مركز للدراسات الأمنية ينشر تحليلا عن اليمن وتوقعات ما سيحدث فيها خلال 2023

الأحد 22 يناير-كانون الثاني 2023 الساعة 03 مساءً / مأرب برس-متابعات
عدد القراءات 5174

نشر مركز صوفان للدراسات الأمنية (الأمريكي) تحليلاً لتوقعات النزاع اليمني خلال العام الجاري، وقال إنه على الرغم من أن عام 2022 شهد انحسار رقعة الحرب المستمرة منذ تسع سنواتٍ بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا وحركة الحوثي المدعومة من إيران، من المرجح أن يظل الحل الدائم بعيد المنال في عام 2023.

ولفت إلى أن عام 2022 شهد فشل مسارين تفاوضيين أحدهما بقيادة وسطاء من الأمم المتحدة والآخر بين السعودية والحوثيين برعاية عُمان – في تحقيق اختراقات ذات مغزى.

وقال المركز إن إيران تواصل تسليح حلفائها الحوثيين بالصواريخ والطائرات المسيّرة والأسلحة الصغيرة، تحسبا لعودة اشتداد النزاع المسلح.

وأضاف: تسعى السعودية وحليفتها الرئيسية والإمارات، إلى إنهاء الصراع وسط توترات مع واشنطن بشأن تكتيكاتهما في اليمن وانتهاكاتهما لحقوق الإنسان وسياساتهما في مجال الطاقة.

ولفت المركز إلى أن اتفاق وقف إطلاق وفّر لدول الخليج فترة راحة من الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة التي استهدف بها الحوثيون أهدافا في المملكة بالأساس (وفي الإمارات على نحو ثانوي). ولكن وقف إطلاق النار الرسمي لم يمدد في أكتوبر/تشرين الأول 2022 بسبب مطالب الحوثيين برفع الحصار كليًا، والإصرار على استخدام عائدات الحكومة اليمنية – التي تأتي أساسًا من مبيعات النفط – لدفع رواتب جميع الإداريين المدنيين في اليمن، بما في ذلك أولئك الواقعين في مناطق سيطرة الحوثيين. ومع ذلك، ظل منسوب القتال أقل بكثير مما كان عليه قبل وقف إطلاق النار.

ومالبث الحوثيون في أواخر عام 2022 أن شنوا هجمات صاروخية على منشآت الطاقة اليمنية لحرمان الحكومة اليمنية من عائدات تصدير النفط. واعتبارًا من أوائل عام 2023، يعمل وسطاء الأمم المتحدة على استعادة وقف إطلاق النار وتقييم احتمالات التوصل إلى تسوية دائمة للصراع. وفضلا عن ذلك، استأنفت سلطنة عمان مسارا دبلوماسيا منفصلا يرى العديد من الخبراء أنه قد يكون محوريًا لإحلال السلام في اليمن – عبر محادثات مباشرة بين الحوثيين وممثلي الحكومة السعودية والإماراتية. وفشل كلا المسارين الدبلوماسيين في تحقيق نتائج، ويرجع ذلك جزئيًا إلى استمرار فرض السعوديين والإماراتيين حظرا على تقديم أي دعم مالي قد يصل إلى الحوثيين أو مؤيديهم. ومع ذلك، تواصل الأطراف مناقشاتها في يناير/كانون الثاني 2023.

وخلص المركز الأمريكي إلى أن “احتمالات إنهاء الصراع اليمني في عام 2023 غير مؤكدة: فبالنسبة لجميع الأطراف المتحاربة، للتسوية حوافزها وعيوبها”.

ويشير الوسطاء التابعون للأمم المتحدة والعمانيون والولايات المتحدة وغيرهم ممن يتبنون نظرة متفائلة إلى عدة عوامل تدعم حل النزاع، على الرغم من مطالب الطرفين المستعصية. وتؤكد منظمات الإغاثة العالمية أن التوصل إلى تسوية أمر ضروري بالنظر إلى المعاناة الحادة لسكان اليمن، الذين كانوا، حتى قبل الحرب الأخيرة، من أفقر الشعوب في المنطقة. وبالنسبة للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، فإن التوصل إلى تسوية في اليمن من شأنه أن يحمي أراضيهما من الهجمات التي يشنها الحوثيون بالسلاح الإيراني ويخفف من التوترات القائمة مع الولايات المتحدة.

ويذهب التحليل لمركز صوفان إلى التوترات الأخيرة بين الولايات المتحدة والسعودية حيث تفاقمت التوترات بسبب الدعم السعودي لخفض إنتاج النفط العالمي. ومع انتهاء عام 2022، سعى الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن إلى إعادة تأكيد الشراكة الاستراتيجية طويلة الأمد بين الولايات المتحدة والسعودية من خلال توسيع التخطيط الدفاعي المشترك ضد إيران والعمل ضد جهود أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي لوقف مبيعات الأسلحة إلى الرياض والتعاون الاستخباراتي معها.

وقال التحليل إن التسوية السياسية بالنسبة للحوثيين، تمنح الاعتراف والشرعية العالمية لحركتهم وتؤكد دورهم قوةً رئيسية في اليمن. وعلاوة على ذلك، يدرك قادة الحوثيين أن إيران، داعمتهم الرئيسية، تتعرض لضغوط اقتصادية – وربما عسكرية – متزايدة من الولايات المتحدة وحلفائها بسبب سياساتها القمعية ودعمها لروسيا ضد أوكرانيا. وفي أوائل يناير/كانون الثاني صادرت البحرية الأمريكية شحنة إيرانية مكونة من 2000 بندقية من طراز AK-47 كانت متجهة إلى الحوثيين – وهو ثالث اعتراض أمريكي من نوعه خلال الشهرين الماضيين – مما يشير إلى نية الولايات المتحدة إحباط خط الإمداد هذا. إن الحد من تدفق الأسلحة من إيران سيحرم الحوثيين من مزايا أساسية في ساحة المعركة كانوا ما يزالون يتمتعون بها حتى الآن.

ويشير التحليل إلى أنه لا تزال العديد من العوامل والاعتبارات تحول دون التوصل إلى تسوية حتى الآن. لقد حدد الحوثيون – الذين أدركوا أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تريدان الخروج من الصراع أكثر مما يريدون هم أو تريد إيران – ثمنًا للسلام النهائي يتجاوز ما ترغب السعودية والإمارات والحكومة اليمنية في دفعه. يطالب الحوثيون بنصيب كبير من السلطة في الحكومة المعاد هيكلتها، والانسحاب الكامل والدائم لقوات التحالف العربي بقيادة السعودية من البلاد، والتوزيع العادل للعائدات من بيع اليمن للنفط.

ولفت المركز إن القبول بشروط الحوثيين يعتبر هزيمة كبيرة للسعودية. فالتسوية التي تمنح الحوثيين الكثير مما يطالبون به من شأنها إضفاء الطابع المؤسسي على النفوذ الإيراني داخل اليمن، مما يمثل إخفاقًا للسعودية وشركائها الإماراتيين في تحقيق الهدف الأساسي لتدخلهم العسكري.

واختتم بالقول: ومما يزيد من تعقيد التسوية الخلافات بين الشريكين الخليجيين (أبوظبي والرياض)، إذ تصر الإمارات على تهميش الفصائل الإسلامية .

ويشير تقييم إيجابيات التسوية النهائية وسلبياتها إلى أن ساحة المعركة في اليمن سوف تنضج في عام 2023، دون أن يعني ذلك بالضرورة اندلاع الحرب من جديد.