CNN : اليمن بعد صالح: لا يزال الطريق محفوفا بالخداع

الخميس 24 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 الساعة 03 مساءً / مأرب برس - خاص
عدد القراءات 9728
 

   

الترجمة خاصة بمأرب برس

الكاتب : تيم ليستر

المصدر : سي ان ان

ترجمة مهدي الحسني

بعد اشهر من اراقة الدماء و التامر و الانتقام الذي جعل اليمن تبدو و كانها النسخة العربية من قصة هاملت، قام الرئيس اليمني اخيرا بنقل السلطة الى نائبه و ستقام الانتخابات في غضون ثلاثة اشهر , و خلال مراسيم الاحتفال الذي عقد في العاصمة السعودية الرياض للتوقيع على اتفاقية المرحلة الانتقالية التي تبناها مجلس التعاون الخليجي، بدا الرئيس اليمني هادئا و كاتما ضحكته و هو يوقع عدة نسخ من الاتفاقية و التي كانت نتاج رحلات مكوكية دبلوماسية مكثفة قام بها مبعوث الامم المتحدة جمال بن عمر بالاضافة الى الضغوط المتزايدة من المجتمع الدولي .

لكن صالح اطلق رصاصة احتفالية صوب معارضيه عندما قال انهم دمروا في أشهر كل ما بني خلال اعوام

و يقول ابريل لونجلي الي، المحلل السياسي المختص بالشان اليمني في مجموعة الازمات الدولية .

ان اتفاقية الرياض تشكل فرصة للمضي قدما و تجاوز الازمة السياسية الحالية و تتعامل مع المشاكل السياسية مثل التدهور الاقتصادي و الاوضاع الانسانية و كذلك المهمة الاكثر صعوبة و المتمثلة في عملية الاصلاح المؤسسي .

و مع ذلك فان لونجلي الي و محللين سياسيين اخرين لا يستطيعون التنبؤ بالخاتمة. هناك الكثير من العناصر المنافسة التي تم تجاهلها، مثل الالاف من الشباب المتظاهرين الذين نزلوا الى الشوارع في شهر يناير في كل من صنعاء و مدن أخرى مطالبين بتغييرات ديمقراطية، و كذلك التحالف القبلي الذي رفع السلاح في وجه صالح، و انفصاليي الجنوب و التمرد الشيعي في الشمال و جماعات إسلامية منظمة تنظيما جيدا و فرع القاعدة الناشئ .

ربما يكون اليوم اللواء علي محسن الاحمر قائد الفرقة الاولى مدرع هو الرجل الأكثر قوة في اليمن. فقد أعلن انشقاقه في مارس و اخذ معه على جزء من الجيش. و تسيطر وحداته اليوم على المناطق الشمالية من العاصمة في مواجهة مع بقايا اسرة صالح القوية. و يقود كل نجل الرئيس، احمد علي عبدالله صالح، الوريث الذي طال انتظاره ليخلف الرئيس، و ابن أخيه يحيى محمد صالح، يقودان اكثر الوحدات العسكرية فاعلية

و يقول لونجلي الي عن المبادرة الخليجية . " المبادرة لا تتطرق بشكل فعال للتوترات القائمة بين اسرة صالح من طرف و علي محسن الاحمر و اسرة الاحمر القوية في الطرف الاخر. ان كل مراكز القوى هذه مسلحة تسليحا ثقيلا و هي على اهبة الاستعداد للقتال .

و لتذكير الدبلوماسيين بحجم المهمة الملقاة على عاتقهم، اشتبكت القوات الموالية و المناوئة لصالح في صنعاء قبل ساعات من مراسيم التوقيع

و بحسب لونجلي الي يكمن التحدي في ضمان وقف اطلاق النار و ابعاد العناصر القبلية المسلحة من المدن و عودة الوحدات العسكرية الى الثكنات و الانخراط في عملية إعادة هيكلة القوات العسكرية، فتلك تشكل العقبة الحقيقية في مرحلة ما بعد التوقيع

  

اللواء الأحمر يثير توتر بعض الدبلوماسيين الغربيين بسبب علاقاته بالمتطرفين الإسلاميين من السنة. و يقول مراقبون يمنيون ان حزب الاخوان المسلمين كان دوما يستمد نفوذه و قوته بقيادة الاحمر العسكرية و هو معروف بعدم تعاطفه مع الشيعة. و بحسب وثيقة مراسلات دبلوماسية امريكية في 2005 التي ذكرت ان علاقات علي محسن مع الإرهابيين و المتطرفين تجعل من موضوع توليه السلطة امر غير مرحب به من قبل الولايات المتحدة و الآخرين في المجتمع الدولي .

و تشمل هذه القبيلة القوية أشخاص اخرين امثال حميد الاحمر، زعيم حزب الاصلاح الاسلامي و رجل اعمال بارز و معروف بعدائه القديم للرئيس، و لدى اخيه صادق اتباع من المسلحين في مدينة صنعاء و محيطها .

لعقود طويلة، لم تحقق الدولة اليمنية الكثير بدون مباركة آل الاحمر. فالشيخ عبدالله حسين الاحمر الذي توفي في 2007 كان احد اليمنيين القلائل الذين حظوا باحترام واسع و كان يطلق عليه غالبا وصف ابو اليمن الحديث. و قد كان زعيما للمعارضة و كان في الوقت ذاته رئيسا للبرلمان و كان صالح حريصا على عدم تجاوزه.

و اليوم يبدو انه لا يوجد شخصا في مكانته , اليوم العشرات الالاف من المتظاهرين الذين واجهوا بشجاعة اطلاق النار و الغازات المسيلة للدموع و العصابات الموالية للنظام في صنعاء و تعز و مناطق اخرى لن يكونوا سعداء كثيرا برحيل صالح. انهم يشعروا بالتهميش بالطريقة التي يتم بها نقل السلطة من عصبة الى اخرى كجزء من صفقة قبلية و هم يعارضون منح صالح حصانة من المحاكمة و التي كانت جزء من اتفاقية الرياض و لكن لونجلي الي يقول ان هناك دورا سيلعبونه .

الشباب المستقلين في اليمن تم تهميشهم مرات عدة عبر الاشتباكات المسلحة و بالرغم من ان هؤلاء الشباب لا يمتلكون الاسلحة و المؤن، الا انهم بداوا بتنظيم انفسهم و ادراك حجم التأثير الذي قد يشكلوه في المستقبل

و هناك اخرين قد يلعبون دورا هاما مثل رجل الدين عبدالمجيد الزنداني الذي يقود السلفيين و هم الجناح المحافظين جدا في حزب الاصلاح و هو شخصا يخشاه الليبراليين اليمنيين .

و بحسب احد البرقيات الامريكية التي ارسلت من صنعاء في 2005 فان القوة الحقيقية ما زلت تستمد من الجيش و القبائل اما بالنسبة للرئيس الذي يبلغ من العمر 69 عاما فهناك عدة عوامل قد تكون هي التي قادته لاختيار لحظة التوقيع على التنازل عن سلطاته. هو ما زال يحتاج الى تلقي العلاج من الحروق التي تعرض لها في الهجوم على قصره الرئاسي في شهر يونيو و هي الاصابات التي ابقته في احد مستشفيات السعودية لمدة ثلاثة اشهر لتلقي العلاج. و وفقا لما صرح به بان كي مون فان الرئيس صالح اخبره بأنه سيغادر الى نيويورك قريبا لتلقي العلاج .

و هناك احتمال اخر ان صالح راى النهاية المأسوية لمعمر القذافي بالإضافة الى الضغوط المتصاعدة على بشار الاسد في سوريا. كما ان صالح قد تعرض لضغوط دبلوماسية مكثفة من قبل السعودية و الامم المتحدة لتوقيع المبادرة الخليجية. و كان الاتحاد الأوروبي قد بدا في التفكير بفرض عقوبات على نظام صالح. بالاضافة الى ان الوحدات العسكرية الموالية للرئيس كانت قد بدأت بتلقي الهزائم في الأسابيع القليلة الماضية

لكن ما هي خططه الآن؟

لا احد يمتلك الإجابة الأكيدة , فالتآمر حاضرا في ذكريات مؤتمر فيينا في عام 1815 الذي اعاد رسم خريطة اوروبا بعد حكم نابليون. عندما مات المبعوث الروسي فجاة، قال امير النمسا ماتيرنيتش يا ترى ماذا كان ينوي فعله .

مهما يكن شكل السلطة التي ستفرزها المرحلة فان قادة اليمن الجدد سيواجهون مهام شاقة حيث سيورثون دولة انخفضت فيها عائدات النفط و اقتصاد مدمر و فقر مزمن و ارتفاع حاد في عدد السكان خاصة من الشباب و شح في المياه ناهيك عن التمرد في الجنوب و الشمال و فرع القاعدة المتجذر و هنا تستحضرني عبارة اقتبسها من قصة هاملت و هي تنطبق تماما على حالة اليمن اليوم عندما تأتي الأحزان فإنها لاتأتي فرادى بل تأتي في كتائب .

 
اكثر خبر قراءة أخبار اليمن