صحف اليمن تستعد "للصيام" في رمضان

السبت 29 يونيو-حزيران 2013 الساعة 05 مساءً / صحيفة مأرب برس - مأرب الورد
عدد القراءات 3514
 
 

تواجه الصحافة المطبوعة في رمضان تحدياً كبيراً يتمثل بعزوف جمهور القراء في اليمن عن شرائها والانصراف للعبادة وقراءة القرآن والكتب الدينية ومشاهدة القنوات الفضائية في المساء، وهو ما يلقي بظلاله على مبيعاتها حتى بعد تخفيض أعداد النسخ المطبوعة .

وإذا كان رمضان سوقاً نشطاً لأصحاب المكتبات ودور النشر لبيع الكتب والمراجع الفكرية والثقافية، فإنه في المقابل يصيب الصحافة بموجة كساد تقل معها المبيعات وتمنى بخسائر تعجز فيه عن سداد أجور موظفيها ونفقات طباعتها .

ولمواجهة هذا التحدي الاستثنائي يلجأ ملاك وناشرو هذه الصحف لتقليل عدد الكميات المطبوعة وصفحات الصحيفة نفسها، ويبتدع آخرون إصدار ملاحق تحتوي على معلومات دينية وفكرية وتاريخية، فضلا عن تنظيم مسابقات بجوائز قيمة، بينما تصدر الصحف الرسمية كصحيفة الجمهورية اليومية ملحقا يوميا لكتاب مختار طوال أيام الشهر .

وتزخر الأكشاك والمكتبات بإصدارات صحفية بالعشرات ما بين صحيفة يومية وأسبوعية إلى مجلات ودوريات شهرية، بالتزامن مع ارتفاع سقف الحرية بعد عملية التغيير التي حصلت في البلاد على إثر الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق علي عبدالله صالح أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2012 .

ويرجع صحفيون عزوف القراء في رمضان عن مطالعة الصحف إلى أسباب معروفة، بعضها مرتبطة بخصوصية الشهر، والبعض الآخر موضوعية خاصة بالصحف نفسها، مشيرين إلى أن لكل شيء فترة كساد ورمضان يمنح الصحفيين فرصة للاستراحة مؤقتا من الصراعات والدوران في فلك السياسة .

 

ويرى الصحفي عزوز السامعي، الذي يكتب بصفة شبه منتظمة بصحيفة "الجمهورية"، أن مشكلة كساد الصحافة في شهر رمضان ترتبط عادة بمزاجية القارئ الناجمة عن وضعه النفسي غير المستقر نظرا لباعث الجوع نهارا والانشغال بمطالعة البرامج الرمضانية التلفزيونية ليلا .

ويقول السامعي في حديث لمراسل " الأناضول" إن الخيارات أمام الصحف محدودة ولكن البديل يمكن يكون من خلال استحداث ملاحق خاصة تحوي أصناف الأطعمة ودروس عن أشهر المطابخ .

وتشير تجارب السنوات السابقة إلى أن نسبة توزيع الصحف تقل بنسبة 30% في شهر رمضان، وهو ما يؤثر سلبا على ملاكها في تدبير أمورهم المالية، لاسيما وأن الأعداد المطبوعة قليلة أساساً إلى جانب تقلص مساحة الاعلانات التي تستأثر بها القنوات الفضائية .

ومع تزايد أعداد القنوات الخاصة بموازاة القنوات الحكومية هذا العام، ستزداد معاناة الصحافة ربما أكثر من الأعوام السابقة، علاوة على أن مبيعات الصحافة في الأيام العادية ليست على ما يرام والعلاقة مع القارئ محدودة، بحسب السامعي .

ويجد القراء القلائل الأوفياء لمطالعة الصحف أنفسهم محاصرين برمضان بين نهار يتقاسمه النوم والعمل وليل يأخذه ساعاته في حضور المسابقات والموشحات ومشاهدة المسلسلات والبرامج النوعية .

الكساد الذي يصيب الصحافة ينطبق على المتخصصة منها وبالذات الرياضية, ويقول على الحملي, رئيس تحرير صحيفة "الرياضة" الأسبوعية الصادرة عن مؤسسة الثورة للصحافة (رسمية) بصنعاء أن هيئة التحرير تلجأ لتقليل الصفحات والكميات المطبوعة .

لكنه مع ذلك يؤكد في حديث مع مراسل "الأناضول" أن صحيفته وبحكم اهتمامه بهواية مفضلة لدى قطاع عريض من الجمهور وتحديدا الشباب منهم لا يمكن أن تحتجب كبعض الصحف بسبب دخول المنافسات المحلية مراحل حاسمة في هذا الوقت وهو ما يستدعي مواكبة تغطيتها .

وحول البدائل التي يتخذوها لجذب القراء، يوضح أن الصحيفة اعتادت أن تنظم مسابقة سنوية برعاية الإدارة المختصة بوزارة الشباب والرياضة .

صيام السياسيين عن الكلام والتصريحات الرنانة أيضا انعكس بحسب مراسل "الأناضول" على انخفاض بورصة صناعة الأخبار حيث كان يكفي تصريح واحد لأحد القادة أو الشخصيات المثيرة للجدل أن يخلق مادة دسمة لهذه الصحيفة أو تلك, وحتى ينتهى الشهر الفضيل وعودة الساسة لإطلاق قذائفهم في مرمى خصومهم يتعين على الصحافة أن تجهد نفسها للمحافظة على قرائها وترغيبه بمغريات كثيرة .

وبالمثل يعاني أصحاب الأكشاك والمكتبات من ركود بيع الصحف والمجلات في شهر رمضان، وهم بذلك يشتركون مع ملاك الصحف في الخسارة، حيث تنخفض مبيعاتهم ويتقلص جمهورهم بشكل كبير .

ويقول محمد، وهو مالك مكتبة "اليمامة" لبيع الصحف والمجلات بأحد شوارع صنعاء إن البيع ينخفض في رمضان أكثر من الشهور الأخرى، وبالكاد يستطيع تغطية نفقات الإيجار والمصاريف الشخصية جراء الركود .

ويضيف في حديث لمراسل "الأناضول" أن البدائل أمامه لتعويض نقص جمهور الصحافة محدودة، حيث يلجأ لشراء كميات كبيرة من المصاحف اليدوية والمسابح والمطويات المتعلقة برمضان لبيعها للزبائن .

أما القراء فلهم خياراتهم أيضا، ويقول القارئ فارس الشعري إن أجواء رمضان تختلف عن غيره، وبالتالي فإن أولوياته لم تعد كما كانت، ومن بينها عدم مطالعة الصحف كونها لا تضيف جديداً برمضان، وهو يتفرغ لقراءة القرآن والكتب الدينية .

ويرى أن أوقاته مقسمة نهاراً بقراءة ورده اليومي من القرآن ومطالعة كتب الفكر وسير الصالحين وليلاً متابعة البرامج والمسابقات، مضيفاً أن "رمضان ليس مناسباً للانشغال بصداع السياسة ولا الأحداث المقلقة، نحن بحاجة للهدوء قليلاً والتفرغ لتقوية إيماننا, فقد ألهتنا الدنيا كثيراً ".

بدور، يصف مجيب الحبيشي نفسه في رمضان بأنه إنسان يميل للهدوء ولا يفضل تكرار ما كان يفعله في الشهور الأخرى في أيام رمضان لأنه شهر التغيير ومن الأولى تغيير العادات .

ويقول في رده على سؤال عمّا إن كان يقرأ الصحف أم لا، أجاب: "أنا اكتفي إذا أردت متابعة الشأن السياسي بالقنوات الاخبارية أو المواقع الالكترونية، ولم يعد هناك حاجة لشراء الصحف".

 
إقراء أيضاً
اكثر خبر قراءة السلطة الرابعة