آخر الاخبار

عاجل : الجيش السوداني يعلن السيطرة على مصفاة نفطية كانت تغطي نصف احتياجات السودان لقاء قبلي واسع لأبناء وقبائل شرعب بشأن ماتعرض له مدير وكالة سبأ بمأرب جرائم متصاعدة في إب.. حرائق حوثية تلتهم سيارة مغترب وأحد الشقق التي يسكنها نساء وأطفال دعم سياسي امريكي من إدارة ترامب لرئيس الوزراء احمد بن مبارك رئيس هيئة أركان الجيش السوداني يعلن عن نصر استراتيجي من مقر القيادة العامة...ويكشف عن نقطة تحول حاسمة للشعب السوداني مأرب: ندعوة تدعو إلى تشكيل لجنة وطنية للحفاظ على الهوية اليمنية وتحصين ألأجيال شاهد: القسام تستعرض غنائم من سلاح النخبة الإسرائيلية في منصة تسليم المجندات الأسيرات وإسرائيل تعتبر الأمر ''إهانة'' عميد الأسرى الفلسطينيين يرى الحرية بعد 39 سنة في سجون الإحتلال.. من هو وما قصته؟ الحكومة اليمنية تعلن جاهزية الموانئ المحررة لاستقبال جميع الامدادات التجارية والإغاثية والخطوط الملاحية غوتيريش يوجه دعوة للحوثيين ويدين بشدة اعتقال 7 من موظفي الأمم المتحدة

ثورة الشك...
بقلم/ احمد العربي
نشر منذ: 13 سنة و شهر و 12 يوماً
الثلاثاء 13 ديسمبر-كانون الأول 2011 09:27 م

في زمن الثورة يعتلي الشك كل شيء.. ينساب أولاً في صمت.. يتغلغل ببطء بيننا، ثم لا يلبث أن يتحول إلى مارد جبار خرج فجأة من قمقمه الذي ظل حبيسه لقرون طويلة دون أن يكون ثمة أثر لأي قمقم أو خاتم أو مصباح، ودون أيضاً أن يدعي أحد شرف إخراج هذا المارد "بالدعك" أو "المسح" أو "الاستحضار"..

وما يثير الدهشة فعلاً.. أننا نستنكر وجوده بيننا، ثم لا نتوانى -كل بطريقته - للإستحصان به "من الشخص وليس من الحصان".. ونبدأ بالشك في الآخر الذي ثورنا ضده.. وهو شك مقبول.. ثم نشك في الآخر الذي انضم إلى ثورتنا - وهو شك مفهوم-، ثم لا ننفك نشك في بعضنا بعضاً.. لتتحول الثورة حينئذ إلى "ثورة الشك".. ولكن ليس على طريقة "أم كلثوم"..!! هذا ما يثير الدهشة.

أما ما يثير الخوف، فهو نجاحنا دائماً في إيجاد ما يبرر شكنا أياً كان وتحويله من شك - لصيق بالظن الذي لا يغني عن الحق شيئاً- إلى يقين غير قابل للدحض، وهذا التحول هو الذي قاد معظم رجالات الثورات في العالم إلى المقاصل والمشانق والسجون.

ولأن الشك -كما أسلفنا- لصيق الثورات، فإن ما يجعل ثورة أنجح من أخرى هو الشك نفسه، فالطريقة التي تتعامل بها الثورة -أياً كانت- مع الشك المصاحب لها، والمسيطر عليها، هي التي تحدد مدى نجاحها، فالأصل أن كل الشكوك لها مبررات، ولكن ليست كل الشكوك -بمبرراتها- صحيحة، فالشكوك التي تقوم على مبررات مشروعة لا يجب التعامل معها بالقمعية التي يتم التعامل بها مع الشكوك ذات المبررات غير المشروعة، والتفريق بين المشروع وغير المشروع ليس صعباً.. ولكن الصعب فعلاً هو معرفة مدى أحقية الشخص أو الجهة "المشكوك فيها" في استخدام مبررات مشروعة والاستفادة منها.. هذه النقطة هي التي من شأنها فعلاً إنجاح ثورة على الإطلاق، أو إفشال على الإطلاق.

وبقدر ما يعد النجاح في التعامل معها فتحاً ربانياً تستند إليه مقومات التجرد في التناول والتقييم والحكم، والإلمام بشواهد الظاهر، وخفايا الباطن، بقدر ما يعد إغفال ذلك فشلاً موبقاً للثورة ماحقاً لها ولآمالها.

ومع أن الشك عند أرسطو هو الطريق الصحيح للمعرفة الحقة "الحكمة"، إلاَّ أن "شك الثورات" لا يقوم على عقلية أرسطو الفلسفية، وإنما على عقلية نيرون الذي شك في إمكانية إصلاح "روما" فأحرقها ليقيم مكانها "روما" جديدة - بحسب رؤية المفكر القومي الراحل عصمت سيف الدولة للواقعة-، والفرق بين العقليتين جلي، ونتيجة كل منهما تكاد أن تكون حتمية!!..

وما يجعل الخوف كلياً.. طغيان شكنا على فكرنا، وإطلاق العنان له لإصدار أحكامه على بعضنا البعض.

وربما يكون ما نحن في حاجة له الآن، هو "استراحة محارب"، نمنح لأنفسنا ولبعضنا البعض فيها الوقت لإجلاء النوايا، بعيداً عن بريق الشعارات وانفعالات المد الثوري، المصحوبة بأمواج من الشك.. حتى في الشك نفسه!!.