الإعلام طوق النجاة بعد النزاعات

الأحد 03 مارس - آذار 2013 الساعة 06 مساءً / مأرب برس - ملك خالد
عدد القراءات 2481

الاعلام من أهم الامور التي تحتاجها الدول بعد النزاعات التي تحصل فيها.. بلادنا شهدت انتفاضة شعبية في 2011 والتي أدت بها إلى الدخول في مرحلة انتقالية برئاسة الرئيس هادي الذي مسك دفة قيادة بلاد شبه منهارة، إبان حكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي أنهى كل شيء حتى الاعلام.
ومع قدوم حكومة الوفاق وتعيين وزير الاعلام الجديد علي العمراني والذي حاول أن يصلح الاعلام في بلادنا والذي يعتبر من الجوانب المهمة في إعادة بناء البلاد وإنجاح عملية التغيير وبناء اليمن الجديد، وإنجاح الحوار الوطني، الذي سيبدأ في 18 مارس الجاري.
أولت كثير من الدراسات والبحوث الدولية وبرامج الدعم المصاحبة للمساعدات الدولية لمجتمعات ما بعد النزاع والديمقراطيات الجديدة والمستعادة، اهتماما كبيرا بدور الإعلام في هذه المجتمعات.
وتقوم اليونيسكو منذ سنوات عدة بدعم وسائل الإعلام المستقلة في أوضاع النزاع وما بعد النزاع لتمكينها من جمع المعلومات الموضوعية وتوزيعها. وأسهمت في بناء السلام وفي عمليات المصالحة وتشمل الأنشطة التي تضطلع بها اليونيسكو في هذا المجال تعزيز الحوار بين مهنيي الإعلام في مناطق النزاع وفي العالم الخارجي، وإسداء المشورة إلى سلطات البلدان التي تعيش أوضاع ما بعد النزاع بشأن سن تشريعات جديدة خاصة بوسائل الإعلام، مما يتيح تعزيز حرية التعبير.
يحظى عمل اليونيسكو في مجال تعزيز استقلالية وسائل الإعلام في أوضاع النزاع باعتراف المجتمع الدولي.
ينبع هذا الاهتمام من الاعتراف بالدور الكبير الذي لعبه ويمكن أن يلعبه الإعلام في هذه المجتمعات، سلبا وإيجابا، فالاتصال هو الآلية التي تساعد على تطور العلاقات الإنسانية. كما أن أجهزة الإعلام تلعب الدور الأساس في تشكيل الصور الذهنية ونقلها عبر الزمان والمكان، وتكوين صورة الآخر عند الذات وبالعكس، وذلك لأنها الأداة التي يتم عبرها نقل المعلومات والأفكار والمواقف المختلفة، وهي التي تعيد صياغة قلوب وعقول الناس.
أجهزه الإعلام تستخدم للتحريض!
أجهزة الإعلام لا تستطيع الإفلات من النظام السياسي الموجود فإنها وفي حالات الحرب والنزاع يتم استخدامها للتحريض والتعبئة والتجنيد والاستنفار، لكي تلعب هذا الدور لابد أن تميل لرسم صورة ذهنية سلبية عن الطرف الآخر، تبدأ من صورة المتخلف، المستبد، المستغل، الظالم، المستعلي، الشرير، الحاقد، وتنتهي بأبعد صورة ذهنية سالبة يتجسد فيها كل الشر.
وغالبا ما يتم استخدام الرموز الدينية والثقافية والاجتماعية والأيديولوجية لترسيخ هذه الصور، والهدف النهائي هو خلق مشروعية كاملة لحالة محاربة الآخر وهزيمته. ولا يتم خلق هذه الصورة بين يوم وليلة، لكنها تمر بمراحل بناء متدرجة، لهذا يصعب بعد ذلك هدمها في ليلة.
إلى جانب ذلك تعمل أجهزة الإعلام في مرحلة النزاع والحرب على تقديم المعلومات الإيجابية عن الطرف الذي تؤيده أو يملكها، وتخفي المعلومات السلبية، وتعمل عكس ذلك مع أخبار ومعلومات الطرف الآخر، كما قد تعمل على تشويه مواقفه.
ويرفض بعض الخبراء اتهام الإعلام بأنه وراء اندلاع حرب أو حتى تأجيج صراع، وهم يرون أن الإعلام بوسائله كافة عبارة عن أداة توصيل للمعلومة بين مَصدر ومُتلقٍ "فلا الصحافة والإعلام أو القنوات الفضائية تخطط لشن حروب أو لاختراق حدود أو غزو بلدان ولا دور مفترض لها في هذه التحضيرات فهذه مهمة أركان الجيوش والقيادات السياسية في مناطق النزاع، وتقتصر مهمة وسائل الإعلام على نقل أخبار التحضيرات والاستعدادات وتحاول تقديم تحليلات سياقية للحدث او للحرب المُتوقعة وفي بعض الأحيان تحاول وضع سيناريوهات للمعارك ودراسات افتراضية لما يمكن أن يحدث على أرض المعركة أو في كواليس المفاوضات التي تسبق أو تعقب أو تواكب الحروب".
ويقول الخبراء يحدث أن يكون للوسائل الإعلامية العاملة في مناطق النزاع أو الموجهة لها دور في تأجيج الصراع الدائر فيها بعد اندلاعه أو حتى قبله حين تحاول الالتصاق بتوجهات الرأي العام في مناطقها واسترضاءً له ولقرائها فترفع مبيعاتها عبر مداعبة عواطف دفينة في اللاشعور الوطني في المحيط المباشر للنزاع أو عبر التشديد على المصالح المباشرة الاقتصادية أو السياسية للرأي العام الذي يشكّل رأس مالها، وغالبا ما تكون وراء هذه المواقف قوى سياسية واجتماعية دافعة لها.
والإعلام يمكن أن يلعب دورا كبيرا في نقل هذه المجتمعات والدول إلى موقف أكثر تقدما.
بالإعلام تنفتح فيه الأبواب وتبدأ عملية حوار واسع لمداواة الجروح وتجاوز مشاعر الألم، ثم تهيئة الأرض والناس لتجارب سياسية واجتماعية جديدة. ومثلما كانت أجهزة الإعلام أداة أساسية في زمن الحرب للتعبئة والتجييش يمكن أن تصبح أداة أساسية في بناء مجتمعات ما بعد النزاعات.
لكن بالتأكيد فإن جهود الإعلام يجب أن تسير جنبا إلى جنب مع جهود ومبادرات العمل السياسي والتفاوضي لتجسير الهوة بين الدول والمجتمعات وتطوير النقاش السياسي.

إقراء أيضاً
اكثر خبر قراءة السلطة الرابعة