كاتبة أمريكية تكذب الروايتان الأمريكية و اليمنية حول مقتل المعتقل اليمني محمد الحنشي في غونتمامو

الجمعة 11 سبتمبر-أيلول 2009 الساعة 09 مساءً / مأرب برس- صحيفة(Project Syndicate) الأمريكية:
عدد القراءات 7935

كذبت الكاتبة الأمريكية "ناعومي وولف" الروايتين اليمنية والأمريكية حول أسباب وملابسات وفاة المعتقل اليمني في سجن غونتانامو "محمد احمد الحنشي" البالغ من العمر 31 عاماً، بعد أن جرى احتجازه في خليج غوانتانامو من دون توجيه أي اتهام له طيلة سبعة أعوام من احتجازه.

وقالت" بينما كنت أقوم بزيارة إلى "غونتانامو"في الـ3من حزيران, وبصحبة صحافيين آخرين، أصدر المكتب الصحافي هناك إعلاناً مقتضباً مفاده أن الحنشي وُجِدَ ميتاً في زنزانته ـ وفي" حالة انتحار واضحة ".
وأضافت الكاتبة الأمريكية "وولف":" وبسبب إلغاء رحلة العودة على طائرة الركاب التجارية فقد تم تدبير عودتي إلى الولايات المتحدة على متن طائرة نقل عسكرية , وتصادف جلوسي بجانب الطبيب العسكري الذي نُقِل جواً إلى "غوانتانامو" لكي يتولى مهمة تشريح جثة الحبشي , وتضيف:" فسألته : " متى سيتم التحقيق في وفاة المعتقل الحنشي؟ "- تقول فأجابني قائلاً : " كان ذلك هو التحقيق، لقد حققت المؤسسة العسكرية في ذلك الحدث الذي يخص المؤسسة العسكرية ". 
وتتابع الصحفية سرد تفاصيل قصة وفاة المعتقل اليمني :"وسرعان ما تراءى لي أن مسألة " الانتحار الواضح " هذه مثيرة للارتياب والشكوك , وما أن فرغت للتو من جولتي داخل تلك الزنازين، التي قالت أنه يكاد يكون من المستحيل أن يتمكن أي إنسان من قتل نفسه في أي زنزانة منها, ولذلك لأن دواخل الزنازين هناك تشبه الجدران الداخلية الملساء لجرة بلاستيكية؛ خالية من أي حواف حادة؛ ولا يوجد بها أغطية أسرة يستطيع السجين أن يخنق نفسه بها" .

وتضيف:" ولقد سألت الطبيب إن كان بوسع المرء نظرياً أن يضرب رأسه بالحائط حتى الموت، فأجابني بأن الحراس يتفقدون السجناء كل ثلاث دقائق، لذا فلابد وأن تكون محاولة الانتحار بهذه الطريقة سريعة .
وتشير الكاتبة الأمريكية إلى أن القصة بعدها أصبحت أكثر إثارة للريبة, سيما- بعد إجراء المزيد من التدقيق في تفاصيلها , التي قالت أنها بينت أن الحنشي كان قد انتخب من قِـبَل المعتقلين للعمل كممثل لهم, وهي ما تقول أن اتفاقيات جنيف تدعو إلى ممارسة هذه العملية , في الوقت التي ترفض الولايات المتحدة الاعتراف بها رسمياً ).

وتستنج من ذلك أن الحنشي وباعتباره الممثل المختار فإنه كان يعرف السجناء الذين تعرضوا للتعذيب أو سوء المعاملة، على يد القائمين على المعتقل .

انتحار في قسم الطبي النفسي؟!

وتواصل الكاتبة الأمريكية"ناعومي وولف" رواية تفاصيل القصة مشيرة إلى أن الحنشي أستدعي في الـ17 من يناير – طبقاً لزميله السجين بنيام محمد ( الذي أطلق سراحه منذ ذلك الوقت ) ، للاجتماع بقائد معتقل "غوانتانامو" ورئيس قوة الحرس هناك . ومن يومها لم يعد إلى زنزانته مطلقاً،إذا أنه اقتيد إلى عنبر الطب النفسي، حيث احتجز هناك إلى أن مات- وفق تأكيدات زميل آخر له كان معه في نفس العنبر .
وتستغرب من رواية الانتحار, مستدلة بماتساءل به "كورتني" بوش من مؤسسة ريبريف، الببريطانية الممثلة للمعتقلين في "غوانتانامو" :"هل يمكنك أن تقتل نفسك داخل عنبر الطب النفسي؟ ، مضيفا:" فهناك كاميرا فيديو تصور وتراقب السجناء من نزلاء عنبر الطب النفسي بلا انقطاع، وهناك حارس يتمركز باستمرار أيضاً .
وفي اليوم التالي لموت الحنشي، قدَّم الطبيب النفسي المسؤول وأحد الممرضين الى مجموعة من الصحافيين الذين كنت من بينهم عرضاً دفاعياً غريباً لكيفية تقييد السجناء المضربين عن الطعام في مقاعد مخصوصة لتغذيتهم قسراً عن طريق أنبوب يتم إدخاله إلى المعدة . ولقد ذكر المكتب الصحافي التابع لمعتقل غوانتانامو أن الحنشي كان فيما سبق من المضربين عن الطعام .
ومن الجدير بالذكر أن التخلص من أي سجين مزعج أثناء إطعامه بواسطة الأنبوب المعدي أمر سهل للغاية، وذلك بتعديل مستوى السعرات الحرارية التي يتناولها .
فإذا كان ذلك المستوى منخفضاً للغاية فإن السجين سوف يتضور جوعاً حتى الموت، ولكن إذا كان المستوى مرتفعاً للغاية فقد يقتل السجين أيضاً , لأن التغذية المفرطة المتعمدة بالسوائل عن طريق الأنبوب المعدي -وهي وسيلة التغذية التي تذكر التقارير أنها تستخدم مع المعتقلين في غوانتانامو- تتسبب في إحداث حالة حادة من القيء والإسهال والجفاف إلى الحد الذي قد يؤدي إلى توقف القلب .
وتتابع ناعومي حديثها عن مقتل المعتقل اليمني:"كنت مواظبة طيلة ثمانية أسابيع على طرح بعض الأسئلة على وكيل القائد "بروك ديوالت" كبير المتحدثين باسم المكتب الصحافي في غوانتانامو- حول الكفيفة التي توفي بها الحنشي . وطبقاً للسفارة اليمنية في واشنطن فقد نُـقِل جثمان الحنشي إلى بلده في منتصف شهر آب .
وفي تقرير لها ذكرت قناة الجزيرة أن الحكومة اليمنية لم تعلن زيادة على ما أعلنته الولايات المتحدة ـ أن سبب وفاة الحنشي كان " الاختناق ".
وحين ذكرت "لديوالت" أن خنق المرء لنفسه أمر مستحيل، قال إنه سوف يعود إليّ بعد انتهاء التحقيقات ـ بما في ذلك التحقيق الجنائي الذي من المفترض أن يجريه سلاح البحرية , وتضيف غير أنها  وحتى الآن لم تتلق منه جوابا . إضافة إلى الحكومة اليمنية قالت هي أيضاً أنها لم تتلق تقرير الطبيب الشرعي من الولايات المتحدة .

فحص الجيش لموت معتقليه مخالفة لاتفاقية جنيف

وتشير الكاتبة الأمريكية "ناعومي" إلى إن تحقيق المؤسسة العسكرية في وفاة سجنائها يشكل انتهاكاً لاتفاقيات جنيف،والتي تطالب بتسجيل مرض ونقل ووفاة السجناء بواسطة جهة محايدة مستقلة ( مثل لجنة الصليب الأحمر الدولية ) ، وأن يتم التحقيق في الوفيات بواسطة جهة مستقلة , إذا لم تسمح الحكومات لأي كيان خارجي بالتحقيق في ظروف وملابسات مثل هذه الوفيات، فما الذي قد يمنعها من " إخفاء " الحقائق بشأن أيٍ من المحتجزين بمعرفتها، لأي سبب من الأسباب- كما تتساءل "وولف"
وتقول "ناعومي" :" "لقد أرسلت إلى ديوالت نسخة من الجزء المعني من اتفاقيات جنيف وسألته كيف يتفق الأسلوب الذي تعاملت به المؤسسة العسكرية الأميركية مع وفاة الحنشي مع هذه الاتفاقيات وكررت إرسالها مرة ثانية، ولم أتلق إجابة أيضا حتى اليوم .
متسائلة:" هل كان الحنشي ميالاً إلى الانتحار؟ - غير أنها تعود لتستذكر ما قاله صديقه في نفس العنبر والذي يدعى "بنيام محمد" لوكالة "الاسوشيتد برس" الامريكية: " من أن الحنشي كان شخصاً إيجابياً ( وزعيماً بالفطرة ) وما كان ليفكر في الانتحار أبداً . وتضيف في تساؤلاتها:" هل يظل معتقلاً طيلة سبعة أعوام بدون محامٍ، ثم يقتل نفسه بعد أسبوعين فقط من تعيين محام له أخيراً؟.

وتعود الكاتبة إلى القول أن محاميته "إليزابيث جيلسون" ربما تكون قد اطلعت على حالة الحنشي العقلية قبل موته، ولكن حكومة الولايات المتحدة لن تسمح لها بالحديث عن ذلك .
وتواصل تساؤلاتها عن خلفية مقتل الحنشي:"ما الذي حدث لمحمد الحنشي، ولماذا عجز الجميع عن حقيقية الإجابة على هذا التساؤل؟! وتتابع تساؤلاتها:" أيعني ذلك أن الناس قد يختفون بدون محاكمة حتى في ظل حكم باراك أوباما للولايات المتحدة، كما كانت الحال في روسيا تحت حكم ستالين أو إيران تحت حكم أحمدي نجاد! .
وتختتم "ناعومي" حديثها الصحفي عن المعتقل اليمني محمد الحنشي قائلة:"إن الحكومات التي تحترم القانون والمواطنين العاديين على مستوى العالم لابد وأن يراسلوا ووزارة الدفاع الأميركية والمكتب الصحافي التابع للبيت الأبيض للمطالبة بإجابات .

  مؤكدة أن الحنشي مات وهو رجل شاب يعرف قدراً عظيماً من المعلومات الخطيرة, و في ظروف غامضة ومثيرة للريبة، وبمرفق تابع للولايات المتحدة . لابد من فحص ومراجعة الحقائق المتعلقة بقضيته بواسطة جهة مستقلة .