وكالة دولية تسلط الضوء على «الوجه الأبشع» للحرب في اليمن وتكشف تفاصيل مرعبة

الجمعة 12 أكتوبر-تشرين الأول 2018 الساعة 09 مساءً / مأرب برس ـ فرانس برس
عدد القراءات 6344

نشرت وكالة «فرانس برس» الدولية، الجمعة 12 اكتوبر/تشرين الأول 2018م، تقريرا لها بعنوان «الاعتقال والاختفاء القسري.. وجه آخر للخرب في اليمن».

نص التقرير: 

 

منذ 2015، بات اليمن ساحة الحرب التي يتواجه فيها الحوثيون، بمساندة غير رسمية من إيران، مع القوات التابعة للحكومة المعترف بها دوليا، والتي يدعمها التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية. ولئن تسبب القصف المتواصل كما المعارك في أزمة إنسانية وغذائية لم يشهدها البلد من قبل، فإن عمليات الخطف أصبحت كذلك جزءا من الحياة اليومية للسكان.

صار اليمن منذ ثلاث سنوات ساحة صراع جديدة بين السنة والشيعة. فالحوثيون انطلقوا من شمال البلاد للسيطرة على العاصمة صنعاء عام 2014 وإجبار الرئيس عبد ربه منصور هادي، الموالي للنظام السعودي، على الهرب. أما الغارات التي يشنها التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية منذ آذار/مارس 2015، فقد أدت إلى سقوط 10 آلاف قتيل و56 ألف جريح، أغلبهم من المدنيين.

هكذا انقسم اليمن إلى منطقتين، المنطقة الشمالية التي تقع تحت سيطرة الحوثيين والمنطقة الجنوبية التي تسيطر عليها القوات الحكومية، واللتان تشهدان ارتفاع عدد المدنيين المختطفين.

في هذا السياق، تسعى جمعية "رابطة أمهات المختطفين"، ومقرها مدينة تعز الحدودية بين المنطقتين، إلى مساندة عائلات المختطفين حتى يتم الإفراج عن هؤلاء. وبحسب الجمعية، فإن عدد المختطفين المعلن عنهم بلغ اليوم 3478، وأن 128 مختطفا على الأقل لقي حتفه.

في 27 أيلول/سبتمبر، نظمت "رابطة أمهات المختفين" وقفة أمام منزل وزير الداخلية أحمد الميسري للمطالبة بالكشف عن مصير المختفين في السجون السرية ومحاسبة المسؤولين. في الدقيقة الثانية و28 ثانية، تقول إحدى الأمهات: "دافعوا عن بلدهم وفي الأخير حبسوهم، ليه؟" بحسب الجمعية، يوجد من بين المختطفين شباب شاركوا في المعارك ضد الهجوم الحوثي على عدن، بين آذار/مارس وتموز/يوليو 2015، تم اعتقالهم في ما بعد من قبل قوات الأمن والسبب مجهول.

"عندما يختطف أحدهم، تبقى العائلة دون أي خبر لمدة أسابيع"

لدينا مكتب واحد فقط، ولم نستطع فتح أي مكتب آخر في البلاد رغم الحاجة الملحة. فكثيرة هي المدن التي تعيش ظاهرة الاختطف، على اختلاف عدد المختفين. يرتفع عدد حالات الخطف في المدن الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، مثل صنعاء وحجة والحديدة وعمران، لكن مدن الجنوب مثل عدن تشهد كذلك حالات اختطاف.

كثيرون هم الأشخاص الذين تستهدفهم عمليات الاختطاف، التي قد تتم أمام الجامعات أو في الشارع أو في البيوت. الناشطون والمدونون مستهدفون طبعا لأسباب سياسية، سواء انتقدوا الميليشيات أم الدولة، بحسب وجودهم في المناطق الشمالية أو الجنوبية. كذلك التجار ورجال الأعمال الميسورون، والذين يختطفهم عادة الحوثيون لابتزاز عائلاتهم. قد يختطف أحيانا الأطفال عوض آبائهم، للضغط على الأهالي وإجبار الآباء على الظهور.

قد يطلق الحوثيون سراح بعض المعتقلين بمقابل مالي، قد يصل إلى مليون ريال يمني [أي 3475 يورو]، أو، على الأرجح، يستبدلونهم ضد أسرى حوثيين في سجون الأمن الحكومي.

عندما يختطف أحدهم، تبقى العائلة دون أي خبر لمدة أسابيع. وقد ينجح الأهالي بعد أشهر في الاهتداء إلى بعض المعلومات، بفضل معتقلين أفرج عنهم يكشفون هوية بعض الأسرى الذي كانوا معهم في السجون، أو بفضل وساطة بعض رؤساء القبائل.

"السجون السرية وممارسة التعذيب ليست حكرا على شق دون آخر"


نشرت المنظمة غير الحكومية هيومن رايتس واتش في 25 أيلول/سبتمبرتقريرا اتهمت فيه الحوثيين باختطاف المدنيين وممارسة التعذيب، مذكرة بأن هذا النوع من الممارسات يعتبر جرائم حرب، ومطالبة بالإفراج عن الأسرى. وتندد مريم عبد الله بدورها بهذه الممارسات مذكرة بأنها ليست حكرا على شق دون آخر:

صحيح أنه من الأصعب التعامل مع الحوثيين لأنهم يمارسون العنف ضد أهالي المختطفين خلال الوقفات الاحتجاجية، كما قاموا بتهديدنا أكثر من مرة كأعضاء هذه الجمعية. كما أنهم لا يقبلون إلا نادرا التفاوض حول موضوع الإفراج عن الأسرى دون مقابل. بينما قد ننجح أحيانا في التوصل إلى بعض الحلول مع القوات النظامية التي أفرجت مؤخرا على أكثر من 70 معتقلا في عدن.

لكن السجون السرية –لا سيما في عدن- وممارسة التعذيب ليست حكرا على شق دون آخر. وقد جمّعنا العديد من الشهادات لأشخاص اعتقلوا، تحدثوا خلالها عن ممارسة التعذيب النفسي والجسدي، كالسجن الانفرادي المظلم، أو حبسهم مع ثعبان، أو حفر قبر لإيهامهم أنهم سيلقون حتفهم، عدا الحروق واستعمال الكهرباء والمسامير والإبر والجلد...

في عدن، تزور الأمهات مراكز الشرطة ويقفن احتجاجا أمام منزل وزير الداخلية ليعرفن على الأقل مكان وجود أبنائهن، وما إذا كانوا أحياء أم لا. كثيرات يطالبن بمحاكمتهم لا لشيء إلا لإجبار السلطات على الاعتراف بأنها تعتقلهم ولإظهارهم أمام الملأ.