نشروا هذه الورقة. هذه النقاط نحن اتفقنا أن تُرفع إلى هيئة الرئاسة، أو لجنة الـ30، لحسمها. هذا الأمر أعاق عملنا. وفقاً للبرنامج الزمني؛ يُفترض أن ننتهي من عملنا، في لجنة التواصل، في 25 سبتمبر، ويُفترض أن تجتمع لجنة الـ30 في 28 سبتمبر، وتجتمع لجنة المائتين في 30 سبتمبر، ولكننا لم نتحرك حتى هذه اللحظة، ولم نقر خطة عملنا؛ بسبب هذه الخلافات. هناك اتفاق على البرنامج الزمني للتواصل، وعلى توزيع المهام بين أعضاء فريق التواصل، ولكن القضايا التي وضعها الإخوة ليست ضمن عملنا، وبعضها تحتاج سنين لحسمها. وبالتالي فالوقت المحدد لبرنامج فريق التواصل يحتاج إلى إعادة نظر، لأنه أصبح غير كافٍ.

* هل تعتقد أن الحوار مع "المشترك" سيفضي إلى حل مشاكل البلاد؛ إذ يبدو أنكم لا تؤمنون بأهمية هذا الحوار، وتُقللون من شأنه؟

- نحن لم نقلل من شأن "المشترك"، ونؤمن بأهمية الحوار معه. نحن ما زلنا نؤمن، وهذا منهجنا، بأن الحوار هو الطريق الأفضل لحل جميع المشاكل. أعتقد أن الحوار الناجح, الذي سينتج عنه حل جميع المشاكل, هو الحوار الذي تُطرح فيه كل القضايا، وتُمثل فيه جميع الأطراف. ولكن يجب أن يكون جميع الأطراف على طاولة حوار واحدة، أما أن نقوم بحوار مع "المشترك" على طاولة، وحوار على طاولة أخرى مع الحوثي، وحوار على طاولة ثالثة مع "الحراك"، وحوارات مع أطراف أخرى على طاولات أخرى، فأعتقد أن هذا الأمر لن يقودنا إلى الحلول الشاملة المطلوبة.

مع ذلك؛ يظل "المشترك" هو، رغم كل الاحتمالات والمواقف السلبية لبعض الإخوة فيه، أفضل الأطراف التي يجب أن نتعامل معها، بحكم أنه يعمل، حتى هذه اللحظة، تحت مظلة العمل السلمي، وفقاً للدستور والقانون، بينما الأطراف الأخرى خرجت عن هذا السياق، واتجهت نحو العنف، والعمل خارج الدستور والقانون. والمؤكد أن الحوار مع "المشترك" سيساهم في تخفيف تصاعد هذه المشاكل، وليس بالضرورة حلها. أنا شخصياً؛ أرى أن الحوار إذا استمر بين المؤتمر و"المشترك" فإنه سيعمل على تجنب إضافة مشكلة جديدة للبلاد. هذا أمر مهم جداً؛ إذ لا يجب أن يصبح "المشترك" مشكلة جديدة؛ بالنسبة لنا وبالنسبة للبلاد. إضافة إلى أننا إذا اتفقنا، نحن و"المشترك"، على رؤية لكيفية التعامل مع هذه المشاكل، فقدرتنا ستكون، بدون شك، أفضل على محاصرة هذه المشاكل، والتعامل معها. أنا أعتقد أن إجراء الانتخابات في موعدها مهم، ولكن الحوار البناء أهم وعلينا التعامل مع المهم والأهم.

* هل تعتقد أن أداءً سياسياً مختلفاً، سواءً كان في الحوار أو في غيره، بإمكانه أن ينجح في ما أخفقت فيه الأجهزة الأمنية بشأن "القاعدة"، أو ما أخفقت فيه القوات المسلحة في صعدة، أو ما سببه الفساد وأدى إلى تصاعد "الحراك" في الجنوب؟

- أولاً؛ أنا لستُ معك بأن "الحراك" سببه الفساد. أما إن كان الحوار سيساعد في التخفيف من هذه المشكلات؛ فلكي يكون التعبير أدق سأقول لك إن الدور المناط بالمجتمع لمواجهة هذه الأخطار سيساعد، إلى جانب الدور المناط بالمؤسسة العسكرية والأمنية. هناك دور مطلوب من المجتمع لمساندة القوات العسكرية والأمنية، في أية مرحلة من المراحل. والاتفاق السياسي سيكون عاملاً مساعداً لتحقيق هذا الدور.

ما بين اللجنة الأمنية ولجنة التشاور الوطني

* غير اللجنة العليا للانتخابات، ومعالجة مشكلة التأجيل، والمسألة الأمنية؛ ما الذي يُمثله المؤتمر في هذا الحوار؛ في ما يخص القضايا الجوهرية الراهنة؟

- سبق أن قلت؛ يجب ألا نُفرط كثيراً في التفاؤل أو تحميل الحوار أكثر من ما يحتمل؛ لسبب بسيط هو أن الأطراف الرئيسية ذات العلاقة المباشرة بالمشاكل الرئيسية، التي تعاني منها البلاد، ليست ممثلة، حتى هذه اللحظة، في الحوار؛ الحوثي غير موجود، "الحراك" غير موجود، المشكلة الاقتصادية غير موجودة أيضاً، رغم أنها سبب رئيسي للمشاكل التي تعاني منها البلاد. وأعتقد أن المسألة الإيجابية في هذا الحوار، حتى الآن، هي أنه قد لا يجرنا إلى مشكلة جديدة..

* [مقاطعاً] أنا أسأل عن أجندة المؤتمر، الذي يبدو كما لو أنه ديكور سياسي..

- [مقاطعاً] المؤتمر لديه برنامج سياسي واضح، ولديه مشروع معلن. وفي كل البلدان؛ فالطبيعي هو أن الحزب الذي يفوز في الانتخابات يشكل الحكومة ويحكم، وحكومته هي التي تدير ملفات البلد.

مع ذلك، وكي نصل، قليلاً، إلى ما في نفسك؛ سأقول لك إن هناك أطرافاً داخل المؤتمر، وأنا ربما منهم، يرون أن المؤتمر هو أشبه بهيئة تنمية المناطق الشرقية، أو هيئة تنمية تهامة، أو الهيئة الوطنية للتوعية.. بمعنى أنه لا يتم النظر إلى المؤتمر، والتعامل معه، باعتباره حزباً حاكماً بشكل كامل.

* ألا ترى أن الرئيس يلعباً دوراً مباشراً في تأكيد وتعميم هذه النظرة السلبية؟

- الرئيس يُمارس صلاحياته كرئيس للمؤتمر، وإن كان يأخذ، أيضاً، بعض الصلاحيات المناطة بمواقع قيادية أخرى داخل المؤتمر؛ إلا أن مرحلته مختلفة؛ فهو ليس رئيساً عادياً للحزب، فنحن نتعامل معه كرئيس وكمؤسس للمؤتمر. وعادة تكون لمؤسسي الأحزاب سلطة حتى خارج الأنظمة الداخلية واللوائح. لو كان رئيس المؤتمر الآن هو رئيساً غير مؤسس، وتاريخه في المؤتمر مثل تاريخ أي شخص منا، لكان الأمر مختلفاً. نحن نتعامل مع الرئيس كرئيس وكمؤسس للمؤتمر، وهذا يجبرنا أن نتعامل معه باحترام شديد، وهذا يعطيه سلطة واسعة مختلفة عن سلطة أي رئيس عادي.

* في حوار صحفي قديم؛ قلت إن الحزب القديم هو الذي يحكم وليس المؤتمر. وفقاً لمقولتك هذه؛ أسألك: أين يوجد الحزب القديم، في ما يخص الحوار الجاري مع "المشترك"..؟

- أنا ما زلت مؤمناً بهذه الفكرة: الحزب القديم هو من يحكم. لكن، للأسف الشديد، فالحزب القديم لم يعد يحكم فقط، بحسب تعبيري السابق، بل أصبح هو من يُدير الحكم ومن يُدير المعارضة؛ في ذات الوقت. بمعنى أن القوى التقليدية، التي اعتادت العمل خارج الدستور والقانون، هي الآن صاحبة الفعل الرئيسي المؤثر في الساحة السياسية؛ سلطة ومعارضة. فعلى سبيل المثال؛ الفعل السياسي للمعارضة السلمية، في المرحلة الأخيرة، لم يعد يقوم به التجمع اليمني للإصلاح، أو الحزب الاشتراكي؛ كأحزاب قانونية، تعمل وفقاً للدستور، ومسجلة لدى لجنة الأحزاب، وتُقدم تقارير سنوية. بل أصبح العمل يُدار، منذ عامين، عبر لجنة التشاور الوطني، وهذه اللجنة لا تستطيع التعامل معها كشخصية اعتبارية، فهي ليست من منظمات المجتمع المدني، وليست حزباً سياسياً. الفعل السياسي السلمي خرج من يد الأحزاب إلى يد ما يُسمى لجنة التشاور الوطني. الحوثي، كحركة سياسية تستخدم العنف, هي أيضاً ليست حزباً، أو هيئة، أو منظمة، أو مؤسسة تعمل وفقاً للدستور والقانون. "الحراك"، هو أيضاً ليس حزباً، أو منظمة..

وسأكون صريحاً معك أكثر؛ أقول إن هناك، أيضاً، داخل السلطة من يدير ويتعامل مع هذه الملفات كلها عبر هيئة غير دستورية وغير قانونية. مثلاً اللجنة الأمنية، ليست هيئة شرعية؛ هي تتصرف بكامل السلطة، وهي خارجة عن المساءلة، لأنها لم تُشكل وفقاً لقانون أو نص دستوري.

لو تُرك الفعل السياسي لأطراف العمل السياسي القانونية، ولو أوكلت مهمة التعامل مع الملفات، والقضايا الأمنية الحالية إلى المؤسسات الدستورية والقانونية؛ جهاز الأمن القومي، جهاز الأمن السياسي، وزارة الداخلية، الحكومة، وحتى مجلس الدفاع الأعلى. كل هذه الهيئات هي هيئات دستورية وقانونية مُشكلة بقانون, ووفقاً للدستور, وأول ما يُعين المسؤولون فيها يقرؤون القوانين الخاصة بعمل أجهزتهم، ويعملون وفقاً لها، ولديهم ثقافة قانونية، وتستطيع أن تحاسبهم، وهم لا يستطيعون أن يتجاوزوا القانون لأنهم يعرفون أنهم يعملون في إطار قانوني ودستوري. غير أن اللجنة الأمنية ليست مشكّلة وفقاً للقانون، وهي هيئة ليست محددة في الدستور أو في القانون، لذلك فهي، كما يقول المثل، "داخلة في الربح خارجة من الخسارة"، لديها سلطة ومسؤولية وليست عليها رقابة أو مساءلة. وكي أكون منطقياً؛ انظر إلى الملفات التي تعامل معها جهازا الأمن القومي والسياسي، أو الملفات التي تعامل معها الأمن العام (الأمن المركزي، أو وزارة الداخلية)؛ كل هذه الملفات تجد أن نسبة التعامل الجيد معها تفوق الـ90 في المائة.. كل الملفات، بما في ذلك ملف "القاعدة". وبمجرد ما انتقلت الملفات إلى يد اللجنة الأمنية، كهيئة غير قانونية، تنامت "القاعدة" بشكل كبير جداً. صحيح أن اعتداءات وقعت كتفجير "ليمبرج" أو "كول"، لكن لم تحدث أخطاء فادحة نسبة الخطأ فيها عالية، وقُتل فيها مدنيون كثير؛ كما حدث في ضرب "المعجلة"، وضرب الشبواني في مأرب.

عندما كانت المؤسسات القانونية تتولى ملف الصحافة؛ كان التعامل مع الصحافة يتم، إلى حد كبير، عبر القضاء، كنت ترى الصحفيين يذهبون إلى المحاكم، ولم تكن تحدث حالات عنف ضدهم بشكل كبير جداً، وعندما تولت اللجنة الأمنية هذا الملف ارتفعت حالات الاعتداءات ضد الصحفيين، حالات ضرب، خطف، وإغلاق جماعي للصحف بطريقة غير قانونية.

حتى ملف "خليجي 20"! وإذا استمر بنفس التفكير ستحدث أخطاء، وقد تفشل البطولة أو تؤجل. وأعتقد أن هذه الأخطاء تعود لسبب بسيط جداً هو أن الجهات المشكلة وفقاً للقانون تنظر للمجتمع كشعب مهمتها حماية مصالحه، وترقب الذين سيخرجون عن القانون في هذا المجتمع، بينما الهيئات الأمنية المشكلة خارج القانون لا تنظر إلى الناس إلا باعتبارهم مخربين، أو متمردين ومجرمين يجب ملاحقتهم، وصعب أن تتعامل مع شعبك على أنه 21 مليون متهم..

* [مقاطعاً] من أين تستمد اللجنة الأمنية قوتها؟

- أعتقد، وقد لا أكون دقيقاً، أن قوتها تأتي من مصدرين: اتساع حالة الانفلات الأمني، وهذا يُعزز المخاوف الأمنية لدى السلطة والحكومة، وبالتالي يكون الجانب الأمني مقدماً على كل الملفات، إضافة إلى ذكاء قيادة اللجنة الأمنية أو الخوف منها. المصدر الثاني؛ يتمثل في الاهتمام الخارجي، بالذات الأمريكي فيما يُسموه مكافحة الإرهاب، ونرى أنهم، أي الأمريكان، يُنفذون عمليات كثيرة في العالم، ويقومون بأعمال خارج القانون، وضد حقوق الإنسان؛ مثل قتل متهمين بدون محاكمات، وأبرياء لمجرد الاشتباه بهم، ومثل هذه الأعمال يحتاج الأمريكيون أجهزة غير قانونية لا تحترم حقوق الإنسان وتُساعدهم على ذلك، وتقبل العمل معهم خارج القانون.

خارج الشرعية

* أنت تُقدم تشخيصاً غير مطروق من قبل, ويبدو أن البلاد وصلت إلى حالة انتهاء "مشروع المؤسسة"، مع أنه ليس لدينا مؤسسات. جزء من غياب مشروع المؤسسات؛ يتمثل في غياب الأحزاب، أو تراجع أدائها، وظهور كيانات جديدة، بما في ذلك داخل مؤسسات الدولة. مثلما ينزع الوضع العام إلى الخروج عن المؤسسة، سواءً "المؤسسة" الحزبية، كما هو قائم لدى "المشترك" ولجنة التشاور، أو "الحراك" و"القاعدة"؛ هناك نزوع آخر في السلطة للخروج عن "المؤسسات". ما سبب هذا النزوع داخل السلطة للخروج عن "المؤسسات" الرسمية والقانونية؛ مثلاً اللجنة الأمنية؟

* - ربما هو ردة فعل، لأن اللجنة الأمنية جاء تشكيلها بعد ظهور أطراف فعل وتأثير سياسي، في الميدان، خارج الدستور والقانون؛ كالحوثي، و"القاعدة"، و"الحراك". لهذا أقول؛ ربما جاء تشكيل اللجنة الأمنية كردة فعل لمواجهة فعاليات غير شرعية. مع احتفاظي بالأحقية القانونية والدستورية للأجهزة التي لها تمثيل داخل هذه اللجنة، كوزارة الداخلية، والأمن السياسي، والأمن القومي. هذه أجهزة وطنية قانونية وشرعية تعمل وفقاً للدستور والقانون، وتؤدي مهامها بشكل أكاد أقول إنه جيد، والأخطاء في عملها ليست كثيرة.

* [مقاطعاً] بعيداً عن اللجنة الأمنية العليا؛ هناك كيانات أخرى مشابهة؛ مجلس الدفاع الأعلى..

- [مقاطعاً] لا. مجلس الدفاع الوطني الأعلى من أفضل المؤسسات الدستورية. هذا مجلس أنشئ بعد الثورة، في الشمال والجنوب، وأنشئ في دولة الوحدة، وأقره دستورها، وهو مُشكل وفقاً للدستور والقانون، وغالبية أعضائه مدنيون؛ فيه الرئيس ونائبه، ورئيسي مجلسي النواب والشورى, رئيس الوزراء، وزير الخارجية، وزير الإعلام، وزير المالية.. يتوازن فعله.

بدون شك؛ نحن نحتاج مجلس الدفاع الوطني، وهو مؤسسة محترمة، تصب قراراته في خدمة ومصلحة البلاد. هو مؤسسة دستورية ينظم عمله الدستور والقانون، ومهامه واضحة ومحددة، والقانون يُحدد طبيعة عمله.

* خلال الفترة الأخيرة؛ ترددت انتقادات واسعة للجنة الأمنية العليا من قبل قيادات في السلطة والحزب الحاكم. وهناك من يقول إن هذه الانتقادات هي عبارة عن مواقف شخصية تجاه أشخاص في اللجنة الأمنية.

- قد يكون ذلك، ولكن كثيراً من الآراء التي نسمعها ترتكز على أسباب موضوعية، ومنطقية؛ نتيجة فشل هذه اللجنة في التعامل مع كثير من الملفات، إلى جانب أنه ليس هناك مسوغات قانونية ودستورية تسند عمل هذه اللجنة. كثيرون يحملون هذا الموقف وليس لهم خلافات شخصية مع أعضاء هذه اللجنة، ولكن فشلها في إدارة ملفات؛ الصحافة، و"القاعدة"، والثأر، و"الحراك"، والحوثي، والحكم المحلي، وقد يُضاف "خليجي 20" لسابقاته، وملفات أخرى تجعل من ينتقدها تكون أسبابه وحججه قوية.

* ألا ترى أننا فشلنا في تكريس فعل ديمقراطي، وحياة ديمقراطية سياسية، ما أدى إلى بروز ظواهر كالحوثي وغيره..؟

- بدون شك. في 22 مايو 90؛ قام يمن جديد، وحدث تغيير سياسي كبير جداً. بعد الانغلاق، والتضييق والعمل السري؛ انتقلنا إلى التعددية السياسية والحزبية. لكن أي تغيير سياسي يجب أن يُصاحب بعملية تغيير ثقافي؛ إذا أردنا للتغيير السياسي أن يستمر ويكون إيجابياً بالفعل.

التغيير السياسي يحتاج تغييراً ثقافياً يُسانده. بمعنى؛ أنك إذا أردت أن تقوم بتغيير سياسي لصالح الديمقراطية، فيجب أن تقوم بتغيير ثقافي لصالح الديمقراطية وقيمها. ما حدث في اليمن هو، للأسف، تغيير سياسي كبير، لم يُصاحبه تطور ثقافي، كان يُفترض أن تنميه النخبة السياسية لدى المجتمع كي يحمي هذا المشروع السياسي. التطور الثقافي لم يكن بنفس درجة التغيير السياسي الذي حدث، أو ربما كان متباطئاً. هذا جعل الناس يشعرون أن الديمقراطية والحزبية وبال، وأنها ستخرب البلد! وللأسف فهذا الانطباع السلبي موجود لدى عامة الناس!

النخبة السياسية، التي كانت مسؤولة عن التغيير السياسي بعد الوحدة اكتفت فقط بتقاسم إدارة هذا المشروع، ولم تعمل على بناء وعي ثقافي يُساند مشروع التغيير السياسي ويحميه. إذا لم يُصاحب المشروع السياسي مشروع ثقافي يحدث ارتداد، وهذا أمر وارد في كل مجتمعات العالم. يقولون في العسكرية: "لا تستطيع أن تغزو بلداً بالطيران". الطيران مهما كان قوياً يظل عملاً في الجو لا بد أن يُرافقه عمل في الأرض (مشاة). كذلك يُمكن القول إن التغيير السياسي عمل في الجو، بينما العمل الثقافي عمل على الأرض أهميته أكبر. وليس أمام اليمنيين جميعاً من حل مناسب إلا التمسك بيمنهم الجديد، لأن طرح أي شكل من أشكال القديم سيجعل كل طرف يتمسك بقديمه وكلها متساوية في السوء.

* شخصياً؛ تلقيت، أكثر من مرة، حالة يأس لدى "المشترك"، وحالة عدم ثقة كاملة بالمؤتمر الشعبي العام وما يُمثله. لن أُحدد أسماء، لكن الواقع يقول إن قيادات "المشترك" لديها حالة يأس بشأن جدية المؤتمر في الحوار.

- الجدية لا تستطيع أن تحكم عليها عند أي طرف إلا من خلال الاستعداد لتقديم تنازلات، وحسن النية..

* [مقاطعاً] هناك حالة يأس..

- [مقاطعاً] لا أعتقد أن هناك حالة يأس. لكن أقول لك بصراحة، وهذا رأيي قلته داخل لجنة الـ30: ما لم يكن الرئيس علي عبدالله صالح، كرئيس للجمهورية، وكشخص له تاريخه، وإنجازاته، وله نفوذه، وحكمته، وشعبيته داخل المجتمع.. ما لم يكن في صورة كل ما يحدث حول قضايا الحوار، ومرجعية له، فلا يُمكن التعويل على حل كثير من القضايا التي سيتحاور عليها الناس. الإخوة في "المشترك" يُبالغون في استهداف الرئيس، أو التقليل من دوره، وحجم تأثيره، وهذا أمر غير سوي. لا أقول هذا كتعصب مع الرئيس، لكن أقول ذلك بالنظر إلى واقعنا، وإمكانيات الفعل فيه. وأنا سأقول ذلك سواءً كان الرئيس علي عبدالله صالح أو غيره..

* [مقاطعاً] "المشترك" طالبوا بإشراك الرئيس في الحوار..

- لا. كانوا يريدونه طرفاً في الحوار، وليس مرجعية له. كانوا يريدونه في نصف الكرة، وعلي عبد الله صالح لن يكون في نصف الكرة. من الخطأ أن تضع رئيس جمهورية منتخب في نصف الكرة. ولن تستطيع أي أطراف، مهما عظم تحالفها، أن تقوم ببرنامج إصلاح، سياسي أو اجتماعي، أو ثقافي، ما لم يكن الرئيس علي عبد الله صالح في المقدمة وقائداً لها.

* [مقاطعاً] لماذا لا يكون طرفاً وهو الحاكم؟

- لا. هو طرف بالتأكيد، لكن ما يقصده "المشترك" هو أن يكون جزءاً من طرف. هم لا يقصدون أن يكون الرئيس راعياً ولاعباً أساسياً في الحوار، بل يريدون منه أن يكون في نصف الكرة. وعندما نتحدث الآن مع كثير من الإخوة في "المشترك" يدركون حجم هذا الخطأ.

* كيف تطلبون منهم أن يعتبروا الرئيس مرجعية للحوار، وهم يقولون، بشكل صريح، إن النخبة الحاكمة ليست جادة في إجراء إصلاحات في البلاد؟

- هذه وجهة نظري الشخصية، ولم تُطرح بشكل رسمي من قبل المؤتمر. أنا طرحت هذه الفكرة بشكل شخصي في لجنة الـ30؛ كما قلت.

لنتحدث عن الحالة اليمنية بشكل عقلاني. الرئيس علي عبدالله صالح رئيس منتخب، يمتلك صلاحيات دستورية، ويمتلك حزباً حاكماً، وحكومة، وآليات، ويمتلك تاريخاً، ونفوذاً داخل هذا المجتمع.. لا يستطيع أي يمني، صغُر أم كبر، المؤتمر أو "المشترك"، أو غيرهما، أن يقوم بأية عملية إصلاحات ما لم يكن الرئيس علي عبدالله صالح هو من يقود هذه الإصلاحات. لا يستطيع أي شخص أن يقوم بعملية تغيير ما لم يكن الرئيس هو من يقودها. من يقول إنه يستطيع ذلك فهو كاذب. أنا أستغرب من حديث الإخوة في "المشترك" حين يقولون إنهم سيستمرون في عملهم لإجراء إصلاحات!

المعروف أن السلطة، في أي بلد في العالم، أياً كان ضعف هذه السلطة أو قوتها، هي التي يُمكن أن تمضي بدون المعارضة في إجراء انتخابات، أو إصلاحات تتعلق بتعديلات دستورية أو انتخابية.. هذه قاعدة ثابتة. لكن المعارضة، مهما كانت قوتها، لا تستطيع، وفي أي مكان في العالم، أن تجري انتخابات بدون السلطة، ولا تستطيع أن تجري تعديلات أو إصلاحات سياسية بدون السلطة؛ مهما كان حجم السلطة. إذا كان "المشترك" هو الذي يحكم اليوم، فلن نستطيع نحن أن نقول إننا سنجري إصلاحات بدون مشاركته، بينما هو يستطيع أن يقوم بذلك، بغض النظر عن نسبة المخاطر التي سيواجهها.

* ماذا لو قاطعت أحزاب "المشترك" الانتخابات؟

- لو كان المؤتمر يريد أن يذهب إلى الانتخابات منفرداً لكان ذهب إليها في 27 أبريل 2009، ولما كان قبل التمديد، وكان وضعه أفضل بكثير من الوضع الحالي. لكن حرصاً منه أن يكون في الانتخابات نسبة كبيرة من المشاركة، وهذا تاريخنا السياسي في اليمن، فمنذ قيام الوحدة وحتى الآن ونحن نرى أن الانتخابات يجب أن تكون ذات صبغة تنافسية. لكن يجب أن يعرف الجميع، بمن في ذلك "المشترك"، نقطة مهمة جداً، يغفلون عنها عندما يتحدثون عن الانتخابات ومقاطعتها. يعتقد هؤلاء أنه قد يكون من الصعب، والمستحيل على المؤتمر أن يجري الانتخابات بدون مشاركتهم, وبعضهم وصل إلى أن يتحدى! وأنا أقول لهؤلاء إن المؤتمر الشعبي العام، مهما كانت الكلفة التي سيدفعها في حال إجراء الانتخابات بدون مشاركتهم، ستكون أقل بكثير من انهيار شرعيته. مهما اعتقد البعض أن هذه السلطة ضعيفة، إلا أنها ستظل بحاجة إلى شرعية للبقاء في الحكم؛ ونصف شرعية أفضل من "لا شرعية". بمعنى؛ أن المؤتمر إذا لم يُجرِ الانتخابات، في حالة عدم الوصول إلى توافق سياسي، ستنتهي شرعيته في الحكم. فأيهما أفضل له: أن يُحافظ على هذه الشرعية، ولو سماها البعض "نصف شرعية"، بإجراء انتخابات مهما كانت مكلفة، أو يخسر شرعيته كاملة؟

أريد أن يفهم الإخوة في "المشترك" أن المؤتمر مضطر إلى إجراء الانتخابات. وأية سلطة بحاجة إلى شرعية، حتى لو كانت شرعية قد يعتبرها البعض منقوصة.

* يجري، حالياً، الحديث عن تأجيل الانتخابات لسنة إضافية، وهناك مؤشرات تقول إن الاتحاد الأوروبي والأمريكان مع هذا الطرح.. هل طُرح هذا الأمر؟ وهل ناقشتموه؟

- حتى هذه اللحظة؛ لم يُطرح علينا هذا الأمر، ونحن متفقون مع "المشترك" على إجراء الانتخابات في موعدها..

* [مقاطعاً] كيف يُمكن إجراء الانتخابات في موعدها وهناك تعديلات على قانون الانتخابات في ما يخص النظام الانتخابي.. تبقّى على موعد الانتخابات نحو 7 أشهر فقط، ولم يبدأ الحوار، وهذه الفترة لا تكفي حتى بالنسبة إلى إعادة التقسيم الجغرافي للدوائر الانتخابية في حال اتفقتم على نظام القائمة النسبية؟

- لا؛ الوقت كافٍ. نحن نقول إنه إذا هنالك جدية فنستطيع إجراء الانتخابات. الإخوة في "المشترك" كانوا يخافون من موضوع المسارين، ولإثبات حسن النية قلنا لهم إننا نستبعد مسألة المسارين، ونحن مستعدون لمسار واحد: انتخابات، وإصلاحات سياسية في وقت واحد في 2011. تبقى لنا 7 أشهر، نستطيع، إذا توفرت أسباب الثقة والجدية لدى "المشترك"، أن نعيد تشكيل لجنة الانتخابات، وفقاً لاتفاق فبراير ووفقاً للحصص المتفق عليها..

* [مقاطعاً] لكن "المشترك" يتهمكم بعدم الجدية، ففيما أنتم ماضون في مسألة الترتيب للحوار، تعلن لجنة الانتخابات المضي في خطوات يعتبرونها انفرادية وتُخالف ما اتفقتم عليه..

- هناك عمل فني يحتاج وقتاً، وهو يختلف عن العمل السياسي. قلنا لهم: تعالوا نتفق على تشكيل لجنة الانتخابات وفق اتفاق فبراير، ونسند لهذه اللجنة العمل الفني. ولو توفرت الجدية؛ تكفينا 3 أشهر للوصول إلى اتفاق سياسي حول تعديلات دستورية..

* [مقاطعاً] لكن هذا العمل الفني له علاقة بالأسس التي بنى عليها "المشترك" موقفه من لجنة الانتخابات الحالية.. منذ سنوات و"المشترك" يدعو إلى تصحيح جداول الناخبين، وتنقية السجل الانتخابي، فلا يُعقل أن تمضي لجنة الانتخابات الحالية في الترتيب للأمر دون إشراك "المشترك" في الأمر.

- نحن اتفقنا، في أغسطس 2008، على مشروع قانون للانتخابات لم يصدر نتيجة تخلف أعضاء "المشترك" في البرلمان. وكان هناك اتفاق، وهو ليس سراً، على تشكيل لجنة الانتخابات بواقع 4 مقابل 5، على أن يكون رئيس اللجنة من الطرف الذي يكون نصيبه 4. قلنا لهم: تعالوا نُشكل لجنة جديدة للانتخابات، وفقاً لما اتفقنا عليه معكم، تعمل هذه اللجنة على الجانب الفني، الذي يحتاج وقتاً؛ تصحيح جداول الناخبين، تنقية السجل، التخطيط للانتخابات والتحضير لها.. ونحن نستمر في الحوار، وإذا هناك جدية فنستطيع، خلال 3 أو 4 أشهر، الاتفاق على تعديلات دستورية.

* هم يرفضون ذلك، ويرون أن تشكيل لجنة الانتخابات يأتي تالياً للحوار، وليس سابقاً له.

- أنا أستغرب موقفهم هذا. هناك بديهية؛ شئنا أم أبينا: ليس بالضرورة أن نتفق معهم إلا على قانون الانتخابات، واللجنة العليا للانتخابات. القضايا الأخرى مطروحة للحوار. افرض أننا لم نتفق معهم، ليس بالضرورة أن نتفق في الحوار، ما هو الحل؟ الحل أن تنزل باستفتاء إلى الشعب، والشعب هو الحكم. هل بالضرورة أن يخرج الحوار باتفاق على كل القضايا؟ رغم أننا نتمنى أن نتفق على كل شيء، ولكن الإجماع قد يكون صعباً أحياناً.

* في ما يتعلق بالمسارين؛ يُقال إنكم مصرون على مسألة المسار الواحد كي تمرروا التعديلات الدستورية التي ستفضي إلى منح الرئيس فترتين رئاسيتين جديدتين..

- نحن وهم متفقون؛ في ما يتعلق بهذه النقطة تحديداً. لديهم برنامج معلن، أعلنوه في 2005، وينص على تقليص فترة رئاسة الجمهورية من 7 سنوات إلى 5 سنوات، ولدورتين، ونحن عندنا برنامج معلن، في انتخابات 2006، يقول إن من ضمن برنامجنا تعديل الدستور لتخفيض فترة الرئاسة من 7 إلى 5 سنوات، ولمدة دورتين فقط. هذه النقطة نحن متفقون عليها في كل برامجنا المعلنة، وبإمكانك أن تعود إلى برنامجهم المعلن عام 2005، وبرنامج بن شملان، وما يُسمونه رؤية الإنقاذ الوطني، ستجد أننا متطابقون في هذه النقطة تحديداً.

أما بالنسبة لترشيح الرئيس علي عبدالله صالح من عدمه في أية مرحلة قادمة؛ فنحن اتفقنا على الحوار الوطني في كل القضايا التي تهم البلاد. الرئيس أعلن أكثر من مرة عدم رغبته في الترشيح، وآخر مرة أجبرناه بالإكراه للعودة.. وحتى هذه اللحظة؛ هو يعلن عدم رغبته للترشيح. وهذه القضية ليس لها علاقة بالتعديلات الدستورية نهائياً، وعندما تنتهي فترته في سبتمبر 2013؛ عندها سنقول لهم: تعالوا نتحاور نحن وأنتم: هل مصلحة البلاد تقتضي بقاء الرئيس علي عبدالله صالح لمواجهة المخاطر المحدقة بالبلاد الآن، أو لا. تكون هذه مسألة بحث؛ إن كانت مصلحة الوطن تقتضي بقاء الرئيس فعلينا أن نضغط عليه كي يعود مرشحاً للجميع لحاجتنا إليه لتنفيذ برنامج معين، إخراج البلد من المآزق التي تحدق به، وإذا رفضوا فالمسألة ستكون خاصة بنا في المؤتمر، وهي ستكون، أيضاً، مسألة بحث بيننا: هل مصلحة البلد تقتضي أن يستمر المؤتمر بالضغط على الرئيس علي عبدالله صالح ليكون مرشحه، أم لا؟ وحتى هذه اللحظة؛ فغالبية المؤتمريين، إن لم يكونوا جميعهم، وأنا واحد منهم، يرون أن مصلحة البلاد تقتضي الضغط على الرئيس للبقاء.

* يبدو أنكم، و"المشترك" التقيتم على طاولة الحوار، غير أن رهانكم على مواقع أخرى، غير طاولة الحوار.

طاولة الحوار تبدو كملهاة بالنسبة للطرفين. الرئيس والمؤتمر يُراهنون في قضايا أساسية، كقضية صعدة، و"القاعدة"، و"الحراك"، وقضية الأزمة الاقتصادية، على المجتمع الدولي. في ما يتعلق بالجانب الاقتصادي؛ يُراهن الرئيس على المساعدات الاقتصادية، في قضية صعدة يُراهن على الدور القطري، في "الحراك" يُراهن على الضغط الدولي الذي يرى في بقاء علي عبدالله صالح أهمية لاستقرار البلاد. في الطرف الآخر؛ يُراهن "المشترك" على وصول الحالة اليمنية إلى لحظة تستوجب الضغط من قبل المجتمع الدولي على الرئيس للقبول بإجراء الحوار مع "المشترك".. الذي يُراهن على حوار برعاية دولية..

- أولاً؛ لم نسمع من "المشترك"، حتى هذه اللحظة، مطالبته برعاية دولية للحوار.

* [مقاطعاً] في بياناته دعا إلى حوار برعاية الأشقاء والأصدقاء..

- [مقاطعاً] لا. آخر ما تم الاتفاق عليه بيننا وبينهم هو أن الحوار وطني، ويكون شفافاً ليتمكن الأشقاء والأصدقاء من متابعة ما يجري فيه. هذه الرعاية أمر عليها "فيتو" من الجميع داخل طاولة الحوار، وتم الاتفاق على ذلك. هذا أمر غير مقبول من المؤتمر، وحتى الإخوة في "المشترك" متفقون معنا في هذه المسألة.

الرهان على الخارج ليس صحيحاً. نحن لا نُراهن على الخارج. صحيح؛ نحن نُعول على الدور الذي يلعبه الخارج لمساعدتنا لحل الكثير من القضايا، وهذا أمر ليس سراً، والعامل الخارجي أصبح، في كل دول العالم دون استثناء، مؤثراً جداً في صنع بعض السياسات والقرارات. رهاننا الحقيقي على شعبنا، وصدق نوايانا.

* كيف يُمكن التعامل مع المشكلة في الجنوب، سيما والسلطة تتعامل مع المشكلة من الجانب الأمني فحسب؟

- لا. هناك عمل أمني، وهناك عمل سياسي. مسألة التعامل وكيفيته تفرضه المعطيات وتطوراتها. لكن؛ ربما لو هناك برنامج وطني، متفق عليه، للتعامل مع المشكلة، سيكون الأمر أفضل. غير أن برنامجاً وطنياً لا يكون الحزب الاشتراكي شريكاً فيه، سيُعمق المشكلة ولن يحلها. بصراحة؛ هناك أطراف داخل أحزاب المشترك، وداخل السلطة، تسعى لعودة تحالف 94؛ بين المؤتمر الشعبي العام، والتجمع اليمني للإصلاح، تحديداً. والمشكلة أن الحزب الاشتراكي يعمل، أحياناً، على شد الحبال نحو عودة هذا التحالف؛ سواءً من خلال رسائل التخويف التي تحدث من قبل المحسوبين على الحزب، أو من خلال ما يسعى إليه بعض قيادات الحزب الاشتراكي للتلميح لعودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل 94، وهم قد يفكرون أن هذا تحالف المناصفة بين الحزب ومكونات الشمال!

مطالبة بعض القيادات في الاشتراكي بعودة الأمور إلى ما قبل 94، تدفع نحو العودة إلى تحالف 94 بين المؤتمر والإصلاح. مع أن الوضع مختلف عما كان عليه في 94؛ سياسياً، وثقافياً، واجتماعياً، وموضوعياً؛ ولكن يظل من يطرح، ويُنادي بعودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل عام 94، أقرب ممن يدعو إلى عودة الأمور إلى ما قبل 90، أو ما قبل 63.

* لنتحدث عن فكرة أبناء المشائخ. كتقييم سياسي، ولمعرفة مستوى أداء أبناء المشائخ. أصبح أبناء المشائخ جزءاً من العملية السياسية؛ كيف تُقيم أداءهم؟ لماذا ما زالوا يعملون ضمن خيارات الماضي؟

- لا تستطيع أن تحكم عليهم بشكل مطلق، ولكن، ربما، إذا جاز أن تُعدل التسمية لتقول أبناء الجيل الجديد من أبناء قيادات الجيل الأول؛ سواءً كانوا مشائخ أو سياسيين، أو مثقفين، أو رجال أعمال، أو عسكريين. أعتقد أن كثيراً منهم متطلعون نحو المستقبل، والحياة المدنية، والحداثة. ولكن لا شك أنه ما زالت هناك حبال كثيرة ما زالت تشدهم نحو البيئة التي عاش فيها أهلهم؛ مع الاختلاف من شخص لآخر، مع الفارق بين شخص وآخر.

* ألا تعتقد أنكم تُمثلون لليمنيين تركة ثقيلة..؟

- [مقاطعاً] لا يصح أن أتكلم بأسماء هؤلاء كما لو أننا حزب أو جمعية!

* لعب عدد من المشائخ دوراً هاماً في تثبيت الجمهورية، أو لعبوا دوراً لاحقاً في دعم الرئيس علي عبدالله صالح في بداية صعوده للحكم.. المشكلة أن أبناء كثير من هؤلاء المشائخ يبدون اليوم كما لو أنهم عبئاً على اليمنيين.. يُحاولون إعادة الزمن السابق، سواءً عبر محاولة تقاسم السلطة والثروة أو المشاركة فيهما.. لا يتعلق الأمر بالشيخ ياسر العواضي فحسب، بل هناك سلسلة طويلة من أسماء أبناء المشائخ.

- من الطبيعي أن يستفيد، أو يفخر أي إنسان بماضي والده، أو بماضي أسرته، إذا كان هناك ما يستدعي الفخر. هذا أمر طبيعي. لكن المشكلة أن بعض أبناء المشائخ يُقدمون أنفسهم اليوم كما لو أنهم صورة سيئة لما كان عليهم آباؤهم. مع ذلك أنا لستُ مع التعامل مع أبناء القبائل، والمشائخ، على أنهم وحوش جاؤوا من غابة، ويجب عزلهم. بالعكس؛ علينا أن نشجع كل من يريد أن يخرج من البيئة القديمة نحو الحداثة. ليس بالضرورة أن يخرج مرتدياً ثيابه الكاملة.. يكفي أن يخرج. لا يجب التعامل بعدائية من أبناء القبائل، لأنهم سيتمسكون بالقوة التي في أيديهم، وكثير منها قوة تقليدية لا تخدم دولة مدنية حديثة.

* الدكتور محمد عبدالملك المتوكل استشهد، في حوار أخير مع "الشارع"، بمثل تقليدي يقول إن "الحرام عند القبيلي هو اللي ما يسترش له"..

- أنا قبيلي، ولا أي شيء ينتقص مني في ذلك، ولكنني لا أُمثل في عملي القبيلة. أنا أُمثل في عملي دائرة انتُخبت عنها، وكممثل للحزب في الإطار الحزبي. في ما يتعلق بالقبيلة، وانتمائي إليها، فتمثيلي فيها هو في داخل هذه القبيلة، في خدمة أبناء قبيلتي.

في ما يخص ما قاله الدكتور محمد عبدالملك المتوكل؛ فأقول إنه لم يكن موفقاً في ما قاله. ربما إن فئات الشعب اليمني كلها؛ مثقفين، قبائل، أبناء مدن، أبناء ريف، قضاة، فلاحين، مشائخ، فيها السيئ وفيها الجيد. ومن غير الصحيح أن تستعدي فئة اجتماعية بعينها. أما المقولة التي "استمثل" بها فهي تعبير عن ثقافة سيئة لدى البعض، وتحديداً عند الأئمة الذين كانوا يحكمون اليمن، لأن الأفعال الجيدة والسيئة كانت مربوطة بفتوى منهم، حتى إنه عندما طلب بعض الثوار من القردعي أن يقتل الإمام، طالب، القردعي، بفتوى من علماء المذهب تجيز له قتل الإمام يحيى. وعندما تم نهب صنعاء بعد أن دخلها الإمام، كان ذلك بموجب فتوى من الإمام.. كانت تلك أول عملية نهب سياسية مقننة "بفتوى شرعية". وربما إن من يُصر على هذه المقولة هو من يُريد أن يتم كل شيء بفتوى منه؛ بحيث يصبح هو من يُحرم النهب عندما يُريد، وهو من يُحلله عندما يُريد. ولكني أؤكد هنا أن من حق أي إنسان أن يفخر بتاريخ أسرته ومنطقته إذا كان لها دور مشرف في أية مرحلة، ولكن ليس من حقه أن يستبد الناس، أو يتسلط عليهم، أو يستغلهم، مقابل هذا الدور؛ سواءً كان ذلك الدور تم قبل 40 سنة أو قبل 1400 سنة.

 

*نقلاً عن صحيفة "الشارع".