قراءة تحليلية تبحث في ما وراء المواجهات المسلحة؟

الأربعاء 25 مايو 2011 الساعة 12 صباحاً / مأرب برس- علي الغليسي
عدد القراءات 39223
 
 

يبدو أن الرئيس صالح باشر تنفيذ قرارات مجلس الدفاع الوطني على الميدان، بعد أن كان من المقرر إعلانها خلال أيام .. كما أن تهديداته المتكررة بحرب أهلية والتي مهد لها في كلمته عقب رفض التوقيع بتحميل المشترك المسؤولية عنها باتت واقعاً يعيشه سكان منطقة الحصبة منذ يومين.

واجه النظام خلال الأربعة الأشهر الماضية احتجاجات متنامية تطالب برحيله عن الحكم ومغادرته السلطة، وتمسك شباب الثورة بسلمية الثورة بشكل أذهل العالم ، وأحبط مخططات النظام في جرهم إلى مربع العنف وواجهوا الرصاص بصدور عارية حافظوا من خلالها على عدم الانحراف عن الخط السلمي الذي رسموه لمطالبهم المشروعة في استعادة الشعب لحقه في اختيار الحاكم بعد (33) عاماً من الحكم الفردي المستبد.

بالطبع .. فإن ما يجري اليوم من مواجهات مسلحة في منطقة الحصبة بين قوات الأمن وحراسة منزل الشيخ الأحمر الغرض منه افتعال أزمة ومشكلة حقيقية مع طرف يحظى بنفوذ لدى المملكة العربية السعودية وذلك حتى تقوم الشقيقة الكبرى بالضغط من أجل عودة المفاوضات حول المبادرة الخليجية التي رفض صالح التوقيع عليها الأحد الماضي وتعليقها من قبل دول الخليج، بعد أن أرسلت الحكومة خطاباً رسمياً دعت فيه عبد اللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي للعودة مرة أخرى عقب مغادرته صنعاء غاضباً نهاية الأسبوع الماضي ، وحتى لا تجد السلطة نفسها محرجة من تكرار الدعوات والتناقضات في التوقيع أو عدم التوقيع فقد وجدت في افتعال مشكلة مع أولاد الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر فرصة لقيام السعودية بدور جديد في الوساطة ليس من أجل النظام هذه المرة وإنما من أجل تجنيب اليمن الانزلاق في أتون حرب أهلية بعد أن شاهدوا بأم أعينهم بروفة أولية لها في عاصمة البلاد .

الرسالة التي أرادت السلطة إيصالها أيضاً للأشقاء والأصدقاء من الدول العربية وأمريكا وأوروبا مفادها أن القتال من طاقة إلى طاقة التي طالما هدد بها صالح سيكون البديل لسقوط النظام ، كما أن مؤيدو صالح الذين انصرفوا عنه واستهجنوا ممارساته في حق الوسطاء وقطع الطرقات في العاصمة وتجاهل تطلعاتهم لتوقيعه على المبادرة الخليجية كمخرج آمن للبلاد، سيكونوا ملزمين بالعودة إلى صفه بعد رؤيتهم المواجهات المسلحة التي يقف في ضفتها الأخرى (أولاد الأحمر) وهم الطرف الذين بسببه استمر معظم المؤيدين بوقوفهم إلى جانب النظام حتى مع تصاعد وتيرة الانضمامات للثورة الشعبية وبذلك استطاع صالح صرف النظر عن أي انشقاقات جديدة في حزبه أو في صفوف مؤيدية ، بالإضافة إلى أن السلطة سيكون من السهل عليها تسويق ما يحدث على أنه صراع من أجل السلطة بين صالح وأولاد الأحمر، كما أن استخدام قوات ( النجدة ) لإشعال فتيل الشرارة الأولى للمعركة يأتي بغرض إبعاد الأجهزة الأمنية والعسكرية الأخرى التي يقودها أبناء صالح وأولاد إخوته عن التورط في بدء الصراع المسلح،حتى لا يقرأه الرأي العام أنه شخصي،وكذا لكسب موقف قبائل الحدأ بذمار كون (قائد النجدة) ينتمي إليهم.

حادثة استهداف منزل الشيخ / الأحمر هدفت أيضاً لقطع الطريق أمام أي تصعيد قد يأتي من قبل شباب الثورة السلمية بعد رفض صالح التوقيع وفشل التسويات السياسية ، حيث أن أي تحركات من تصعيدية من قبيل (الزحف) باتجاه القصر أو المنشآت الحكومية أو غير ذلك من وسائل التصعيد ، سيتم تصوير من كل ذلك للرأي العام المحلي والدولي على أنه بإيعاز من أولاد الأحمر وسيكون أي تحرك تصعيدي سلمي في ذلك الإطار من وجهة نظر السلطة ومؤيديها وذلك لمحاولة كسب مواقف (الفئة الصامتة) وتحويلها لصالح النظام، بل أن أجهزة الأمن المكلفة بمواجهة المحتجين قد تعمد إلى استخدام أبشع وسائل القمع في حق أي مسيرة قادمة سينطلق فيها أفراد الأمن من التعبئة التي تعرضوا لها مسبقاً بأن المسيرات قد تحولت من تحركات شبابية إلى مظاهرات تابعة بشكل كامل لأبناء الشيخ عبد الله .

من نافل القول أن السلطة تحاول جاهدة لتحقيق رغباتها في تأجيج الأوضاع والزج بالبلاد في أتون الصراعات الأهلية المسلحة ، وما استهداف لجنة الوساطة التي تضم كبار مشائخ اليمن من مختلف مناطق البلاد إلا دليل إضافي على تلك الرغبة في توسيع دائرة الصراعات وإيصالها إلى محافظات الجمهورية ، حيث أن مقتل وإصابة المشائخ سيلهب مشاعر قبائلهم التي قد تسعى للثأر لهم بأي طريقة قد تكون الفوضى والنيل من المنشآت الحكومية إحدى صورها، وهو ما تطمح إليه السلطة من وراء تلك الأزمة المفتعلة ، مع أن هدفها الأول من ذلك القصف الصاروخي كان تصفية مشائخ لجنة الوساطة والتخلص منهم ومن وساطتهم في وقت واحد.

يمكن التأكيد على أن ما يدور في الحصبة قد يطال (الفرقة الأولى مدرع) لجرها هي الأخرى إلى مواجهة مسلحة ، وتصفية النظام لحساباته مع الطرفين في آن واحد وبلوغ الأهداف المشار إليها آنفاً في نفس الوقت، كما أن ساحة التغيير بصنعاء القريبة من تلك المناطق قد لا تكون بعيدة عن الاستهداف بواسطة قذائف أو صورايخ قد تبررها السلطة بأنها ناتجة عن طريق الخطأ كما هو منطقها في حالات سابقة كاستهداف مخيمات النازحين أثناء حرب صعدة السادسة،كما أنها قد تجد في ذلك الصراع المسلح فرصة لإخلاء ساحة التغيير بأي وسيلة ممكنة ، خصوصاً وأنها فشلت في فض اعتصامها الكبير بالرغم من إفراطها في العنف منذ بدء ذلك الإعتصام.

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن