حرب السودان.. هل اقتربت المعركة الفاصلة؟

الجمعة 11 أكتوبر-تشرين الأول 2024 الساعة 04 مساءً / مارب برس - الأناضول
عدد القراءات 2383

تحولات كبيرة على الأرض في مشهد الحرب بالسودان خلال الأسبوعين الماضيين، عقب تقدم الجيش وسيطرته على مناطق حيوية كانت تحت سيطرة "قوات الدعم السريع" شبه العسكرية في قلب العاصمة الخرطوم وجنوب البلاد.

 

هذه التحولات جعلت متغيرات المعادلة العسكرية تأخذ منحى جديدا بعد أكثر من 17 شهرا من الصراع المسلح، ورفعت من حدة المعارك في الخرطوم وعدة مناطق أخرى.

 

ومنذ منتصف أبريل/ نيسان 2023 يخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" حربا طالت 13 ولاية من أصل 18 وخلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وقرابة 10 ملايين نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.

 

ووسط إفادات للجيش بـ"قرب ساعة النصر" وتصريحات مقابلة للدعم السريع بحشدها لعمليات عسكرية جديدة، قال المحلل السياسي السوداني عثمان فضل الله للأناضول، إن البلاد "تسير نحو فترة عصيبة ستشهد تصاعدا في المعارك العنيفة بكل المناطق، وعلى ضوئها يتحدد مصير الفترة المقبلة".

 

ومشيرا إلى رغبة طرفي الحرب بتحقيق مزيد من المكاسب الميدانية، أوضح فضل الله أن "الدعم السريع يحتاج للمحافظة على مناطق سيطرته أو استهداف مدينة جديدة، بينما يسعى الجيش لتحقيق انتصار كبير كتحرير الخرطوم أو مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة وسط البلاد".

 

هجوم في الوسط والجنوب

وخلال الأسبوعين الأخيرين، أدت هجمات الجيش إلى استعادة أجزاء كبيرة من مناطق سيطرة "الدعم السريع" في العاصمة المثلثة (الخرطوم، بحري، أم درمان) مثل شمال مدينة بحري (شرق) ومنطقة المقرن (وسط).

 

ومنذ 26 سبتمبر/ أيلول الماضي وعن طريق عبور قواته لأول مرة منذ نحو 7 أشهر لثلاثة جسور بالعاصمة الخرطوم كانت تغلقها "الدعم السريع"، شن الجيش عملية واسعة تمكن خلالها من السيطرة على أحياء بمدينة بحري بينها الكدرو والحلفايا والدروشاب.

 

وما زال يواصل الجيش في عمليات عسكرية برية وجوية داخل مدينتي الخرطوم وبحري، محاولا الوصول إلى عمق الخرطوم حيث القصر الرئاسي الذي تسيطر عليه "الدعم السريع" منذ اندلاع الحرب.

 

وجنوب البلاد، نجح الجيش في السيطرة على جبل موية بولاية سنار، وهو جبل ذو موقع استراتيجي يرابط بين ولايات النيل الأبيض والنيل الأزرق (جنوب) والجزيرة (وسط)، سيطرت عليه "الدعم السريع" في يونيو/ حزيران الماضي.

 

والأربعاء، أعلن الجيش سيطرته على منطقة "جريوة" بولاية النيل الأزرق (جنوب شرق) مؤكدا خلو الولاية من "الدعم السريع".

 

أدت هذه التغيرات في السيطرة على الأرض إلى إفراز واقع جديد بين أطراف القتال وكذلك بشان استمرار القتال.

 

دفاع في الغرب

وبالتزامن مع المعارك الهجومية وسطا وجنوبا، ما زال الجيش ومعه قوات حركات دارفور المسلحة الموقعة على اتفاق سلام عام 2020، تدافع عن مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب) في ظل حصار قوات الدعم السريع ومهاجمتها المتتالية على المدينة منذ مايو/ أيار الماضي.

 

والفاشر عاصمة إقليم دارفور المكون من 5 ولايات وأكبر مدنه، هي الوحيدة بين مراكز ولايات الإقليم الأخرى التي لم تسقط بيد "الدعم السريع" في نزاعها المسلح ضد الجيش السوداني.

 

بجانب الدفاع عن الفاشر من السقوط، استطاعت قوات الجيش وحركات دارفور استعادة عدة مناطق في ولاية شمال دارفور من "الدعم السريع" بعد معارك عنيفة، وأبرزها منطقة "بئر مزة".

 

كما تخوض قوات الجيش وحلفائها من الحركات المسلحة معارك في ولاية غرب دارفور (غرب) التي تسيطر عليها "الدعم السريع" حتى الوقت الحالي.

 

أهمية جبل موية

خلال تفقده للجنود في منطقة جبل موية بولاية سنار بعد سيطرة الجيش عليها، توعد شمس الدين كباشي نائب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، بـ"حسم التمرد (الدعم السريع) وتطهير كل شبر من الوطن" مؤكدا على "قرب ساعة النصر" .

 

وتعد السيطرة على جبل موية وفق المحللين العسكريين "مفتاحا للنصر" في معارك مقبلة، حيث يتيح ذلك لقوات الجيش التحرك بسهولة نحو المناطق التي تسيطر عليها "الدعم السريع" بولايتي الجزيرة وسنار.

 

وفي 25 يونيو المنصرم، سيطرت "الدعم السريع" على جبل موية، لتفرض حصارا على مدينة سنار كبرى مدن الولاية المسماة بذات الاسم، لتسيطر على أجزاء واسعة من الولاية بما فيها عاصمتها مدينة سنجة.

 

وفي أحدث التطورات، بث قائد "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو (حميدتي) الأربعاء فيديو على منصة إكس أقر فيه بهزيمة قواته في جبل موية، وعزا ذلك لاستخدام الطيران العسكري بكثافة من الجيش السوداني بمعاونة مصر وهو ما نفته القاهرة.

 

وفي ذات الفيديو الذي أثار الكثير من الجدل، طالب حميدتي قواته بالاستعداد لقتال الجيش السوداني ومواصلة الحرب، مشيرا إلى أنهم سينتقلون إلى تنفيذ الخطة "ب" دون أن يوضح ماهيتها، غير أن مراقبين يرون في ذلك إعلانا من "الدعم السريع" بتوسيع صراعه مع الجيش لمدى أبعد.

 

ساعة الحسم

وبين ثقة الجيش في قرب ساعة النصر وتهديد "الدعم السريع" بمواصلة الحرب، يرى مراقبون أن حسم المعارك بين الطرفين ليس سهلا وقد يحتاج لوقت طويل.

 

برأي المحلل السياسي السوداني عثمان فضل الله، فإن البلاد "تسير نحو فترة عصيبة ستشهد تصاعدا في المعارك العنيفة بكل المناطق، وعلى ضوئها يتحدد مصير الفترة المقبلة".

 

وأوضح أن "الجيش منذ أواخر سبتمبر الماضي بدأ عملية عسكرية أعد لها منذ فترة وحرك كل قواته في كافة المحاور لهزيمة الدعم السريع وكسر شوكته".

 

وتابع فضل الله: "بالمقابل خطاب قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو الأربعاء، يمضي في ذات الاتجاه وهو يحشد لعملية عسكرية جديدة".

 

واعتبر أن "الطرفين يعدان لمعركة حاسمة يستطيع فيها أحدهما تحقيق انتصار أو اختراق يكون بعده صاحب الكلمة العليا بمستقبل البلاد".

 

واشار إلى أن كل طرف "يسعى لتحقيق مكسب من المعارك ميدانيا، فالدعم السريع يحتاج للمحافظة على مناطق سيطرته أو استهداف مدينة جديدة".

 

وأما الجيش، وفق فضل الله، فيسعى إلى "تحقيق انتصار كبير كتحرير العاصمة الخرطوم، أو مدينة ود مدني (تحت سيطرة الدعم السريع منذ ديسمبر/ كانون الأول 2023)".

 

وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب في السودان، بما يجنب البلاد كارثة إنسانية بدأت تدفع الملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال.