الصحفي اليمني.. حقوق غائبة ونقابة هزيلة

الثلاثاء 26 مارس - آذار 2013 الساعة 10 مساءً / مأرب برس - نايف الجرباني
عدد القراءات 2373

واقع الصحفي اليمني واقع مرير يفتقد لأبسط مقومات الحياة الصحفية ، واقع يؤثر على إبداعه و أدائه , فلا مكان للإبداع في ذهن شخص يفكر في رغيف الخبز ، فالصحفي اليمني يواجه الكثير من التحديات التي تثقل من كاهله وتجعله أسيراً للرياح التي تثنيه أو تكسره.. الصحفي اليمني واقعه مرير وطموحه كبير لكن طموحه تبدد امام واقعه الذي سلب منه كل حقوقه المتعارف عليها في كل دول العالم.

مارب برس استطلعت أراء عدد من الصحفيين اليمنيين لمعرفة حجم المعاناة التي يعانونها وما هي الحقوق التي يحصلون عليها وما هو واقعهم مقارنة بزملائهم خارج اليمن.

وليد ابلان رئيس تحرير صحيفة المواطن قال بان الصحفي اليمني يعيش ظروف معيشية واقتصادية صعبة جدا مقارنة بزملائه الصحفيين العرب ، نتيجة انعدام العمل المؤسسي في الصحافة اليمنية ، وغياب المؤسسات الصحفية الأهلية الكبرى القادرة على توفير وضع مادي ومعيشي مناسب للصحفي ، يجعله قادرا على التفرغ والعمل بمهنية عالية .

واضاف " إذا قارنا الوضع المادي والمعيشي للصحفيين اليمنيين العاملين في وسائل الإعلام الخارجية سنجدهم أفضل بكثير من أوضاع الصحفيين العاملين في وسائل الإعلام المحلية الرسمية والأهلية ، صحيح هناك مؤسسات إعلامية أهلية بدأت بالظهور ، لكنها لا تزال في بداية مشوارها وتحتاج إلى وقت كبير لتكون مؤسسات نموذجية وكبيرة .

واعتقد ابلان أن الاعتداءات بحق الصحفيين لن تتوقف وستتعامل معهم الأجهزة الأمنية بقمع ووحشية ، طالما استمر الضعف النقابي والتضامن بين الصحفيين أنفسهم معدوم .

واشار الى ان هناك بعض الحقوق التي التزم بها الدستور اليمني ، لكنها لا تكفي ولا تطبق ، بل تم مخالفة الدستور ، وتم إنشاء محكمة خاصة لمحاكمة الصحفيين ، رغم منع الدستور نصا وروحا إنشاء أي محكمة خاصة تحت أي مسمى .

ولفت ابلان الى ان هناك قصور وضعف كبير في أداء النقابة ، والنفس الحزبي موجود وواضح في أداء بعض أعضاء المجلس ، لكن لا يمكن ان نحمل النقابة وحدها ، المسؤولية الكاملة عن هذا الضعف والقصور .. مشيرا ال ان النقابة التي لا يتضامن معها أعضاها ولا يلتزموا بقراراتها وببناتها ، حتما ستكون هزيلة وضعيفة ، ويتحمل الصحفيين من أعضاء النقابة جزء كبير من هذا الإخفاق .

صادق الشويع رئيس تحرير صحيفة شبابيك اشار الى ان تعامل السلطات الأمنية مع الصحفيين لم يختلف ، فالصحفي متهم في نظر الأمن قبل الثورة وبعدها ـ حسب وصفه ـ

واكد ان نقابة الصحفيين كل ما تستطيعه في التعامل مع الانتهاكات الاعلامية إصدار بيان إدانه شأنهم شأن باقي الجهات العربية العتيقة وأهمها الجامعة العربية .. منوها الى انها لم تقدم للصحفيين بل قدمت للمحسوبين والمعروفين حيث والمعايير في تقديمها للتدريب والخدمات وغيره لم تدخل باب النقابة.

وتطرق الشويع الى ان وضع الصحفيين لن يكون له مكان في الدستور القادم لأنه لا يوجد من يمثلهم بين من سيرسمون خطوط الدستور، مؤكدا ان الحديث سيظل عن الصحافة وليس عن الصحفي.

الصحفي .. المضحي المهمش


مدير عام الإعلام والعلاقات العامة بمحافظة البيضاء عارف علي العمري لفت الى ان الصحفيين وحدهم من يضحون بكل شيء ويقصون من كل شيء .

وأشار إلى الحال وصل بهم إلى إقصائهم من مؤتمر الحوار الوطني وكأنهم أصفارا لا وجود لهم في معادلة ثورة الشباب الشعبية السلمية في اليمن, والواقع يقول انه لولا الإعلام الحر الذي استطاع ان يكشف الحقائق وان يجعل المخلوع يسبح في بركة الدم تحت أضواء الإعلام لما وصلنا اليوم الى ما وصلنا إليه من مرحلة متقدمة تحقق فيها بعض مطالب الثورة وبقي البعض الأخر.

وأكد ان هناك قوانين في الدستور اليمني تنظم حرية الصحافة إلا أنها وللأسف تذكر القوانين التي تقيد حرية الصحفي ولا تعطيه شيء من الحرية في مقابل تلك القوانين التي تحشره في زاوية ضيقة .. مشيدا بتعامل الدولة بعد ثورة الشباب فحرية الصحافة أصبحت تعبر عن كل اتجاه .

خالد السودي الصحفي والكاتب اليمني المقيم في القاهرة قال إن الصحفيين ليسوا بحاجه للاستجداء والى التمثيل في مؤتمر الحوار فلديهم القدرة للتعبير عن رؤيتهم في وسائلهم الإعلامية وعبر مداد أقلامهم والحقيقة التي تنطق بها ألسنتهم.

واشار الى أن هناك حقوق خلاًّقه للصحفي اليمني لكنها ككل شيء في البلد حبر على ورق لافتا الى إن المشكلة هي احترام القانون وفهم روحه وفحواه.

ونوه السودي الى أن النقابة تحاول القيام بدور ما لكنها دوما كالمستجير من الرمضاء بالنار...داعيا قيادتها للتجرد من اي انتماءات والانتماء الى المهنة فقط والبحث عن مصادر تمويل ذاتيه حتى لا تكون مرتهنة لأي جهة كانت لتتمكن من حماية حقوق الصحفي والدفاع عنها.

حقوق الصحفيين بعد الثورة كما قبلها " شائع دليلا "


الصحفي الشاب فخر العزب قال " لا شك أن وضع الصحفي اليمني يكاد يكون الأسوأ مقارنة بأقرانه في الدول الأخرى وخاصة في الجانب الحقوقي , حيث يتعرض الصحفي اليمني للاعتقال والخطف وإصدار الأحكام التعسفية بحقه بين الفينة والأخرى نتيجة للرأي أو للقضايا التي يتناولها والتي تعتبر محرمة من وجهة نظر أصحاب النفوذ في الدولة, ومع وجود قانون صحافة يعتبر من حيث النص من أفضل القوانين إلى حد ما إلا أنه يظل يعاني من مسألة تطبيقه على أرض الواقع, كما أن معظم مواد هذا القانون قد قيدها المشرع بعبارة "في حدود القانون" والتي يقوم بتأويلها وفقاً لهواه.

واكد العزب بأن وضع الصحفي اليمني لم يتحسن بعد الثورة بدليل أن الثورة للأسف ظلت عاجزة عن الصحفي عبد الإله حيدر ــ على سيبل المثال لا الحصر ــ وهو المسجون في سجون الدولة تعسفاً, كما أن العديد من الصحفيين قد تعرضوا للانتهاكات في فترة الثورة وما بعدها.

وتابع " لا نلحظ دوراً فعلياً لنقابة الصحفيين التي تكتفي بتنظيم الوقفات الاحتجاجية في الوقت التي يجب أن تكون النقابة الأولى في البلد باعتبارها نقابة نخبة المجتمع من صانعي الرأي وحملة الأقلام الحرة".

وأشار العزب الى ان مكان الصحفيين في مؤتمر الحوار مثل بقية الفئات النخبوية والتي تم تهميشها ويكفي أن نعرف أن عدد المشائخ المشاركين في الحوار أكثر بأضعاف مضاعفة من الصحفيين لندرك أننا ما زلنا نسير على نفس النهج الذي لا يحترم نخبة المجتمع بقدر احترامه لجهلائه.

الصحفية والناشطة الحقوقية سمر العريقي أكدت بان الصحفي اليمني مهضوم حقه ولا يصل لمستوى الصحفيين العالميين ماديا أو معنويا مشيرة إلى انه لا يوجد وعي مجتمعي يقدر أهمية الصحفي وانه يبحث عن الحقيقة ويعرض حياته للخطر لأجل الحقيقة لهذا الحقوق والحريات في اليمن ليست بالمستوى المطلوب.

وتفاءلت العريقي بان الصحافة في اليمن ستصل للمستوى المطلوب في السنوات القادمة فالدول المتقدمة كانت كما نحن عليه .. لافتة الى ان الصحافة اليمنية تتميز باختلاف الاراء وهذا ظاهرة صحية تبعث الأمل .

التعامل مع الصحفي .. ظلال ماضٍ يتواصل مع الحاضر


الصحفي اليمني في وضع حياتي لم يسمح له بتجاوز الارتهان والمهادنة إلى المهنية التي تحكم مساره العملي بحيث يمكنه من امتلاك مقومات العمل الحر الذي لا تقيده حاجة ولا تأسره إغراءات الساسة هكذا وصف الصحفي رداد السلامي وضع الصحفي اليمني .

وأشار السلامي إلى أن الممارسات العدوانية من السلطات حاليا ضد الصحفي هي نتيجة تأثيرات الوضع قبل الثورة والتي ألقت بظلالها لمرحلة ما بعد الثورة لافتا الى انه كلما ضيقت السلطات الخناق على الصحفي وأرهبته كلما أكدت أنها غير مؤتمنة على المستقبل ولا يمكن الرهان عليها في مسألة حماية البلد وتأمين مسلك نهضته.

ووصف السلامي وضع نقابة الصحفيين اليمنيين بانها نقابة شمولية وانتقائية تقتات على وجع الصحفي وكانت قبل الثورة تتاجر بحقوقه وحريته وأمنه ، نقابة قبلية تحكمها قواعد أشد تخلفا ليس لديها قيم زمالة حتى وتستصغر الناس ويكون تضامنها بحسب نفوذك وما تملك من أسباب تحرك مدراء ها من اجل التضامن معك، إن أكثر ما تصنعه معك هو ان تدين لكن بشكل لا يؤكد أنها حقا فعلا تدين.

واكد بان الصحفيين لا يجب ان يكون لهم حضور في الحوار لأنه سيخرج من كونه ناقل معلومة وحقيقة الى طرف يصارع ويكتب ما يريده هو لا ما يريده الناس.

الصحفي والناشط الحقوقي عبد الكريم ثعيل قال لا وجه للمقارنة بين الصحفي اليمني وزملاءه الاجانب فاليمني يستلم ما يعادل 20-30% مما يستلمه الصحفيين الأخرين وهذا في أحسن الأحوال.

واشار الى ان الإعتداءات التي يتعرض لها الصحفيين وخاصة اصحاب الكلمة الصادقة والأحرار كثير وتعامل السلطات وأفراد وضباط الأمن مع الصحفيين سيئة للغاية، حيث أن أكثر الجهات تتعمد انتهاك حقوق الصحفي هي مؤسسات الإعلام وأكثر الجهات تمارس بل تتعمد الاعتداء على الصحفيين عي السلطات والاجهزة الأمنية.

واضاف " لقد رسخ النظام السابق في أذهان رجال الأمن وعامة موظفي المؤسسات الحكومية والخاصة ثقافة أن الصحفي هو العدو اللدود الذي يجب منعه من أن تصل اي وثيقة بين يديه أو أن تلتقط كامرته أي مشهد سلبي.. مشيرا الى ان وضع الصحفي بعد الثورة أفضل وخاصة عقب الدور الذي قدمه الإعلاميين الشرفاء أثناء تغطياتهم للأحداث والمجازر التي كانت تصاحب الثورة وفعالياتها وانشطتها.

وتابع "على الاقل نستطيع القول اليوم ان الصحفي اليمني يتربع على عرش قلوب اغلب ابناء شعبه وكذلك اصبح رجال الأمن وموظفي الدولة يهابون الصحفي ويتعاطون معه بايجابية تختلف تماماً عن السابق.

واستغرب ثعيل قائلا "على الرغم من حجم التضحيات التي بذلها الصحفيين في الثورة إلا أن وجودهم وتمثيلهم في مؤتمر الحوار الوطني ليس بالمناسب بل المخزي، وكان بامكان النقابة ان تتحرك وتنتزع عدد من المقاعد التي تمكنها من لعب دور وطني جيد ينهض بواقع الصحفيين وبمنهة الصحافة كرسالة سامية يعول عليها كافة ابناء الشعب في المساهمة في نهضة البلد وترسيخ واحترام حرية التعبير، وممارسة الرقابة على كل الأجهزة والمؤسسات الرسمية والخاصة.

إقراء أيضاً
اكثر خبر قراءة السلطة الرابعة