الحوادث المرورية مع غروب شمس في رمضان ... إفطار على الألم

الأحد 13 سبتمبر-أيلول 2009 الساعة 09 مساءً / مأرب برس-عبدالله مشهور بن شهاب:
عدد القراءات 7623

ما إن يهل رمضان ويحط رحاله من بين الشهور حتى تحل برفقته البشرى والفرحة والمسرة وتطمئن فيه النفوس وتستعيد نشاطها الروحي والإيماني ، رمضان مدرسة من مدارس الصبر وتحمل الأذى وشهر للتجارة الرابحة مع الله وتلك تجارة لن تبور ..

فما إن تنحني الشمس للغروب كل يوم في رمضان حتى ترى الناس تدب حثيثاً كدَب النمل إلى جحرها لتكتمل لهم فرحة صيام يومهم ... ولكن في تلك اللحظات يجدر بنا أن نتمهل ونستوقف أنفسنا لنتحدث عنها قليلاً ، وحتى يكون المشهد واضحا لنستعرض هذا المثال من الواقع البسيط اليومي فحين ترش المبيد الحشري ( البفباف ) على الذباب ترى أن مفعوله يسري مباشرة فيها فتراها تتخبط يمينا وشمالاً لا تدري أن تذهب لقوة مفعول المبيد عليها ، وربما لتهرب من المنطقة التي هي فيها وما هي إلا لحظات حتى تراها ملقاة على الأرض ميتة .

وهنا نعود إلى موضوعنا ونقول : إن ذلك التوقيت هو من أخطر اللحظات التي تمر بها الحركة المرورية يوميا في شهر رمضان فحين تفل الشمس نحو الغروب ترى أن سرعة المحركات بمختلف أنواعها في الطرقات العامة تزداد ويرتفع معها غبار الشوارع بالإضافة إلى ضجيج المحركات نفسها .

لكن ما سأتحدث عنه هنا لا يقل أهمية عن هذا ألا وهو زيادة الحوادث المرورية في هذه الفترة القصيرة فترى شخصاً يريد أن يعبر الجولة ليفاجأ بآخر يصدمه ليعبِّره الجولة وما بعدها ليرديه بعدها إما ميتاً أو مكسراً فيذهب هذا للمستشفى والآخر لقسم الشرطة ... والأمثلة على ذلك كثيرة .

لكن أن يُصدم شخص بعد المغرب المتأخر فهذه أكبر وأفحش لأن الناس في الغالب في هذا الوقت في بيوتهم ، فقد حصلت قريبا لشخص خرج من محطة المحروقات فما إن دخل الخط العام حتى يجد نفسه بعد لحظات على بعد عدة أمتار خارج الإسفلت مضرجاً بالدم ومكسر العظام بعد ملأ الدارجة النارية بالبترول ليعود بعدها بآلامه ودراجته محطمة ويعلن بعد يومين نبأ وفاته .

وهنا نريد أن نتأمل قليلاً من يا ترى سيكون المخطئ ؟؟ وعلى من ستقع اللائمة ( اللوم ) في مثل هذه الحوادث ؟؟ المواطن سيحيب : أنا مستعجل وأريد أن أفطر !! والآخر كذلك ، وربما سيلقي اللوم على شرطي المرور .

تسأل شرطي المرور فيجيبك نفس الجواب وربما أكثر ، وهذا هو الموجود على أرض الواقع فتجد الجولات والإشارات الضوئية التي يتواجد بها شرطيو المرور خاوية على عروشها قبل المغرب بنصف ساعة !!

سيقول شخص : لم أتيت بكلامك ذا في هذا الوقت المتأخر من رمضان ؟ ولديه كل الحق أن يسأل .

والجواب هنا أن الحوادث قد كثرت في الآونة الأخيرة لأن الأيام الأخيرة من رمضان تكثر فيها ما يسمى في الواقع المحلي بالعزومات أو الولائم بدرجة أن تصل في اليوم الواحد إلى خمسة حوادث أو أكثر وربما في نفس المنطقة أوفي نفس الشارع !! إلى حد أن تصل قوة بعض الحوادث المرورية إلى وفاة أحد السائقين !!

كما أن لانتشار ظاهرة قيادة الأطفال ومن هم دون السن القانونية للمركبات وخصوصاً الدراجات النارية دور في زيادة نسبة الحوادث والتي في الغالب تفتقد تلك الدراجات لأبسط قواعد السلامة المرورية من سرج أمامية وجانبية وصدامات وخوذة الرأس ، وقد يأخذ الطفل الدراجة بأمر من الوالد أو من دون علمه أحياناً

كما أن للإختناقات المرورية دور في رفع أعصاب السائقين فما إن تنفرج الكربة حتى ترى الكل يريد أن يكون الأول وأن يعبر الشارع وكأنهم في حلبة سباق وهنا تحصل المأساة ..

بعض الحوادث قد يكون فيها المصاب واحداً ولكن أحيانا قد يصلون إلى أربعة .. ولماذا ؟؟ لأن الدراجة النارية وفي الغالب هي ذات الحوادث الأكثر تحمل أكثر من حمولتها مابين 2-4 ركاب وربما عائلة بكاملها على الدراجة أي فوق المقرر لها ، وهنا تحصل الكارثة ..

كل هذا يحصل .. وكلنا يعرف أن رمضان شهر الصبر والتحمل وكبح الغضب ، ولكن للأسف فهذا الكلام يقال في المساجد ولا يظهر على أرض الواقع !!

في الأخير نصيحتي لكل سائق تعلم من مدرسة رمضان ، وأفضل لك تتأخر دقائق ولا تتأخر ساعات إما في المستشفى أو في قسم الشرطة أو حتى تفقد حياتك لا سمح الله ... كما أننا بحاجة إلى تطبيق المثل القائل ( في التأني السلامة وفي العجلة الندامة ) .