حصول الحوثيين على السلاح " المتوسط والثقيل " كان من أكبر المشاكل التي واجهها الجيش

السبت 21 إبريل-نيسان 2007 الساعة 06 صباحاً / مأرب برس ـ ابوبكر ناجي
عدد القراءات 7117

مرة أخرى وجدت السلطات اليمنية نفسها في مواجهة مباشرة مع ظاهرة تجارة وحيازة السلاح في قرار صنعاء الأخير تنفيذ خطة لجمع السلاح الثقيل والمتوسط من الأسواق والقبائل مع استمرار المواجهات المندلعة في صعدة بين الجيش والحوثيين المتهمين بالتمرد وتنامي فاتورة الخسائر المادية والبشرية في هذه الحرب التي يجمع الكثيرون على أنها أرهقت الجيش ولم تحقق أهدافها رغم مضي أكثر من 3 أشهر من اندلاعها .

وكان إقرار مجلس الدفاع الوطني الأعلى وهو أعلى هيئة عسكرية في اليمن ويرأسه الرئيس اليمني علي عبد الله صالح خطة لجمع الأسلحة واحدا من بين سيناريوهات عدة مطروحة لإنهاء أزمة الحرب الدائرة في صعدة واكتسب أهمية أكبر مع تزامنه مع النصائح البريطانية والأوروبية إلى صنعاء بوضع حد لهذه الحرب لاسيما مع دخولها شهرها الرابع من دون حسم نهائي .

ورغم أن صنعاء ظلت ترفض أي تدخل خارجي في الأزمة التي تقول إن قوى إقليمية تديرها في إشارة إلى دور إيراني ليبي لدعم تمرد الحوثي إلا أنها أبدت وللمرة الأولى ليونة تجاه نصائح بريطانية بالبحث في مصادر السلاح المغذي للمواجهات مع الحوثيين.

وجاءت التساؤلات البريطانية والأوروبية في سياق أسئلة عن واقع ظاهرة وتهريب السلاح في اليمن إلى التسريبات التي تتحدث عن عمليات اختراق لترسانة السلاح الثقيل المملوك للدولة استنادا إلى أنظمة السلاح الثقيل التي اعترفت السلطات بوجودها لدى الحوثيين فيما هي لا توجد إلا لدى الجيش .

وبدت صنعاء مع استمرار وتيرة الحرب في موقف حرج للغاية مع ظهور تقارير تتحدث عن أن الحرب في صعدة أنعشت تجارة السلاح وتزايد المخاوف الأمريكية والأوروبية من إمكان استفادة الجماعات التي تهدد مصالحها من هذه الفورة .

وبالمقابل فقد عزز استمرار المواجهات في صعدة المخاوف لدى السلطات من أن يؤدى ذلك إلى استنزاف قدرات الجيش في معركة تجرى تغذيتها بصورة دائمة بالسلاح المهرب فضلا عن الخسائر السياسية التي تهدد حزب المؤتمر الحاكم في الانتخابات النيابية المقبلة مع تنامي أعداد ضحايا المواجهات التي تفيد تقارير غير رسمية أنها تعدت الألفي قتيل وجريح في حرب بات الشارع اليمني يعتقد أنها عبثية وغير مبررة.

واعترفت السلطات اليمنية في غير مرة بتدفق السلاح الثقيل والمتوسط والذخائر إلى صعدة عبر سماسرة وتجار سلاح بالاستفادة من انتشار هذه التجارة في العديد من المحافظات القريبة من صعدة فضلا عن ضبطها العديد من الشحنات التي كانت في طريقها إلى الحوثيين أو في مخازن السلاح التي عثر عليها بعد مداهمة معاقل المتمردين في مناطق صعدة .

وقد أكد مسؤولون عسكريون أن حصول «المتمردين» على إمدادات بالسلاح المتوسط والثقيل والذخائر طوال الأشهر الماضية كان من أكبر المشاكل التي واجهها الجيش مما جعل القضاء على هذه البؤرة عاملا مهما في حسم المواجهات نهائيا وضمان عدم تجددها .

سبعة ملايين قطعة سلاح

يتفق اليمنيون والأوروبيون على خطورة انتشار السلاح في اليمن وضرورة مكافحته لاسيما أن التقارير الدولية تشير إلى أن معدل التسلح في اليمن اليوم يساوي نصف معدل التسلح في الولايات المتحدة الأمريكية مما يضع البلد أمام فوهة بركان .

وقد جاءت خطة مجلس الدفاع الأعلى بجمع السلاح على مراحل تبدأ الأولى بجمع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والمفرقعات من الأسواق اليمنية ومناطق القبائل لضمان السيطرة على الحرب الدائرة في صعدة من جهة ومن جهة ثانية التقليل من مخاطر وقوع السلاح بيد أية جماعات أخرى مستقبلا.

وسيتم وفقا لذلك تحديد مراحل زمنية لجمع السلاح من المحافظات وفقا لاولويات أمنية بالتزامن مع خطة لمنح التعويضات لمالكي الأسلحة لضمان انجازها من دون خسائر .

وجاء ذلك وفقا لدوائر قرار يمنية استنادا إلى التواجد الكبير لقطع السلاح بأنواعه في اليمن بما فيها المتوسطة والثقيلة التي ورثها اليمنيون من نشاط تجارة السلاح إلى التركة التي خلفتها الحرب الأهلية في اليمن صيف العام 94 والتي كانت مخازن السلاح فيها في متناول المشاركين في الحرب من رجال القبائل والجنود وتجار السلاح.

وتقدر دراسات إجمالي قطع السلاح في اليمن بحوالي سبعة ملايين قطعة سلاح منها 5.5 مليون قطعة في أيدي أفراد القبائل والباقي موزع على شيوخ القبائل والأسواق ورجال الدولة .

صعوبات على الطريق

ورغم الآمال في أن تحد الخطة الجديدة من معدلات التسليح العالية إلا أن بعض الدوائر تتحدث عن صعوبات ستواجهها صنعاء ، إذ لم تستطع أية حكومة على مدى التاريخ الحديث لليمن الحد من ظاهرة حيازة وتجارة السلاح رغم مشكلاتها الكبيرة إبقاء مناطق مترامية من البلاد خارج نطاق السيطرة الأمنية ناهيك عن تسببها في انتشار معدلات الجريمة وتغذية بؤر العنف القبلي واتساع ظاهرة الثأر .

وسبق للسلطات اليمنية بالتعاون مع الإدارة الأمريكية تنفيذ خطة مشابهة للحد من تجارة السلاح في أعقاب هجمات سبتمبر وبلغت قيمة السلاح الذي تم شراؤه من المواطنين ورجال القبائل حوالي 9 مليارات ريال يمني فضلا عن السلاح الذي تولت السفارة الأمريكية بصنعاء شراءه بصورة مستقلة تحسبا من وصوله إلى يد الإرهابيين .

لكن هذه التحركات لم تؤثر كثيرا على واقع تجارة السلاح في اليمن وظلت عشرات الأسواق تمارس نشاطها رغم التضييق الرسمي عليها فيما أخذت الظاهرة بعدا آخر في الاتهامات التي وجهتها منظمات دولية إلى اليمن باعتبارها «إحدى بؤر تهريب السلاح إلى الصومال وذات سمعة سيئة في تهريب السلاح «إلى افتقادها إلى «نظام مخزني للحفاظ على مشترياتها الرسمية من السلاح».

وتعترف السلطات اليمنية بأن تجارة السلاح في اليمن ذات أبعاد معقدة ومرتبطة بالحياة اليومية للسكان خاصة في الأرياف ومناطق القبائل التي تنتشر فيها ظاهرة الثأر والصراعات القديمة مما يضع السلطات أمام فوهة بركان وهو ما حاولت السلطات اليمنية تجنبه طيلة السنوات الماضية .

ويزيد من الصعوبات الحجم الكبير للسلاح المخزن لدى المواطنين وسكان القبائل وفي الأسواق فضلا عن انتشار أنماط مختلفة ومتعددة من السلاح الثقيل لدى زعماء القبائل حيث يوجد وفق تقارير أوروبية 100 شيخ رئيسي يمتلك كل واحد منهم مخزونا احتياطيا من الأسلحة الصغيرة يصل إلى حوالي الف قطعة سلاح، كما يوجد 1000 شيخ ثانوي يمتلك كل منهم 40 قطعة سلاح وحوالي 5.500 آخرين يمتلك كل واحد منهم ثماني قطع ليكون إجمالي التقديرات مجتمعة 184 ألف قطعة سلاح، تمثل الممتلكات الجماعية من الأسلحة الصغيرة لدى قبائل اليمن.

المكاسب والخسائر

وبعيدا عن الصعوبات التي يتوقع أن توجهها السلطات في خطة جمع السلاح فان بعض الدوائر السياسية يرى أن صنعاء تمكنت بهذا القرار من وضع يدها على جذر مشكلة المواجهات الدائرة في صعدة منذ العام 2004 ، من جهة ثانية أوجدت الغطاء الشرعي لاستمرار طول أمد الحرب كما أتاح لها تأييدا دوليا تجاه ظاهرة تجارة السلاح قد يساعد في توفير تمويلات مالية لتغطية تكاليفها التي يعتقد أنها باهظة .

وعلى خلاف ذلك ثمة من يرى أن لجوء صنعاء لهذه الخطة لم يكن سوى رسالة تهدئة إلى الخارج إزاء استمرار الحرب في صعدة كما هي رسالة تهدئة إلى الداخل ومحاولة لتبرئة ساحة الجيش من الاتهامات الداخلية بالفشل بحسم هذه المواجهات فيما هي تدرك ان الظاهرة مقعدة ويصعب حلها على المدى القريب.

 عن ألاقتصادية