للسلطة تاريخ عريق في الاغتيالات وتلفيق التهم

الأحد 25 نوفمبر-تشرين الثاني 2007 الساعة 09 مساءً / مأرب برس - سامية الأغبري – خاص
عدد القراءات 10579

 بين ذراعيه يحمل سعادته وفرحته وهدية السماء له طفله محمد ذو السبع ربيعا يحاول ان  يتناسى جرح عمره أربعة وعشرين عاما , لكن بعض الجروح لاتندمل ,وإبعاده عن وطنه جرح غائر لايندمل .. مقيم منذ العام 1998م في منفاه الإجباري في النرويج , يحن إلى وطن ذاق فيه ويلات العذاب ..وطن قيدت فيه حريته وانتهكت كرامته, وسبع سنوات قدماه مقيدتان قيود أدمت فؤاده قبل قدميه لأن إنتهاك كرامته وأدميته بتلك الوحشية أشد وطأة واشد ايلاما من تلك القيود التي رافقت قدميه طوال سبع سنوات.

في منفاه يحن ..بيد أن في ذلك المنفى حريته التي فقدها في بلده منصور راجح من منا لايعرفه من منا لم يسمع عن مأساته في ظل نظام قمعي اراد ومازال تكميم الافواه وكسرالاقلام الحرة الشريفة التي تأبى الا أن تظل سلاحاً يشهر في وجه الظالم .. نعرف منصور راجح المأساة .

ال معاناة .جرح بحجم الوطن ربما البعض من جيل الوحدة لايعرف الكثير عنه .. لايعلم شيء عن معاناته ومالاقاه في سجون النظام .. كيف انه طيلة خمسة عشر عاما يرى الموت يدنوا منه دون ذنب سوى انه فارس كلمة,وناشط سياسي حينما اريد للكلمة الحرة ان تعدم تعالت صرخات انسانية محلية واجنبية ترفض ان تعدم الكلمة وكانت المنقذ ,كتب له عمر جديد .. بعد خمسة عشر عاما من القهر والظلم قضاها في السجن ولد منصور راجح من جديد.. ولد في ارض غير أرضه ووطنا غير وطنه , بعيد عن بلاده قسرا ولكن تلك البلد ليست ببعيدة عنه انها تسكنه.. مزروعة في دمه, يحاول جاهدا نسيان ذلك الماضي الاليم فيها .. جرح عمره أربعة وعشرون عاما هي سنوات السجن والمنفى وربما لن يندمل ذلك الجرح.

منصور راجح شاعر وكاتب يمني ولد في عاصمة الثقافة وأحد مثقفيها ,المدينة التي لازالت حالمة بغد مشرق وحياة أفضل كغيرها من محافظات الوطن المنكوب بفئة أكلت الاخضر واليابس ولم تبق لنا شيء ,عام1958 أستقبلت قرية هميريم بمحافظة تعز ميلاده .. ميلاد اشهر سجين رأي قبل الوحدة وبعدها ..جاء الى الدنيا ولايعلم مالذي يخبئه له القدر,,أكمل دراسته الثانوية في تعز ..ثم شد الرحال الى سوريا لإكمال دراسته في العلوم الزراعية وهناك ترأس إتحاد طلاب اليمن.

وقبل عودته الى اليمن في العام 1982 غادر سوريا إلى بيروت ليدرس في جامعتها بكلية التجارة والاقتصاد وانتخب سكرتيراً للمنظمات الطلابية العربية في بيروت,كان عضواً نشيطاً في الجبهة الوطنية الديمقراطية وفي بيروت كان لقائه برفيقة جرحه ودربه "أفراح غليون" التي أصبحت زوجته ..بعد يومينمن زفافهما أعتقله الجهاز المركزى للأمن الوطنى وفي غياهب ذلك المعتقل الرهيب ظل ستة أشهر دون تهمة ..

اطلق سراحه لكن السجان أبى إلا أن يعيده الى المعتقل بعد ايام من اطلاق سراحه هذه المرة لم يكن وحيدا كان رفيقاسجنه ابيه وعمه ولفقت لهم تهمة قتل شيخ يقول منصور" أتوا بشهود زور قالوا انهم شاهدوا ابي وعمي يكتفوا الشيخ وانا أطلق النار عليه وهم - أي شهود الزور - يعروفوا الواقعة على ضؤ المصابيح!!، لم يستطيعوا ان يتعرفوا علي في ساحة المحكمة ولم يستطيعوا تبرير وجودهم في قريتنا تلك الليلة"!!حوكم محاكمة صورية علنية وقبلها كان قد حوكم في السرحكم عليه بالاعدام وخمسة عشر عاما سجن لابيه وعمه واطلق سراحهما بعد قيام الوحدة ورغم اطلاق سراح والده الا أنهم حاولوا اختطافه والده لكنهم فشلوا .. قضى منصور خمسة عشر عاما في السجن ظلما.

* حين طلبت منه ان يروي لي قصته مع النظام وسنوات سجنه ..مالذي حدث.. فهو قصة لايعرفها جيل الوحدة او من كانوااطفالا حينها, ونساها او تناساها من يعرفها ولاننا اردنا معرفة حكاية قهر تمثل نموذج بسيط للكثيرين في سجون النظام رد منصور راجح (القضية ببساطة انني كنت - وما زلت -مناضلا ضد هذه السلطة الغاشمة كتبت ، تنظمت ونظمت نشطت نقابيا على المستوى الطلابي....الخ حاولت السلطة اغتيالي ، كسري وتحطيمي ,وأردف قائلا هناك كم هائل من الاوراق والذكريات والهموم قصتي مع السلطة لم تنته ولن تنتهي الا بسقوطها وتقديم رموزها الى العدالة والحديث ذو شجون) بالنسبة له الذكريات مريرة لاشيء جميل في تلك السنوات التي قضاها في السجن لاجمال في السجون وظلمتها.. كأنه يهرب من الماضي يرفض تذكره مع انه لم ينساه,لكنه لازال يحمل في قلبه وذاكرته أشياء جميلة بعض من ذكريات ماضيه الحزين الملئ بالمعاناة .

ذكريات اصدقائه ,رفاقه , من وقف بجانبه في محنته .. خبزأمه .. حضنها.. وطنه وقريته يشتاق لأمه ,لايكفيه ذلك الصوت الحنون المتلهف لرؤيته لكنه النظام ولن نقول الأقدار حرمه من امه وحرمها من فلذة كبدها.. وحتى حرمه من وداع أبيه الذي مات بعد أربعة اشهر من مغادرته أرض الوطن الى المنفى ,يتذكر كيف أن سجانيه وهو في معتقله كانوا يصفونه " بالشيوعي / المخرب / الحزبي" ويضيف (هناك تفاصيل مؤلمة كثيرة كالاعتداء على عمي بالطعن بعد خروجه من السجن والاعتداءات على الزوجة واسرتها، وكذا بقية افرادالاسرة ، لقد كانت معركة قاسية جدا وطويلة بحيث يصعب عرضها بهكذا عجاله, مارسوا ضدي كل أشكال التعذيب الجسدي والنفسي بما في ذلك الانتظار اليومي للاعدام مدة خمسة عشر سنة , كانت تزورني امي وزوجتي واخوتي , بعد الوحدة اصبح بامكان الاصدقاء زيارتي وقدكان بعضهم يزورني - سراقبل الوحده,وبعد الوحدة زارتني وفود كثيرة من منظمات حقوق الانسان في الخارج ، على مستوى الداخل كان للمنظمات الابداعية دورا مهما في الحفاظ على حياتي خاصة اتحاد الادباء والكتاب الذي دافع عني من الايام الاؤلى لاعتقالي كذا نقابة الصحفيين ويواصل:في السبعينات والثمانينات كان الصراع عنيف جدا بين السلطة والمعارضة التي كان يمثلها في تلك الفترة الجبهة الوطنية الديمقراطية /حزب الوحدة الشعبية ,هذه القضية واحدة من قضايا ذلك الصراع ،وفي هذه القضية بالتحديد تعرت السلطة بوصفها سلطة قتلة ومزورين ولها تاريخ عريق في ممارسة الاغتيال وتلفيق التهم ،وقد خسرت في هذه القضية وانفضحت وما تزال تدفع الثمن وسوف تستمر في الدفع إلى أن تسقط)! لم ينس وهويروي لي ماقاساه وقوف افراحه رفيقة دربه بجانبه تسانده .. وتشد من أزره .. تكافح من اجل بقاءه على قيد الحياة في وقت اردوا له الموت, في ذلك اليوم الحزين من العام 98م يوم ودعه زملائه واصدقائه ومحبيه حين خرج من سجنه الى المستشفى ليوم واحد ثم الى الطائرة التي اقلته إلى منفاه كتب له عمر بشهادة ميلاد جديدة قالت لنا إن الأحرار يولدون مرتين ولايموتون ابدا فالتاريخ يحييهم..

* منصور شاعرنا الجميل إنها البوادر تلوح بالافق بأن شمس اليمن الذي تحلم بها ونحلم بها ستشرق وسينجلي ذلك الظلام .. وتعلم ان درب الاحرار لن يفرش وردا!! لست وحدك من ذاق مرارة الظلم ثق ان هناك الكثيرون غيرك.. فهم حين لايرضون عنا يبحثون لنا عن وطن لايسمعون فيه ضجيج احلامنا التي تزعجهم..وأمانينا التي تؤرقهم, وشتان بين احلامنا واحلامهم.. يحلمون بوطن يتملكونه و أموال يكنزونها.. بعبيد يذلونهم ويستعبدونهم ..ونحلم بالحرية بالديمقراطية ,بالوطن الجميل وبالعدالة..مجرد أحلام صغيرة ترمى احيانا بأصحابها غياهب المعتقلات وظلمات الزنازن,وغيبت انت خمسة عشر عاما ..لكنك لم ولن تغيب من تاريخ سيشهد ذات يوم ضدهم وانك كنت ومازلت حرا

تساءل في احدى كتاباته أثمة حرية؟ نقول له نعم ثمة حرية , ثمة امل

حين سالته هل يحلم بالعودة الى الوطن لم يجب واكتفى بإرسال قصيدة للشاعر العراقي يوسف الصائغ تقول :

انا شاعرا اكلت قلبه الكلمات

وضيعه حبه

 فاعني يا رب على كلماتي

اعطني نعمة الحب ، والصدق ، والعافية

لاحيا في وطني مرة ثانية

ويظل الشاعر منصور راجح يحلم بالعودة الى وطن خال من الاضطهاد والاستبداد .. وطن العدالة والمساواة.. وطن يتسع لاحلامه وطفله احمد يحلم بغد افضل باليمن الاجمل الذي يتسع لكل الناس ويؤكد" وسنواصل الكتابة والكفاح طول ما هناك دكتاتور.