ما مدى إمكانية التفاوض بين إيران والسعودية؟ في  ظل وساطة عمان ؟

الأربعاء 04 ديسمبر-كانون الأول 2019 الساعة 01 صباحاً / مارب برس - سبونتيك
عدد القراءات 2260

 

محاولة سياسية جديدة لتقريب وجهات نظر دول الخليج على رأسها المملكة العربية السعودية مع إيران، تقودها هذه المرة سلطنة عمان، الدولة الخليجية التي تلعب دائمًا دور الوساطة في العديد من الملفات الحساسة.

وفي ظل فشل كافة المساعي الدولية العربية والأجنبية في تجميع طهران والرياض على طاولة تفاوض واحدة، دعا وزير الخارجية العماني، يوسف بن علوي، خلال لقاء مع نظيره الإيراني، محمد جواد ظريف، إلى عقد مؤتمر بين دول منطقة الخليج بمشاركة إيران لحل الخلافات القائمة.

ومع رفض السعودية المتكرر للتفاوض، طرحت المبادرة الجديدة - والتي تخرج من دولة خليجية - تساؤلات عدة بشأن إمكانية تحقيقها هذه المرة، خصوصا أن طهران طالما أعلنت استعدادها لمثل هذه المحادثات.

دعوة عمانية

وأفادت وزارة الخارجية الإيرانية، في بيان أصدرته عقب اللقاء المنعقد في طهران، أمس الاثنين، بأن الجانبين بحثا دائرة واسعة من القضايا الخاصة بالعلاقات الثنائية بين البلدين والملفات الإقليمية والدولية، متطرقين إلى التعاون السياسي والاقتصادي والعلمي والتكنولوجي بين إيران وسلطنة عمان.

وأشار ظريف، حسب البيان، إلى أن عمان تلعب دورا جيدا وبناء في المنطقة، واصفا العلاقات بين البلدين بـ"الشاملة والحسنة للغاية"، مرحبا بتوسيعها وتعميقها في كل المجالات.

وشدد ظريف على ضرورة خفض التوتر في المنطقة، وخاصة في اليمن، مضيفا: "الجمهورية الإسلامية الإيرانية ترحب بأي مبادرة منطلقة من حسن نية تصب في خفض التوتر في المنطقة، ومستعدة لدعمها".

وأشار إلى أن إيران لديها إرادة حقيقية للحوار مع جميع دول المنطقة، موضحا أن بلاده تقدمت في هذا السياق بـ "مبادرة هرمز للسلام".

من جانبه، شدد بن علوي، حسب البيان، على ضرورة تعزيز الحوار والتفاهم بين دول الخليج، معتبرا أن "عقد مؤتمر جامع وشامل بحضور جميع الدول المعنية سيكون مفيدا للمنطقة".

استعداد إيراني وتعطيل أمريكي

الكاتب والمحلل السياسي الإيراني، عماد أبشناس، قال إن "الأمر يعود الآن للأطراف الخليجية، لأن إيران أعلنت مسبقًا إنها مستعدة للجلوس مع هذه الدول على طاولة المفاوضات، وأن من الممكن أن تجلس وتتفاوض على الخلافات الموجودة بينهم، خصوصا مع المملكة العربية السعودية".

وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "رغم إعلان إيران منذ فترة استعداداها للتباحث والتفاوض، لم يكن هناك إلى الآن أي ردود فعل إيجابية حول هذا الأمر، من جهة الأطراف المقابلة".

وتابع: "حكومة حسن روحاني أرسلت رسائل صلح لهذه الدول، المعروفة باسم رسالة صلح هرمز، عرضت فيها عليهم أن يكون هناك ائتلاف موحد لحماية الأمن في هذه المنطقة".

وعن أسباب الرفض السعودي والخليجي التفاوض، قال: "الواقع أن أمريكا هي من تدخل في هذه الأمور، ولا تسمح للدول العربية خاصة السعودية والإمارات والبحرين أن يجلسوا مع طهران على طاولة المفاوضات لحل الخلافات".

ومضى قائلًا: "أمريكا تريد الاستمرار في بيع الأسلحة لهذه الدول، ولن يستطيعوا أن يبيعوا هذه الأسلحة إذا ما لم يكن التوتر موجودًا في هذه المنطقة".

 

من جانبه قال الدكتور شاهر النهاري، الكاتب والمحلل السياسي السعودي، إن "دعوة وزير خارجية سلطنة عمان من إيران بعقد مؤتمر بين دول منطقة الخليج أمر غريب، وكان من الأولى أن يدعو يوسف بن علوي لذلك من الرياض أو أي دولة خليجية".

وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "لماذا قام الوزير العماني بتلك الخطوة في ذلك التوقيت الآن؟ فهو لم يحاول التدخل عندما كانت إيران تتعمد أعمال تخريب السفن في مياه الخليج العربي بجوار موانئ دولة الإمارات، وعندما كانت تختطف بالقوة السفن من أمام المياه الإقليمية لدولة عمان، وتقوم بإطلاق الصواريخ المدمرة والطائرات المسيرة إلى وسط أرض السعودية، لاستهداف مناطق ضخ وتصنيع البترول".

وتابع: "أليس تدخله هنا يبدو غريبا، وكأنه يحاول إنقاذ حكومة إيران بعد الضغوطات الأمريكية العظيمة عليها، وبعد أن ثار عليها الشعب الإيراني، وبعد اختلال قوة أذرعها في العراق وفي لبنان".

ومضى قائلًا: "أين كانت حكومة عمان، في قضية الحرب في اليمن، والتي استمرت لأربعة أعوام، وكان النظام الإيراني، هو من يحرك النزاع فيها، ويرسل الخبراء والأسلحة المتقدمة للحوثي، وكانت حكومة عمان حينها بعيدة كل البعد عن طلب الصلح، أو التوسط لمنع إيران من التدخل، فلم نسمع أنها دعت لعقد اجتماع خليجي، ولا لحل عقلاني لما كان يحدث".

واستطرد: "عندما يتكلم الوزير الإيراني محمد جواد ظريف عن خفض التوتر في الخليج العربي، ألا تعتبر تلك طرفة عجيبة، فهو يعلم أن حكومته هي سبب التوتر، وأنها من يقوم بالتدخلات في كل من دولة الكويت، ومملكة البحرين، بتشجيع الطائفية، ونشر الأسلحة، ودعم الجماعات المنشقة، وأن دولته إيران هي من يحتل الجزر الأماراتية، وهي من يتم اكتشاف خلاياها النائمة في دول الخليج كافة".

وأنهى حديثه قائلًا: "الأمر هنا يحتاج لتوضيح من حكومة عمان، ويحتاج إلى حوارات متعددة بينها وبين أشقائها في دول الخليج العربي، قبل أن تقوم بالإعلان عن خططها السلمية من أرض إيران".

زيارة ابن علوي

واستقبل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، نظيره العماني يوسف بن علوي، الذي وصل إلى طهران، أمس الاثنين.

وتأتي زيارة الوزير العماني إلى طهران في إطار المشاورات حول آخر التطور الإقليمية، وإعلان وجهة نظر مسقط حول مبادرة هرمز للسلام التي طرحتها إيران، لتعزيز الأمن في منطقة الخليج الفارسي ومضيق هرمز، بحسب وكالة "فارس".

يذكر أن يوسف بن علوي قد زار طهران في 20 مايو/أيار الماضي، كما زارها للمرة الثانية في 27 يوليو/تموز الماضي، والتقى خلالهما ظريف.

كما التقى وزيرا خارجية إيران وعمان في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك، في سبتمبر/أيلول الماضي.

ونشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية مقالا للكاتب الصحفي الأمريكي البارز، ديفيد إغناتيوس، الذي رصد فيه معلومات خطيرة بشأن انفراجة في الأزمات الخليجية، وخاصة علاقة إيران مع السعودية والإمارات.

وقال الكاتب الأمريكي، إن هناك بادرة حوار محتمل بين طهران وحلفائها في اليمن (أنصار الله)، والسعودية والإمارات، لتخفيف التوترات في اليمن وأماكن أخرى.

وتابع: "دول الخليج، باتت أكثر انفتاحا على إجراء محادثات مع إيران وحلفائها جزئيا، لأنها فقدت بعضا من ثقتها السابقة في الولايات المتحدة، كحامية عسكرية يمكن الاعتماد عليها".

وتحدث إغناتيوس عن أن زيارة وزير الخارجية العماني، يوسف بن علوي إلى واشنطن الأسبوع الماضي، كانت ليطلع الولايات المتحدة على النشاط الدبلوماسي الجديد المتعلق باليمن، بصفتها "الوسيط" التقليدي بين الولايات المتحدة وحلفائها وإيران.

وأردف: "يبدو أن ابن علوي أقنع الولايات المتحدة بضرورة تسوية الحرب في اليمن، خاصة بعدما أطلعه على المحادثات الأخيرة بين السعودية والحوثيين الذين تدعمهم إيران".

ونقل الكاتب الأمريكي عن مسؤولين في أمريكا والإمارات، إن تلك اللقاءات السعودية مع الحوثيين، يبدو أنها ستكون بمثابة خطوة من أجل تسوية في اليمن.

وأضاف إغناتيوس: "قاد تلك المفاوضات الأمير خالد بن سلمان، شقيق ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، والتي أسفرت عن الخطوة الإيجابية بالإعلان السعودي عن إفراج السعودية عن 200 أسير حوثي".

ونقل الكاتب الأمريكي عن أحد الدبلوماسيين الخليجيين المتابعين للمحادثات السعودية الحوثية بشأن اليمن: "أنا متفائل، منذ عام لكن يمكن بإمكاني أن أخبرك أن السعودية يمكن أن تدخل في أي حوار سلمي، لكني أستطيع أن أقول لكن الآن بكل ثقة إن السعودية تسعى للحوار السلمي".