عاجل: على وقع الضربات الامريكية ضد الحوثيين.. عقد اجتماع عسكري رفيع برئاسة العليمي حضرته قيادات كبيرة
الحوثيون يقولون أنهم هاجموا حاملة الطائرات الأمريكية التي انطلقت منها هجمات السبت
الجيش السوداني يقترب من القصر الجمهوري ويسيطر على أحياء جديدة في الخرطوم
أعاصير مدمرة ورياح عاتية.. عاصفة قاتلة تهز الولايات المتحدة
قاضٍ أميركي يمنع ترامب من استخدام صلاحيات قانون يعود لعام 1798
هذا المشروب يعزز من طاقتك ويمدك بالفيتامينات في رمضان
غارات أميركية على مواقع الحوثي.. قتلى عسكريون وهروب قادة من صنعاء
محتجز إسرائيلي سابق يكشف تفاصيل صادمة حول شبكة أنفاق حماس
إعلامي مصري يهاجم الحوثيين: لم يستهدفوا سفينة إسرائيلية واحدة بينما خسرنا المليارات
الكشف عن تفاصيل صادمة في انهيار صناعة السفن الأمريكية وصعود العملاق البحري الصيني..
السلام في غزة، بما يحمله من احتمالات إنهاء الصراع الدامي الذي أرهق الفلسطينيين وألهب مشاعر العالم، يمثل تحديًا وجوديًا لجماعة الحوثي التي بنت مشروعها على استغلال الأزمات الإقليمية والدولية لخدمة أجندتها الخاصة. هذه الجماعة التي رفعت شعارات المقاومة والعداء لإسرائيل منذ نشأتها، لا ترى في السلام فرصة لتحقيق العدالة للفلسطينيين بقدر ما تراه خطرًا على نفوذها وسلاحًا يكشف زيف خطابها الذي تتاجر به أمام الداخل اليمني والخارج الإقليمي.
في قلب سياسات الحوثيين، يكمن مبدأ استغلال القضايا الكبرى لخلق قاعدة شعبية تدعم وجودهم، وليس القضية الفلسطينية سوى أداة لتحقيق هذا الهدف. عندما يهتف الحوثيون بشعارات التحرير والعداء للكيان الصهيوني، فإنهم لا يفعلون ذلك إيمانًا حقيقيًا بقضية فلسطين، وإنما لإثارة العواطف وتوجيه الأنظار بعيدًا عن الانتهاكات التي يمارسونها بحق الشعب اليمني، فالقضية بالنسبة لهم ليست سوى واجهة يُخفون وراءها أجندة استغلالية، حيث يقدمون أنفسهم كحماة للإسلام بينما يعيثون فسادًا في الأرض التي يدعون الدفاع عنها.
تاريخيًا، لم يسجل للحوثيين أي دور حقيقي في دعم الفلسطينيين بشكل عملي. لا مساعدات ملموسة، ولا مواقف سياسية ذات تأثير. جل ما يملكونه هو الخطابات الرنانة والفعاليات الدعائية والمسرحيات الكاذبه التي تهدف إلى تعزيز صورتهم كجزء من محور المقاومة، وفي المقابل، يستغلون هذا الخطاب لابتزاز المجتمع اليمني، حيث يبررون سياساتهم القمعية والكارثية بحجة مواجهة المؤامرات الخارجية ودعم المقاومة.
إن السلام في غزة يمثل معضلة للحوثيين لأن انتهاء الصراع هناك يعني إسقاط الورقة التي يستخدمونها لتبرير وجودهم. من دون صراع، سيضطرون إلى مواجهة الأسئلة الحقيقية المتعلقة بواقع اليمن. ماذا عن الفقر المتفشي؟ ماذا عن الاقتصاد المنهار؟ ماذا عن آلاف اليمنيين الذين قتلوا أو شردوا بسبب حروبهم العبثية؟ ماذا عن الأطفال الذين حُرموا من التعليم وتحولوا إلى وقود لجبهات القتال التي أشعلوها؟ هذه الأسئلة تكشف عجزهم عن تقديم أي رؤية حقيقية لبناء اليمن، وتجردهم من الشعارات التي يتسترون بها.
السلام في غزة لا يتوافق مع طموحات الحوثيين لأنه يسلبهم القدرة على تحويل القضية الفلسطينية إلى أداة لتوحيد صفوف أنصارهم. فمع توقف الحرب، سيواجهون أزمة في استمرارية خطابهم، وسيتحول تركيز الرأي العام إلى سياساتهم الفاشلة داخليًا. لقد اعتادوا على تحويل الأزمات إلى وسيلة لبقائهم في السلطة، ولذلك فإن أي تهدئة تعني فقدانهم لواحدة من أهم أدواتهم الدعائية.
على المستوى الإقليمي، يدرك الحوثيون أن بقاء الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي يتيح لهم اللعب على التناقضات الإقليمية وتقديم أنفسهم كطرف فعال في محور المقاومة. بقاء الحرب يمنحهم قدرة على تعزيز علاقتهم بالقوى الداعمة لهم مثل إيران، حيث تصبح القضية الفلسطينية وسيلة لتبرير الدعم المالي والعسكري الذي يتلقونه. ولكن مع انتهاء الحرب، ستقل مبررات هذا الدعم، مما يضعف موقفهم ويجعلهم أكثر عزلة.
في الوقت نفسه، فإن الحوثيين يستخدمون القضية الفلسطينية لخلق وهم التضامن مع الشعوب الإسلامية، بينما هم في الحقيقة يعزلون اليمن عن محيطه العربي والدولي. يزعمون دعم المقاومة بينما يغلقون الأبواب أمام المبادرات السلمية ويصرون على استمرار الحرب في الداخل اليمني. هذه الازدواجية تكشف زيفهم وتعري خطابهم أمام العالم.
الحوثيين لا يستطيعون التعامل مع السلام لأنه يفضحهم أمام شعبهم وأمام العالم. فهم ليسوا سوى جماعة تخشى الاستقرار لأنه يسلبها كل الحجج التي تتذرع بها للبقاء في السلطة. هم يحتاجون إلى الأزمات كما يحتاج الإنسان إلى الهواء، لأن وجودهم مبني على استثمار المعاناة وتحويلها إلى مكاسب شخصية وسياسية.
في النهاية، فإن السلام في غزة هو اختبار حقيقي لكل الأطراف التي تدعي دعمها للقضية الفلسطينية. ولكنه بالنسبة للحوثيين أكثر من مجرد اختبار، فالسلام في قاموس الحوثي هو تهديد يهدد بكشف حقيقتهم أمام الجميع.
الجماعة التي رفعت شعار المقاومة طوال سنوات، لا تستطيع أن تستمر في ظل عالم يسوده السلام، لأنها ببساطة لا تعيش إلا في ظل الحروب والأزمات التي تبرر وجودها وتخفي عجزها وفشلها.