الفنان اليمني صفوت الغشم: ثلاثية الجهل والتخلف والصراع أفقدت الفن قيمته ورسالته النبيلة

السبت 11 سبتمبر-أيلول 2021 الساعة 10 صباحاً / مأرب برس ـ غرفة الأخبار
عدد القراءات 1684

قال الممثل اليمني والمخرج والمنتج صفوت الغشم، إن من أسباب غياب المسرح والدراما في اليمن، الصراع المميت على السلطة، ما جعل البلاد غير آمنة وغير مستقرة، بالإضافة إلى الإرث القديم من أمراض الجهل والتخلف التي عاشتها اليمن في الفترات الزمنية السابقة، فمجتمعنا اليمني حتى هذه اللحظة لم يعرف قيمة الفن بشكل عام، والمسرح بشكل خاص.

وأضاف في حوار نقلته جريدة القدس ” أن الفن اليمني عانى ممن حرّم الفن باسم الدين، وآخر حوّله إلى بوق للسلطة، كل ذلك جعل الفرد في المجتمع ينفر منه ويبتعد، وأصبحت مهمة المبدع اليمني صعبة لأن مجتمعه يعتبره من طبقة السوقة والدون، ولا يؤمن بدوره فكيف سيؤدي رسالته الإنسانية النبيلة”.

وصفوت الغشم ممثل ومخرج ومنتج، وأحد نجوم المسرح والدراما اليمنية، أو لعله يمثل أحد أهم وأبرز الواجهات الحضارية الفنية والثقافية في اليمن؛ ورغم الحصار المحكم على أهل المسرح والدراما من قبل مؤسسات كثيرة في المجتمع، إلا أن ذلك لم يحُل بينه وبين شغفه بالفن، فقدم أكثر مما يفترض بأي فنان في مجتمع منغلق على عاداته وتقاليده أن يقدم.

وإلى تفاصيل الحوار أزمة المسرح اليمني والعربي:

□ كيف يمكن أن تقدم نفسك للقارئ، وما هي أهم نقاط التحول والتطور في مراحل مسيرتك الفنية؟

■ صفوت عبد الوهاب الغشم، مواليد 1963. بكالوريوس تمثيل وإخراج مسرحي من دولة الكويت 1986، عملت في المسرح الوطني في صنعاء منذ 1996 -2007، ثم انتقلت إلى دولة قطر، وعملت في المسرح القطري خلال 2008 -2013. عدت إلى اليمن وعملت مديرا للشركة اليمنية الخليجية للإنتاج الثقافي والإعلامي، ثم رئيسا لمجلس إدارة المؤسسة العامة للمسرح والسينما.

وفي عام 2014 تم تعيني مستشارا ثقافيا في سفارة بلادنا في دولة قطر، وما زلت على رأس عملي، وأعتبر أهم نقطة للتحول في حياتي هي دراستي الأكاديمية للفن المسرحي.

□ وكيف بدأت قصة شغفك بالمسرح، ولمن يعود الفضل في استمرارك في طريق الفن؟

■ تعرفت على السينما الهندية قبل أن تدخل الكهرباء إلى منزلنا، كانت بمثابة الأم التي رضعنا منها حليب الثقافة وفن الدراما آنذاك، ثم يأتي شغفي بالكتاب وقراءة المسرحيات العالمية والعربية، وأكثرمن عمّق شغفي بالفن المسرحي ممارستي العملية ومشاركاتي في الأنشطة المسرحية المدرسية والشبابية وفي فرق المسرح الوطني التابعة لوزارة الإعلام والثقافة كل ذلك قبل أن أتوجه إلى المعهد العالي للفنون المسرحية في دولة الكويت، ويعود الفضل لاستمراري في طريق الفن لمن كان حولي من الأساتذة والأصدقاء والأسرة، لكن يظل في مقدمتهم والدي رحمه الله، العقيد عبد الوهاب أحمد الغشم، شجعني بوعيه وثقافته وإدراكه لأهمية الفن المسرحي في حياتنا.

□ وإلى أي الاتجاهين تميل أكثر .. التمثيل أم في الإخراج؟

■ أعتقد أن فن التمثيل والإخراج لا ينفصلان، وكما يقال المخرج الناجح ممثل مبدع، ولولا فن التمثيل لما استطعت أن أمارس فن الإخراج، وما يجعلني أميل إلى أحدهم دون الآخر هو النص الدرامي الذي يحدد هل أكون مخرجا أم ممثلا.

□ حدثنا عن تجربتك في الإخراج، وما هي الأعمال الفنية التي قمت بإخراجها على صعيد المسرح والدراما التلفزيونية محليا وعربيا؟

■ بعد تخرجي من دراستي للفن المسرحي أصبح لديّ مصباح أستنير به في البحث والتجربة، لاكتشاف عوالم جديدة ومفردات درامية متعددة، ساعدني في ذلك حضوري لدورات مسرح الأمم المختلفة والمتطورة، ثم مشاركاتي في المهرجانات المسرحية اليمنية والعربية والدولية، فأخرجت العديد من المسرحيات أهمها «الحمار والمرآة، وفاء، الحكمة يمانية، الدغري، من يشتي الحالي صبر» للمسرح الوطني اليمني، ومسرحيات «ليلة سمر ناقصة، القادم، سلام في سلام، العشاء الأخير، والإمبراطور جونز» للمسرح القطري، أغلب هذه الأعمال شاركت في المهرجانات وحازت جوائز منها أفضل عرض أو أفضل إخراج، وما زلت أؤمن بمنهج البحث لاكتشاف فن العناصر الدرامية المختلفة في الفن المسرحي، من خلال عملي في المسرح وإقامة المعامل والورش المسرحية. أما الدراما التلفزيونية، فقد قمت خلال مشواري المتواضع بالمشاركة في أعمال تلفزيونية ممثلا ثم ممثلا ومنتجا في الأردن والعراق وقطر، وبالنسبة للإخراج فمن أهم أعمالي المسلسل اليمني السعودي «خطوات على الجبال» والمسلسل اليمني «شعبان في رمضان» ومسلسل «آخر علاجك عندي» ومسلسل قطري «أخيرا تقاعدت». أما أهم المسلسلات التي شاركت بتمثيلها فهي المسلسل اليمني «سعديه، الإعصار، تلفزيون عبر العصور، والمقامات الرمضانية» كما شاركت في المسلسل القطري الشهير «عيال الذيب» وفي المسلسل السعودي «أسوار 3».

□ وهل لديك تجارب في الفن السينمائي سواء تمثيلا أو إخراجا؟

■ لديّ تجربة سينمائية واحدة في الإخراج، وهي عبارة عن فيلم قصير مدته 6 دقائق تم تصويره في لبنان في عام 2006، وكان من إنتاج المؤسسة العربية للديمقراطية في دولة قطر، وكنت سعيدا بهذه التجربة جداً.

□ ما هي أسباب غياب المسرح والدراما في اليمن؟

■ هناك عوامل عديدة لغياب المسرح في بلادنا، وأهمها الصراع المميت على السلطة، ما جعل بلادنا غير آمنة وغير مستقرة، بالإضافة إلى الإرث القديم من أمراض الجهل والتخلف التي عاشتها بلادنا في الفترات الزمنية السابقة، فمجتمعنا اليمني حتى هذه اللحظة لم يعرف قيمة الفن بشكل عام، والمسرح بشكل خاص. عانى ممن حرّم الفن باسم الدين، وآخر حوّله إلى بوق للسلطة، كل ذلك جعل الفرد في المجتمع ينفر منه ويبتعد، وأصبحت مهمة المبدع اليمني صعبة لأن مجتمعه يعتبره من طبقة السوقة والدون، ولا يؤمن بدوره فكيف سيؤدي رسالته الإنسانية النبيلة؛ إذن ماذا نصنع ما هو الحل؟ إنهم يريدوننا أن نظل هكذا ليس لنا وطن، ولا تنمية ولا إبداع، بل أرضاً لخلافاتهم وحروبهم وأطماعهم.

□ وما هو دور المسرح المدرسي، وإلى أي مدى تؤثر حالة تغييبه؟

■ هذا سؤال يحتاج إلى ندوة أو بحث أو كتاب خاص، لكن سأحاول الاختصار والإجابة بقدر المستطاع. للأسف يتم تجاهل المسرح المدرسي في واقعنا العربي عن عمد، فقد حشر ضمن لعبة التآمرات السياسية وسيادة الفساد واستعمار الشعوب، وإذا جاز لنا القول فإننا نريد أن نحرر الثقافة العربية من أن تظل في آخر السلم، وتصبح كما هي في أوروبا روح الأمة، لتأخذ مكانها الحقيقي. المؤسسة الأولى لتقدم الشعوب وتطورها، فالمسرح المدرسي نقش في عقل إنسان المستقبل، هو الذي يصقل مواهب المبدعين، ويُنتج الصناع والسياسيين والمبدعين في كل المجالات، وهو الذي يبعد أجيالنا ويحميهم من التطرف، وهو من يساعد الفرد في المجتمع لزرع الانتماء الوطني وتوجيهه نحو التضحية والفداء، لا ابالغ إن قلت إن ما نراه اليوم في واقعنا العربي من تخلف وجهل وفساد وإرهاب، خاصة في بلادنا هو نتيجة غياب هذا المسرح بصورته الحقيقية وقاعدته المتينة الخلاقة.

□ ماذا نريد من المسرح في الوقت الراهن؟

■ أريد من المسرح في الوقت الراهن، موجها ندائي للمؤسسات الثقافية المسرحية العالمية، أن تقوم بدورها، وتعمل على مطالبة سلطاتنا العربية بالاهتمام بالثقافة، أريد أن تعتبرها على رأس مطالبها الإصلاحية في عصر العولمة، العالم أصبح قرية صغيرة، عليهم أن يهتموا بنا لكي نكون قادرين على الانفتاح معهم، لأن الفن المسرحي والفنان ليس له وطن، كل العالم وطنه، تخيل حتى الآن لا يوجد في بلادنا معهد عال متخصص لدراسة الفن المسرحي، هل يمكن أن يكون لدينا أطباء دون كلية طب؟ دون العلم لن يتطور الإنسان ولن تنمو الأوطان. ومن ناحية أخرى أرى أننا ــ كعرب ــ بحاجة إلى الثورة على أنفسنا، بأن نجدد الإيمان بدور الفن المسرحي وسحره في معالجة قضايانا، ونرفض سيطرة المادة التي حولته إلى كباريه أكثر مما هو مسرح. الفن المسرحي هو القنطرة الرئيسية لخلق التواصل بين الشعوب.