عضو في الكونجرس: الطائرات الأمريكية بدون طيار قتلت نحو ألفي يمني

الثلاثاء 25 ديسمبر-كانون الأول 2012 الساعة 08 مساءً / مأرب برس - متابعات
عدد القراءات 8751
فيما لاتزال أمريكا تطمح إلى مضاعفة شبكة التجسس خارج حدودها، شن عضو في الكونجرس هجوماً على إدارة بلاده على خلفية استخدامها لبرنامج الضربات الموجهة للطائرات بدون طيار خارج حدودها بدون إذن أو رقابة من الكونجرس أو أي هيئة قانونية أخرى، متهما الإدارة بقتل الآلاف من الأشخاص بواسطة تلك الضربات في كل من باكستان، اليمن، والصومال.
ونشر موقع (Examiner الأمريكي) معلومات، استقاها من سجل جلسات الكونجرس، وتضمنت بعض التفاصيل الهامة بهذا الشأن قدمها عضو الكونجرس دينيس كوسينيتش (Dennis Kucinich)، الذي كان منح إذناً بمخاطبة مجلس النواب الامريكي لدقيقة واحدة، يوم الجمعة الـ 15 نوفمبر الماضي.
وقدم عضو الكونجرس إحصائية بالأرقام لعدد القتلى الذين لقوا حتفهم بسبب تلك الضربات الجوية الأمريكية، في كل من باكستان، اليمن والصومال.
وبحسب البيان الذي أدلى به، أكد ان «الطائرات الامريكية بدون طيار قتلت في باكستان بحدود (3378) شخصاً، وفي اليمن قتلت ما يصل إلى (1952) شخصاً، فيما بلغ عدد من قتلوا في الصومال حوالي (170) شخصاً».
وقال «نحن لم نعلن الحرب على أي من تلك الدول، بيد أن أسلحتنا قتلت المدنيين الأبرياء فيها». وأستدرك: «وإن البحث المحترم جداً يظهر بأن عدد الأشخاص المستهدفين الذين قتلوا من ذوي الشأن العالي تقدر نسبتهم المئوية بحوالي 2 في المئة من إجمالي الإصابات».
وأضاف: «ووفقا لصحيفة واشنطن بوست، فإن إدارة أوباما تبذل جهودا لمأسسة هذه الممارسة (العادة) لعمليات القتل الموجهة بواسطة الطائرات بدون طيار في الخارج»، معتبرا أن «حجم عمليات القتل هذه تشكل خطرا على المبادئ الأخلاقية ومشروعية هذه الهجمات».
واستطرد قائلاً: «نحن بصدد خلق سابقة لدول أخرى تعمل على تطوير هذه التكنولوجيا نفسها». وأستشهد في هذا السياق بالقول «إن الصين لتوها قد كشفت النقاب عن نموذج جديد لطائرة بدون طيار».
وكشف عضو الكونجرس الأمريكي بأن «برنامج الطائرات بدون طيار يتم تنفيذه حتى الآن دون أي إشراف من الكونغرس أو أي هيئة شرعية». وعليه يشدد على ضرورة أن «يتحمل الكونغرس المسؤولية الدستورية لضمان أن تكون تلك البرامج التي تنفذ باسم أمتنا، قانونية وشفافة، وخاضعة للمساءلة». وأكد «نحن غدا سنرفع التوصيات بشأن هذه المسألة الحساسة».
من جهة أخرى، نسبت صحيفة واشنطن بوست الأميركية إلى مصادر أميركية قولها إن "وكالة الاستخبارات العسكرية الأميركية المعروفة اختصارًا باسم "دي آي إيه" وهي وحدة الاستخبارات العسكرية التابعة للبنتاغون، تهدف إلى تعيين 1600 جاسوس أو ما يسمى "بجامعي المعلومات الاستخباراتية" زيادة على مئات العملاء الذي يعملون لديها على السنوات الأخيرة".
ومن شأن هذه التعينات الجديدة، بعد النمو الضخم لوكالة "السي آي إيه" منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر ، أن تؤدي إلى إيجاد شبكة تجسس غير مسبوقة ولا مثيل لها. وهو ما أكده أحد كبار القيادات العسكرية الأميركية والذي شارك في إعادة تشكيل وكالة السي آي إيه.
ومن المرجح أن تزيد تلك الأنباء من المخاوف حول مدى إمكان محاسبة العمليات السرية التي يقوم بها الجيش الأميركي وسط تصاعد المخاوف بشأن برنامج استخدام الطائرات من دون طيار الذي تشرف عليه السي آي إيه.
وكانت الأمم المتحدة قد أكدت خلال أكتوبر الماضي أنها "تنوي التحقيق في مقتل المدنيين خلال غارات تشنها طائرات من دون طيار". يذكر أن الولايات المتحدة ترفض حتى الاعتراف بوجود برنامج لاستخدام طائرات من دون طيار في باكستان. كما أن الجيش الأميركي لا يخضع لنظام الإشعار المسبق نفسه الذي يتطلبه الكونغرس من وكالة الدي آي إيه، الأمر الذي من شأنه أن يوجد المزيد من الجدل حول هذا الموضوع.
مع كل ضربة جوية تنفذها الطائرات الأمريكية دون طيار ويقع فيها ضحايا أبرياء يزداد حظ القاعدة في كسب التعاطف الشعبي. إذ تتعالى أصوات المطالبين بوقف العمليات الأمريكية، وهي النتيجة التي يطمح إليها عناصر القاعدة؛ الأعداء الحقيقيين لليمن ولأمريكا والعالم.
مساء الأربعاء الـ14 من نوفمبر الماضي، كان هو التوقيت الخاص بآخر غارة أمريكية نفذتها طائرة دون طيار على مشتبه به في "سنحان" إحدى مناطق صنعاء. ولن تكن الأخيرة على ما يبدو. إذ أن وصولها إلى أطراف العاصمة جعل مراقبون محليون يعتقدون أن مرحلة جديدة بدأتها طائرات بدون طيار بعد أن ظلت غاراتها ضد القاعدة مقتصرة طوال الفترة الماضية على 7 محافظات يمنية (مأرب، الجوف، حضرموت، أبين، البيضاء، شبوة، صعدة).
ويسعى نشطاء يمنيون إلى تشكيل تحالف يعمل على وقف الاعتداءات الأمريكية على الشعب اليمني وانتهاك السيادة اليمنية والمطالبة بمحاسبة المسئولين عن ذلك. وفي ندوة بعنوان (الطائرات الأمريكية.. جرائم ضد الإنسانية وانتهاك للسيادة اليمنية… (سنحان نموذجاً)، اتفق المشاركون على ضرورة تفعيل هذه القضية من جانب إنساني.
ويقول المحامي عبدالرحمن برمان أن هناك جرائم عديدة ترتكبها الطائرات الأمريكية بدون طيار منها حرق للدستور وللقانون وانتهاك للسيادة اليمنية كما إنها تعمل على إقلاق السكينة العامة بين المواطنين، موضحاً أن ذلك يتم بتنسيق مع الحكومة اليمنية، وهو ما يجعلها امام مسائلة البرلمان والمهتمين.
من جانبه، يقول يرى الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية، سعيد عبيد الجمحي إن ما تقوم به الطائرات بدون طيار في اليمن أصبح عملاً ممنهجاً لأسلوب أميركي قديم، حيث لا يستطيع الأميركان مواجهة تنظيم القاعدة بدونه..
ويضيف لـ"مأرب برس": الغارات الأميركية تثير ردود أفعال شعبية حتى وإن حققت انجازاً بقتل عشرة عناصر من القاعدة فإن الجميع باليمن يستنكرونها إذا ما قتل طفل واحد أو شخص مدني في الغارات الأميركية.
وكانت غارة أميركية قصفت منتصف فبراير الماضي سيارة مشتبه بأنها تتبع به في تنظيم القاعدة في منطقة "السرين" بمنطقة سنحان بمحافظة صنعاء، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى بينهم "عدنان القاضي" المستهدف في الغارة الأميركية.
وتسببت القاعدة في شبه الجزيرة العربية تسببت باستخدام الطائرات بدون طيار داخل اليمن بمباركة النظام اليمني وذلك إثر عملياتها الإرهابية وإرسالها للطرود المفخخة إلى أميركا من اليمن، وفقاً للجمحي.
ولا يخفي الباحث والخبير في شؤون الجماعات الإرهابية، حقيقة أن سقوط ضحايا مدنيين في الغارات الأميركية باليمن يؤثر سلباً على مسار المصالحة الوطنية في البلاد، مشيراً إلى أن القاعدة بعد عملية "المعجلة" بأبين، والتي سقط خلالها عشرات الضحايا من المدنيين، استفادت كثيراً من هذه العملية لتظهر بشكل علني في المحافظة.. مؤكداً عبيد في ذات السياق أن وجود الطائرات الأميركية في اليمن يسبب حرجاً للحكومة اليمنية..
ويرى عبيد بأن الحكومة في اليمن لا تستطيع مواجهة القاعدة بمفردها في ظل عدم توحد الجبهة الوطنية ووجود مشكلات معقدة، منوهاً إلى أن التسوية السياسية غائبة رغم وجود حكومة الوفاق الوطني، كما لا يزال هناك احتقانات سياسية، لافتاً إلى أن الرئيس هادي ورث مؤسسات أمنية ضعيفة ومنهارة ويحاول تقويتها والعمل على استعادة عافيتها، مشيراً إلى أن الهيكلة للجيش لا تزال تواجده مشاكل معقدة وهي مهمة جداً في استعادة المؤسسات العسكرية والأمنية لعافيتها.
تقرير يرصد الضربات الجوية التي نفذتها طائرات امريكية بدون طيار في اليمن منذ مطلع2012
1:- 31 يناير لودر أبين مقتل 19 من مسلحي القاعدة أثناء سفرهم على سيارتين
2:- 12 فبراير جعار وعزان أبين مقتل 3 من عناصر القاعدة في عدة غارات
3:- 9 مارس البيضاء البيضاء مقتل 7 من عناصر القاعدة بينهم اشخاص من جنسيات أخرى بالإضافة إلى 7 مدنيين
4:- 10 مارس جعار وزنجبار أبين مقتل 24 من عناصر القاعدة
5:- 11 مارس جعار أبين مقتل 3 من عناصر القاعدة قرب مصنع الماز بجبل خنفر
6:- 13 مارس مقتل 5 من عناصر القاعدة في 6 غارات جوية
7:- 18- 30 مارس زنجبار أبين مقتل 57 شخصاً بينهم مدنيين
8:-7 ابريل شبوة مقتل 8 من المشتبهين بالقاعدة كانوا على متن سيارة
9:- 9 ابريل أبين مقتل 16 من مسلحي القاعدة في عدة غارات على مناطق مختلفة
10:- 14-30 ابريل 5 محافظات البيضاء، شبوة، مأرب، أبين، الجوف  سلسلة غارات في عدة مناطق في المحافظات المذكورة أسفرت عن مقتل نحو 60 من عناصر القاعدة
11:- 2 مايو جعار أبين مقتل 15 من مسلحي القاعدة في غارة استهدفت معسكراً لتدريبهم
12:- 7 مايو الصعيد شبوة مقتل القيادي الثالث في القاعدة "فهد محمد القصع" ومرافقه "فهد لكدم"
13:- 17 مايو مأرب، الجوف مقتل ما لا يقل عن 52 من عناصر القاعدة بينهم المسؤول المالي للتنظيم محمد سعيد العمدة في غارة على قافلة تابعة للتنظيم
14:- 28 مايو البيضاء مقتل 5 من القاعدة في 3 غارات
15:- 20 يونيو المحفد أبين غارة استهدفت تجمعاً لقيادات من القاعدة ولا معلومات عن قتلى أو جرحى
16:- 4 يوليو المحفد/ مودية أبين مقتل 13 من القاعدة بينهم باكستاني يعمل خبيراً للمتفجرات
17:- 17 اغسطس القطن حضرموت مصرع 2 من القاعدة واحتراق سيارتهما التي كانت تحمل متفجرات
18:-28 اغسطس مأرب مصرع 3 من القاعدة بينهم سعودي شرق المحافظة
19:- 31 اغسطس الخشعة حضرموت مقتل 8 من عناصر القاعدة كانوا على متن سيارة
20:- 2 سبتمبر القطن حضرموت مقتل القيادي في القاعدة خالد باتيس وآخرون كانوا على متن سيارة
21:- 3 سبتمبر رداع البيضاء مقتل 13 من المدنيين الأبرياء عن طريق الخطأ في غارة استهدفت القيادي في القاعدة عبدالرؤوف الذهب
22:-5 سبتمبر وادي العين حضرموت مقتل 5 من القاعدة بينهم القيادي مراد بن سلم
23:- 13 سبتمبر الصعيد شبوةمقتل أمير القاعدة بشبوة سعد عاطف و5 من مرافقيه
24:- 21 اكتوبر وادي عبيد مأرب مقتل 4 أشخاص يشتبه بانتمائهم للقاعدة
25:- 28 اكتوبر وادي آل ابو جبارة صعدة   مقتل 3 من القاعدة بينهم سعوديين.
قاعدة "كامب لومنيير" الأمريكية محور العمليات السرية في اليمن
يتواصل إقلاع وهبوط الطائرات من دون طيار في هذه القاعدة العسكرية الأميركية، التي تحولت إلى محور لعمليات مكافحة الإرهاب التي تشنها إدارة الرئيس أوباما في منطقة القرن الأفريقي والشرق الأوسط، على مدار الساعة، بمعدل يصل إلى 16 طلعة يومية.
تقتصر مهمة بعض هذه الطائرات على الصومال الذي يقع على بعد نحو 10 أميال جنوب شرقي جيبوتي، بيد أن غالبية الطائرات المسلحة تتوجه صوب الشمال عبر خليج عدن إلى اليمن، حيث زاد استخدامها بشكل ملحوظ في الحرب الضروس مع فرع «القاعدة» الذي يحاول استهداف الولايات المتحدة.
كان كامب لومنيير، القاعدة التي أسسها الفيلق الأجنبي الفرنسي، في البداية نقطة انطلاق مؤقتة لقوات مشاة البحرية الأميركية التي كانت تبحث عن موطئ قدم لها في المنطقة قبل عقد. وخلال العامين الماضيين قام الجيش الأميركي بتحويلها إلى أكثر قاعدة لطائرات «بريداتور» من دون طيار نشاطا خارج منطقة الحرب الأفغانية، لتشكل نموذجا لقتال جيل جديد من المجموعات الإرهابية.
وقد بذلت إدارة أوباما جهودا استثنائية لإخفاء التفاصيل القانونية والعملياتية لبرنامج القتل المستهدف، حيث دارت خلف الأبواب المغلقة مناقشات حامية قبيل كل جلسة لوضع شخص على لائحة حرب الولايات المتحدة الدائمة ضد «القاعدة» وحلفائها.
تسلم أوامر العثور وتعقب وقتل هؤلاء الأفراد إلى «كامب ليمونيير»، التي تقع على مساحة 500 فدان التي خصصت لمكافحة الإرهاب، ما يجعلها المنشأة الوحيدة من نوعها في شبكة قواعد البنتاغون العالمية.
تخيم السرية على أغلب نشاطات القاعدة، إذ رفض الجيش الأميركي طلبا من «واشنطن بوست» للقيام بجولة في «ليمونيير» الشهر الماضي، وبرر المسؤولون بأنها «مخاوف أمنية عملياتية» رغم سماحهم للصحافيين بزيارتها في السابق.
وبعد وصول مراسل «واشنطن بوست» إلى جيبوتي دون دعوة، أبدى مسؤول القاعدة موافقة على إجراء مقابلة شريطة أن تتم بعيدا عن القاعدة، في فندق جيبوتي الفخم الوحيد. وأجاب المسؤول، الجنرال رالف بيكر، على بعض الاستفسارات العامة، لكنه رفض التعليق على عمليات الطائرات من دون طيار أو المهمات المتعلقة بالصومال واليمن.
ورغم السرية، فإنه فتحت آلاف الصفحات من السجلات العسكرية التي حصلت عليها «واشنطن بوست» - بما في ذلك مخططات الإنشاء، وتقارير حوادث الطائرات من دون طيار ومذكرات التخطيط الداخلي - نافذة كاشفة على قاعدة «كامب ليمونيير». لم يكن أي من هذه الوثائق سريا، وتم الحصول على الكثير منها عبر طلبات الوثائق العامة.
وتظهر الوثائق التي لم يكشف عنها من قبل، الأهمية التي اكتسبتها قاعدة جيبوتي العام الماضي بعد وصول ثمانية طائرات «بريداتور» إلى «ليمونيير». وتؤرخ الوثائق أيضا لخطة البنتاغون الطموحة لتكثيف عمليات الطائرات من دون طيار خلال الشهور القادمة.
تشير الوثائق إلى الدور المركزي الذي لعبته قيادة العمليات الخاصة المشتركة التي اعتمد عليها الرئيس أوباما بشكل متكرر في تنفيذ معظم مهمات مكافحة الإرهاب الحساسة.
ويضطلع نحو 300 من جنود العمليات الخاصة بتخطيط الغارات وتنسيق رحلات الطائرات من دون طيار من داخل مجمع حصين في «ليمونيير» الذي تنتشر فيه الصحون اللاقطة ومحاطة بالأسلاك الشائكة. تعمل غالبية قوات الكوماندوز بشكل متخفٍّ، يخفون أسماءهم حتى عن القوات التقليدية في القاعدة.

أما باقي أعمال مكافحة الإرهاب الأخرى فهي أكثر علانية، ويعمل في القاعدة نحو 3.200 جندي أميركي ومدني ومتعاقد، يقومون فيها بتدريب جيوش أجنبية وجمع المعلومات الاستخباراتية وتوزيع المساعدات الإنسانية في شرق أفريقيا كجزء من حملة لمنع المتطرفين من الشعور الآمن.
وفي واشنطن، اتخذت إدارة أوباما سلسلة من الخطوات لدعم حملة الطائرات من دون طيار لعقد آخر، وإعداد قائمة قاعدة بيانات استهداف جديدة، تسمى «مصفوفة القتل»، وكتيب «القواعد» السري الذي يسرد كيفية اتخاذ قرارات استهداف القتل.
تعتبر جيبوتي المثال الأوضح لكيفية إرساء الولايات المتحدة الأسس لتنفيذ هذه العمليات الخارجية، فعلى مدار العقد الماضي، كان البنتاغون يعتبر ليمونيير قاعدة مؤقتة، لكنها باتت الآن قلب حرب الطائرات من دون طيار التي تشنها الولايات المتحدة على الإرهاب.
وفي أغسطس (آب)، سلمت وزارة الدفاع خطة أساسية للكونغرس تشرح فيها بنوع من التفاصيل كيفية استخدام القاعدة على مدار ربع القرن القادم. وهناك مشروعات يتوقع الشروع في تنفيذها في القاعدة بتكلفة تقارب 1.4 مليار دولار، تضم مجمعا جديدا ضخما يستوعب نحو 1.100 جندي من قوات العمليات الخاصة، أي ما يزيد على ثلاثة أضعاف العدد الحالي.
ستواصل الطائرات من دون طيار صدارة المشهد. وفي رد على الأسئلة المكتوبة من «واشنطن بوست»، أكد الجيش الأميركي علنا، للمرة الأولى، وجود طائرات تعمل بالتحكم عن بعد في مطار ليمونيير، وقالوا «إنها تقوم بمجموعة واسعة النطاق من المهام الأمنية الإقليمية».
وقالت قيادة أفريقيا، ذراع الجيش الأميركي التي تشرف على القاعدة في البيان الذي أصدرته، إن المعلومات الاستخبارية التي تجمعها الطائرات من دون طيار ومهمات المراقبة الأخرى، تستخدم في بناء صورة كاملة لنشاطات المنظمات المتطرفة العنيفة، ومهام أخرى ذات صلة، بيد أن الاعتبارات الأمنية العملياتية تمنعنا من التعليق على مهمات بعينها.
وعلى مدى عشر سنوات كانت الطائرات من دون طيار تحلق من قاعدة ليمونيير بشكل نادر، بدءا من ضربة عام 2002 في اليمن التي أدت إلى مقتل قائد خلية مشتبه به بالضلوع في الهجوم على المدمرة الأميركية «يو إس إس كول».
لكن ذلك سرعان ما تبدل في عام 2010 عندما حاولت شبكة «القاعدة في اليمن» تفجير طائرتين أميركيتين وتعزيز الجهاديين في الصومال قبضتهم على البلاد. تظهر الوثائق أن البنتاغون أرسل في أواخر ذلك العام ثماني طائرات من دون طيار «MQ - 1B Predator» إلى جيبوتي، وحول ليمونيير إلى قاعدة طائرات من دون طيار بدوام كامل.
اتضح تأثير هذه الخطوة بعد عدة أشهر، عندما تمكنت طائرات قيادة العمليات الخاصة المشتركة من جيبوتي، بمساعدة طائرات وكالة الاستخبارات المركزية من قاعدة سرية في شبه الجزيرة العربية، من قتل أنور العولقي.
واليوم، تعتبر قاعدة «كامب ليمونيير» مركزا لمجموعة موسعة تتكون من 6 طائرات من دون طيار وقاعدة مراقبة في أفريقيا، أنشئت لمحاربة جيل جديد من المجموعات الإرهابية في القارة من مالي إلى ليبيا إلى جمهورية وسط أفريقيا. ويقوم الجيش الأميركي أيضا باستخدام طائرات من دون طيار مطارات مدنية صغيرة في إثيوبيا وسيشل، لكن هذه العمليات لا تقارن بما تقوم به القاعدة في جيبوتي
كما تحولت ليمونيير أيضا إلى محور للطائرات التقليدية. وفي أكتوبر (تشرين الأول) عزز الجيش القوة الجوية في القاعدة بنشر سرب من طائرات «إف 15» المقاتلة، التي تتميز بالسرعة والقدرة على حمل أسلحة أكثر من «بريداتور».
وأشار مسؤولان سابقان بوزارة الدفاع، تحدثا شريطة عدم ذكر أسمائهما، إلى أن طائرات «إف 15» تقوم بطلعات على اليمن، في تطور غير معلن في الحرب المتصاعدة ضد قوات «القاعدة» هناك.
وقد أدت زيادة أعداد الطائرات من دون طيار التي تحلق في أجواء القرن الأفريقي إلى مخاوف من ارتفاع حوادث الطيران في هذه المنطقة.

وتظهر وثائق القوات الجوية أنه منذ يناير (كانون الثاني) الماضي تعرضت خمس طائرات من دون طيار مزودة بصواريخ «هيلفاير» إلى حوادث بعد إقلاعها من ليمونيير، ومن بينها طائرة هبطت في منطقة سكنية من مدينة جيبوتي، ولم يسفر الحادث عن إصابات بين السكان، لكن الطائرات الأربع الأخرى دمرت.
وبشكل خاص تعد الطائرات من دون طيار الأكثر عرضة للحوادث من الطائرات التي يقودها طيار، بحسب إحصاءات القوات الجوية، لكن الحوادث نادرا ما تثير الاهتمام؛ لأن الطائرات لا تقل طيارين أو مسافرين.
ومع تزايد زخم عمليات الطائرات من دون طيار في جيبوتي، تحدث فنيو القوات الجوية عن حوادث غريبة أصيب فيها روبوت الطائرة المحمول جوا بالعطب.
ففي مارس (آذار) 2011 أدارت إحدى طائرات «بريداتور» المتمركزة في القاعدة محركاتها من تلقاء نفسها، رغم إغلاق زر الإشعال وخطوط الوقود. وخلص الفنيون إلى أن فيروسا أصاب «مخ» الطائرة، لكنهم لم يحددوا المشكلة.
يدفع الجيش الأميركي 38 مليون دولار سنويا لتأجير قاعدة كامب ليمونيير من الحكومة الجيبوتية. تطوق القاعدة المناطق السكنية والبحر، ووجه القصور الرئيسي في كامب ليمونيير هي أنها لا تستطيع التوسع بسبب ضيق المساحة. وهي مجبرة على مشاركة مدرج واحد مع مطار جيبوتي الدولي، إضافة إلى قاعدة عسكرية فرنسية والقوات المسلحة الجيبوتية الصغيرة.
ويستطيع المسافرون القادمون على متن الخطوط الجوية (هناك نحو 8 رحلات يومية) مشاهدة الطائرات من دون طيار التي تستعد للقيام بمهمات بين الحين والآخر. بين الرحلات تقف الطائرات من دون طيار تحت حظائر من القماش لحمايتها من الرياح والعيون المتلصصة.
خلف السياج يقوم عمال الإنشاء بإعادة بناء القاعدة لتوفير ظروف أفضل للطائرات من دون طيار. ويمكن الاطلاع على لمحات من العمليات السرية في مجموعة متنوعة من الوثائق غير مألوفة قدمتها وزارة الدفاع إلى الكونغرس.
وقد كشفت رسالة كارتر عن أن الطائرات من دون طيار والطائرات المقاتلة في القاعدة تدعم ثلاث عمليات عسكرية سرية، تحمل اسما كوديا «كوبر ديوني»، و«جوبيتر غاريت» و«أوكتافي شيلد».
وتقول قيادة أفريقيا إنها لن تقدم معلومات بشأن «جوبيتر غاريت» و«أوكتافي شيلد»، مبررة ذلك بقيود السرية وأن الأسماء الكودية غير سرية.
ويقضي جنود قوات العمليات الخاصة المشتركة أيامهم ولياليهم داخل المجمع، حيث يعدون لغارات ضد المعسكرات الإرهابية ومخابئ القراصنة. ويدرك كل شخص في القاعدة طبيعة عملهم، لكن الموضوع أحد المحرمات، فيقول بيكر، الجنرال الأعلى رتبة في ليمونيير: «لا يمكن أن أعترف بوجود قوة العمل».
وفي نهاية عام 2010 نقلت طائرة شحن عسكرية سربا من ثماني طائرات «بريداتور» من دون طيار إلى جيبوتي، وطيارين من سرب الاستطلاع المبكر الـ60 التابع للقوات الجوية الأميركية الذين قاموا بتجميع هذه الطائرات.
وتزايدت عمليات الهبوط والإقلاع إلى أكثر من الضعف لتصل إلى ذروتها في يوليو (تموز) بـ1.666 عملية هبوط وإقلاع مقابل 768 قبل عامين، بحسب إحصائيات السفر الجوي التي كشفت عنها وثائق تعاقدات وزارة الدفاع.
تشكل الطائرات من دون طيار نحو 30 في المائة من العمليات القتالية العسكرية الأميركية اليومية في ليمونيير، بحسب تحليل لـ«واشنطن بوست».
يعني هذا النشاط المتزايد زيادة الحوادث المؤسفة؛ ففي العام الماضي كانت الطائرات من دون طيار طرفا في سلسلة من الحوادث التي كادت تصطدم فيها الطائرات مع طائرات الناتو التي تحلق فوق القرن الأفريقي، بحسب مذكرة السلامة التي نشرتها مجلة «كومبات إيدج».
وتتعرض الطائرات من دون طيار إلى مخاطر الطيران في دولة الصومال المجاورة؛ ففي العام الماضي حلقت طائرة من دون طيار فوق معسكر للاجئين، وكانت توشك على نفاد وقودها، وكادت تصطدم بطائرة ركاب فوق مقديشو، بحسب تقرير للأمم المتحدة.

إقراء أيضاً
اكثر خبر قراءة الحرب على القاعدة