فيلم زهايمر تأكيد نجومية الزعيم
الموضوع: ثقافة

مهرجان مراكش السينمائي في دورته 14 كرم الفنان المصري عادل امام واحتشد الجمهور المغربي بشكل كبير في الساحة المفتوحة بالهواء الطلق لمشاهدة هذه اللحظات والاستمتاع بقفشات الزعيم مع عرض فيلمه زهايمر” تفرقت الحشود بسبب برودة الجووكون الفيلم معروف كما ان فاتورة وتكاليف اقامة عادل امام كانت باهضة جدا مما اثار سخطا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي وتم انتقاد وزارة الثقافة المغربية لهذا البذخ المفرط، بهذه المناسبة يمكننا انتهازها للوقوف بشكل سريع مع هذا الفيلم الاخير، حيث لم يظهر سينمائيا منذ فترة طويلة وهناك اخبار نشرت حول فيلم قريب يتم الاعداد له بعنوان «الواد وأبوه» بمشاركة ابنه محمد امام الذي رافقه في افلام ومسلسلات عديدة بثت في مواسم رمضان، قلة الانتاج السينمائي المصري تأتي نتيجة ما حدث في مصر من ازمات سياسية اربكت الحياة السينمائية التي تعاني من مشاكل كثيرة منذ عدة سنوات، ولذلك السبب كشف عادل إمام عن نيته عن فتح شركة إنتاج سينمائي لكي يساعد في عملية عودة الانتعاش للسينما في مصر، نلاحظ سعي امام لتاكيد نجومية ابنه وتوريثه الزعامة والتاثر الكبير للابن بوالده مع اختلافات ومحاولة محمد امام خلق طابع خاص به والبعد عن جلباب الزعيم كون لبس هذا الجلباب قد يخلق نسخة مكررة من الاب.

قدم عادل امام في فيلم “بوسبوس وفيلم “مرجان احمد مرجان” اداء رتيب وممل ومكرر وكذا في فيلم ” التجربة الدنماركية”، ولو تاملنا في اغلب افلام عادل امام سنجد ان هناك محاولات كثيرة لخلق نجم اشبه بنجوم هوليود على سبيل المثال لا الحصر في فيلم “سلام يا صاحبي” وفي نهاية الفيلم يتجاوز البطل كل العوائق وينتقم من خصومة ببشاعة وعنف رهيب، لا يعني هذا ان كل افلام امام ردئية هناك افلام رائعة “في الاداء والمضمون والمشاعر الانسانية لعل افضلها “حب في زنزانة” “طيور الظلام”، ” النوم في العسل”، ” عمارة يعقوبيا”.

مشكلة السينما العربية انها لا تركز بشكل جيد على الحالة الانسانية ولا تتمعن بالواقع الاجتماعي المعاش لتقديم رؤية فنية يمتزج بها الخيال بالواقع بالفكر والفلسفة وتذهب لتقديم الممثل وابرازه كنجم ليتحول من وسيلة الى غاية ويتم اهمال والتنكر لماهية السينما وجوهرها باعتبارها فن تعبيري فني فلسفي انساني، لذا تتحول النتائج الى كارثية ولعل سبب فشل الكثير من الافلام العربية انانية النجوم مثال اخر افلام نادية الجندي.

في فيلم ” زهايمر” كان المفروض ان تكون البطولة لهذا المرض كونه يكشف ضعف الانسان وهوانه ويعيدة احيانا الى الطفولة ، في هذا الفيلم اجمع الكثير من النقاد ان اروع ما فيه مشهد سعيد صالح وعادل امام بالمصحة حين يتبول سعيد صالح على نفسه ويصاب الاخر برعب فضيع وهو يرى صديقة عاجز وضعيف وغير قادر التحكم ببعض الوظائف الفسيولوجية ، وتم توجيه نقد لاذع لسيناريو الفيلم حيث كانت فعلا البداية والنصف الاول من الفيلم تمتاز بنوع من التماسك والتشويق والبساطة لتكشف قلق انساني يخاف من الضياع والمرض.

قد يزعم صناع الفيلم ان العمل يكشف المتغيرات الاجتماعية وسطوة النزعة المادية وهو موضوع جيد ومهم ولكن كثيرا ما يتم معالجته بالسينما العربية بطرق ساذجة احيانا وذلك بالتخلي عن البعد الانساني والنزعة للبعد الكوميدي مثل الاضحاك.

هنا في هذا الفيلم نحن امام اب غني وثري يعيش وحيدا يواجه عقوق الابناء وجحودههم وجحود الاصدقاء والاقرباء ، فالجميع يطمع بالثروة والمال ويتم رفع قضية حجر ضده وايهامه بانه مصاب بمرض الزهايمر وادخاله في دوامة من القلق والخوف.

 كان من الممكن القفز بالفيلم الى عوالم ابعد سياسية واجتماعية وانسانية باعطاء البطولة للمرض كموضوع ومضمون وفكرة وخلق استعارات رائعة لبيان حالة المجتمع المصري والعربي بجعل الاب صورة للسلطة ومصاب فعلا بالمرض لكنه يكابر ويرفض الاعتراف به كونه ضعيف وهولا يعترف بالضعف ويطمح للخلود ، لكن الهم السياسي وقرائته او نقده هدف تخلت عنه السينما العربية منذ فترة كبيرة واتجهت لتقديس الحاكم وتنزيهه ورسم صورة مثالية خارقة له.

كان من الممكن ايضا الربط بين المرض اي الاب والعقوق اي الابناء بطريقة اكثر عفوية وبسيطة لتصوير فداحة الموجة المادية التي تعصف بمجتمعاتنا وخطرها على القيم باعتبار الاب قيمة انسانية وماضي على وشك الاندثار ،اي التركيز على قيمة التضحية والاخلاق والحب.

كل هذه الحسابات يظهر انها كانت خارج اهتمامات صناع الفيلم للاسف كان الهم الاكبر اعادة الاعتبار لعادل امام كنجم وتاكيد وجوده وتسخير كافة الامكانيات لهذا الهدف الساذج ، نجح الفيلم جماهيريا وهو افضل من الافلام التي انتجت بذاك الموسم مثل فيلم “بونسوارية” وغيره من الافلام التي فعلا تجعلنا نشعر بخيبة امل لسذاجة الطرح وهشاشة المواضيع وغياب اللغة السينمائية والاسلوب الفني الضعيف ، حيث لا جماليات في التكوين ولا دور للكاميرا التي تحولت لاداءة تسجيل وتصوير وليست اداة خلق وابداع، تعيش السينما العربية ازمة للتتحول الى وسيلة تخذير ساذج لنشر التفاهة ولم يعد للافلام العربية وجود بالمهرجانات السينمائية العالمية ولم تعد وسيلة ثقافية وفنية انسانية وتحولت لمجرد تجارة تافهة وما تعيشه السينما العربية اليوم من بؤس وانحطاط هوبالطبع نتيجة طبيعية للضعف والتخلف الثقافي والحضاري والسياسي التي تعيشه امتنا العربية.

سينمائي يمني مقيم في فرنسا

مأرب برس - خاص باريس – حميد عقبي:
الأحد 14 ديسمبر-كانون الأول 2014

أتى هذا الخبر من مأرب برس | موقع الأخبار الأول :
https://marebpress.net

عنوان الرابط لهذا الخبر هو:
https://marebpress.net/news_details.php?sid=105768