ما هي قصة المكالمة الليلية التي أجراها أولمرت مع بوش وأجبرت رايس على تغيير تصويتها على قرار وقف إطلاق النار في آخر لحظة

الأربعاء 14 يناير-كانون الثاني 2009 الساعة 06 مساءً / مارب برس - الوطن الأمريكية
عدد القراءات 6928

لقد تُركت وهي تمتقع خجلا. فهي لم تستطع في نهاية المطاف أن تصوِّت لصالح القرار الذي سهرت عليه وأعدته وهيَّأت له كل الترتيبات". عندما تفوَّه رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت بهذه الكلمات خلال خطاب ألقاه أثناء زيارته التفقدية يوم أمس الاثنين لمدينة عسقلان في جنوب إسرائيل، والتي تتعرض لصواريخ حركة حماس المنطلقة من قطاع غزة ، لم يكن يقصد بها سوى وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية كوندوليزا رايس.

أما تفاصيل الحكاية، فترويها لنا صحيفة الديلي تلجراف الصادرة اليوم من خلال تقرير تنشره على موقعها على شبكة الإنترنت ويرصد ما جاء في كلمة أولمرت تلك وهو يكشف تفاصيل مكالمة آخر الليل التي أجراها مع الرئيس الأمريكي المنصرف، جورج دبليو بوش، وحصد بنتيجتها ضمان تغيُّب الولايات المتحدة عن التصويت على مشروع القرار 1860 الذي صدر يوم الخميس الماضي بشأن الوضع في غزة.

ينقل تقرير الديلي تلجراف عن أولمرت قوله إن الرئيس الأمريكي أمر في اللحظة الأخيرة الوزيرة رايس بعدم التصويت على مشروع القرار الذي دعا إلى الوقف الفوري لإطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة الذي شهد مقتل أكثر من 920 شخصا وإصابة أربعة آلاف آخرين على الأقل بجروح منذ بداية الجيش الإسرائيلي لعملية "الرصاص المسكوب" على القطاع في السابع والعشرين من

ويضيف التقرير إن ذلك وضع رايس في موقف لا تُحسد عليه ومحرج للغاية بالنسبة لها أمام زملائها الوزراء المشاركين في الجلسة الطارئة لمجلس الأمن الدولي، والتي انتهت بتصويت 14 عضو لصالح القرار المذكور وتغيب الولايات المتحدة التي كانت وراء الإعداد للقرار وضمان تمريره.

ويردف التحقيق، الذي ترفقه الصحيفة بصورة كبيرة لبوش ومن ورائه وزيرة خارجيته السمراء وقد أطرق الاثنان أرضا وراحا يفكران مليًّا بأمر يبدو أنه يشغل بالهما كثيرا، إن التوقع المبدئي كان هو أن تصوِّت الولايات المتحدة لصالح القرار المذكور، مثلها مثل بقية أعضاء المجلس الأربعة عشر الآخرين، لكن تغيُّب رايس المفاجئ أدهش المجلس والعالم معه.

ونعود إلى أولمرت، الذي يروي بفخر وزهو ما فعله في تلك الليلة وأدى إلى تغيير الموقف الأمريكي بشكل جذري، إذ يقول: "أثناء الليل بين الخميس والجمعة، وعندما كانت وزيرة الخارجية (الأمريكية) تعتزم قيادة عملية التصويت لصالح وقف إطلاق النار عبر مجلس الأمن، لم نكن نحن نرغب بأن تصوت واشنطن لصالح القرار."

ويضيف رئيس الوزراء الإسرائيلي المستقيل قائلا: "قلت: اطلبوا لي الرئيس بوش على الهاتف. فقالوا لي إنه (أي بوش) في وسط إلقاء خطاب له في فيلادلفيا. فقلت: هذا لا يهمني، فأنا أريد أن أتحدَّث إليه الآن. فترك (الرئيس الأمريكي) المنبر وتكلَّم معي."

ويتابع أولمرت بالقول: "لقد قلت له إنه ليس بوسع الولايات المتحدة أن تصوِّت لصالح (القرار)، نعم لا يمكنها أن تصوِّت لصالح هكذا قرار. فكان أن اتصل (بوش) بوزيرة خارجيته في الحال وأخبرها بألاَّ تصوِّت."

ولم يفت الصحيفة التذكير بأن بوش دأب دوما على إلقاء اللوم على حركة حماس في الصراع الدائر حاليا بينها وبين إسرائيل، إذ عاد للتأكيد في آخر لقاء رسمي له مع الإعلاميين في البيت الأبيض يوم أمس الاثنين بقوله إنه رغب على الدوام برؤية "وقف دائم لإطلاق النار قابل للحياة والتطبيق" في غزة، لكن الأمر يعود لحماس بأن تختار بين إيقاف إطلاق صواريخها على إسرائيل من عدمه.

الصحف البريطانية الصادرة اليوم حفلت أيضا بطيف واسع من التقارير والتحقيقات والمقالات النقدية والتحليلية والصور التي تتناول الأوضاع في غزة وترصد انعكاسات الهجوم الإسرائيلي على القطاع.

فتحت عنوان "إسرائيل تواجه دعوات التحقيق بوقوع جرائم حرب في غزة"، تنشر الجارديان تحقيقا لمراسلها في القدس، كريس ماكجريال، جاء فيه أن إسرائيل باتت تواجه مطالب متزايدة من قبل مسؤولي الأمم المتحدة ومجموعات حقوق الإنسان العالمية والإسرائيلية لإجراء تحقيق دولي بمزاعم تتحدث عن ارتكاب جرائم حرب في غزة.

وذكر التحقيق أن من بين تلك الجرائم التي يجري الحديث عنها: "القصف غير المتناسب والمتهور للمناطق السكنية واستخدام العائلات الفلسطينية من قبل الجنود كدروع بشرية."

وتدلل الصحيفة على وجود مثل تلك الدعوات بتقارير تتحدث عن موافقة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون حقوق الإنسان يوم أمس الاثنين على قرار يدين الهجوم الإسرائيلي على غزة بسبب "الخروقات الجماعية لحقوق الإنسان."

كما ينقل تقرير الجارديان عن مسؤول رفيع في الأمم المتحدة قوله إن الوكالات والهيئات الإنسانية التابعة للمنظمة الدولية بدأت بالفعل بجمع الأدلة التي تشير إلى احتمال ارتكاب جرائم حرب في غزة، وأخذت بتمرير ما تتوصل إليه من نتائج ومعلومات إلى أعلى المستويات" من أجل استخدامها والاستفادة منها في حال كانت كافية او مناسبة.

وتعدد الصحيفة بعضا من التهم الموجهة إلى إسرائيل في هذا المجال ومنها:

استخدام قذائف قوية على المناطق المدنية، رغم أن الجيش الإسرائيلي كان يعرف أنها ستوقع عددا كبيرا من الضحايا الأبرياء

وتشير الصحيفة إلى أنه يمكن أن يقوم مجلس الأمن الدولي باستصدار قرار يقضي بتشكيل لجنة تحقيق، وحتى إنشاء محكمة لجرائم الحرب في غزة. إلا أنه من المحتمل أن تستخدم كل من الولايات المتحدة وبريطانيا حق النقض الفيتو لإفشال مثل تلك الخطوة في حال الإقدام عليها فعلا.