لماذا تبني مصر جداراً جديداً على الحدود مع غزّة؟

الأربعاء 19 فبراير-شباط 2020 الساعة 07 مساءً / مأرب برس - وكالات
عدد القراءات 2412

 

  

كشفت مصادر إسرائيلية وقبلية في شمال سيناء أن الجيش المصري يبني منذ 27 يناير 2020 جداراً جديداً مع قطاع غزة يبدأ من منطقة معبر كرم أبو سالم جنوباً وحتى معبر رفح البري شمالاً، ويبلغ طوله كيلومترين كمرحلة أولى، في خطوة لم يعلن عنها الجيش المصري.

وأوضحت المصادر المصرية أن الجدار الجديد يتم إنشاؤه باستخدام الخرسانة المسلحة، ويرتفع عن الأرض نحو 6 أمتار وعلى عمق 5 أمتار تحت الأرض، وهو ثاني جدار موازٍ للجدار الصخري القديم الذي أنشأته مصر على الحدود مع القطاع مطلع يناير 2008، وتفصلهما مسافة لا تتجاوز 10 أمتار.

أيضاً ذكرت قناة إسرائيلية، الأحد 16 فبراير 2020، أن مصر بدأت بتشييد جدار جديد على حدودها مع قطاع غزة بهدف "تحسين الأمن على حدودها ومنع المسلحين من العبور إلى أراضيها عبر البر والأنفاق تحت الأرض".

وسوف تشمل المرحلة الثانية والأخيرة من بناء الجدار بناءه في مقاطع حدودية متفرقة (غير محددة)، وهي مقاطع يعتبرها الجيش المصري ضعيفة أمنياً أو تحتوي على أنفاق تحت أرضية، وأن تجهيز هذا الجدار قد يمتد حتى منتصف العام الجاري.

ليس الجدار الأول

بناء هذا الجدار لا يعد الإجراء المصري الأول من نوعه الذي يهدف للقضاء على الأنفاق الفلسطينية من قطاع غزة، فقد أنشأت القاهرة منطقة عازلة على طول الحدود المصرية مع القطاع، بمسافة 14 كيلومتراً، في أكتوبر 2014، بعمق 500 متر في الجانب المصري وعلى طول الحدود، ليصل عمق هذه المنطقة في أكتوبر 2017 إلى 1500 متر بهدف منع تسلل أي عناصر سلفية مسلحة من القطاع إلى سيناء، وقطع شرايين ما تبقى من أنفاق فلسطينية حدودية خاصة بعد انتظام فتح معبر رفح.

أيضاً بنت حركة "حماس"، في 28 يونيو 2017، منطقة عازلة في الجانب الفلسطيني من الحدود يبلغ عمقها 100 متر من الحدود مع مصر، ونشرت عشرات الجنود والعديد من أبراج ونقاط المراقبة المدعومة بالكاميرات على طول هذه الحدود، لمنع أي حالات تسلل من القطاع إلى مصر.

وتقول مصادر فلسطينية: إن إنشاء هذا الجدار تم بالتنسيق مع حركة "حماس" ووزارة الداخلية في غزة، حيث يتم الربط بين فتح معبر رفح وتعاون "حماس" مع مصر لمنع تسلل السلفيين الجهاديين من غزة إلى سيناء وقتل جنود وضباط الجيش المصري.

وأن هذه الإجراءات تفيد "حماس" التي تسعى إلى القضاء على محاولات تهريب المواد الممنوعة كالمخدرات من سيناء إلى القطاع، ومن تسلل العناصر المتشددة من القطاع وإليه.

وترى وزارة الداخلية في غزة أنه لم تعد هناك ضرورة لوجود هذه الأنفاق، طالما تفتح مصر معبر رفح أمام سكان القطاع.

وقبل الإعلان عن بناء الجدار الجديد، وعقب الهجمات الأخيرة في سيناء، وصل وفد أمني مصري يرأسه مسؤول ملف فلسطين في جهاز المخابرات المصرية اللواء أحمد عبدالخالق إلى قطاع غزة، في 10 فبراير الجاري، وأجرى جولة ميدانية على الحدود المصرية-الفلسطينية، في إطار ترتيبات أمنية مصرية جديدة لتعزيز أمن الحدود ومنع تسلل أي عناصر متشددة من القطاع إلى شبه جزيرة سيناء، كما التقى الوفد قيادة حركة "حماس" في القطاع.

واتخذت مصر إجراءات سابقة عدة للقضاء على الأنفاق الفلسطينية، من بينها إنشاء منطقة عازلة على طول الحدود المصرية مع القطاع البالغة 14 كيلومتراً في أكتوبر 2014 بعمق 500 متر في الجانب المصري وعلى طول الحدود، ليصل عمق هذه المنطقة في أكتوبر 2017 إلى 1500 متر، ونجحت هذه السياسة في غلق غالبية الأنفاق الفلسطينية ولكن ظل المسلحون من التنظيمات السلفية المؤيدة للفكر الداعشي في التسلل عبر طرق مختلفة.

دور مقاتلي غزة السلفيين

شهدت الأيام الماضية سلسلة هجمات على ارتكازات وكمائن للجيش المصري أبرزها كمين «زلزال» الذي بيد وقتل فيه 7 ضباط وجنود.

أيضاً قتل العميد مصطفي أحمد عبدالمجيد عبيدو، الدفعة 90 حربية قائد اللواء 134 الفرقة 18ميكا، و3 جنود كانوا برفقته بعبوة ناسفة على طريق بئر العبد ليرتفع عدد القتلى في سيناء خلال 48 ساعة إلى 28 مصرياً، منهم 17 مختفين قسرياً قتلتهم الداخلية، و11 عسكرياً بينهم 3 ضباط.

واللافت في هذه العمليات كان إعلان تنظيم «ولاية سيناء» مسؤوليته عن الهجمات، ونشر بيانًا على منصة «أعماق» المسؤولة عن نشر بيانات التنظيم، أعلن فيه مقتل أربعة من مقاتليه وصفهم بـ«الانغماسين» (أفراد يرتدون أحزمة ناسفة).

وبحسب البيان، اثنان منهم يحملان كُنية الأنصاري مما يشير أنهم من سيناء، واثنان يحملان كُنية الغزاوي مما يشير إلى أنهم من قطاع غزة، ما يزعج السلطات المصرية لأنه تكرر مشاركة غزاويين من تنظيمات سلفية في معارك سيناء عقب تسللهم من غزة بطرق غير معروفة، وهم على خلاف مع حركة "حماس" التي أعلنت أكثر من مرة ضبط بعضهم قبل دخولهم سيناء.

ففي 11 و14 نوفمبر 2019، أعلنت وزارة الداخلية في قطاع غزة (تديرها حركة "حماس")، إحباط محاولة تسلل لمسلحين حاولوا العبور إلى مصر عبر الحدود الجنوبية للقطاع.

وفي 3 فبراير، تحدث الجيش المصري عن "اكتشاف نفق جنوب ساحة معسكر رفح الأمني، قادماً من قطاع غزّة إلى قلب مدينة رفح لمصريّة الحدودية بطول يبلغ حوالي 3 كيلومترات".

وتقول المصادر الأمنية المصرية: إن "النفق مخصص لتسلل العناصر الإرهابية من قطاع غزة لزرع العبوات الناسفة في الجانب المصري والدفع بعناصر إرهابية تدعم تنظيم "داعش" في سيناء ونقل الأسلحة والمتفجرات، وقد ضبطت ذخائر ومتفجرات داخل النفق".

لهذا تسعى مصر لمنع أي تسلل للجهاديين من غزة لسيناء سواء عبر أنفاق أو الحدود، وجاء بناء الجدار الأخير ليكون له عمق في الأرض لمنع الأنفاق، وسور عال يمنع تسلل أحد عبره.