آخر الاخبار

تصريحات مفاجئة لرئيس الأركان الأمريكي: هناك قدرات لا نرغب في تقديمها لإسرائيل! تصريحات مفاجئة لرئيس الأركان الأمريكي: هناك قدرات لا نرغب في تقديمها لإسرائيل! تصريحات مفاجئة لرئيس الأركان الأمريكي: هناك قدرات لا نرغب في تقديمها لإسرائيل! مجلس الوزراء يُغرق وزارة الدفاع بالثناء اللفظي ويتجاهل صرف رواتب الجيش واستحقاقات وزارة الدفاع المالية صناعة القرارات الرئاسية في زمن رئيس مجلس القيادة الرئاسي.. قرارات تعيين رغم اعتراض غالبية الرئاسي وقرات يتم تهريبها بسرية .. تفاصيل لجنة المناصرة والتأثير بمحافظة مأرب تعقد ورشة عمل ناقشت دور السلطة المحلية والأحزاب والمنظمات في مناصرة قضايا المرأة رسالة من أمهات وزوجات المختطفين لقيادات جماعة الحوثي : ''نأمل أن نجد آذانا صاغية'' في اجتماع بقصر معاشيق.. قرارات وموجهات جديدة للحكومة اليمنية خلال رمضان فقط.. رابع حادثة وفاة لمختطفين في سجون الإنقلاب الحوثي قضاة محكمة العدل الدولية بالإجماع يوجهون امرا لإسرائيل .. تفاصيل

إذا كانت تحركات الحوثيين معزولة عن تأشيرة البعد الخارجي، فذلك أمر لا يؤدي إلى إشعال فتيل حرب مذهبية

الثلاثاء 29 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 الساعة 06 مساءً / مأرب برس- خاص: أكرم مراد
عدد القراءات 9505

مات الرئيس. عاش الرئيس. عاد الرئيس. وقع الرئيس, ومن ثم تبقى أن يرحل هذا الرئيس. وقبل أن تأتي هذه الخطوة كما هو مرتقب في الـ21 من فبراير المقبل (حين إجراء انتخابات رئاسية بمرشح توافقي), كان هناك كثير من الحديث قد أثير, وكثير من الأحداث أيضًا قد توالت.

في شمال الشمال اليمني لا تزال الحرب مستعرة كلما خبت نارها ظلت جمرًا تحت الرماد. الحوثيون من جهة والنظام من جهة فيما مضى من الوقت. الآن هناك الحوثيون (الشيعة) وهناك الإصلاح والسلفيون (السنة). ولا يبعد عن عين المراقب منظار التوجس بحرب مذهبية قد تكون أكثر ضراوة من الحروب الستة التي اندلعت ما بين 2004 و2010.

وأيًا كان الأمر المرتقب هذا, فهنا وهناك على ميدان الاحتمالات خيار واحد يصب كله في مصلحة نظام صالح. ولا داعي هنا إلى اتهام طرف معين من الأطراف المتناحرة بالعمل لصالح النظام, إلا أن لتوقيت ما يحدث له دلالته في قاموس الحساب السياسي.

النظام الذي وقع رئيسه علي عبدالله صالح في الـ23 من نوفمبر الجاري بمدنية الرياض على الاتفاقية الخليجية التي تنص على تنحيه يسعى في الوقت الراهن إلى الاستفادة من عوامل عدة لعرقلة مشروع المبادرة الخليجية التي أتت وفقًا لما أراد وقد تؤدي إلى ما يريد أيضًا. في هذه النقطة بالذات يرى كثيرون أن المعارضة وقعت في فخ الحل المزعوم, فيما المعارضة تعتز بخيارها الذي أقدمت عليه وهو عادة أقل كلفة من الخيارات الأخرى, كما تقول.

الحوثيون أبرز من رفضوا التوقيع بعيد ساعات قليلة, وقالوا إنه التفاف على مشروع الثورة وما يريده الشباب. ويأتي حديث من هذا النوع في وقت لا تزال فيه جذوة الصراع تشتعل على نحو متصاعد في دار الحديث بدماج- صعدة, وفي حجة ومن قبلها الجوف، وفي وقت أيضًا كان من المتوقع فيه أن يرفض الحوثيون التوقيع على المبادرة الخليجية.

من المعروف أن المسرح السياسي المذهبي اليمني يتشكل من تنوع ثري في الجنوب وفي الشمال. وعلى هذا النحو كثيرًا ما تكثر التناقضات, ويزداد الصراع حدة, كان صراعًا سياسيًا باردًا أو صراعًا مذهبيًا يؤمن بالعنف. وفي وسط هذا المسرح تتواصل عليمات القتل والترويع ضد شباب الثورة ضراوةً من قبل الأجهزة الأمنية والعسكرية للنظام, ومن قبل جماعات أخرى أيضًا. وفيما القتل مشترك بهذه الصيغة أو تلك بين أكثر من جهة, تزداد سخونة الأوضاع في اليمن على نحو بادٍ وظاهر.

هناك مكونات الحراك الجنوبي (غير الموحدة) أبدت تبرمها من المبادرة الخليجية المدعومة بقرار أممي, وهناك الحوثيون الرافضون لها أيضًا, ناهيك عن المكونات الشبابية المستقلة التي لا تزال تطالب برحيل ومحاكمة صالح وأركان نظامه, فيما القوة الحزبية الأكثر فعالية في الساحة السياسية اليمنية والتي تتكون من تكتل اللقاء المشترك المعارض الذي يضم عدة أحزاب سياسية تأتي في مقدمتها حزب الإصلاح الإسلامي والحزب الاشتراكي اليمني فكانت في الطرف الثاني من التوقيع, وبالتالي في الطرف الثاني من الشراكة في حكومة محمد سالم باسندوة إن تم الاتفاق على تشكيلها.

وبما أن اليمن كانت أكثر دول الربيع العربي تعرضًا للتدخلات الخارجية إن بشكل أو بآخر, فهي كذلك ليست بعيدة عما يجري في المنطقة, ومن هنا تأتي إحدى شفرات تعقيد الوضع في اليمن على الرغم من اتفاقية الشراكة والحل السياسي السلمي.

للتوضيح أكثر. هناك على الجهة المقابلة نار تشتعل على نحو أعظم, وتريد أن تأتي لالتهام نظام الرئيس السوري بشار الأسد المرتبط تمامًا بالنظام الإيراني بعد تخلي الحليف التركي عنه بل وقيادة هذا الأخير للحملة الشرسة التي تنادي نظام الأسد بضرورة الاستماع لصوت الشارع والتخلي عن الحكم. وطالما الأمر يتجه في المنطقة إلى صراع من هذا النوع المكتوب بأحرف كبيرة يسعى لاستغلال إرادة الشعوب الثائرة في الربيع العربي, فالأمر في اليمن, وتحديدًا في شمال الشمال يعد ورقة من أهم أوراق اللعب السياسي في منطقة الشرق الأوسط في الوقت الراهن والمرحلة المقبلة.

على نحو أوسع هناك قوتان, الكفة الإيرانية وتحوي سوريا ولبنان (حزب الله) وحركة حماس والمعارضة البحرينية إضافة إلى الحزام الشيعي في شمال اليمن وجنوب السعودي. والكفة التركية وفيها أحزاب وحركات الإخوان المسلمون تلك التي فازت عن طريق الانتخابات (تونس والمغرب), وتلك التي لم تحن لها الفرصة بعد, وربما تنظم مصر قريبًا إذا ما قدر للإخوان المسلمين أن يصلوا البرلمان.

هناك أيضًا دول الخليج, وعلى رأسها المملكة العربية السعودية المتوجسة بشدة من الربيع العربي وبشكل أكبر من الكابوس الفارسي الشيعي الذي يحيط بها, وهناك قطر وقوتها الإعلامية الجبارة «الجزيرة», والتي تدعم في الوقت الراهن بالمال والإعلام حركات/ أحزاب الإخوان المسلمين على امتداد الساحة العربية على ما يتهما معارضيها.

ومن هنا تنشب النار وتخبو في شمال الشمال اليمني, وعلى نحو قد ينذر بحرب مذهبية قد لا تبقى ولا تذر, أو قد ينتهي مآلها إلى مكالمة هاتفية قد لا تكون بالضرورة إحدى سماعاتها عند علي عبدالله صالح فيما ستكون الثاني حتمًا عند عبدالملك الحوثي. حتى وقد قادت الحرب السادسة بين النظام اليمني والحوثيين إلى تدخل سعودي عنيف كانت هي الأخرى قد انتهت في فبراير 2010 بمكالمة هاتفية نقلها الأثير بعيد وساطة سريعة.

كتابات لأقلام يسارية أشاحت وأعطت كلمتها. وقفت بشكل ملحوظ – من ناحية إنسانية حقوقية – ضد ما يتعرض له طلاب دار الحديث بدماج. وحين يأتي رأي من هذا النوع علينا أن نتذكر أن عددًا من هذه الأقلام اليسارية لم تلاق من هذا الدار إلا التكفير وإهدار الدم, لكن مذهبها الإنساني, كما هو مبدأ القوى اليسارية, لم يشأ ليكن ليقف إلا مع بجانب الإنسان الذي يتعرض لانتهاكات وظلم.

الحوثيون انطلقوا إذن, ولهم إمكاناتهم وقوتهم. ومحافظة مثل صعدة أصبحت أشبه ما تكون واقعة تحت الحكم الذاتي الشيعي (الحوثي).

وفيما كانت الحروب الماضية التي خاضها نظام صالح ضد الحوثيين, لم يكن فيها الحوثيون إلا الفئة التي تستدعي تعاطف الجميع. بل إنهم تمتعوا بقوة إعلامية وبصمود عادة ما يوصف بالأسطوري. إلا أن التهديدات الصادرة حتى الآن من الحوثيين أنفسهم ضد الصحفيين وضد نشر ملف الانتهاكات التي حدثت في المدة الأخيرة وتحدث الآن حدث يوشي بأن حجم هذا التحول ما كان ليأتي لولا ضغوطات ربما انحاز الحوثيون لتنفيذها لعدة أسباب, لعل من أهمها صراعهم مع أكبر أحزاب المعارضة اليمنية, إضافة إلى التحركات الإيرانية لتأجيج المنطقة كجزء من حرب محتملة قد تستهدف سوريا.

ويتمتع الحوثيون بتنظيم صارم وقيادة موحدة. إلا أن الأهم من ذلك هو ما يمثلونه من تقارب أو ربما امتداد لـ إيران في منطقة الجزيرة العربية. والأذرع الممتدة كما نعلم لا تجيد الإمساك بالفرشاة والناي قدر إجادتها الإمساك على زناد الحرب وسندان الهدم السياسي.

والحوثيون كظاهرة اسمية حديثة وعقدية قديمة, قبل هذا وذاك, هم الآخرون شاهدون على حجم التهتك الذي لحق الجدار الديني في اليمن, جنبًا إلى جنب وبتداخل مع تهتك النسيج الاجتماعي طيلة مدة نظام الرئيس صالح. وكما يبدو, فقد كان هذا الجدار والنسيج المتهتك ليستخدم دائمًا فيما يخدم توجهات قوى المافيا التي سعت إلى إحراق الأخضر واليابس وهي بالتالي مجردة من كل قيمة وأخلاق, وجزء من هذه المافيا انسلخ اليوم عن المركز الذي نشأ عليه ليستمر في الخدمة.

ومن المؤكد هنا أن الحوثيين مواطنون يمنيون يجب أن يعيشوا في نظام يؤمن المواطنة المتساوية للجميع في الشمال والجنوب, وفي الجهات الأخرى شرقية كانت أم غربية. إلا أن لعبة خلط الأوراق على نحو ما هو باد وظاهر, فلن تؤدي إلا إلى تشقق الأرضية على نحو قد يقود إلى هاوية مقلوبة.

وصفة التخوين التي تأتي من قبل الحوثيين اليوم ضد صحفيين يمنيين - وهنا لا نريد عرض ما تعرض له عدد من الصحفيين ووسائل الإعلام اليمنية من بينها موقع «مأرب برس» ورئيس تحريره - ليذكرنا بذات الممارسات الخاطئة التي ارتكبتها وترتكبها أطراف النظام وأطراف أخرى على الساحة اليمنية من هنا أو هناك.

والحوثيون اليوم إن كانوا ينادون بحقوق ومطالب وتطلعات ذاتية معزولة عن تأشيرة البعد الخارجي فذلك أمر لا يؤدي بهم إلى إشعال فتيل حرب مذهبية, ولا إلى اتهام هذا أو ذاك بالعمالة والخيانة.

وأن تدفع أطراف إقليمية وداخلية بالخصوم إلى التناحر في صعدة والجوف وحجة وما جاورهما فسيأتي حتمًا على حساب العمل من أجل إنقاذ اليمن, مع أن المنطقة بأسرها داخلة لا شك في دائرة اهتمام تجار الحروب.

إقراء أيضاً
اكثر خبر قراءة سوبر نيوز