طوابير طويلة ومعاناة دائمة تشهدها أمانة العاصمة والمحافظات الأخرى,, وشركة الغاز تستغرب شكاوي المواطنين وتحملهم المسؤولية

الإثنين 02 فبراير-شباط 2009 الساعة 12 صباحاً / مأرب برس - تحقيق وتصوير - جبر صبر
عدد القراءات 11078

أينما ذهبت في أي شارع من شوارع العاصمة صنعاء أو حاراتها وهو الحال في المحافظات الأخرى التي قد تكون الأسوأ، إلا وتشاهد طوابير طويلة رجال ونساء وأطفال أمام معارض ومحلات بيع الغاز تعطلت أعمالهم وعطلت حياتهم في منازلهم ، حتى أصبحت أسطوانة الغاز هي المدللة والمذلة لكثير من المواطنين ،كيف لا وهي من أساسيات الحياة عند المواطنين ،ومنذ قرابة شهر وهي العنوان الأبرز وحديثها في وسط الشعب الأوسع ولم تغادر "عربيات" وسيارات مواطنين ينتقلون بها من محل إلى آخر للبحث عنها مملوءة في رحلة تعب ومعاناة، وإن تم العثور على الغالية المفقودة فيصبح سعرها الأرفع في ظل انعدامها وإخفاءها واستغلال ذلك من قبل بعض أصحاب النفوس الضعيفة.

طوابير طويلة وانتظار لساعات:

أزمة الغاز الخانقة طالت كثير من المواطنين ومثلت لهم معاناة كبيرة جعلت بعضهم يعود لحياة البادية في المدينة باستخدام "خشب" وما شابه للوقود عليه. ولأن المعاناة عندنا كمواطنين جميعاً فقد قمت في زيارة الى معارض ومحلات بيع الغاز للاستماع إلى معاناة المواطنين وتصوير تلك المشاهد لنقلها الى الجهات المختصة لكشف الأسباب ومعرفة الحقيقة فكانت البداية في أحد معارض الشركة اليمنية للغاز في منطقة الاصبحي بأمانة العاصمة لأتفاجئ بازدحام شديد للمواطنين وفي طابور طويل أمام المعرض من أجل الحصول على "دبة"غاز فهذا محمد عبد الله أحمد سالم كان أشد الموجودين استياء وأكثر معاناة فهو لم يشاهد ولم يعيش هذه الأزمة الخانقة كونه مغترباً ومتنقلاً مابين دولة الإمارات والسعودية، وزيارته لليمن لقضاء إجازة قصيرة ولعلاج والده فقد بدا متبرماً وحزيناً جدا من ذلك فيقول في حديثه لـ"مأرب برس": أزمة انعدام الغاز متعبة جدا لي ،ووالله أني معطل أعمالي ولدي والدي كبير السن و أعالجه في المستشفى ويشير بيده إلى والده الذي كان جالساً بانتظار اسطوانة الغاز مقاوماً مرضه وانتظاره، ويضيف: وأنا من الصباح منتظر لأحصل على "دبة"غاز ولم احصل عليها.

ارتفاع سعرها ليست المشكلة عند محمد ما يهمه هو الحصول على "دبة"غاز بدلاً من الانتظار والتعب والبهذلة يقول: الاسطوانة بـ500 ريال وأنا مستعد ادفع ضعفي سعرها 1500 ريال لأحصل عليها".

ولأنه يعيش معاناته شديدة بانتظاره فقد أثنى على الإمارات والسعودية بقوله " هناك بلاد خير وكل شيء فيها متوفر ولم نعاني هذه المعاناة .

أحد الذين وجدتهم ضمن المواطنين رجال ونساء وأطفال في طابور طويل أمام احد معارض الشركة اليمنية للغاز بدأت أساله حول تعليقه عن أزمة الغاز لكنه رفض التعليق واكتفى بقوله" خلها على الله بس" في تعبير منه عن معاناة المواطنين في الحصول على مادة الغاز،رافضاً ذكر أسمه ليس لشيء وإنما هو احد ضباط الداخلية يقول:أنا ضابط ما اقدر أفصح عن اسمي بيضايقوني بعدين في المعاش"ويهمس لي :أذهب الى معرض للشركة في شارع بينون واطلب منهم "دبة" غاز بيردوا عليك مافيش ، وهم يبيعوها بالسوق السوداء"عقبها ذهبت للبحث عن المعرض الذي أشار اليه فلم أجده".

عذاب الانتظار ولهيب الأسعار:

وفي ظل وجود الأزمة الخانقة لمادة الغاز يعيش المواطنون بين مطرقة خنقة الازدحام وعذاب الانتظار وبين سندان استغلال أصحاب المحلات الصغيرة و"العربيات" ورفع سعر الأسطوانة الى ضعف ماهي عليه في معارض شركة الغاز .فيقول الشاب حميد صالح صلاح ضمن من وجدتهم في طابور الانتظار في معرض شركة الغاز بمنطقة الأصبحي يقول: ان الغا ز ليس متوفر، وكما تشوف ازدحام الناس، ولنا ساعات بانتظار دورنا ،وأحياناً ننتظر وفي الأخير تكون الكمية في المعر ض قد تم بيعها بالكامل، معبراً عن معاناتهم بقوله" اما ان نقعد هنا ساعات وبين الشمس والبهذلة ونحصل على اسطوانة بـ 500 ريال أو ان نشتري من أصحاب "العربيات" بـ1000 ريال الذين استغلوا الأزمة بزيادة جنونية بسعرها، ومن الصعب علينا كمواطنين عاديين الشراء بهذا المبلغ ".

قطاعات مأرب والشتاء اسباب الازمة:

بعد أن رأيت استمعت الى معاناة المواطنين ورأيت حالتهم الصعبة بانتظار الحصول على اسطوانة غاز سواء في معارض شركة الغاز او محلات البيع، عقبها ذهبت الى مقر الشركة اليمنية للغاز لطرح معاناة المواطنين وأسباب ازمة مادة الغاز وصعوبة الحصول عليها واستغلال بعض المواطنين الأزمة لارتفاع أسعارها،ولأن مدير الشركة في سفر فالمتواجد نائبه وبدوره أحالني الى مدير إدارة العمليات في الشركة- محمد علي غالب – حيث أوعز انعدام مادة الغاز الى عدة أسباب منها حسب قوله: أهم الأسباب القطاعات في محافظة مأرب الذي يتسبب بحدوث إرباك في عمل الشركة لمنع القاطرات من العبور، الأمر الذي يجعلنا نقوم بعملية حقن الغاز بإعادته الى باطن الأرض وذلك يكلف الدولة مبالغ مالية كبيرة"وبدورهم خاطبوا الجهات المعنية ممثلة بمحافظ مأرب ووزارة الداخلية لحل ذلك .

 كما يشير في حديثه لـ"مأرب برس" ان ضمن الأسباب زيادة الطلب على مادة الغاز عادة في فصل الشتاء،إضافة الى عوائق جديدة قابلتهم في الشركة وهي: أن هناك مواطنين من المستهلكين لمادة الغاز في مزارع "الدجاج" لتدفئتها فيكون استخدامهم كبير،كذلك المواطنين الذين يقومون بتدفئة "القات".

كما يحمل غالب المواطنين مسؤولية الأزمة وبعضهم مساهمين في ذلك ،حيث يقوم بعض المواطنين بشراء كميات من معارض الشركة بالسعر الرسمي لها(500 ريال) ثم يقومون ببيعها بأسعار زائدة، مؤكداً أن هناك رجال ونساء يشترون اسطوانات من معارض الشركة ويعملون "سماسرة" وبالسوق السوداء ويذهبون لبيعها بأسعار مضاعفه".وما يؤكد صحة كلامه فقد وجدت طفلاً في الثالثة عشر من عمره على احد الشوارع الفرعية بإحدى الحارات ولديه قرابة 10 اسطوانات يعرضها للبيع تصل قيمة "الدبة" الواحدة لديه (1000 ريال). 

كما يستغرب غالب بذات الوقت عن الحديث عن وجود أزمة فيقول: استغرب من هذه الشكاوي مع أننا الجمعة الماضية قمنا بالنزول والبيع مباشرة في كافة مديريات الأمانة، وعلى سبيل المثال أنزلنا الى مديرية السبعين حوالي 200 اسطوانة وتم بيعها مباشرة وتبقى منها 30 اسطوانة بعد ان استكفيت المديرية، نافياً ان يكون هناك أزمة وإنما المواطنين أنفسهم من يعملون على ذلك ". مؤكداً انه تم ضخ قرابة (60 ألف اسطوانة) في أمانة العاصمة مع أن احتياجاتها من (30-40 ألف اسطوانة فقط) والشركة تقوم بتزويد السوق بذلك سواء من موقعها في الصباحة او فروعها في ذهبان وأرتل،إضافة إلى التزويد بقاطرات إضافية".

وحول عشوائية البيع ورفع الأسعار وإخفاء مادة الغاز يقول مدير عمليات شركة الغاز" لدينا مندوبين في محطات الشركة بالأمانة يتم التواصل معهم على مدار الساعة واخذ المعلومات منهم أولاً بأول ،أما بالنسبة لوكلاء الشركة الرسميين فهناك رقابة عليهم ومن يقوم بالإخفاء أو الزيادة في السعر فيتم التنسيق مع مدراء المديريات والمجالس المحلية الذين دورهم الإشراف والضبط ، ومن وجد مضبوطاً يتم إيقافه عن البيع والنزول الى محله للبيع مباشرة من قبل الشركة ، كما يقوم بالتعهد بعد دفعه غرامات على ذلك.

التلاعب باختفائها وزيادة سعرها:

ولأن أكثر التلاعب بارتفاع الأسعار وإخفاء مادة الغاز من قبل أصحاب المحلات الصغيرة او البائعين بواسطة" العربيات" فيوضح محمد غالب- ان الشركة تقوم بعملية م سح لوكلائها المتعاملين مع القطاع الخاص بشكل عام وتم تشكيل لجنة لذلك من الشركة وأمانة العاصمة لإيجاد مع ار ض حسب مواصفات ومطابقات معينه على ان يكون صاحب المحل لديه رخصة مع عرض لوحة على المحل وكذا ان يكون المحل بعرض 6*4 متر عرضاً *3 متر ارتفاع.

أما أصحاب "العربيات" ورغم ما يقدمونه من خدمة بتوصيل مادة الغاز إلى أمام المنازل تسهيلاً للمواطن الا انهم يستغلون ذلك بارتفاع كبير في السعر، ويشير غالب انه تم ضبطهم العام الماضي الا أنهم عادوا ".

عيوباً فنية وكوارث:

معاناة المواطنين لم تقف عند انعدام مادة الغاز وحسب، بل تزيد في وجود آلاف الاسطوانات تحمل عيوباً صناعية ينتج عنها كوارث وإزهاق أرواح.وخلال الأسبوع الماضي حذر خبراء وعلماء من وجود اسطوانات غاز صينية الصنع في السوق اليمني تحمل عيوباً فنيه" تسرب الغاز" منها قد تؤدي الى حدوث أخطار كبيرة ،وقد شهدت اليمن عدة حوادث لذلك بسبب انفجار اسطوانات غاز لعيوبها الفنية.

وفي احد معارض شركة الغاز وجدت الطفل عبد الله سالم في الرابعة عشر من عمره واقفاً أمام معرض شركة الغاز ومعه اسطوانة الغاز يقول : انه أعادها من البيت لأنها "تهرب" تسرب وقد تسبب لهم خطر كبير، لكنهم كما يقول: رفضوا إعادتها، فهو محظوظاً ان حصل على اسطوانة أياً تكون مواصفاتها فغيره بحثوا كثير ولم يحصلوا عليها".

مدير عمليات شركة الغاز – محمد غالب" يؤكد وجود ذلك إلا انه اعتبر مسؤولية ذلك على المواصفات والمقاييس فهم من يقومون بفحصها فنياً لتكون صالحة لبيعها في السوق".

 

*الناس