أسباب مرعبة للطلاق في الكويت

الأحد 10 مايو 2009 الساعة 06 صباحاً / مارب برس- متابعات
عدد القراءات 6892

يبدو أن ما ألفناه حتى وقت قريب من مشاهد الطلاق بين زوجين في الأفلام المصرية حين تشهق الزوجة لحظة تطليقها وتجهش باكية، أمست ضربا من ضروب الماضي الذي اندثر، فالمشهد اليوم انقلب بشدة، فالزوجة تلح في طلب الطلاق وتتلقى "ورقة الحرية" راضية مطمئنة الى محدودية الخسائر جراء هذه الورقة التي قد تنقلها الى آفاقا أخرى من السعادة أو اليأس.. المهم أنها تطلقت وأصبحت حرة دون وجل من اللقب الجديد الذي كان حتى سنوات قليلة مضت عارا تدفع الأنثى بموجبه أثمان باهظة... الطلاق اليوم بأشكاله وصوره أصبح "أول العلاج الكي" لا "أبغض الحلال".

في العاصمة الكويتية يربض "قصر العدل" المطل على ساحل الخليج العربي، وما إن تنقلك الخطى إليه راغبا بتفحص ومعاينة ما ينقل إليك من أسباب مرعبة للطلاق، وأرقام فلكية فإنك تصطدم فعلا في العديد من ممراته بعشرات من النسوة اللواتي ينتظرن الدخول الى غرفة قاضي الطلاق لفسخ حياة زوجية بعضها لم يمض عليها سوى أيام قليلة، وأخرى مضى عليعا عقودا عدة وسط تساؤلات اجتماعية وقانونية ودينية عن أسباب الظاهرة التي بدأت بالإتساع والتنامي خلافا للمجتمعات العربية التي لا تزال تنفر من قضية الطلاق بوصفه سلاحا مدمرا يشتت الأسر ويسهم في بناء جيل يحمل العقد النفسية، أفراده يسيرون بيننا كقنابل موقوتة مرشحة للإنفجار بقوة.

في البداية شدتني أجواء الخلاف بين فتاة يافعة ربما لم تبلغ العشرين ورجل أمن على خلفية منع الأخير لها بحكم القانون من التدخين داخل صالة الإنتظار، وكذلك التحدث بصوت عال في جهازها الخلوي، لم تبالي الفتاة بتحذيرات رجل الأمن، ورأت انه "لا يحق له ولا لغيره أن يسكتها" كما قالت، تمنيت لو يسمح لي بالجلوس في صالة الإنتظار تلك المخصصة للنساء، كي أدون رواية تلك الفتاة التي أثارت اهتمام القاعة الرجالية المجاورة، والأهم من ذلك سبب طلاقها، إذ أن المكان الذي تجلس فيه لا يحتمل أكثر من تفسير، إلا أن حديثها بصوت مرتفع مع نساء أخريات اخترق جدار الحاجز الرقيق بين الرجال والنساء تقول بداية " أنا عمري 18 سنة تزوجت في شهر سبتمبر أيلول الماضي في أعقاب توقيع صفقة تجارية بين والدي رجل الأعمال وصديقه رجل الأعمال... أرادا أن يعمقا علاقاتهم فاقترح صديق والدي المصاهرة... أعطى والدي الموافقة الفورية لتزويجي لأنني صاحبة الدور بين خمس بنات... لا أعرف شكله ولا أشعر تجاهه بأي أحاسيس أو مشاعر وبعد أن تزوجنا انتقلنا الى شهر العسل في شرم الشيخ... طبعا كانت معلومة جديدة لدي أن شهر العسل ليس أكثر من يومين قضاها زوجي المفترض في لعب (البلاي ستيشن) تارة والدردشة على الماسنجر ومراقبة الفضائيات تارة أخرى...عدت بعدها الى الكويت وأبلغت أسرتي أن لا مشاعر أبدا بيني وبين زوجي كل حديثنا مع بعض حتى الآن لم يزد عن الغدا وين؟ وصباح الخير ومساء الخير... هو لاه تماما بعالم آخر فقال لي أهلي بمنتهى البساطة أن الحياة الزوجية لها بداية صعبة مثل بداية أي شيئ لكن إذا كنت تلمحين للإنفصال أوقفي تفكيرك لا مجال حتى لنقاش الموضوع... حاولت أن أصلح ذات البين لكني فشلت... بعد الضرب والإهانة والتعذيب اليومي... جئت هنا لأتحداهم لكن المحكمة ترفض طلبي لأنني قاصر".

وتؤكد الأخصائية الإجتماعية " أن الحلول الدينية والشرعية في هذه الأحوال لا تجدي نفعا ليس بسبب الدين نفسه بل بسبب أن تلك الحلول والتوصيفات تأتي لاحقة لتأزم العلاقة الزوجية الى حدود ومستويات لا يمكن ترميمها أو التراجع عنها... الأهل هنا لهم تدخلات سلبية تنعكس سوءا اضافيا على العلاقة فيصبح أبغض الحلال أول الحلول وأكثرها جدوى على الإطلاق... لا تنسى الدور المذهل للفضائيات والقنوات الإباحية في تدمير الروابط الأسرية والرابطة الزوجية على وجه الخصوص... أنا لا أبرئ أحدا من المسؤولية الكل متهم حتى مناهجنا التعليمية مسؤولة عن التراجع الأسري في المقام الأول... طريقة الزوجين في التعاطي مع خلافاتهما نابعة أساسا من طريقة التربية التي تلقوها بين أسرهم".

وعن أسباب محددة يمكن اجمالها في تشخيص ظاهرة الطلاق قالت الغانم" مستحيل أن يهتدي المرء في عجالة الى تشخيص مئات العلل النفسية والإنسانية، والخلل في موروثاتنا ومعتقداتنا الإجتماعية في سبيل وضع أسباب محددة لهذا التفسخ الخطير والمذهل في مؤسسة الزواج... أخشى أن نقول بعد سنوات قليلة أن مؤسسة الزواج التي تتعرض للإهتزاز بشدة، الآن أصبحت بلا أساسات".