آخر الاخبار

خلال اجتماع موسع مع قادة الكتائب والسرايا والضباط..قائد شرطة حراسة المنشآت وحماية الشخصيات بمأرب يشدد على رفع الجاهزية وتثبيت الأمن مأرب: الجمعية الخيرية لتعليم القرآن تنظم برنامج سرد القرآني ل200 طالب. تتضمن 59 مادة موزعة على 6 أبواب.. الفريق القانوني يسلم الرئيس مسودة القواعد المنظمة لأعمال مجلس القيادة تمهيداً لاعتمادها وإصدارها بقانون فعالية حاشدة لمؤتمر مأرب الجامع ومجلس الجوف الوطني... دعوات لوحدة الصف الوطني لمواجهة مليشيا الحوثي الإرهابية. سياسي عراقي شيعي موالي لإيران يظهر فجأة في صنعاء.. وتقرير يكشف انتشار عسكريين من ''الحشد الشعبي'' في اليمن المحافظات المتوقع أن تشهد هطول أمطار رعدية خلال الساعات القادمة شاهد الصور .. حريق هائل يلتهم جبل صبر في تعز ومناشدات عاجلة لإخماده تحول ''أكثر عدوانية'' في سياسية أمريكا تجاه الحوثيين يتجاوز الإحتواء الى التعطيل.. هل إنتهت اللعبة؟ عاجل: الطيران الأمريكي يعاود قصف منطقة في صعدة معقل الحوثيين رسميا.. أول فريق يتأهل إلى كأس العالم 2026

صباح العيد يا شوقي
بقلم/ نجيب مقبل
نشر منذ: 12 سنة و 4 أشهر و 16 يوماً
الخميس 01 نوفمبر-تشرين الثاني 2012 05:36 م
 

لا أدري لماذا تخونني قدماي من السير إليك لأركض بكامل الروح واللياقة المطلوبتين وأؤدي واجب عيادتك وأطرق الباب الذي طالما قرعته بقبضة السنوات الفائتة وكنت أنت في كل مرة تسبقني بالابتسامة العريضة والدعوة الرحبة بالدخول.

حتى هذه اللحظة لم يحالفني العزم على المجيء إليك وأشهدك على أية حال تكون الآن: إما ممدداً على فراش المرض أو جالساً على كرسي التعافي الصعب أو ما شاء لخيالاتي أن تصور كينونتك الصامدة في هذه اللحظة الصعبة.

كم مرة أخرج عازماً عيادتك، وأقف تحت بلكون شقتك بحي عمر المختار في محاولة لمصافحة مرضك، وأظنها مرات ثلاث فعلتها وقفلت عائداً حاملاً خيبة الرجوع وعجزاً عن مجابهة الحقيقة الغائرة الألم، حقيقة مرضك، وليس ما يحجبني عن الوصول إليك سوى أنني لا أقوى على فعل ذلك.

فمنذ الصدمة الأولى وتشريف عقيلتك لي بوضع سماعة الهاتف لأكون أول المهاتفين لك وأنت تقول: شكراً شكراً يا نجيب وأنا عاجز حتى عن رفع السماعة من جديد ومهاتفتك لمعرفة أخبار عنك فالصدمة الجارحة كانت أقوى من إرادة الاستيعاب.

وأعترف بعد هذه المعاناة العجفاء.. يحق لك ولعائلتك تصنيفي ضمن أولئك الخونة لصداقاتك، ولأيام العمر المشتركة التي قضيناها إخوة في الحياة والشعر، ولهم كامل الحق في الوصول إلى مثل هذه النتيجة المؤلمة.

أصدقك القول: أخاف رؤيتك مريضاً، وأتمناك بل أدعو الله أن يشملك برعايته الإلهية لتصمد في وجه هذه النائبة التي ألمت بك.

تعلم، يا شقيق شعري، كم نحن الشعراء خونة عظام لمبادئ المجاملات ومواقيت الزيارات وديباجة القول المعسول في المواساة، نحن -كما تعلم- جبناء في مواجهة الحقائق الأليمة والاعتراف بوقوعها، رعديدون أمام مشاهدة الألم الكظيم.. وهذا سر قصوري عن مصافحة مرضك، وعيادة روحك الأليمة.

في داخلي تأنيب ضمير عالي الضغط لهذا القصور العظيم. لكنني أحاول الوصول إليك بما أوتيت من قوة روحانية دافعة من خلال هذه الكلمات البائسة القول والهائمة الروح لملاقاتك في هذا الظرف الصعب علها ترمم ما قصرت عنه الأفعال.

الشعراء شجعان فقط في تحرير عوالم الانكسارات ومجابهتها في الحروف والكلمات والنصوص فقط. ألم نكتب معاً النصف الأول من عنوان مجموعتنا المشتركة: "خرائب الأنا" هذه هي واحدة من خرائبنا بوقوعك فريسة هذا المرض الهابط من سماء عثراتنا وهباءاتنا.

خرائبنا - يا شوقي - كثيرة في هذا الزمن الخائب -ألم نقل ذلك في نصنا المشترك، لكننا- وهذه من هفواتنا الرهيفة- لم نتوقع أننا سنأتي على زمن الوقوف على أطلال أرواحنا المتهالكة والمستعدة للانهزام أمام أمراض العصر، وإنها لمشيئة الله تعالى ولا راد لقضائه.

كل تلك الخرائب التي رصدناها في مجموعتنا المشتركة الناصعة بالشعر المتآخي وأخريات لم نرصدها، لم نخطئ أسباب وجودها حين أجملناها في النصف الثاني من عنوان المجموعة: "صلصال الملك" هذا الجامد القلب، الغائب الروح ،المتهاتف على سلطان الحجر والحديد والذهب والفضة، والكرسي المأهول بالسلطة الغاشمة، المناهض لسلطان الكلمة الصادقة، المعادي لحقوق العيش الفاضل في مدينة فاضلة من صنع أيدينا.

فكان لنا أن نهنأ بأثقال الضغط النفسي، والإهلاك الروحي، والحياة المسكونة بقلة الحيلة والعين البصيرة واليد القصيرة، والحظوظ العاثرة، والمصائب المتقاطرة، والهباءات المترامية الأطراف وأخيراً رزمة الأمراض العصرية التي نحملها في أكياس الدواء (ارتفاع الضغط والسكر والكوليسترول والقولون العصبي) وآخرها جلطتك الدماغية المباغتة.

أما بعد..

يسعدني، شوقي ياشقيق شعري، في هذه الأيام العيدية أن أشد على كف مرضك بهذه التحية المسالمة: صباح العيد يا شوقي!! وأذكرك باستعادات عشناها في أزمان خلت وعواصم ومدن يمنية وعربية: صنعاء، تعز، المكلا، بغداد، طرابلس الغرب، بنغازي، عدن ومدن لا تستطيع الذاكرة إحصاءها كانت فيها القهقهة مجلجلة، والصحبة مؤنسة، ودم الشعر حياً في عروقنا، واحتفالات مشعشعة من بنات أفكارنا ومن وحي مجالسنا، ولعل أحد هذه الاحتفالات عيد تأسيسي الـ(........) في بغداد.

يا شقيق شعري، أذكرك بأن عيد تأسيسي المافوق خمسين بعد شهر ونصف وأنا في انتظار حضورك الجسدي والروحي إلى يومه، بإذن الله تعالى.

*هامش:

(خرائب الأنا.. صلصال الملك) مجموعة شعرية مشتركة لكاتب المقال مع الشاعر شوقي شفيق.