حمّى الضنك تشتد في مناطق الحرب باليمن

الخميس 25 يونيو-حزيران 2015 الساعة 11 مساءً / مأرب برس - العربي الجديد
عدد القراءات 1977

أوجدت الحرب القائمة والحصار وانعدام الخدمات في مناطق المواجهات جنوب ووسط اليمن، أوبئةً جديدة لم تكن منتشرة فيها مسبقاً مثل الملاريا والإسهالات والحصبة والضنك غيرها. وأثار هذا التفشي قلقاً واسعاً لدى المؤسسات الصحية المحلية، والمنظمات الدولية وسط استجابة محدودة منها بسبب الحصار.

ويتصدّر وباء حمّى الضنك بأعداد الضحايا، ليستمر في التفشي وحصاد أرواح اليمنيين يومياً، ساعده في ذلك انعدام جميع الخدمات، لا سيما الكهرباء والمياه في ظل تجاوز درجات الحراراة هذه الأيام الـ 50 درجة مئوية. وقد ظهر الوباء سريعاً في هذه المناطق مؤخراً، وتعده منظمة الصحة العالمية من الأمراض التي تحتمل الوفاة.

وفي هذا السياق، قال رئيس اللجنة الطبية الشعبية العليا بمحافظة عدن، الدكتور عبد الناصر الولي، في تصريحات صحافية، إن عدد الإصابات بحمّى الضنك في المحافظة، بلغ منذ شهر مايو/أيار الماضي حتى يوم أمس الأربعاء، 8036 إصابة، بينما بلغ عدد الوفيات جراء هذا المرض 586 وفاة، مشيراً إلى أن "هذه الاحصائيات لا تشمل الحالات التي لم تصل إلى المستشفيات"

وأوضح عبد الوهاب فتحي، بأن ثلاثة من أطفاله أصيبوا بالمرض قبل أقل من أسبوعين، لكنه استطاع إسعافهم إلى المستشفى في وقت مبكر وأنقذ حياتهم، مؤكداً لـ "العربي الجديد" بأنه "يعرف أُسَراً فقدت أطفالها بسبب المرض بعد عجز أهاليهم عن إسعافهم، أو لعدم معرفتهم بخطورة المرض، وما الذي يجب فعله عندما يلحظون أعراضه".

بدوره، عبّر وائل الرهيدي لـ"العربي الجديد" عن خوفه على والدته التي أصيبت بالوباء قبل أسبوعين، نُقلت على إثرها إلى المركز الصحي الموجود في مديرية شرعب الرونة بمحافظة تعز (وسط)، مؤكداً أن الأطباء أخبروه بأن "أدوية المرض منعدمة في المركز، وأنّه يتم حالياً إعطاؤها فيتامينات فقط"، مبيناً صعوبة نقل والدته لمستشفيات مدينة تعز، بسبب استمرار الحصار والحرب وغياب الكادر الطبي.

إلى ذلك، اشتكى هيثم القحطاني من ارتفاع تكاليف علاج المرضى في المستشفيات الخاصة، حيث تلقت والدته العلاج خلال ثلاثة أيام مقابل أكثر من 150 ألف ريال يمني (700 دولار أميركي). ولفت إلى أن الأسر الفقيرة لا تستطيع توفير هذه المبالغ وأن أحد أصدقائه توفي بسبب المرض لعدم قدرته على الخضوع للعلاج.

 تراجع في الحديدة

وفي محافظة الحديدة المطلة على البحر الأحمر، والتي يعد أهلها الأكثر فقراً، يضطر آلاف السكان إلى الخروج من منازلهم إلى الشوارع، بسبب الحرّ الشديد، والتعرض أكثر للبعوض، الأمر الذي جعل الأهالي أكثر عرضة للإصابة بحمّى الضنك حيث سُجلت مئات الحالات المصابة بالمرض خلال الأسابيع الماضية.

مع ذلك، أكد مدير مكتب الصحة بمحافظة الحديدة الدكتور عبد الرحمن جار الله في تصريح خاص لـ "العربي الجديد"، بأن المرض بدأ بالتراجع خلال الأسبوع الماضي بالمحافظة، نتيجة قيام وزارة الصحة بحملة رش واسعة لمكافحة البعوض (الرش الضبابي)، إذ استهدفت الحملة المدينة بأكملها التي تتكون من ثلاث مديريات، بالإضافة إلى بعض المناطق المجاورة والتي تعود إدارياً لمحافظات أخرى.

وأشار جارالله إلى أن محافظة الحديدة "لم تسجل أي حالة في مستشفيات المدينة خلال الأسبوع الجاري"، معتبراً ذلك "مؤشراً إيجابياً يوحي بانتهاء موسم المرض في الحديدة".

وعن الإجراءات المتبعة من قبل إدارة الرصد الوبائي بوزارة الصحة اليمنية، قال مدير عام مكافحة الأمراض والترصد الوبائي الدكتور عبد الحكيم الكحلاني في تصريح خاص لـ "العربي الجديد"، إن الوزارة قامت بالتعامل مع المرض بحسب ظروف كل محافظة، وتم تكليف فرق متخصصة لكل من الحديدة وعدن وحضرموت. وأكد أن الوزارة قامت بالتحري الوبائي والتشخيص المخبري والرش الضبابي للبعوض، بالإضافة إلى المعالجة السريرية للمصابين بالمحاليل الوريدية والمهدئات.

وكانت منظمة الصحة العالمية في جنيف قد أعلنت الثلاثاء الماضي، عن أكثر من ثلاثة آلاف إصابة بحمّى الضنك في اليمن منذ مارس/آذار الماضي، مضيفة أن عدد الإصابات الفعلية قد يكون أكثر من ذلك بكثير.

وقال المتحدث باسم المنظمة كريستيان لينديمر في تصريح صحافي، إن بعض المنظمات الأهلية تبلغ عن أكثر من ستة آلاف حالة، وهذا ضعف الحالات المبلغ عنها رسمياً. كما أشار إلى أن الأحداث التي تعيشها اليمن "أثرت بشكل كبير على وفرة الماء ومستوى النظافة وعلى الخدمات الوقائية والسريرية والمأوى". كما توقع حدوث مئات الحالات في عدن لوحدها خلال الأسابيع المقبلة.

وقامت المنظمة بتفعيل غرفة عمليات في وزارة الصحة العامة والسكان لرصد الحالات الجديدة، كما عززت عمليات الرصد الوبائي في المحافظات المتضررة، بالإضافة إلى "اختبارات التشخيص السريع، وتقديم 100 ألف وحدة من سوائل الحقن الوريدي وغيرها من الإمدادات اللازمة للعلاج في مستشفيات المدن المتضررة".