آخر الاخبار

الزنداني يضع المبعوث الأممي أمام الخطوات التصعيدية للحوثيين مؤخراً على المستويين العسكري والاقتصادي شوارع إسطنبول تختنق وتغرق بطوفان بشري لوداع الشيخ عبد المجيد الزنداني وصلاة الجنازة عليه ماذا قال عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء سلطان العرادة في رحيل الشيخ عبد المجيد الزنداني ؟ الرئيس العليمي يواجه المبعوث بما يجب عليه فعله مع الحوثيين ويؤكد التزام مجلس القيادة بخيار واحد تحذير طبي من الإفراط في تناول هذا المسكن إسرائيل وصفته بـ ''صيد ثمين جدا''.. من هو القيادي في حزب الله الذي اغتيل اليوم بغارة جوية جنوب لبنان؟ مشروع عملاق يربط الخليج بأوروبا عبر تركيا.. تعرَّف على مشروع ''طريق التنمية'' أهميته وانعكاساته على المنطقة ''انفوجرافيك'' الكشف عن الحديث الذي دار بين حكم الكلاسيكو وحكم تقنية الفيديو في لقطة هدف لامين يامال غير المحتسب ماذا قالت حركة حماس عن الشيخ الزنداني وبماذا وصفته؟ بيان قادما من مسقط.. المبعوث هانس غروندبرغ يطير إلى الرياض ويلتقي أول مسئول في الحكومة الشرعية وهذا مادار بينهما

حزب الله.. الظهير العربي في تمرير مشاريع إيران

الأربعاء 23 أكتوبر-تشرين الأول 2019 الساعة 10 صباحاً / مأرب برس-اخبار اليوم
عدد القراءات 2236

ربما لم يدر بخلد أحد قبل بضع وثلاثين سنة من اليوم، أن الحركة الوليدة التي نشأت على أساس طائفي ترفع شعار مقاومة الكيان الإسرائيلي المحتل لأجزاء من جنوب لبنان، أن تتحول إلى ساعد مفتول يعضد النفوذ الإيراني بما يتجاوز الحدود القصية إلى أبعد من ذلك.
حيث بات من الواضح اضطلاع تنظيم "حزب الله" بدور إيران في المنطقة العربية في مشروع التفتيت والتقسيم وإشاعة الفوضى، بمقتضى نظرية "المجال الحيوي" التي تنتهجها السياسة الخارجية الايران في التغول في المنطقة العربية عن طريق الأقليات الشيعية، والتي يعد "حزب الله" رأس حربتها في تمرير مأربها وتصدير الفوضى وإشاعة الانقسام الداخلي في الوطن العربي، كما هو حاصل في اليمن والبحرين وسوريا والعراق، التي تشكل في مجموعها المثال الصارخ على افرازات السياسة العابثة لإيران وظهيرها العربي "حزب الله" وشركائه.
* ظروف النشأة والصعود
نشأ تنظيم "حزب الله" في العام 82 من القرن الماضي، كامتدادٍ طبيعي لمشروع "تصدير الثورة الإيرانية" إلى العالم العربي، أي بعد ثلاث سنوات من قيام ثورة الخميني في إيران التي انتهت باقتلاع نظام الملك محمد رضا بهلوي المعروف باسم "شاه إيران"، وتأسيس نظام ثيوقراطي شديد التطرف يقوم على نظرية "الولي الفقيه" التي ابتدعها الخميني ونجح في فرض أدبياتها على الشعب الإيراني عنوةً واقتدارًا.
قيام حركة "حزب الله" في ذلك التوقيت لم تكن لتُلاقي القبول اللازم، كتنظيم طائفي مسلح في جنوب لبنان، لولا أن الظروف القائمة في تلك الحقبة التي تلت الاجتياح الإسرائيلي لـ لبنان، كانت مواتية لتوفير ما يكفي من المبررات لقيام تنظيمات مسلحة ترافع شعار المقاومة ضد الكيان الإسرائيلي المحتل لجزء من جنوب لبنان ومزارع شبعا.
ومن حسن حظ التنظيم القائم في تكوينه على عجينة الطائفة، أن العامل الجغرافي كان أحد أهم العوامل التي ساعدت في صعوده الصاروخي، حيث أن الغالبية العظمى من السكان في مناطق جنوب لبنان ينتمون إلى الطائفة الشيعية، وهو ما استغله التنظيم أحسن استغلال، إلى جانب جاذبية الشعارات التي يرفعها ضد الكيان الصهيوني، وهو بالضبط ما استنسخته حركة الحوثي في اليمن التي تحركت على الجغرافيا المذهبية وقدمت نفسها كممثل للأقلية الزيدية ومنافحٍ عنها ضد خطر افتراضي لا وجود له، إلى جانب الشعارات المعادية للكيان الإسرائيلي والجعجعة بالقضية الفلسطينية، على ذات الطريقة التي اتبعها "حزب الله" في التأثير الجماهيري، إلى جانب تقديم نفسه كحامل لمشروع المقاومة.
واستطاع "حزب الله" خلال أول عقدين من تأسيسه أن يكون قوة عسكرية وسياسية مؤثرة في الداخل اللبناني لها تمثيلها البرلماني الوازن، ككيان يظم تحت لوائه الطائفة الشيعية إلى جانب حركة أمل التي يرأسها "نبيه برِّي" رئيس المجلس النيابي اللبناني حاليًا، حيث نجح الحزب في المزاوجة بين العمل السياسي والنشاط الحركي العسكري تحت ذريعة مواجهة إسرائيل، مستغلاً ضعف الجيش اللبناني الذي يعد من أضعف الجيوش العربية، إلى جانب وجود الجيش العربي السوري قبل أن انسحابه من لبنان في أعقاب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري.

تمزيق سوريا


تنظيم "حزب الله" الذي يعد امتدادًا لإيران على الخط الطائفي والتنظير السياسي، أصبح أهم حلفاء طهران في المنطقة العربية، وقنطرة العبور في دعم التمرد الطائفي للأقليات الشيعية في بعض البلدان العربية كما هو الحال في البحرين وسوريا واليمن والسعودية وإن كانت الأخيرة أقل تأثرًا، لاعتبارات تعود إلى قوة النظام السياسي في البلاد والقبضة الحازمة على مفاصل الدولة.
وبرز دور تنظيم "حزب الله" كلاعب مباشر خارج حدود لبنان، بُعَيْد انفجار الثورة السورية التي كادت أن تطيح بنظام بشار الأسد الحليف التاريخي لإيران في سوريا على خط ما يعرف بــ"محور الممانعة" بعد أن كان دور "حزب الله" يتم بطريقة غير مباشرة، لكن هذه المرة اندفع مباشرة وبقوة إلى معترك الأحداث إلى جانب قوات النظام السوري والمليشيات الشيعية الإيرانية التي استجلبتها من العراق وأفغانستان وغيرها، مثل ألوية: الزينبيين والحيدريين... ألخ، وفي القلب منها ما يعرف بـ"فيلق القدس" الذي يقوده قاسم سليماني الجنرال اللامع في الحرس الثوري الإيراني.
وشاركت مليشيات "حزب الله" إلى جانب التشكيلات الإيرانية الأخرى وقوات "الأسد" بمعية القوات الروسية التي كان تدخلها في مضمار الحرب أهم أسباب اجهاض الثورة السورية والإبقاء على "الأسد في السلطة".
وفي الأشهر الأولى لاندلاع الثورة السورية، ظهر "حسن نصر الله" الأمين العام لتنظيم "حزب الله" ليعلن في أحد خطاباته أن ما أسماه "الحرب على سوريا" (في إشارة للثورة السورية) هي "حرب على المقاومة وحرب على فلسطين" حد زعمه، في محاولة من الرجل لتكريس نظرية المؤامرة التي تستهدف "المقاومة" كما يصلح عليها مُريدوه ومؤيدوه.
وبالفعل لم تمض أيام حتى دخل الحزب خط الحرب في سوريا، بدأها بالاعتداء على بلدة "القصير" في الغرب السوري الأقصى بمحاذاة الحدود اللبنانية، وقطع المياه على سكانها قبل اقتحامها واخضاعها، في مشهدٍ غاية في الفظاعة والقسوة والإرهاب، ولم يكن ذلك سوى بداية سيناريو جديد في تدمير سوريا وجرّها إلى هاوية الجحيم، واستهلالًا لحقبة سوداء من الدمار والتشرد التي قلّ نظائرها منذ فترة الحرب العالمية الثانية.
* إمبراطورية الإتجار في الممنوعات 
"حزب الله" الذي صار يوصف بدولة داخل الدولة، كوّن ترسانة عسكرية ضخمة ومتطورة، قَدَّرَتْها بعض الدراسات في العام قبل الماضي بأكثر من 100 ألف صاروخ، إلى جانب 20 ألف مقاتل على أعلى مستويات التدريب، وبميزانية عسكرية سنوية تقدّر بمليار دولار، وهي ميزانية ضخمة بالنسبة لمليشيا غير نظامية، وبالمقارنة مع ميزانية بعض الجيوش العربية وكثير من جيوش دول العالم الثالث.
ولا بد هنا من الإشارة إلى أن الحزب كوّن امبراطورية اقتصادية ضخمة من شبكات تجارة المخدرات المنظمة ذات الامتداد القارِّي، خصوصًا في بعض دول أميركا الجنوبية، والغريب أن نشاطه في بعض الأحيان كان يحظى بتسهيلات حكومية في كما الحال في فنزويلا على سبيل المثال. مكّنه هذا النشاط غير القانوني من تأمين روافد اقتصادية وفيرةِ العائد.
الشيء نفسه الذي تحاول جماعة الحوثي في اليمن القيام به، مع العلم أنها قطعت شوطًا لا بأس به في هذا الجانب من تجارة الممنوعات أسوة بنظيرتها "حزب الله" الذي يسبقها بخطوات في هذا المضمار.

الحوثيون و "حزب الله"

وفي حرب اليمن التي صار دور إيران فيها أشهر من أن يُخفى في دعم ورعاية الانقلاب الحوثي وتكريس سلطته الطائفية على حاضرة البلاد، اضطلع "حزب الله" بدور الظهير الإقليمي الحامل لمشروع الانقلاب الحوثي في اليمن منذ البواكير الأولى لنشوء الحركة.
قرائن كثيرة كشفت عن الدور الذي لعبه "حزب الله" خلال الحرب في اليمن، إلى جانب الحوثيين، لم يتوقف عند تهريب الأسلحة والتخطيط والدعم الإعلامي والمخابراتي، بل تخطى ذلك إلى إرسال كوادر من التنظيم إلى اليمن للإشراف المباشر على تدريب المقاتلين الحوثيين، وإدارة العمليات العسكرية التي تقوم بها مليشيا الحوثي ضد قوات التحالف والشرعية، وهو ما أكدته شهادات بعض الأسرى الحوثيين الذين تلقوا تدريبات على يد كوادر من "حزب الله" وكشفت عنه بعض التسريبات المصورة منذ الأيام الأولى للحرب في اليمن.
ومن المهم التأكيد أن بعضًا من عناصر الحزب الذين يشاركون في إدارة العمليات العسكرية للانقلابيين الحوثيين في اليمن، لقوا حتفهم خلال غارات شنها التحالف على أهداف تابعة للمليشيا الحوثية، علمًا أن قيادة التحالف العربي أعلنت مرارًا عن وقائع من هذا النوع.
* إجهاض الصحوات العربية
وفي المجمل ينبئ سلوك تنظيم "حزب الله" خلال السنوات الخالية عن تناقض عميق بين شعارات المقاومة والكفاح ضد المحتل الصهيوني، وما يترجمه على واقع الأحداث، ذلك أن المشروع الإيراني ومشروع الكيان الصهيوني في المنطقة يسيران جبنًا إلى جنب في تمزيق النسيج العربي وشرخ التعايش الخلاّق في المكون الاجتماعي والسياسي كما ماثل في البلدان التي تسرَّب إليها مشروع "الولي الفقيه" عن طريق الأقليات المتطرفة الحاملة للإرث الطائفي والعنصري، الذي لا ينفك يجهض أي بادرة للانعتاق، واعاقة أي صحوة شعبية بمجرد أن تتجسد في فكرة أو ثورة.