حسين وحميد.. مثلما لن تسمح أميركا بتطور الخلاف بين عبدالله وسلطان فالسعودية لن تسمح ايضاً بتطور الخلاف بينهما

الإثنين 23 أغسطس-آب 2010 الساعة 02 مساءً / مأرب برس- حسين اللسواس
عدد القراءات 21016

ربما لن نبالغ بزعمنا ان الثنائي حسين وحميد، نجلي الشيخ الراحل عبدالله الاحمر، هما الشقيقان الأكثر إثارة للجدل في تفاعلات المشهد اليمني بمستوياته السياسية والاجتماعية والقبلية..

حضورهما الطاغي في عناوين المشهد وتفاصيله، جعل منهما أكثر الارقام صعوبة وقدرةً على الفعل عبر صنع التغييرات واحداث التعديلات واضفاء النكهات لمختلف الطبخات المحلية سواءً السلطوية منها او المُعارِضة..

بين الشقيقين، ثمة دلائل كثيرة لفهم العلاقات الثنائية تتفرع الى جزئين، أولهما يؤكد نظرية التنافس والغيرة والنزاع وصولاً الى التسابق نحو البروز والصدارة، وثانيهما: يُرجح نظرية التنسيق والتفاهم المسبق في جل الخطوات وبالاخص ذات الاهتمام المشترك وفق قاعدة تبادل الأدوار بما يخدم المصالح الحاشدية العليا..

تفرع الدلائل هنا، لا يعني بالضرورة اتصاف الرؤية بالضبابية، فالواضح ان النظريتين (التنافس والتفاهم) حاضرتان معاً ولكن بنسب مختلفة.. غير ان نظرية التنافس تكاد ان تحتل النسبة الأعلى في ميزان الحضور والظهور على الأقل ظاهرياً..

تأثر اليمن سلباً وايجاباً بمجد ونفوذ وثروة الشقيقين، بقدر ما بات يتعاظم بالتقادم وفق منحنى تصاعدي، فإنه بالقدر ذاته اضحى مبرراً لتسليط الأضواء عن كثب على (الجانب المشترك) من حياتهما كشقيقين وصولاً لفهم أعمق يحقق غايتين، الأولى: حسم الجدل الدائر حول نظريتي التنافس والتنسيق، والثانية: قياس مستوى التأثيرات الممكن حدوثها على مستقبل الوطن من ناتج طغيان احدى النظريتين على الأخرى..!

عدا هذه وتلك، فالعلاقة بين الشقيقين، لم يسبق لها ان حظيت بإهتمام جاد وتناول موضوعي متصف بالحياد، وهو مبرر مصاحب، لآنف المبررات، دفعنا لتدوين هذه المحاولة الرامية الى بحث نقاط التقاطع والتضاد بين الشيخين الأكثر إثارة للجدل والصخب ومدى انعكاساتها على تفاعلات المشهد اليمني.. وهاكم الحصيلة:

قواعد لضبط ايقاع العلاقة المضطربة

في حياة والدهما، ورغم انشغالهما -حد الانهماك- بأنشطة فرعية كالتجارة بالنسبة لحميد والرياضة بالنسبة لحسين، إلا ان ثنائية التنافس والتنسيق كانت متواجدة وإن في ادنى صورها..

اعتلال صحة الشيخ الراحل، جسد مؤشراً -على طريقة الانذار المبكر- دفع الشقيقين لإعادة ترتيب الأولويات بما يضمن لكل منهما مركزه وموقعه النفوذي في حال التحاق الوالد بالرفيق الأعلى.

كان الشيخ الراحل، يدرك فداحة الرحيل دون اجراء ترتيبات نهائية بين الأولاد ووضع أسس ومرجعيات على طريقة (قواعد الاشتباك) تحدد المسموح به والممنوع في خلافات الأشقاء وبالأخص الشقيقين حميد وحسين باعتبارهما قطبي الرحى..

من هنا، يمكن الجزم مجازاً أن ارتفاع مؤشر التنسيق والتفاهم المسبق في النقلات والتحركات –بين الشقيقين- غدا محدداً (ثقيل الدم) يقيد الى حد ما تحركاتهما ويضبط الى مستوى معين ايقاع العلاقة المضطربة والمتأرجحة بين مد وجزر..!

حسين يتوسع وحميد ينكمش

رغم ان حسين لحق بركب الترتيبات بصورة متأخرة عن حميد الذي استهلها في توقيت مبكر، إلا انه –اي حسين- استطاع اللحاق بقطار حميد السريع في مجالات شتى..

صاروخ حسين المنطلق دون عقبات أو مطبات صناعية استطاع مؤخراً ان يتجاوز قطار حميد المتعثر، وهو بالمناسبة تعثر بات واضحاً ارتباطه بمطبات صناعية وعراقيل صالحية ترمي الى فرملتة واثنائه عن بلوغ تطلعات ترى فيها السلطة مؤشراً لخطورة محتملة وتهديد ربما يكون وجودياً..

باستثناء (الثروة شبة الداجنة) التي لازال حميد متفوق في حجمها، يمكن القول ان صاروخ حسين المعزز بديناميكية الدفع الرباعي، تجاوز بفواصل واشواط، ترتيبات حميد على الصعيدين القبلي والسياسي..

إذ أضحى حسين وفق مصادر عديدة، الأكثر تأثيراً ونفوذاً وحضوراً في قبيلة حاشد متجاوزاً بذلك -ليس حميد فقط- بل والشيخ (التوافقي) صادق، لدرجة ان حسين بات يوصف بلقب (صقر حاشد)..

سياسياً، غدا حسين يحظى بنفوذ محلي مخيف بلغ حد قدرته على التحكم بتوجهات ثلث الكتلة البرلمانية للمؤتمر الشعبي العام!، ووصل الى مستوى بات فيه الرجل قادراً على إبرام صفقات استثنائية كتلك التي بموجبها أطلق عبدالملك الحوثي مائتي ضابط وجندي اسير ينتسبون الى قوات الحرس الجمهوري..

عدا هذا فالرجل استطاع بتحركاته وثنائية الانصات والمرونة واشياء اخرى، ان يعزز من تحالفاته الاقليمية التي تتخذ من الجارة السعودية منطلقاً لها..

ليصبح بذلك الخليفة الأوحد لوالده الراحل في موقع (رجل المملكة في اليمن).

بزنس وثروة داجنة

ربما كان تراكم الأموال وتقادم الأعمال (البزنس) هو العامل الرئيسي الذي حال دون ان يحقق حسين نمواً مالياً موازياً للامبراطورية المالية التي يملكها شقيقه حميد..

غير ان ثمة عاملاً لا يقل أهمية، فحسين الذي راج عنه مقولة (سأجمع ثروة مماثلة لثروة اخي حميد في أشهر) ليس متمسكاً بنظرية (الثروة الداجنة) التي يقدسها شقيقه الملياردير، لذا نجده يُغرق في توزيع الأموال الآتية –في الغالب- من خزائن اللجنة السعودية الخاصة بما يخدم تطلعاته ومشاريعة التي هي بالطبع مشاريع سعودية.. بخلاف حميد الذي يُروى أنه يقضي شهوراً من التفكير قبل السماح بخروج اي اموال من الأرصدة المليارية المتجمدة التي يملكها..!

مبررات الميل السلطاني

في شأن التسابق بين الشقيقين لخطب ود سلطان بن عبدالعزيز، ثمة تباين قد يواجه اي محاولة لمعرفة مسببات فوز حسين بثقة سلطان المطلقة على حساب شقيقه حميد..

فرغم ان هذا الأخير ما انفك يؤدي ذات فروض الولاء لسلطان التي يؤديها الشقيق الآخر، غير ان سلطان حسب روايات وشواهد متعددة اضحى اكثر ميلاً لحسين..

الميل السلطاني هذا يمكن تبريره بأكثر من طريقة، إذ ربما كان سببه مستوى ما يقدمه حسين من خدمات للسعودية، وربما كانت الموافقة على ما ياتي من قصر الحمراء دون جدال او فصال هي عامل التبرير..

بين هذا وذاك، هنالك من يُرجح أمراً آخر، فالترتيبات النهائية التي استحدثها الشيخ الراحل قبل انتقاله الى الملأ الأعلى، إختزلت العلاقة مع السعودية -حسب ما يقال- في شخصية حسين الذي بات أعلى همزات الوصل وأكبرها (تأثيراً وتأثراً) مع احتفاظ بقيه الأنجال بعلاقات مباشرة وإن بمستويات اكثر انخفاضاً..

بالطبع هذا لا يعني بأي حال ان الرجل لم ينل (ثقة سلطان) عبر نظرية الجدارة التي أثبتها حين استجاب للنداء السعودي بتشكيل جيش شعبي لحماية المملكة من التمدد الحوثي، وهو الأمر الذي نكص عن القيام به كثير من المشائخ المرتبطين باللجنة الخاصة والجناح السلطاني، ليتجشم حسين عناء تنفيذه بشكل منفرد حاصداً بذلك الرضاء والثقة المتبوعة بالفوائد والعوائد..!

تعليق العمل بنظام توزيع الأدوار

ان كنا بما سبق قد اختزلنا بنسق سردي جل نقاط التنافس بين الشقيقين على مواقع الصدارة وامتيازات التقارب مع الجارة، الشبيهة الى حد ما، بالتنافس بين الجاري بين الوريثين احمد علي عبدالله صالح وابن عمه يحيى محمد عبدالله صالح، فنقاط التنسيق والتفاهم المسبق بين الشقيقين تستدعي وقوفاً تفصيلياً مشابهاً وان بصورة مقتضبة..

حادثة انضواء مجلس التضامن الوطني الذي يرأسه حسين الاحمر، في اللجنة التحضيرية للحوار الوطني التي يقودها حميد، تسببت في تأصيل فكرة التنسيق المسبق بين الشقيقين استناداً لقاعدة المصلحة المشتركة..

كان حدثاً لافتاً بالنسبة لكثير من مراقبي الشأن المحلي، فالمجلس التضامني الذي ترنح –منذ تأسيسه- في الولاء بين معمر القذافي ثم الرئيس علي عبدالله صالح وصولاً الى سلطان بن عبدالعزيز، غدا بصورة مفاجئة عضواً في أكبر كتلة سياسية مناهضة للسلطة ولو بشكل ظاهري..

رغم الترجيحات التي تؤكد صدور توجيهات من اللجنة الخاصة السعودية تقف خلف ما حدث، غير ان ما يمكن استقراؤه بوضوح يكمن في ان عملية الانضواء لحسين ومجلسه التضامني في قوام اللجنة التحضيرية ما هي إلا تداع لنظرية المصلحة المشتركة بين الشقيقين على طريقة (داعي القبيلة)..

فاللجنة التحضيرية كانت آنذاك تتعرض لتهميش متعمد من بعض احزاب المشترك على خلفية أمرين، الأول: مواقفها السياسية المناقضة لأهداف وجودها (أبرزها مثلاً اعلان اللجنة عزمها محاكمة الرئيس علي عبدالله صالح) والثاني: تصاعد وتيرة اللغط الدائر حول طبيعة علاقة اللجنة بأحزاب المشترك والتساؤلات المتكررة حول ما إذا كانت ستشكل بديلاً للأحزاب..

شعور حميد بالقلق من انفضاض الأحزاب من حول اللجنة وتخليهم عنها أو على الأقل تهميش دورها في اتخاذ قرارات التقارب والتباعد مع السلطة، دفعه –ربما بايعاز من اللجنة السعودية الخاصة- الى تعليق العمل مؤقتاً بنظام (توزيع الأدوار) مع شقيقه حسين مستبدلاً إياه بنظرية الاجتماع والتعاضد لمواجهة خطر داهم، ليدعو بذلك حميد شقيقه حسين ومجلسه التضامني الى الانضمام الاضطراري في قوام اللجنة بصورة تحقق غاية احباط مساعي تهميش اللجنة..

حماية اللجنة من التآكل والاضمحلال

أهمية اللجنة التحضيرية بالنسبة لحميد الاحمر ترجع لعوامل متصفه بالتعدد، فهي تجسد مشروعاً سياسياً ذا بعد وطني واسع يحقق رغبته في بلوغ قمة الهرم السلطوي..

وهي –في الوقت عينه- الكيان الذي يمنح امتيازات شخصية تخول لحميد التدخل والتعديل واتخاذ القرارات وانفاذها بعكس الأحزاب المحكومة بإراده قياداتها واتجاهات قواعدها ولجانها المركزية ورؤى مكاتبها السياسية..

كما انها ايضاً تجسد كياناً شعبياً قائماً بذاته يملك مقومات تمنحه القدرة على تجسيد دور البديل الافتراضي للمجالس المحلية في المحافظات حال وصول الاوضاع الى مرحلة انهيار الدولة، بالتوازي مع قدرتها على قيادة حملة انتخابية كاملة على المستويين المحلي والوطني، اي انها يمكن ان تقوم بقيادة وتنفيذ الحملة الانتخابية في حال قرر حميد الترشح لرئاسة الجمهورية..

تاسيساً عليه، يمكن القول ان مقدار الأهمية الذي تشكله اللجنة في خدمة تطلعات الرجل، جسد دافعاً حاسماً من بين دوافع –قد تكون التوجيهات السعودية احداها- لضم حسين ومجلسه التضامني، ليس هذا فحسب، بل وابرام اتفاقات مع الحوثيين واجراء حوارات مع المعارضة الخارجية انطلاقاً من نظرية (توسيع دائرة حلفاء اللجنة) بصورة تؤدي لاكسابها الدرع الواقي والمنعة اللازمة في مواجهة المخططات التهميشية والاقصائية، إذ ان اللجنة لدى ذوي المخططات الاقصائية اضحت تشكل عبئاً وحملاً ثقيلاً بشكل يستوجب التخلي عنها أو على الاقل العمل على انقاص وزنها..!

تكتيك سلطاني النشأة أحمري التنفيذ

الطريقة التي تصرف بها الشقيقان في التعاطي مع الاتفاق المبرم بين احزاب المشترك والمؤتمر الشعبي (شبة الحاكم)، أسهمت في رفع مؤشر نظرية التنسيق المسبق على قاعدة المصالح المشتركة بينهما..

ما كان يخشى منه حميد، حدث للتو عقب ابرام الاتفاق الآنف ذكره، فالاتفاق جسد قفزاً وتجاوزاً من الاحزاب للجنة التحضيرية التي فقدت المبرر الرئيسي لوجودها ككيان بقواعد شعبية في المحافظات..

بعبارة اكثر دقه: لقد تحولت اللجنة التحضيرية من مرجعية شعبية إلى كرت سياسي في جعبة الكروت التفاوضية لأحزاب اللقاء المشترك، ليس هذا فحسب، بل ان الحفاظ على كيان اللجنة من عدمه، بات مرهوناً بتصرفات وافعال السلطة، فإن هي قدمت ما يريده المشترك من تنازلات فاللجنة التحضيرية ووثيقتها الانقاذية سيلتحقان بذاكرة التأريخ على طريقة (كانت هنالك لجنة ووثيقة)..!

وان سعت السلطة لعرقلة الاتفاق وتلغيم مساره التفاوضي، فالبقاء والتفعيل سيكون هو المصير المرتقب للجنة التحضيرية..!

إذن: لم يعد التحالف السياسي بين الشقيقين -الناتج عن اندماج مجلس التضامن في اللجنة التحضيرية- مجدياً لمواجهة التطورات التي تهدد مشروع اللجنة التي وجدت –حسب اهدافها- لانقاذ البلاد (مشروع وثيقة الانقاذ) فإذا بها –اي اللجنة- تبحث عن من ينقذها..!

اللجؤ للتكتيك البديل جسد خياراً اضطرارياً للرجلين، إذ اتجه حسين لعقد مؤتمر سلام في صعدة، بينما يمم حميد وجهه قِبل المعارضة الخارجية المناوئة للاتفاق بين المشترك والسلطة..

ربما كان تكتيكاً سلطاني النشاة أحمري التنفيذ، هذا بالطبع لا يمنع واحدية المغزى: احباط وعرقلة مسار التقارب (المؤتمري- المشتركي)..!

سيطرة حميد على اشقائه

بالعودة الخاطفة لخطوة انضواء مجلس التضامن في كيان اللجنة التحضيرية، فانها بقدر ما اكدت واقعية نظرية التنسيق والتفاهم المسبق وتبادل الأدوار، فإنها ايضاً عززت الاعتقاد السائد بوجود سيطرة حقيقية او بالاحرى (قدرة على الاقناع) يمارسها حميد الاحمر على باقي اشقائه، وهي سيطرة تجعلنا نستبعد مجابهتهم له إذا ما قرر خوض انتخابات رئاسة الجمهورية..

حسب الشواهد الماثلة، بإمكاننا الإدعاء ان حميداً سيحظى بدعم ومساندة جميع اشقائه واخوته حتى لو كان المنافس هو الرئيس علي عبدالله صالح..!

الدعم والمساندة، التي سيقدمها الاخوة لاخيهم حميد، قد لا تعني التأييد المعلن، فالمصالح الحاشدية العليا تقتضي في مثل هكذا حالات تفعيل نظرية (توزيع الادوار) اذ قد يكون التأييد ضمنياً، بمعنى ان يعلن بعض الاخوة تأييدهم للرئيس صالح في حين انهم -عملياً وواقعياً- يقفون طولاً وعرضاً وارتفاعاً مع اخيهم حميد..!

البحث عن الاتباع بموازاة رفض الشركاء

ان كان السعي لبلوغ الصدارة في الثروة والنفوذ والمجد، يعد ابرز القواسم المشتركة بين الشقيقين، فنبذ فكرة الشركاء وتحبيذ مفهوم الاتباع، يجسد قاسماً مشتركاً في شخصية الرجلين لا يقل أهميةً وبروزاً..

خلال مسيرتهما التالية لوفاة الشيخ الراحل، خسر الشقيقان الكثير من الاصدقاء والحلفاء، تفضيل الاتباع على الشركاء في حالة حسين مثلاً، تجلى بوضوح في المراحل التالية لتأسيس مجلس التضامن الوطني..

اذ حاول الانفراد بالقرارات المصيرية للمجلس، وسعى لتغليب رأيه الشخصي على رأي الأغلبية فيما يتعلق بتوجهات المجلس ومواقفه السياسية وهو ما تسبب آنذاك في خسارته لعدد من حلفائه كعبده بشر وصخر الوجيه والدكتور المتوكل، غير انه سرعان ما استعاد علاقته التحالفية بهم في مراحل لاحقه اثر تخليه عن نظرية التابع والمتبوع واحتكامه لرأي الأغلبية واحترامه لآرائهم واتجاهاتهم الفكرية..

تفضيل الاتباع على الشركاء في حالة حميد، يبرز بوضوح لافت عبر أمرين، الأول: طرائق تعاطيه مع عدد من حلفائه ضمن اللجنة التحضيرية. والثاني: رفضه القبول بأصوات الأغلبية في قوام اللجنة التي نادت وتنادي بضرورة تفعيل بند (تدوير المناصب الرئيسية المُضمن في نظام اللجنة الأساسي)..

نظرية (الشيخ والرعوي) تجلت بوضوح في طريقة تعاطي حميد مع الناشطة الحقوقية توكل كرمان احدى مؤسسيي لجنة الحوار الوطني..

إذ مارس الشيخ حميد أدواراً اقصائية ضد توكل على خلفية مواقفها المناوئة له وآرائها الناقدة لأداء اللجنة التحضيرية، الممارسات الاقصائية بلغت حد الوقوف ضد تطلعاتها في رئاسة اللجنة الاعلامية المنبثقة عن اللجنة التحضيرية.. ووصلت حد محاولة اثنائها عن القاء كلمتها في احدى اجتماعات اللجنة التحضيرية وهو بالمناسبة ذات الاجتماع الذي شهد انسحاب حميد الاحمر بسبب كلمة توكل كرمان..!

التشبث بموقع الأمين العام ورفض نداءات تدوير المواقع جسد هو الآخر مثالاً صاخباً على تفضيل الأتباع على الشركاء..

ببساطة: لولاهما –اي الشقيقين- لما وجد التمويل اللازم لبقاء مجلس التضامن واللجنة التحضيرية، مبرر يضاف الى نظرية (الشيخ والرعوي) فالشقيقان يستغلان حالة الثراء التي يعيشانها –الناتجة في الغالب عن اموال اللجنة السعودية الخاصة- وذلك لإرغام الشركاء على القبول بالتحول الى اتباع (انه حقاً لشيء مؤسف)..!

وماذا بعد..

بالاستناد لما بعاليه، نستطيع الجزم بأن قواعد الاشتباك التي رسم اتجاهاتها ووضع محدداتها الشيخ الراحل عبدالله الاحمر تعد مرجعية حصرية لتنظيم العلاقات بين الشقيقين المتطلعين الى تحقيق سقوف لا نهائية من المجد والنفوذ والثروة..

حسب راهن المعطيات، يمكننا الجزم ايضاً بوجود تأثير نسبي يمارسه الشيخ حميد الاحمر على اشقائه واخوته وفي الطليعة الشقيق حسين، لدوافع تتصل –ربما- بسيطرته الكاملة على معظم ثرواتهم المالية (الداجنة) باعتباره يشغل موقع الرئيس التنفيذي لمجموعة شركات الاحمر التجارية..

في صيغة المجمل: حتى لو بدا ان ثمة ارتفاعاً في مؤشر التنافس والنزاع بين الشقيقين كعنوان للعلاقة الرابطة بينهما، غير ان آنف المقاربات تجعلنا نغالب نظرية التفاهم والتنسيق المسبق وتبادل الأدوار على ما عداها..

باختصار: لا يمكن لأحدهما الوقوف ضد الآخر بشكل مطلق إلا لدواعٍ تكتيكية!، فقواعد الاشتباك الناظمة لمسار العلاقات التي يلتزم بها الجميع حتى الان، تجعل وصول الشقيقين الى مرحلة متقدمة من تأزم العلاقة واستعار الصراع امر مستحيل..

وهو ما يعني عبثية التكتيك الصالحي الرامي الى تعزيز الشروخ وتصديع العلاقات بين انجال الشيخ والعزف على وتر التباينات بهدف اضعافهم وتحجيم نفوذهم..

حتى لو غدا المستحيل آنف الذكر، غير عصي على التحقق، ونجحت المخططات الصالحية في خلخلة البنيان الذي يبدو متماسكاً، فثمة مرجعيات قد لا تسمح بوصول الخلافات الى اعتاب المنطقة البرتقالية (احتدام الصراع)..

فالسعودية كحليف استراتيجي لحاشد، لن تتوانى عن استخدام نفوذها واموالها وأوراقها للحيلولة دون التنازع بين الأنجال، عدا هذا فثمة من يجزم ان شخصيات كالقائد علي محسن الاحمر والأمير سلطان بن عبدالعزيز ومحمد حسن دماج يمكن ان تؤدي دور الجسر المنيع الذي يقف بشموخ في مواجهة اي خلافات معتمداً نظرية الاحتواء المسبق..اذ ان الشخصيات آنفه الذكر-حسب أرباب هذا الجزم- تحظى باحترام الأنجال وتملك قدرة اسطورية على التاثير في قناعاتهم وتوجهاتهم وبالاخص الشقيقين الموصوفان بقطبي الرحى..

الوضع هنا، شبية الى حد ما، بالدور الذي تؤديه اميركا لتسوية الخلافات العميقة بين الأجنحة المتصارعة في مملكة آل سعود..

إذ مهما بلغ الخلاف بين الملك عبدالله والأمير سلطان، فلا يمكن السماح له بالتطور التصاعدي، ومبارحة دهاليز الخفاء الى مربعات النور والعلن.. وكفى!

* بالتزامن مع الأهالي

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن