خوف على الوحدة من الفشل وقلق من التمزق الجزء الثالث

الجمعة 15 مايو 2009 الساعة 07 مساءً / الخليج - صادق ناشر
عدد القراءات 6344

عندما انفجرت المواجهات المسلحة في بعض المناطق الجنوبية والشرقية من اليمن أعلن الكثير من السياسيين والنخب المثقفة تخوفهم من أن تكون هذه الأحداث بداية الشرارة لسيناريو مخيف يتحضر لليمن، خاصة وأن الأجواء التي رافقت أعمال العنف كانت تنذر بذلك، فخطاب الرئيس علي عبدالله صالح قبل اندلاع أعمال المواجهات المسلحة بيومين، والتي حذر فيها من “الصوملة” و”العرقنة” ومن قتال الناس من بيت إلى بيت ومن شارع إلى شارع أعطى انطباعاً لدى الكثير من أن البلاد قد تكون بالفعل مقبلة على أزمة عميقة.

لكن وعلى الرغم من ذلك بدا وأن اليمن يواجه تحديات كبيرة، فقد تخلى الكثير من حلفاء النظام عنه، كان آخرهم الشيخ طارق الفضلي، الذي كان يعد زعيم تنظيم الجهاد في اليمن وعضو أعلى قيادة في حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم، والذي بدأ يتخذ خطاباً باتجاه الانفصال.

وتنادى الكثير من السياسيين إلى موقف أفصحوا عنه بأهمية أن يبدأ النظام بمعالجة الأوضاع القائمة في البلد، معتبرين أن ما يجري في الجنوب هو نتاج طبيعي لتفرد الحزب الحاكم بالحكم منذ ما بعد الحرب الأهلية الأخيرة التي شهدها البلد خلال العام 1994 وأخرجت الحزب الاشتراكي من المعادلة السياسية، خاصة وأن السنوات التي أعقبت الحرب كانت مليئة بالأزمات السياسية ولم يتجذر بعد عود الوحدة.

وأمام صورة ما يجري أعدت “الخليج” ملفاً عن اليمن للوقوف على ما يجري في هذا البلد شمل لقاءات مع أطراف سياسية عدة في السلطة والمعارضة، حيث تبارى أصحابها بالأفكار والتصورات لمعالجة الوضع السياسي القائم وكيفية الخروج من أزماته القائمة.

كما يشمل الملف مبادرة سياسية تقدم بها الشيخ علي عبدربه العواضي تحوي ثلاثة بدائل لإعادة صيغة يمن جديد، تقوم على تخفيف المركزية وإنشاء عاصمة جديدة للبلاد.

يحتوي الملف على لقاءات مع كل من سالم صالح محمد، مستشار الرئيس علي عبدالله صالح، الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم أحمد عبيد بن دغر، الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي أبوبكر باذيب، الأمين العام للتنظيم الوحدوي الناصري سلطان العتواني، أمين الدائرة السياسية لحزب اتحاد القوى الشعبية محمد صالح النعيمي، ونائب رئيس المجلس الوطني لتحرير الجنوب أمين صالح، وتالياً الحوار مع أبوبكر باذيب:

أبوبكر باذيب الأمين العام المساعد لـ "الاشتراكي": هناك أزمة وانقسام

كيف تقرأون المشهد السياسي القائم اليوم في ظل التوتر في المناطق الجنوبية والشرقية من البلاد؟

- المشهد معقد جدا، فعلى الرغم من توصل الأحزاب السياسية المعارضة إلى اتفاق مع السلطة لتأجيل الانتخابات للسير نحو إصلاحات انتخابية حقيقية، إلا أن الأمور ما زالت كما هي عليه، والأمور في الواقع تزداد تعقيدا سواء على الصعيد الوطني العام أو على الصعيد السياسي أو على الصعيد الاجتماعي، هناك أزمة على صعيد الجنوب، هناك انقسام وطني حقيقي في البلد، ليس صحيحا القول إنه ليست هناك أزمة وان هناك مشاكل جزئية ومشاكل جانبية.

الواقع ان هناك انقساماً حقيقياً بدأت بوادره بعد حرب 94 سيئة الصيت واستمرت إلى ان بدأ الشارع في الجنوب يمتلك زمامه ويطرح قضاياه، وهي ليست قضايا مطلبية كما يتصور البعض إنما هي في الأساس لها بعد سياسي عميق وتشكلت في إطار هذه الحركة السياسية، وتشكلت قيادات تعتبر ان هدفها الرئيسي وهمها الوحيد هو إعادة النظر في الوحدة القائمة، بل ان هناك ما هو ابعد من هذا، حيث يطالب بفك الارتباط نهائيا مع النظام القائم.

في ما يتعلق بأحزاب اللقاء المشترك ما زالت تحاول تكريس شعار التغيير والإصلاح وتتفهم القضية ومطالب الناس في الجنوب وبالقضية الجنوبية وتناضل من اجل معالجة الأوضاع في الجنوب، ومحاولة استدراك الأخطاء الجسيمة التي ارتكبت في حرب 94 وما ترتب عليها من تجاوز اتفاقيات الوحدة التي جرى التوقيع عليها في 22 مايو/ أيار 90 والنكث بالوعود والاتفاقيات التي تم الاتفاق على أساسها، وبناء إطار جديد للوحدة وهذا الإطار بعيد كل البعد عن الاستجابة لمطالب الناس وحاجاتهم وقضاياهم، بالإضافة إلى ما تخلل هذا من عمليات نهب للأراضي وعمليات فساد كبيرة، والمواطن الجنوبي كان يشهد كل هذا، وعندما جاءت اللحظة ان يقول لا بصوت واضح ومرتفع ويخرج للشارع للتنديد حدث ما يحدث اليوم من حراك سياسي واسع النطاق.

الحراك السياسي حقيقة هو حركة جماهيرية تعكس مزاجاً جماهيرياً عاماً وهذه الحركة ليست من صنع هذا الحزب أو ذاك أو تلك الجماعة أو تلك، الاتجاه الرئيسي للحركة السياسية في الجنوب هو اتجاه عادل وهو يعمل من اجل قضية عادلة، قد نختلف في التفاصيل وفي بعض الشعارات وفي الغاية من هذا الحراك، لكن القضية قضية عادلة وللأسف السلطة حتى الآن غير قادرة على استيعاب هذه التغيرات التي تحصل في الجنوب وتعتقد ان السبيل لوضع حد لهذا هو في استخدام العصا والجزرة أحياناً بوسائل القمع وأحيانا بالاستجابة لبعض المطالب الحقوقية ولكن القضية أكبر من هذا.

بالنسبة لاتفاق الأحزاب والسلطة هل هو فرصة لالتقاط الأنفاس أم لبدء معركة جديدة وتغيير الاتفاق بما يتواكب والتطورات الميدانية في الجنوب؟

- أعتقد ان هذا الاتفاق قد وجد مع وجود أزمة وغياب اتفاق بين اللقاء المشترك والحزب الحاكم على إجراء انتخابات حرة ونزيهة وتعطي وتخلي الساحة للجميع ان يلعب الكل في هذه الساحة، وكاد الوضع على هذا النحو ان يصل إلى طريق مسدود فإما ان يذهب المؤتمر وحده في هذه الانتخابات وبالتالي ستكون نتائج هذه الانتخابات مطعونة في شرعيتها، خصوصا عندما يغيب عن هذه الانتخابات تكتل جماهيري واسع مثل اللقاء المشترك وإما ان يستجيب لبعض الدعوات التي كانت تصدر من داخل الحزب الحاكم أساسا بتأجيل الانتخابات، بالإضافة إلى تجنيب البلد أزمة قد تكون تداعياتها خطيرة.

حتى الآن الأمور في علم الغيب، كل يوم البلد تمر بأزمة جديدة ويبدو أن هناك انشغالات بالتطورات الميدانية وخصوصا ما يحصل في الجنوب، ولا أعتقد أن الاتفاق سيتم تغييره، لكن من الممكن ان يجري تعميق هذا الاتفاق خصوصاً ما يتعلق بقضيتين أساسيتين أولاهما قضية الجنوب والثانية قضية الأزمة الاقتصادية، أما في قضية الإصلاح السياسي والدستوري فأعتقد أن ما سيقدمه اللقاء المشترك يكفي اذا تم الاتفاق عليه سيكون خطوة نحو الأمام في طريق الإصلاح السياسي.

هل تشعرون بمخاطر على الوحدة في ظل الأجواء التي تعيشها اليوم اليمن؟

- بالفعل هناك مخاطر على الوحدة بالشكل والإطار القائم، الذي لم يعد متفقاً عليه، عندما تم الاتفاق على الوحدة كان هناك إجماع على الوحدة بالشكل الذي تمت عليه ولكن الآن ليس هناك إجماع، بل بالعكس هناك من يبحث عن بديل، وفي الحقيقة ليس بديلا ولكن هو تغيير صيغة الوحدة نفسها، الأمور وصلت في الجنوب إلى ان هناك تيارات تطالب بعقد اجتماعي جديد خارج اتفاق الوحدة في السابق وفك الارتباط مع الحكومة في الشمال وهناك اتجاه واعتقد انه هو الاتجاه الغالب يفكر جديا بالتغيير ولكن في إطار الوحدة نفسها.

“المشترك” يرى أن يظل سقفه الرئيسي هو الوحدة والديمقراطية ومن ثم يمكن التفكير في أي شكل من الأشكال التي تتيح مشاركة حقيقة للناس في الجنوب واليمن بشكل عام.

قضية الوحدة في رأيي لم تعد الصيغة المتفق عليها كما كانت في السابق، علينا ان نعترف ان هناك من يطعن بالوحدة وبالفكرة نفسها، لكن ما زالت هناك قوى سليمة سياسية كبيرة ترى انه من الممكن تجاوز هذا الوضع وإحداث التغيرات في إطار الوحدة.

أين نجد الحزب الاشتراكي اليمني مما يدور اليوم؟

- الحزب الاشتراكي اليمني هو من عانى بدرجة رئيسية عندما جرى الإخلال بالاتفاق في شكل حرب ،94 لأن هذه الحرب استهدفت ليس فقط السيطرة على الجنوب بشكل كامل وإنما أيضا تصفية الحزب الاشتراكي أو على الأقل تحويله إلى حزب ثانوي، وخلال هذه الفترة التي أعقبت حرب 94 كان الحزب الاشتراكي يناضل من اجل البقاء على الساحة السياسية، واستطاع ان يحقق هذا الأمر وطوال هذه الفترة كان الحزب الاشتراكي ينبه إلى خطورة الأوضاع التي نشأت بعد حرب 94 والفراغ الذي أحدثته الحرب وضرورة تغيير النظرة للجنوب وضرورة الكف عن سياسة ان الجنوب مجرد ملحق وهو فرع يعود إلى الأصل.

لهذا كان الاشتراكي يطالب بضرورة العودة لاتفاقات 22 مايو/ أيار 1990 التي تحققت في ضوئها الوحدة والذي اعتقد الاشتراكي حينها أنها تضمن إلى حد ما في حدود معينة أو تؤكد على هذا أو ذاك على قضية المشاركة الشعبية والجنوب يظل مشاركا، لكن السلطة بعد حرب 94 لجأت إلى استبدال الحزب الاشتراكي بعناصر جنوبية من هنا وهناك، واعتقدت أنها بهذا قد حلت المشكلة، لكن اتضح فيما بعد ان هذه العناصر كانت لا تمثل إلا نفسها، وظل الجنوب يفتقر إلى قوة سياسية تمثله.

ولهذا السبب وبعد فترة وجد الاشتراكي ان المسألة قد انتقلت من يده إلى الشارع نفسه وظهرت هذه التحركات في البداية على أنها حركة مطلبية وسرعان ما انتقلت إلى اكتساب أبعاد سياسية وهو الأمر الذي لم تدركه السلطة، الحزب الاشتراكي استطاع ان يدرك منذ البداية ان هناك قضية سياسية في الأساس وان هذه المطالب محقة وكان يطالب بها، لكن إضافة إلى هذا هناك بعد سياسي لهذه الحركة، هذا الأمر الذي لم تدركه السلطة وحاولت بكل الأشكال ان تتجاوز الأمر في الاستجابة إلى بعض المطالب مثلا مطالب المتقاعدين والمسرحين من الجيش، لكن القضية الاساسية ظلت معلقة حتى تنامت هذه الحركة وبدأت تجمع خليطاً من التيارات.

وفي الأساس هناك تيار الحزب الاشتراكي الجنوبي في الجنوب موجود في قلب هذه الحركة، لكن الحزب الاشتراكي كقيادة فضلت ان تبتعد عن فرض الوصاية على هذه الحركة، والواضح ان هذه الحركة هي حركة جماهيرية ورأت ان تأخذ هذه الحركة مداها وأن تطرح المشاكل التي يعانيها الجنوب بشكل قوي.

الحزب الاشتراكي تفهم قواعد هذه الحركة وحذر في السابق من ان تصل الأمور إلى هذا الوضع بحيث يصبح الجنوب كتلة مشتعلة من الغضب من أقصاه إلى أقصاه، وربما ان المشاعر تأججت إلى حد أنها تطالب بشيء آخر نقيض للوحدة، الاشتراكي تفّهم هذا وحاول قدر الإمكان ان يحل الأمور نحو التغيير المنشود في إطار ان يكون هذا التغير في الإطار الوطني العام، لهذا فالاشتراكي كان هدفاً لهذا الانتقال من قبل السلطة بشكل رئيسي وبعض العناصر الموجودة في الحراك التي تعتقد ان وجودها في الحراك لكي تكون بديلاً عن الحزب الاشتراكي، والواقع ان الحزب الاشتراكي يرى أن من حق أي إنسان ان يطرح الشعارات التي يريدها وحتى الشعارات المتطرفة التي نسمعها أحيانا هي تعبير عن مشاعر معينة مفهومة، ولكن في الوقت نفسه يعمل على الاتجاه العقلاني وهو حريص على ان يحصل التغيير بالوسائل السلمية بدرجة رئيسية والحفاظ على الوحدة بمعانيها الجميلة والنبيلة وليست بالتفاصيل التي حدثت بعد حرب 94.

الاشتراكي وحدوي

هل يمكن أن يعود الحزب الاشتراكي إلى الساحات الجنوبية ويتجرد من ردائه الوحدوي؟

- لا اعتقد ان الحزب الاشتراكي يمكن ان ينسلخ من ماضيه الاشتراكي، فهو بدأ حزباً وحدوياً منذ الأساس واستمر يناضل من اجل الوحدة، واستطيع ان أقول ان الحزب الاشتراكي هو من كرس هذا المفهوم عن الوحدة في اليمن ككل وأعطاها مضامينها، وهو الذي سعى في ما بعد إلى تحقيق الوحدة، وتركيبته التنظيمية تقوم على هذا الأساس، بمعنى أنه ليس حزباً وحدوياً فقط بالشعارات أو بالبرنامج وإنما وحدوي حتى في تركيبته التنظيمية. عندما كان الحزب الاشتراكي على رأس السلطة في الجنوب كان الذين يحكمون في الجنوب هم الذين يمثلون هذه الحقيقة، حقيقة الوحدة الوطنية القائمة في إطار الشعب اليمني، لهذا أنا أرى انه لا توجد إمكانية لأن يعود الاشتراكي جنوبياً صرفاً، رغم ان هناك عناصر حقيقة تطالب بأن تكون هناك فدرالية جزئية وهذه يمكن ان تكون اخف المطالبات بينما هناك من يطالب بوجود حزبين، حزب اشتراكي في الجنوب وحزب اشتراكي في الشمال وهذا الموضوع بدأ إثارته من قبل عناصر في اللجنة المركزية في عدن قبل شهرين ولكن اتضح ان هذه الأصوات محدودة وباهته ولا تمثل حتى جزءاً بسيطاً داخل الحزب الاشتراكي، فالاشتراكي إما ان يبقى حزباً على هذه الأسس أو ان ينتهي.

ولهذا من اجل ان يبقى الحزب الاشتراكي يجب ان يكون متمسكاً بهذه الأسس مع تطوير المفاهيم وتحسس حركة الشارع حتى يواكبها بالشكل الصحيح ولن يصح إلا الصحيح بغض النظر عن الشعارات التي ترفع الآن.

هل هناك قيادات في الحزب وكوادره يشاركون في الحراك الموجود في الجنوب؟

- هناك قيادات في الحزب تشارك وذلك بالاتفاق مع الحزب نفسه، نحن لسنا ضد الحراك، بل نرى فيه امتداداً للحزب الاشتراكي، وهذا الحراك هو التطبيق العملي لما كان يطرحه الحزب الاشتراكي بضرورة تفهم قضية الجنوب والكف عن أساليب الهيمنة والسيطرة والاستهتار والإقصاء، لأن القضية اكبر من مجرد إقصاء الحزب، هي إقصاء الجنوب وإقصاء لما يمثله هذا الجنوب من أهمية.

هذا الحراك نحن نعتبره نتاجاً موضوعياً لكل معاناة الشارع الجنوبي، لهذا فإن أعضاء الحزب الاشتراكي وجدوا أنفسهم مندفعين نحو الحراك حتى من دون قرار من الحزب الاشتراكي والبعض منهم عندما وجد ان الحزب الاشتراكي ليس ضد الانخراط في هذه الحركة الجماهيرية شارك، لأن هذه هي قضيته في الأساس، وكثير من العناصر القيادية الموجودة في الحراك معظمها بل الكثير منها في الحزب، نحن لا نشعر بأي فصل بين الحزب الاشتراكي والحراك، كما أن الحزب الاشتراكي يتميز بشيء آخر في انه لا يرى ما يراه البعض من قادة الحراك في ما يتعلق بالاهداف والغايات لهذا الحراك، هناك خلاف مع بعض هذه العناصر وليست كلها ولكن هناك دوافع نبيلة لهذا الحراك، بصرف النظر عن التيارات.

وما يهمنا قوله إن الحزب الاشتراكي ليس وصياً على أهل الجنوب وقد قلنا في البداية نحن لسنا أوصياء على أهل الجنوب ونحن عدد محدد فقط ونعكس حالة قائمة في الجنوب، خصوصا خيبة الامل الكبيرة التي انتابت الناس بعد حرب ،94 والتي كانت جريمة حقيقية، لأن الحرب لم تضر فقط بالممتلكات المادية والبشرية وإنما أيضا أضرت ضرراً كبيراً بمفهوم الوحدة، وللأسف هذا الأمر لم يدرك في حينه ولم نكن قد وصلنا إلى هذا الذي وصلنا إليه اليوم.

كيف ترى المخرج من هذا المشهد؟

- المخرج ليس بسيطاً، لأن الأمر وصل إلى احتقان بحاجة إلى معالجة جدية، واعتقد انه إذا استطعنا ان نفهم سبب جذور هذه المشكلة يمكن ان نصل إلى المعالجة الصحيحة، هناك أزمة في الجنوب، هناك فراغ سياسي تركته الحرب وغياب المشاركة كان سبباً رئيسياً في الوصول إلى ما وصلنا إليه، شعور المواطن في الجنوب انه لا ينتمي إلى هذه الوحدة ولا إلى هذا النظام الذي يدار من صنعاء، وبدأت مظاهر الحكم في فترة ماضية تبرز.

الحل هو في استعادة مضامين الوحدة والأحداث الذي قامت على أساسها في البداية وفي الجوهر المشاركة الحقيقية وفك القيود المركزية والجمود الذي حصل خلال الفترة الماضية من خلال تشكيل مفاهيم أخرى للوحدة تقوم على أساس اللا مركزية بأرقى أشكالها من أجل الحفاظ على الوحدة ولا يهم فيما بعد ماذا يكون هذا الشكل من أشكال اللا مركزية يمكن ألا نختلف فيما يتعلق بالتسميات ولكن الشكل الذي يعطي الحق للمواطنين في المشاركة في القرار والسلطة والثروة في إطار دولة الوحدة، هذا ربما يكون حلاً.

ما رأيك بحكومة وحدة وطنية، أليست حلاً؟

- حكومة الوحدة الوطنية غير مطروحة بشكل رسمي، هي مجرد أفكار، لكن حكومة الوحدة الوطنية تحتاج أولاً إلى اتفاق حول مفهوم هذه الحكومة والغرض من قيامها وعلى أي أساس، الأمر يتطلب أولا اتفاقاً سياسياً بعد اتفاق حول تشخيص الوضع القائم والأزمة القائمة، ويتطلب الأمر إعادة النظر في النظام السياسي نفسه وتوزيع صلاحيات السلطة، إلى شيئين متلازمين برنامج سياسي لهذه الحكومة وإعادة النظر في توزيع السلطة في إطار هذا النظام، هل النظام مستعد لمثل هذه الخطوة الكبيرة؟ هذا هو السؤال.

لو بيدك القرار، فماذا يمكنك عمله لتجاوز هذه الأزمة؟

- سأبدأ أولاً بعلاج الموقف من منطلق سياسي، لابد أولاً من النظر إلى هذه القضية على أنها قضية سياسية قبل كل شيء ونضع أفكاراً ومقترحات على الصعيد السياسي تسمح بمزيد من الانفراج والانفتاح وإتاحة الفرصة لكل القوى السياسية ان تساهم في مجال مستقبل اليمن، اليمن الموحد.

ثانياً: أن نضع مشاريع حقيقة قابلة للحياة، مشاريع واقعية لتفكيك هذا النظام الذي يبدو انه تحول إلى كيان جامد غير قادر على استيعاب حركة الحياة، تفكيكه في اتجاه تشكيل نظام مرن يستوعب كل هذه التجمعات التي ظهرت في جسم الوحدة وربما يقضي الأمر هنا ان نبدأ من جديد لإعادة بناء الوحدة، المسألة تتطلب الكثير من الجرأة والشجاعة.

وهناك الوضع الاقتصادي، وهو وضع بائس جدا، والحقيقة ان البلد على حافة الهاوية، ولسنا من يقول هذا الأمر، بل حتى كبار المسؤولين في الدولة يتكلمون عن وضع متهالك منهار لا يستطيع ان يؤمن قوت الشعب، ونظام فاسد.

حروب صعدة والقاعدة

كيف تقيمون الأوضاع في صعدة في ظل المواجهة بين السلطة والحوثيين؟

- صعدة جزء من الأزمة التي نعانيها في اطار التنوعات الموجودة في اليمن، اليمن بلد كبير وشعبه يتجاوز 22 مليون نسمة، وفيه المذاهب، وفيه الكثير من الاختلافات وسلبيات الماضي، صعدة في تقديري الشخصي هي سبب كل هذه الأمور، هي نتيجة اقتصادية، ونتيجة لعدم الاهتمام بها.

الجانب الآخر أن الناس في صعدة يشعرون بأن قضاياهم لم يستجب لها فبدأوا يتحركون ليكون لهم حكمهم المختلف، وهي قضية اجتماعية ودينية وعندما حملوا السلاح حملوه للدفاع عن أنفسهم وكانت قضيتهم محدودة واجهتها الدولة بحرب فتمكنوا ان يصمدوا وصارت هناك قضية، أي بين المحكومين في صعدة والحكام في صنعاء وصارت القضية معقدة تمام التعقيد، والآن تكاد تكون صعدة معزولة عن النظام ككل وتستعد للأسف الشديد لحرب جديدة باعتبار أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في قطر لا يتطرق للتنفيذ في ظل شكوك كبيرة وعدم ثقة بين الجانبين، والمسألة حساسة للغاية.

ينبغي أن يكون هناك برنامج يستوعب كل هذه الأمور، برنامج سياسي للسلطة يضع حداً لمسألة تجدد الحروب لأن صعدة كانت في فترة من الفترات وما زالت مصدر استنزاف للنظام نفسه، يمكن أن تكون صعدة من المشاكل التي أوصلت النظام إلى هذا الوضع الاقتصادي الصعب

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن