آخر الاخبار

تصريحات مفاجئة لرئيس الأركان الأمريكي: هناك قدرات لا نرغب في تقديمها لإسرائيل! تصريحات مفاجئة لرئيس الأركان الأمريكي: هناك قدرات لا نرغب في تقديمها لإسرائيل! تصريحات مفاجئة لرئيس الأركان الأمريكي: هناك قدرات لا نرغب في تقديمها لإسرائيل! مجلس الوزراء يُغرق وزارة الدفاع بالثناء اللفظي ويتجاهل صرف رواتب الجيش واستحقاقات وزارة الدفاع المالية صناعة القرارات الرئاسية في زمن رئيس مجلس القيادة الرئاسي.. قرارات تعيين رغم اعتراض غالبية الرئاسي وقرات يتم تهريبها بسرية .. تفاصيل لجنة المناصرة والتأثير بمحافظة مأرب تعقد ورشة عمل ناقشت دور السلطة المحلية والأحزاب والمنظمات في مناصرة قضايا المرأة رسالة من أمهات وزوجات المختطفين لقيادات جماعة الحوثي : ''نأمل أن نجد آذانا صاغية'' في اجتماع بقصر معاشيق.. قرارات وموجهات جديدة للحكومة اليمنية خلال رمضان فقط.. رابع حادثة وفاة لمختطفين في سجون الإنقلاب الحوثي قضاة محكمة العدل الدولية بالإجماع يوجهون امرا لإسرائيل .. تفاصيل

بسبب الثأر: يدرسون متنكرين في الجوف.. وفي شبوة قتلوه ثأراً قبل أن يحل واجب الرياضيات

السبت 14 يونيو-حزيران 2008 الساعة 09 صباحاً / مأرب برس - النداء
عدد القراءات 13214
الجوف - مبخوت محمد تعبير عن الثار علي الطلاب حين قرر الشاب «سالم أحمد» الالتحاق بجامعة صنعاء عقب تخرجه من الثانوية نهاية 2004، كان يدرك تماماً أن تنفيذ قراره يتطلب منه اكتساب مهارة التنكر والاختفاء! بعد مضي ثلاث سنوات أثبت عاشق العلم ابن محافظة الجوف، أنه يمتلك إرادة صلبة وقدرة فائقة على استشعار الأخطار والنجاة منها؛ والآن هو على مشارف المستوى الرابع في قسم التاريخ بكلية التربية بجامعة صنعاء. مطلع العام 2005 قصد 20 شاباً من أبناء مديرية الزاهر بمحافظة الجوف من خريجي الثانوية التوجه صوب جامعة صنعاء، كان سالم أحدهم. بعد انقضاء 3 سنوات عاد 17 منهم إلى مناطقهم استجابة لداعي القبيلة والاصطفاف ضمن مسلحين آخرين يترصدون للأخذ بالثأر، فيما بقى «سالم» وآخران. «نتلقى اتصالات من أقاربنا في الجوف أن الصلح انتهى بين قبيلتنا والقبيلة الخصم. وان الطرف الآخر قتل فلان وأبناء قبيلتنا أخذوا بالثأر وقتلوا واحد منهم»، قال سالم لــ«النداء مأرب برس».
وأضاف: «كثير من زملائي تركوا دراستهم قبل امتحانات المستوى الاول وعادوا إلى الجوف استجابة لحروب الثأر، ولكن الحقيقة أننا خلقنا وحروب الثأر موجودة، فما هو ذنبنا لندفع الثمن». تزود سالم وأصدقاءه بحس أمني عالي ومنذ أول يوم دراسي لهم في جامعة صنعاء اختاروا سكنهم في المناطق النائية (أطراف العاصمة) حتى لا تصلهم عيارات بندقيات الخصم. وخلال الأشهر الثالثة الأولى في عامهم الدراسي الأول تحملوا أعباء اختيارهم لموطن السكن الخالي من خدمات الكهرباء. الشمع وحدها وسيلة لقراءة المقررات الدراسية. المنطقة النائية لم تكن كافية وفق حسابات الحس الأمني الذي ظل يدفعهم إلى تغيير سكنهم كل خمسة أشهر في إطار المناطق النائية أطراف أمانة العاصمة. وفقاً لـــ «سالم» (27 عاماً) بعد السنة الدراسية الأولى بدأ العد التنازلي لمجموعة الشباب وصار العدد يتناقض بشكل مستمر، ولم يبق منهم سوى 3. في كثير من المرات كان عاشق العلم يذهب إلى الجامعة حاملاً مسدس، يضطر إلى وضعه تحت أحد الصناديق الكبيرة (كنتيره) قبل دخول قاعة المحاضرات.
  ويتذكر «سالم» موقفاً ما يزال يؤرقه حتى الآن أكد أنه لم يسبق أن أفصح به لأحد: «استعرت مسدساً من أحد الزملاء وكنت آخذه معي أثناء فترة إمتحانات المستوى الثاني وقبل دخول القاعة أذهب إلى جوار صندوق كبير في طرف الساحة وأجلس بجواره وأتكئ بظهري عليها وبحركة خفيفة أضع المسدس تحت الصندوق «وعندما أخرج من القاعة اخذه». ظل سالم يكرر هذه الطريقة حتى آخر امتحان «خرجت من القاعة ورحت آخذ المسدس، لكن كانت يد لص سبقت وأخذته». «جمعت فلوس واشتريت مسدس وجبته بدل المسدس المسروق». لا يتردد سالم أثناء حديثه مع «النداء و مأرب برس في صب لعفاته على الثأر ومشاكله إذ يصف هذه الظاهرة بالجبروتية. وقال: هي التي تجبرنا على الاختفاء والتنكر وتحول أيامنا إلى قلق وترقب للموت أو لخبر مميت. يتعطش أبناء الجوف للتعليم، لكن الأعراف القبلية، ستواصل إجهاض أحلامهم ما دامت السلطات تتنصل عن مسؤوليتها وترفض إحلال قانون الدولة بدلاً من القانون القبلي. يتفق احمد محمد شطيف مع سالم ويعتبر خريج المعهد العالي للمعلمين (الشوكاني) الثأر تحدياً وعائقاً أمام راغبي التعليم في محافظة الجوف. وقال: «كثير من أبناء المحافظة يتسربون من الجامعة استجابة لحروب الثأر بدوافع اعراف قبلية، وكثير منهم يلجأون لنظام الانتساب في الدراسة الجامعية كي يبقى وسط أبناء قبيلته لوجود نزاعات بينها وقبيلة أخرى». لكن نصيب المنتسبين في التفوق لا يتعدى 5٪. يصف «شطيف» حياة طلاب الجوف الدارسين في جامعات المحافظات الأخرى بالمقرفة وقال: «يعتمدن نظام سري في تنقلاتهم.. وسكنهم لا يعلم به أحد، فضلاً عن التنكر بملابس تأخذ طابعاً غير محلي». وزاد: «يعيشون في كابوس اسمه الثأر». «شطيف» في نهاية حديثه لـــ«النداء و مأرب برس » شدد على نشر مناشدة من شباب الجوف وكل منطقة تشهد نزاعات ثأر، ناشد رئيس الجمهورية والدولة بكل مكوناتها والمنظمات والمثقفين والسياسين، العمل على مساعدة هذه المناطق والقضاء على ظاهرة الثأر التي لا تعيق تعليم الشباب فقط حد قوله، بل والتنمية والتطور وارتقاء الوعي علاوة على الدماء المراقة. الطالب غانم حسن -مديرية الخلق - المعهد العالي للتوجيه والارشاد، قال: إن قبول النتائج السلبية للثأر كثيرة جعلت الطلاب يكتفون بدراسة الثانوية والاعدادية وأضاف: كان قراري لمواصلة الجامعة مخاطرة وحاول الأهل منعي بسبب المشاكل القائمة وكانت لنا الكثير من الصعوبات في الانتقال من الجوف وإليه وكانت تأتي الأخبار إلينا ونحن مشغولون وكثرة الأخبار أصبح الذهن مشتت والتركيز قليل، وكان تخرجي يعني بالنسبة لي ولأهلي حياة من جديد. فيما صالح طاهر، خريج المعهد العالي، يقول: تم قبولنا في عام 98/99. وبعد شهرين من بداية الترم الأول، وقعت حوادث في البلاد وسافرنا الجوف دون أن نحضر الاختبارات وبعدها حاولنا المواصلة وفي ظروف صعبة فلا فهم ولا استيعاب ولا أمن وكان السلاح لا يفارقنا حتى الاحزمة وقاعات الدراسة. وكان الحذر واليقظة موجودة في كل الأوقات ويلاحظ أثناء الدخول والخروج من بوابة المعهد. ونطالب كل المعنيين والمنظمات العمل على إنقاذ مايمكن إنقاذه فالجهل دمرنا والثأر يعذبنا. *** قتلوه ثأراً قبل أن يحل واجب الرياضيات شبوة - شفيع العبد قرع جرس المدرسة معلناً نهاية يوم دراسي شاق، ووصل صوته إلى الفصول التي تعج بالطلاب والمدرسين. لملم الجميع كراساتهم وكتبهم وأقلامهم ووضعوها على عجل في حقائبهم. تدافع الجميع نحو الباب إلا هو. مشى على مهل، سعيدا بيومه وبما ناله من معلومات. كان تفكيره منصبا على حل الواجب الذي كلفهم به مدرس الرياضيات، ثم مذاكرة ما أعطي لهم من دروس خلال اليوم. قبل ذلك كان ذهنه مشغولا بالسيارة التي سيستقلها عائداً إلى البيت. انتظر زهاء الساعة أمام باب المدرسة إلى أن أكرمه القدر بسيارة، استقلها عائداً إلى المنزل مشغولاً بالواجب والمذاكرة. لم يكن يفكر في وجبة الغداء وكيف ستكون. هل سيأكل "رز وصانونة" أم أن هناك سمكا أو دجاجا؟ وصل إلى البيت وتناول غداءه. ألقى جسده على فراش أكلته السنون، ليرتاح قليلاً بعد العودة لجو الدراسة. فجأة طلب منه الأب الذهاب إلى مكان ما. خرج ملبياً طلب أبيه، الذي يحبه كثيراً. أنهى المهمة. وبينما هو عائد تلقى جسده رصاصات كانت قادمة من بندقية شخص بينه وبين أبيه خلاف على أرض. سقط صريعاً قبل أن يحل واجب الرياضيات. سجين وقتيل لم يكن يدور بخلده أن زيارته لأخيه السجين على ذمة قضية جنائية ستكون هي اللحظات الأخيرة التي يراه فيها. منذ شهرين لم يتمكن من زيارته أو رؤيته بسبب انشغاله بالامتحانات، حيث أوقف كل حركاته وسكناته وسخرها للكتب والكراريس، بهدف التفوق وإكمال الثانوية العامة والانتقال إلى كلية الطب، الحلم الذي يراوده، كان يشتاق لارتداء البدلة البيضاء، يتمنى أن يكون طبيباً يخفف آلام الناس ويعيد الابتسامة إلى شفاههم. لم يكن يفكر في التجارة والربح من المهنة كما هو حال كثير ممن أسموهم ملائكة رحمة. كانت أحلامه أكبر من جسده النحيل. تحدث مع أخيه السجين طويلاً، حدثه عن الامتحانات وتوقعاته للنتيجة، قص عليه حكاية زميله الذي حرموه من امتحان الانجليزي بعد أن اكتشفوه قد كتب "براشيم" على أكمام قميصه. حدثه عن حلمه، وكشف له عن رغبته في خروجه من السجن ليكون سنداً له في رحلة البحث عن الحلم. أخوه المسجون على خلفية ارتكابه جريمة قتل، كان يدرك ان عقوبة الإعدام أقرب إليه من كل شيء، ومع هذا لم يحبط أخاه، وشد من أزره.

طال الحديث بينهما. لم يشعرا بالوقت إلا على صوت عسكري: "انتهت الزيارة!". توادعا بحرارة خففتها الدموع التي انهمرت من عيون الأشقاء. غادر المكان مودعاً واعداً بزيارة أخرى الأسبوع القادم. خرج تاركاً السجن خلفه وفيه أخوه. تجول في السوق قليلاً. فبادره أحدهم برصاصات سكنت رأسه وجسده. مات دون أن يعرف قاتله، الذي اتضح فيما بعد أنه أخ للشخص الذي قتله أخوه.

اكثر خبر قراءة طلابنا