هيمنة الصين على المركبات الكهربائية تجلب توترات تجارية جديدة

السبت 11 يونيو-حزيران 2022 الساعة 07 صباحاً / مأرب برس_ وكالات
عدد القراءات 3872

  

 شكل افتتاح مصنع شركة تسلا في شنغهاي في عام 2019 اختراقا من جانب المركبات الكهربائية والشركات المصنعة للسيارات في الخارج: كان أول مصنع مملوك بالكامل لمالك أجنبي في أكبر سوق للسيارات في العالم.

لكنه يمثل أيضا بداية اتجاه أكبر، يعد بإحداث تغيير جذري في هيكل التصنيع العالمي، وجلب موجة جديدة من تراجع التصنيع في أوروبا وإثارة توترات تجارية تضاهي حدة الثمانينيات.

هذا الاتجاه هو ظهور الصين بلدا مصدرا للسيارات. أخيرا، وثق كل من جريجور سيباستيان وفرانسوا شيميتس، من معهد مركاتور للدراسات الصينية، أن صادرات الصين من السيارات أخذت تنطلق، وكثير منها عبارة عن مركبات كهربائية أغلبها يتوجه إلى أوروبا.

فمن لا شيء قبل بضعة أعوام، صدرت الصين نصف مليون مركبة كهربائية في عام 2021، وكانت حصتها السوقية في أوروبا في المرتبة الثانية بعد ألمانيا فقط. مع تحول سوق السيارات إلى النظام الكهربائي، قد تجد أوروبا نفسها قريبا تعاني عجزا تجاريا مع الصين في مجال السيارات.

سيكون ذلك تحولا كبيرا في هيكل السوق. تشتري أوروبا واليابان الآن بضائع استهلاكية من الصين، وتصدران لها السيارات الفاخرة – أو مكوناتها الأكثر أهمية.

لا تكشف الشارات الموجودة على المركبات الصينية التي تصل إلى أوروبا بالضرورة عن منشئها.

ونحو نصفها من سيارات تسلا من شنغهاي، تتضمن الشركات المصنعة للسيارات الأخرى شركات داسيا، وبوليستار، وبي إم دبليو.

افتتحت شركة تسلا أخيرا مصنعا أوروبيا في ألمانيا، لكن قرارات الإنتاج الصادرة عن الصانعين الآخرين تشير إلى ميزة التكلفة المعقولة للصين.

إذا حلت البطاريات محل محركات الاحتراق، وهيمنت الصين على إنتاج السيارات، فسيكون الاضطراب هائلا.

صناعة السيارات هي أساس ازدهار أوروبا واليابان. توظف الشركات مثل تويوتا وفولكسفاجن، إضافة إلى سلاسل التوريد الخاصة بها، ملايين الأشخاص في وظائف صناعية مستقرة وتتطلب مهارة.

وتدعم فوائض الحساب الوطني الجاري. لذلك سيكون للتحول في موقع الشركات المصنعة للسيارات تأثير أكبر حتى من الهجرات السابقة لمجالات الصلب، أو الإلكترونيات، أو صنع السفن.

يجادل سيباستيان وشيميتس بأن أوروبا ينبغي أن ترد بالفعل على السياسات الصناعية الصينية، التي توفر رأس مال رخيصا لشركات صناعة السيارات وتربط دعم المركبات الكهربائية للمستهلكين الصينين بالإنتاج المحلي.

في الوقت نفسه، السيارات الكهربائية المصنعة في الصين مؤهلة للحصول على إعانات الاتحاد الأوروبي للمستهلكين الأوروبيين وتجتذب تعرفة بنسبة 10 في المائة فقط مقارنة بنسبة 27.5 في المائة التي تفرضها الولايات المتحدة. ينبغي لأوروبا أن تطالب بالفعل بمعاملة عادلة ومتبادلة.

لكن الحماية ليست بديلا للتنافسية. حتى إذا أغلقت الولايات المتحدة وأوروبا أسواق السيارات الخاصة بها بفرض رسوم جمركية عالية، فإن الجائزة في تجارة السيارات العالمية هي الإنتاج للبلدان الغنية عديدة – من النرويج إلى أستراليا والشرق الأوسط – التي تفتقر إلى الحجم لدعم صناعة سيارات خاصة بها.

بالنسبة إلى شركات صناعة السيارات اليابانية والأوروبية، يتمثل التحدي في أنه على الرغم من أن السيارات الكهربائية قد تكون عالية التكنولوجيا، إلا أنها ليست معقدة.

كانت محركات الاحتراق الداخلي أساس البراعة الصناعية في القرن الـ20.

المركبة المبنية حول أحدها عبارة عن مجموعة معقدة من عمود الكرنك، والبساتم، ومضخات الوقود، والشواحن التوربينية، وكثير من المكونات الأخرى، كل منها يجب إتقانه ودمجه.

حتى بعد 150 عاما من التطوير، لا تزال المهمة صعبة، حيث تتطلب خبرة تكنولوجية عميقة وشبكة واسعة من الموردين، بدلا من الوصول إلى أقل تكلفة ممكنة للعمالة.

بالمقارنة، مجموعة الدفع في السيارة الكهربائية بسيطة للغاية: بطارية ومحرك وليس أكثر من ذلك.

يعد إنتاج المكون الأساسي، البطارية، عملا ذا نطاق ضخم وهوامش ربح ضئيلة، تشبه اقتصاداتها تكنولوجيا أخرى صديقة للبيئة، الألواح الشمسية.

يحتاج تجميع المركبات الكهربائية إلى بعض مهارات صناعة السيارات التقليدية، لكنه يشبه البضائع الكهربائية الأخرى.

تعد الألواح الشمسية والإلكترونيات الاستهلاكية صناعات يهيمن فيها التصنيع الصيني على التكلفة.

لا يزال بإمكانك شراء منتجات شركة فيليبس أو تلفزيون سوني، لكنها لم تعد تصنع في اليابان أو هولندا.

قد يحدث شيء مشابه للعلامات التجارية الشهيرة للسيارات.

علاوة على ذلك، قد تنتقل القيمة في المركبات الكهربائية إلى البرمجيات التي تشغلها، كما حدث في مجال الإلكترونيات الاستهلاكية.

وفي هذه الحالة، قد تجد أوروبا نفسها في الموقف المألوف المحبط لشراء المنتجات المصنعة في الصين التي تستخدم برمجيات أمريكية.

لكن في أي نسخة من هذا المستقبل سيكون هناك إعادة تشكيل صادمة للاقتصاد العالمي.

تسبب وصول السيارات اليابانية للأسواق العالمية في أمر قريب من الحرب التجارية في الثمانينيات.

لكن إذا بدأت الصين في استيعاب صناعة السيارات العالمية فإن التوترات التجارية ستكون أسوأ بكثير مما كانت عليه في 2020.