بعد أن سلموا أنفسهم... ثلاثة من الفارين يقدموا معلومات عن عملية جديدة قبل تنفيذها.

الجمعة 03 مارس - آذار 2006 الساعة 05 مساءً / مأرب برس/ العربية نت
عدد القراءات 3961

أحبطت معلومات خطيرة حصل عليها الأمن اليمني من ثلاثة من الفارين من سجن الأمن السياسي بصنعاء (الاستخبارات) عملية هروب جديدة لعناصر من تنظيم القاعدة كانت ستنفذ في آواخر الأسبوع الماضي.

ونقلت مصادر صحفية ان خيوطا مهمة تجمعت لدى جهاز الأمن القومي (الاستخبارات العامة) الذي يتولى التحقيق في واقعة هروب 23 عنصرا من تنظيم القاعدة اليمني بينهم 13 من كبار القيادات، التي حدثت يوم الجمعة 3/2/2006، وأنها قد تودي بضباط كبار في جهاز الأمن السياسي المسؤول عن السجن الذي كان يحتجز فيه الفارون. وقال مصدر أمني إن ثلاثة من هؤلاء الفارين سلموا أنفسهم للسلطات اليمنية، وأنهم أدلوا بمعلومات تفيد بتورط أشخاص بجهاز الأمن، قدموا المساعدة في عملية الهروب الكبيرة وتقديم الدعم لها.ولا تزال واقعة الهروب الكبير تلقى بظلال كثيفة محلية ودولية حول قوة التنظيم في اليمن وامتدادته، واحتمالات تنفيذه أعمالا ارهابية ضد أهداف يمنية ودولية خصوصا في الخليج العربي والبحر الأحمر بسبب خبرات الفارين الكبيرة في تلك العمليات.

وأوضح المصدر أن جهاز الأمن القومي حقق مع عدد من ضباط وجنود سجن الاستخبارات، خاصة أن دقة حفر النفق من داخل غرفتين كانوا محتجزين فيهما، وتحديد الزوايا الهندسية لاتجاهاتها حتى وصولها إلى حمامات جامع النساء المجاور للسجن، يحتاج إلى توفير دعم فني من أشخاص على خبرة عالية.

وأضاف أن حفر النفق بدأ داخل السجن، والاحتمال الأكبر أنهم كانوا حريصين على ان يصل امتداده إلى جامع النساء في وقت يكون فيه خاليا من المصليات، وهذا لا يمكن توفره دون مساعدة من خارج السجن، لا سيما أن الحفر استغرق مدة طويلة مما يطرح استفهامات حول عدم ملاحظة حرس السجن لذلك.

  ليس من بينهم البنا وبدوي والربيعي وامتنع المصدر عن الاجابة عن ما اذا كان الثلاثة الذين سلموا أنفسهم قد أدلوا بمعلومات عن خط سير باقي الفارين مكتفيا بالقول "المعلومات المتوفرة لدينا تؤكد بقوة أنهم لا زالوا موجودين باليمن، لكن من الطبيعي أنهم بعد نجاح عملية الهروب قد تفرقت بهم السبل، وانطلق كل بمفرده".

  ليس من بينهم البنا وبدوي والربيعي وامتنع المصدر عن الاجابة عن ما اذا كان الثلاثة الذين سلموا أنفسهم قد أدلوا بمعلومات عن خط سير باقي الفارين مكتفيا بالقول "المعلومات المتوفرة لدينا تؤكد بقوة أنهم لا زالوا موجودين باليمن، لكن من الطبيعي أنهم بعد نجاح عملية الهروب قد تفرقت بهم السبل، وانطلق كل بمفرده".

وأضاف "ليس من بينهم أحد من القيادات الكبيرة التي كانت على رأس الفارين مثل بدوي أو البنا أو الربيعي، وهم عناصر عادية". وأشار إلى أن الفارين الآخرين لهم عمق كبير في القبائل اليمنية، ومعظمهم من أماكن بعيدة عن صنعاء، وأن هناك عملية استنفار كبيرة في اليمن وفي موانئها البحرية خوفا من قيامهم بتنفيذ عمليات في الخليج العربي والبحر الأحمر، خاصة أن هؤلاء لديهم خبرة كبيرة في مثل تلك العمليات.

وكان تقرير رسمي صدر عن اللجنة المكلفة بالتحقيق اتهم مسئولي السجن بالإهمال وعدم تفتيش الغرف, مشيراً إلى أنه تم إحالتهم للتحقيق تمهيداً لمسائلتهم على إهمالهم وتقصيرهم الواضح في أداء واجباتهم.

وقد عثرت اللجنة على الأتربة بكثافة في غرفتي المحتجزين، وأحد الحمامات التابعة لها، وقد وجدت كميات من الأتربة بارتفاع 30 سم تغطي أرضية الغرفة الأولى إلى جانب أكوام من الأتربة بإرتفاع مترين على مساحة ثلاثة أمتار، فيما كانت الغرفة الثانية مليئة بالأتربة المتراكمة.

كما وجدت أتربة متراكمة في الجهة الغربية للغرفة بارتفاع 3 أمتار وإلى جوارها ممر عرضه 30 سم يؤدي إلى حفرة في زاوية الجهة الشرقية الجنوبية بعمق 3 أمتار.

وفي قاع الحفرة باتجاه الجنوب نفق إرتفاعه 60 سم وعرضه 80 سم وطوله 44 متراً وينتهي بأحد حمامات مصلى النساء في جامع الأوقاف المجاور لمبنى الأمن السياسي (الاستخبارات) من الجهة الجنوبية وهو الذي هرب منه السجناء.

وتبين له من خلال المعاينة أن السجناء الفارين استخدموا لحفر النفق أدوات بدائية كانت عبارة عن مقابض لأوعية حفظ الأكل وملعقة طبخ, إلى جانب العثور على وعاء بلاستيكي سعة 20 لترا مفتوحة من أحد جانبيها يتدلى منها حبلان من القماش طول كل منهما 44 متراً إلى جانب وعائين سعة 10 لترات للواحد، استخدمهما الهاربون لنقل التراب من النفق، وكانوا يفرغانه في غرفتي الزنزانة ويقومان ببله بالماء، ومن ثم توزيعه على أنحاء الغرف المحتجزين فيها، بالإضافة إلى أن أحد الحمامات الثلاثة الموجودة بالزنزانات مملوء بالأتربة حتى السقف تقريباً وهو التراب الذي كانوا يستخرجونه من النفق.

  أربع كرات قدم استخدمت للتنفس :

  أربع كرات قدم استخدمت للتنفس :

وأشار التقرير إلى أنه عثر على عصاتين لمكنستين قصيرتين في رأس كل منهما جزء معدني حاد وأجزاء لمروحة مبعثرة وجردل مربوط به حبل قماش، وأربع كرات قدم استخدموها للتنفس عند الحفر وعند الهروب من النفق.

وتمت عملية الهروب عبر منفذين في مصلى النساء أحدهما يتجه إلى صرح الجامع، والآخر باتجاه الأرضية المجاورة لسور الأمن السياسي.

وأكد تقرير لجنة التحقيق أن عملية الحفر استغرقت وقتا طويلا بسبب أن الأدوات المستخدمة بدائية وبسيطة, وبدأوا بحفر نفق بعمق 2.87 متر وبانحراف إلى ناحية الشرق بمقدار 90 درجة وطول 3 أمتار، وبعدها انحرف إلى اليمين ثم باتجاه الجنوب بزاوية 110 درجات، وفي المنتصف انحرف بزاوية مائلة إلى اليمين لخلخلة الهواء ما يشير إلى دقة التخطيط والتنفيذ.

من بين العناصر القيادية الهاربة، جمال بدوي وجابر البنا، واللذان قام مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي بادراج اسميهما ضمن قائمة أبرز الإرهابيين المطلوبين في العالم، وفواز الربيعي أبرز المتهمين في قضية تفجير ناقلة النفط الفرنسية والتفجيرات التي شهدتها صنعاء في الفترة الماضية والمحكوم عليه بالاعدام، اضافة إلى شخصين آخرين يدعى أحدهما العمدة والآخر يلقب بالوجيه".

وذكرت مصادر يمنية أن السلطات الأمريكية تعرض حاليا 5 ملايين دولار لمن يقبض على البنا وبدوي، أو يدلي بمعلومات حول مكان تواجدهما.

ويتهم البدوي من قِبل هيئة المحلفين الكبرى الاتحادية الأمريكية بأنه العقل المدبر لعملية الهجوم على المدمرة الأمريكية (يو إس إس كولِ) في أكتوبر 2000 في عدن.

وكانت محكمة يمينية قد حكمت على البدوي في سبتمبر/أيلول عام 2004 بعقوبة الإعدام بتهمة التخطيط للهجوم الذي أودى بحياة 17 بحاراً أمريكياً وإصابة 39 بجراح، إلا أنها خففت الحكم لاحقاً.

وكان البدوي قد قاد عملية هروب من سجن المنصورة في عدن صباح يوم الجمعة الموافق 11/4/2003م لتسعة من المتهمين معه في قضية كول بعد حفر حفرة في دورة مياه السجن قبل أن تتمكن أجهزة الأمن من القبض عليهم واعادتهم إلى سجن الأمن السياسي بصنعاء وتقديمهم إلى المحاكمة.

أما جابر البنا فقد اتهم في "بوفاللو" بنيويورك بتقديم الدعم الماديِ لعناصر القاعدة وحضور التدريب في معسكر الفاروق الذي كان يديره زعيم القاعدة أسامة بن لادن في أفغانستان قبل هجمات سبتمبر2001 .

وتعتقد السلطات الأمريكية أن البنا الذي اعتقل في اليمن في 2003 كان ضمن خلية نائمة في "لاكوالا" بنيويورك ضاحية "بوفاللو" التي حضر أعضاؤها معسكراً تدريبياً في افغانستان.

أمريكا تبحث عن مكان البنا لاعتقاله

وحسبما كانت الأنباء قد نقلت في الأسابيع الماضية، فقد صرح الناطق باسم مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي، ريتشارد كولكو، أن البنا (39 عاما) "يعد من الخطرين ويمثل تهديداً على الولايات المتحدة ومصالحها. ويعمل مكتب التحقيقات الفيدرالية مع شركائه المحليين والدوليين لتحديد مكانه واعتقاله".

وكان العضوان البارزان في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور كارل ليفن، الذي يمثل ولاية ميشيغان والسيناتور تشارلز شومر من ولاية نيويورك، وهما من الحزب الديمقراطي المعارض، قد عبرا عن غضبهما الشديد، حيال ادارة الرئيس جورج بوش بسبب ما وصفاه "الرد الفاتر" على حادث هروب 23 من عناصر «القاعدة» من سجن الأمن السياسي في اليمن.

وقالا إن ما حدث ليس مخيبا للأمل فقط، بل أكثر من ذلك بكثير، وأن رد الحكومة الأميركية هو المخيب للآمال. وأبديا في مؤتمر صحافي في واشنطن، استغرابا من كيفية الهروب من سجن تحت الأرض محروس جيدا عبر نفق، بلغ طوله 460 قدما، حفر من مسجد مجاور.

ونوه السيناتور ليفين، وهو عضو في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، إلى أن بين الهاربين جمال البدوي الذي يوصف بأنه العقل المدبر في التآمر والمساعدة على تفجير المدمرة الأميركية "يو.إس.إس.كول" في ميناء عدن عام 2000.

تساؤلات عن الحفر الهائل دون اكتشافه

وقال ليفين إن هناك أسئلة يجب على حكومة الرئيس بوش، أن تحصل على إجاباتها، ومن بينها ملابسات الهروب، وكيف حدث ذلك الحفر الهائل للنفق؟ ولماذا لم يتم اكتشاف عملية الحفر قبل الهروب؟ ومن هم الشركاء الخارجيين في عملية الحفر من داخل المسجد؟ وهل هناك شركاء متواطئون داخل الاستخبارات اليمنية في عملية الهروب"؟

وأضاف "نريد أن نعرف ما إذا كانت الاستخبارات اليمنية مخترقة من قبل متعاطفين مع القاعدة؟». واعتبر أن "الأهم من كل هذا ليس الرد القوي فقط على ما حدث، بل الضغط الجدي على الحكومة اليمنية، لقبول مساعدة أميركية (في التحقيقات)، لأنه لم يكن واضحا من تصريحات الناطق باسم الخارجية، ما إذا كانت واشنطن قد ضغطت على صنعاء، لقبول فريق تحقيق أميركي أم لا، رغم أن الناطق أبدى استعداد واشنطن لتقديم المساعدة في حال تلقيها طلبا من الحكومة اليمنية بذلك".

تطور مثير للرعب

من جانبه وصف السيناتور شومر، وهو عضو في اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ، هروب السجناء بأنه تطور مثير للرعب، والأكثر إزعاجا من ذلك هو "أن تهز حكومتنا كتفيها وتصف ما حدث بأنه مخيب لآمالها".

وشدد ليفين على أنه في حالة الهروب يجب أن تقدم الدولة التي هرب السجناء منها، ضمانات فورية بأنها ستحقق في كيفية حدوث الهرب، ومحاسبة المتورطين من مسؤولي ذلك البلد، وقبول المساعدة المعروضة عليهم من قبل أناس ذوي خبرة في سبيل إعادة إلقاء القبض على الفارين.

وكرر ليفن مطالبته للحكومة الأميركية بالضغط على الحكومة اليمنية، لقبول مساعدة مكتب المباحث الفيدرالية (إف.بي.آي)، مثلما فعلت بعد تفجير المدمرة كول في ميناء عدن في الثاني عشر من أكتوبر (تشرين الأول) 2000.

وردا على سؤال حول طبيعة الضغط المطلوب هل من المفترض أن يقتصر على الجهد الدبلوماسي أم أكثر من ذلك، قال شومر يمكن أن يتم بأي شكل من الأشكال، غير هز الكتفين والاكتفاء بالقول "لقد خاب أملنا".

واستطرد السيناتور ليفن: "على وزيرة الخارجية، أن ترفع سماعة الهاتف وتقول (لليمنيين)، إن هذا الأمر خطير جدا جدا بالنسبة لنا، إننا نريدكم أن تدركوا بأننا لا نعرض المساعدة فقط لجمع الأدلة حول كيفية حدوث الهروب، بل إننا نطلب منكم أن تسمحوا لنا بالمجئ إلى بلادكم، والانضمام إليكم من أجل إعادة إلقاء القبض على هؤلاء".

وأعاد ليفين التذكير بأن عددا كبيرا من العائلات الأميركية، ما زالت حزينة على أقاربها من البحارة، الذين قتلوا في الهجوم على المدمرة كول، وان "القاعدة" هي التهديد الأكثر خطورة الذي يواجه الأميركيين، وقال "علينا أن نواجه هذا الخطر بالأفعال، وليس بالأقوال والخطابة فقط".

وعلى عكس تعليق البيت الأبيض والخارجية الأميركية الذي وصفه أعضاء في الكونغرس الأميركي بـ"الفاتر"‏، كان وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد قد أفصح عن قلقه البالغ لهروب عناصر من أعضاء "القاعدة" من سجنهم في اليمن، محذرا من أ‏ن الحادث يمثل «مشكلة خطيرة".

وقال في حديث أدلى به للصحافيين عقب إدلائه بشهادة أمام لجنة الميزانية في الكونجرس‏‏ "إن الأفراد الهاربين كانوا متورطين بصورة كبيرة في نشاطات القاعدة‏، ولبعضهم صلة مباشرة بالهجوم على المدمرة (كول) ومقتل بحارة أميركيين كانوا على متنها‏، لذلك فإن هروبهم يمثل مشكلة خطيرة».

حيطة وحذر من السفن الأمريكية

وكانت محطة "سي إن إن" الأميركية قد نقلت في وقت سابق عن مسؤولين في البحرية الأميركية أن أوامر صدرت للسفن الأميركية في المنطقة باتخاذ جوانب الحيطة والحذر لأن الفارين يتمتعون بخبرات في استهداف السفن الكبيرة على غرار ما حدث لـ"كول".