آخر الاخبار

من الأرشيف.... رسالة الشيخ أمين أبوراس «كبير بكيل» إلى الملك فيصل بعد توقيع اتفاقية المصالحة والسلام 1972

السبت 05 ديسمبر-كانون الأول 2009 الساعة 07 مساءً / مأرب برس - صنعاء
عدد القراءات 6240

بسم الله الرحمن الرحيم

صاحب الجلالة، الملك فيصل بن عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ، ملك المملكة العربية السعودية، المبجل

تحية العروبة والإسلام والكفاح المشترك، من أجل نصرة الحق وبعد:

لقد فكرت كثيراً وقلبت أوجه الرأي طويلاً قبل أن آخذ القلم والقرطاس لأنقل إلى جلالتكم بواسطتها صادق مشاعر الأخوة والإحساس العميق إزاء مواقف جلالتكم المشرفة فيما يتعلق بقضية التخلف والعزلة الرهيبة في اليمن التي لا زالت مجسدة في صورة الثالوث المخيف، الجهل، والفقر، والمرض.

إن مواقفكم العظيمة حجما وكما وكيفا بالنسبة لليمن في الأعوام الأخيرة التي تلت ميثاق المصالحة والسلام لأصدق دليل على مدى اهتمام جلالتكم بهذا الشعب العربي المسلم الجار الذي حُرم لقرون طويلة من أبسط مقومات الحياة الإنسانية، وما قدمتموه جلالتكم وتقدموه لهذا البلد في مجال التعليم بصورة خاصة ليس إلا ترجمة أمينة لما تكنّون جلالتكم من حب الخير ومصداقاً لقوله تعالى “ والأقربون أولى بالمعروف...” وهذا العون السخي الصادق يشكل نقطة جلية في مسار جلالتكم الحكيمة الرامية إلى تعميق أواصر القربى والعقيدة الحق بين مختلف شعوب العالم العربي والإسلامي قاطبة.

ياصاحب الجلالة، لست بحاجة إلى أن أستعرض في هذه السطور مجمل المراحل التي مر بها الشعب اليمني في كفاحه من أجل العدل والتقدم والرخاء كما لست بحاجة إلى أن أضع بين أيدي جلالتكم الآثار الكريمة التي تركتها مساعيكم الحميدة من أجل تحقيق أهدافه من الحرية والأمن والسلام أو في مضمار جهاده الشاق أيضاً من أجل خلق اليمن القوي، علمياً، واقتصادياً، واجتماعياً ،وحسبي أن أشير هنا إلى نقطة هامة اعتقد أنها موضع تقدير جلالتكم ... إن اليمن يا صاحب الجلالة، قد سئمت الحرب بكل آلامها ونتائجها الدامية ولم تعد قادرة على مواصلة جهدها في سبيل( مواجهة ) الخراب والدمار الذي لا بد أن تنعكس نتائجه لا على اليمن فحسب بل على الجزيرة العربية والخليج والوطن العربي كله.

يا صاحب الجلالة، اسمحوا لي جلالتكم أن أقول بأن الشعب اليمني كل الشعب اليمني من شماله وجنوبه لم يعد قادراً على استيعاب الأفكار الخارجة عن عقيدته وتقاليده مهما كانت صور له الذين يحاولون طرح مثل هذه الأفكار فقد علمته التجارب المريرة التي جربها عبر مراحل نضاله الشاق بأن يقيم كل الأعمال على ضوء نتائجها وأبعادها حتى لقد اصبح المواطن العادي على درجة عالية من الوعي والحس الوطني الذي يؤهله لإدراك كل الخطوات التي تشكل الطابع العام لعلاقة هذا البلد أو ذاك مع اليمن ،ولذا فإنني أرى انطلاقاً من هذا المفهوم بأن الأعمال المجسدة في المشاريع الحية ممثلة في المدارس، والمستشفيات، والطرقات.. الخ.. هي خير ما يمكن أن يقدم لهذا الشعب في صراعه الشاق. أما المساعدات، والهبات التي تهدف لتدعيم موقف هذا الشخص أو ذاك فإنها لن تأتي إلاَّ بنتائج عكسية لنوايا الخير والإصلاح وباختصار أو وللأصح و بصراحة ((…لأن) الشعوب هي التي تصدر أحكامها في النهاية فيما يتعلق بعلاقتها بهذا البلد أو ذاك أن بلادنا بحاجة إلى من يأخذ بيدها بكل صدق وإيمان للخروج بها من واقعها المتخلف بكل صوره سواء بنينا مدرسة أو جامعة أو بنينا مصنعا أو أقمنا مزرعة وما عدا ذلك فكفقاعات الصابون سرعان ما تتلاشى مع أبسط لمسة هواء وهذه حقيقة.

إن تدعيم الأشخاص (يا جلالة الملك) أياً كانت هويتهم عمل غير صالح في وجهته السلبية ولا الإيجابية القريبة والبعيدة وهذا ما أخشاه أنا شخصياً بل وما لا أريده على الإطلاق...

وعليه أكرر القول بأن اليمن من وجهة نظر كل يمني مخلص مؤمن، فوق الجميع، هو الباقي وما عداه هو الزائل الفاني...

على أمل أن يحظى هذا بتقدير جلالتكم أولاً وأخيراً

 . أخوكم/ أمين بن حسن أبو رأس.