علي عبد الله صالح (ثعلب) أم راقص مع (الثعابين)؟

الأربعاء 11 فبراير-شباط 2015 الساعة 01 مساءً / مأرب برس - الخليج اون لاين
عدد القراءات 4720
 

ثارت افتتاحية صحيفة السياسة الكويتية، يوم الاثنين الماضي، اهتمام الشارع اليمني، إذ خصص كاتبها، رئيس تحرير الصحيفة، الإعلامي المخضرم أحمد عبد العزيز الجار الله، الحديث عن الرئيس اليمني الأسبق علي عبد الله صالح متهماً إياه بالتواطؤ مع الحوثيين.

وتحدث الجار الله في افتتاحيته عن قصة ثعلب ونسر، استطاع فيها النسر التحايل على الثعلب والتغلب عليه، مشبهاً علي عبد الله صالح بالثعلب، وعبد الملك الحوثي بالنسر الذي استغل رغبات الثعلب للتخلص منه، بعد "تاريخ من العداوة والقتال فيما بينهما".

وترك الجار الله قصته بنوع من النهاية المفتوحة حين قال: عندها "اعتقد النسر أنه تغلب على الثعلب، وبات وجبة سهلة له".

ولم يكن الجار الله الأول من بين الإعلاميين والكتاب الخليجيين والعرب من يهاجم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وإن دافعوا عنه ووقفوا معه في السابق، على ما يعتبرونه دوراً للأخير في الأحداث الراهنة التي تشهدها اليمن، والتي سيطرت من خلالها مليشيا الحوثيين على المشهد السياسي برمته؛ متهمين صالح بالتحالف مع الحوثيين سعياً للانتقام من ثورة الشباب اليمني في عام 2011.

وجاءت هذه الافتتاحية بعد يوم واحد من تصريحات بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة التي اتهم فيها الرئيس المخلوع صالح صراحة بالوقوف مع الحوثيين والتواطؤ معهم لإسقاط مؤسسات الدولة اليمنية.

وكتب الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح بعد ذلك بساعات منشوراً في صفحته على الفيسبوك يعاتب فيها "صديقه" الجار الله على افتتاحيته، ويوجه إليه النصائح، ويحاول أن يبعد عن نفسه التهمة الرائجة في الوسط الإعلامي والسياسي، المحلي والعربي والدولي، بالتواطؤ مع الحوثيين لإسقاط الدولة اليمنية، معتبراً أن الجار الله أخطأ في القراءة والاستنتاج، واعتمد على مقولات ومعلومات تنشرها قنوات معروفة "بالارتجال والهرجلة"، بحسب صالح.

وقدم صالح نفسه في الرد باعتباره "وفياً" لمبادئه وشعبه، و"متصالحاً" مع نفسه وقومه، وحاثاً على الحوار والإخاء، وأشار إلى أن القصة المناسبة له هي "الراقص والثعابين"، التي ترك فيها الراقص أخيراً الفرصة للثعابين، فتلادغت وكان ما كان.

أسباب ودلالات

ولتحليل أسباب ودلالات "المواجهة" الإعلامية السابقة، موقع "الخليج أونلاين" تواصل مع أستاذ العلوم السياسية في جامعة الحديدة الدكتور فيصل الحذيفي، الذي يعتقد أن "مقالة الجار الله كانت نتاج قناعة ترسخت في ذهنه عن صالح، وهي القناعة السائدة في الموقف الخليجي بشكل عام، وفحواها أن وراء ما يجري في اليمن هو صنيعة علي عبد الله صالح"، لافتاً النظر إلى أن "ما ينقص هذه الانطباعات هو الدليل القاطع".

ويقول الحذيفي: إن "علي عبد الله صالح يسكت عن هذه العلاقة الشائعة بينه وبين الحوثيين ليستثمرها في تقديم نفسه رقماً صعباً في البلاد"، مرجعاً أسباب رد صالح على الكاتب الكويتي إلى "التعبير عن علاقة وثيقة بين الرجلين، والتخفيف من تأثير ما كتبه الجار الله في الخليج، ونفي ما هو سائد من فهم اعتبره صالح خاطئاً، فيقدم نفسه حليفاً متوفراً أكثر نفعاً لهم من غيره".

وينفي الحذيفي وجود ترتيب ضمني بين الرجلين، إذ لم يعد صالح محل سبق صحفي، ولا محل رهان، بل بات يضعف محلياً وإقليمياً دون أن يشعر، وإن أظهر خلاف ذلك.

 

ويضيف الحذيفي: إن "أهم الرسائل الواردة في رد صالح هي محاولة إظهار البعد الديمقراطي في سلوكه السياسي وثباته المبدئي خلافاً لما يشاع عنه، ومحاولة تحسين الصورة التي عهدها مع السياسيين والمثقفين على السواء، وفتح أبواب العلاقة بينه وبين زعماء الخليج باعتباره القوي الزاهد في السلطة وبنفس الوقت الخيار الرابح إن رغبوا به".

وأعاد الحذيفي التعبيرات الحميمة في الرسالة إلى علاقة بين صالح ومثقفين عرب كانت أكثر عمقاً وما تزال من جهة الأول، وإن تغيرت من جهة غيره لانتفاء المصالح، مشيراً إلى أن "صالح منح الرد شحنة عاطفية لكسب التعاطف، لأن ذلك أسهل من المحاججة العقلية".

وتعد هذه المرة الأولى التي يقوم فيها صالح بالرد على إعلامي من منتقديه باسمه وصفته، وحملت الرسالة العتابية لصالح عبارات تشير إلى علاقة حميمة سابقة بين صالح والكاتب الكويتي، واصفاً إياه بالصديق العزيز.

سقطة.. لا صفعة

من جهته، أوضح المستشار الإعلامي لصالح، أحمد الصوفي، أن "صورة الرئيس الأسبق واضحة"، نافياً رغبة صالح بتصحيحها لدى الخليج، مرجعاً رد صالح "لإرادته الرد على المغالطات حتى لا يقع فيها صديقه الأستاذ أحمد الجار الله وكل القراء الذين يعتمدون عليه.

وكشف الصوفي في أثناء حديثه لـ"الخليج أونلاين" عن "علاقة طويلة بين صالح والجار الله" معتبراً الافتتاحية التي كتبها الأخير "سقطة بحقه"، لا "صفعة لعلي عبد الله صالح"، متهماً الجار الله بأنه أصبح "جزءاً من الأبواق" المهاجمة للرئيس الأسبق الذي وبحسب الصوفي، تلقى هجوماً عريضاً خلال أربعة أعوام من منابر إعلامية تكيل الاتهامات وتسيء تفسير المواقف.

وأوضح الصوفي، أن "الرئيس الأسبق هو من قام بكتابة الرسالة، لكنه كسياسي، أي صالح، لديه طاقم يقترح عليه كيفية التعاطي والتخاطب لمخاطبة "عقل صحفي".

وكان الرد مكتوباً بلغة قوية، وأسلوب بليغ، ما جعل كثيرين يشككون بأن صالح هو من كتبها، بل كتبها له أحدهم ثم نشرت على صفحته على الفيسبوك.

ويكمل الصوفي: "يقول صالح: لسنا نفكر بعقل الثعالب والنسور، يجب أن تعلمكم الحقائق أن اليمن يجب أن يقرأ ضمن عمليات حسابية معقدة، والحساب البسيط الذي يصل إليه الإنسان وهو مسترخي حين يقرأ مقالة سيؤدي إلى نتائج خاطئة"، في إشارة إلى افتتاحية الجار الله .