آثار المواجهات مازالت باقية وإجراءات أمنية مشددة والصليب الأحمر يكثف المساعدات والكميم في منزل قائد وزعيم التمرد المسلح

الأربعاء 06 فبراير-شباط 2008 الساعة 12 مساءً / مأرب برس – نبيل الكميم
عدد القراءات 6307

رحلة خطرة لا تخلو من الإثارة وروح المغامرة قامت بها الراية إلي محافظة صعدة اليمنية التي كانت ساحة للمواجهات العسكرية الدامية بين القوات اليمنية وما عرف بالحوثيين، وهي المواجهات التي بدأت في عام 2004 وما أن تتوقف حتي تعاود الانفجار.

استمرت رحلة الراية أكثر من أسبوع تنقلت فيها الراية بين عشرات المناطق والقري في 13 مديرية بمحافظة صعدة، وطوال هذه الرحلة كانت الهوية الصحفية سرية، فالخطر مطبق والاجر اءات مشددة لمنع وسائل الإعلام من اختراق حدود المحافظة.. ليضيف إلي الرحلة الخطرة حافزاً جديداً علي رصد الحقائق ورصد صورة كاملة لما يجري هناك من أحداث.

ملاحظات موجزة سجلتها في مذكرة صغيرة أحملها معي عند السفر- كانت الملاحظة الأولي مدون فيها ساعة انطلاق السيارة بنا إلي محافظة صعدة الواقعة علي بعد 245 كيلو متراً شمال غرب صنعاء - والتي كانت محطة لصراع ومواجهات عسكرية عنيفة اندلعت في منتصف العام 2004م بين القوات الحكومية اليمنية والمئات من أبناء وأنصار حسين بدر الدين الحوثي والذي لقي مصرعه في سبتمبر من نفس العام.

كانت أولي الملاحظات تتعلق بحالة الترقب والقلق التي لم تستطع تعليقات متفائلة وأحياناً ساخرة تبادلناها مع بعضنا وكنا خمسة أشخاص إضافة إلي سائق السيارة وهو من أبناء محافظة صعدة التخفيف من حدة القلق ومفاجآت سيئة قد تنتظرنا.

والتجول في مختلف مديرياتها من الأمور المحفوفة بالمخاطر.. خاصة أن الأحداث التي تجري في المحافظة لم تعد خافية وأنباء القتال والمواجهات بين الحوثيين والقوات المسلحة اليمنية صارت عنواناً بارزاً في تناول وسائل الإعلام والصحف داخل اليمن وخارجه وموضوعاً للحديث والتعليق في مقابل اليمنيين وتجمعاتهم، ومع ذلك فإن الرحلة قد بدأت وساعات لا تتجاوز الأربع تفصلنا عن الوصول إلي صعدة.. وكان ذلك ما تم!

سجلت مشاهد من الطريق خلال قطع السيارة المسافة بنا مارة بريدة وحوث وخمر ومناطق حرف سفيان بمحافظة عمران.. ومنها إحصاء ووجود ما يزيد علي 20 نقطة أمنية للجيش اليمني التي وضعت في مواقع متباعدة المسافات من طول الخط الأسفلتي.. وعلي الرغم من وجود هذه النقاط الأمنية إلا أن تفتيش السيارات أو الركاب أو حتي السؤال عن هوية الأشخاص القاصدين محافظة صعدة لم يحدث.. حيث مررنا من جميع تلك النقاط دون أن يسألنا أحد عن وجهتنا حيث خدمنا الحظ في عدم وجود سيارات أو أفراد عند تلك النقاط الأمنية يخضعون للتفتيش.. وربما جري ايقافهم قبل وصولنا إلي تلك النقاط، التي كما قلت انتشرت علي طول الطريق إلي صعدة والتي تبعد عن صنعاء 245 كيلو متراً.. وتشتهر بزراعة أجود أنواع العنب والرمان والفواكه المختلفة.. وتتكون من 15 مديرية هي مديريات صعدة وسحار وساقيتي وحيدان والظاهر وشذاء ورازح وغمر ومنبه وقطاير وباقم والصفراء ومديريات كتا في البقع والحشوة ومجره.

الوصول إلي صعدة

ظهراً وصلت إلي مدينة صعدة والتي يطلق عليها اسم عاصمة السلام قبل أن تتحول إلي مدينة تغطيها رائحة البارود وقبل الوصول إلي المدينة كانت مظاهر المواجهات العسكرية التي جرت بين أنصار حسين الحوثي الذي قاد التمرد علي السلطات الحكومية- للمرة الأولي منتصف العام 2004م وقوات الجيش اليمني ماثلة أمام عيني- فقبل الوصول إلي محافظة صعدة بنحو 12 كيلو متراً تقريباً تقطع منطقةالمهاذر والتي شهدت قتالاً عنيفاً بين القوات الحكومية والحوثيين من أبناء تلك المنطقة.. حيث سهل علي مشاهدة بعض آثار تلك المواجهات التي حملها مبني علي شكل نوبة دائرية مبني من الطين ويرتفع نحو عشرين متراً ويقع علي جانب الطريق الرئيسي المؤدي إلي مدينة صعدة من الناحية الشرقية ومنزل آخر لا يبعد عنه كثيراً.. والذي استخدمه الحوثيون موقعاً لهم وقاموا بتحصينه ووضع أجولة الرمل علي نوافذه وفوق سقفه استعداداً لمواجهة القوات الحكومية في إحدي جولات المواجهات التي حدثت بين الجانبين.. وعلي بعد أمتار من المنزل المبني من الحجارة والذي تركت القذائف والرصاص علاماتها عليه وكتب علي جداره الخارجي رقم 3 باللون الأحمر تقف مدرعة عسكرية ثقيلة علي جانبه وأطقم عسكرية أخري.. وعدد من أفراد نقطة أمنية من الجنود المتواجدين فيها بعد أن اتخذ المكان موقعاً لتلك النقطة الأمنية وهي آخر نقطةأمنية منتشرة علي طول الطريق ما بين العاصمة صنعاء ومدينة صعدة حيث سمح لنا الجنود بتجاوز تلك النقطة الأمنية ولم نخضع لأي تفتيش أو تدقيق ولم يكن يفصلنا عن الوصول إلي قلب مدينة صعدة سوي دقائق!

صعدة.. حديث التاريخ

ظلت صعدة.. بفتح الصاد وتسكين العين.. لقرون عديدة همزة وصل للتجارة بين جنوب وشمال الجزيرة العربية.. بحكم ما تتميز به من موقع يتوسط خط القوافل التجارية وأشهرها خط قنا التاريخي . ويذكر المؤرخون أن مدينة صعدة هي بلد فضاعة من ولد مالك بن حمير بن سبأ أحد أشهر الملوك الحميريون وأنها كانت محط اهتمام ملوك سبأ وحمير الذين وصلوا إليها واهتموا بإقامة البناء وتشييد السدود فيها وبناء المدرجات الزراعية والحصون والقلاع القديمة.. اسم مدينة صعدة هو صعدتم حيث تشير تلك النقوش إلي أحداث الملك شمر يهرعش.

وتوضح تلك النقوش أصل تسمية صعدة بهذه الاسم حيث تروي النقوش حكاية طريفة عن هذه التسمية تقول بأنه كان في صعدة القديمة التي كانت تعرف باسم جماع قصر كبير وضخم يرجع بناؤه لأحد ملوك حمير.. وأن رجلاً من الحجاز من ملوك البحار مر بالقصر وكان يشعر بالانهاك والتعب فاستلقي علي ظهره وتأمل ارتفاع القصر فلما أعجبه قال الرجل صارخاً لقد صعده فسميت المدينة بهذا الاسم.

صادف وصولنا مدينة صعدة وتوجهنا إلي مبني المجمع الحكومي- المحافظة- للقاء المحافظ رشاد المصري والذي لم يكن موجوداً حينها والتقينا بوكيل المحافظ الذي كان علي علم أننا مجموعة كلفت بتصوير فيلم سياحي عن المحافظة وذلك في إطار تنفيذ برنامج حكومي موسع يهدف معالجة الاشكالات والتداعيات التي خلفتها المواجهات العسكرية مع الحوثيين حيث استقبلنا بعد أن أنهي لقاء مع بعثة من هيئة الصليب الأحمر الدولية التي كثفت من نشاطها في محافظة صعدة

لتقديم المساعدات لما يقارب من سبعين ألف شخص نزحوا من المناطق التي كانت مسرحا للأعمال العسكرية بين القوات الحكومية والحوثيين، منذ بدء هذه المواجهات في العام 2004.

وعلي الرغم من ارتفاع اعداد النازحين من قراهم ومناطقهم الذين غادروها مجبرين فإن محطات التوقف الأربع لهذه المواجهات والتي كان آخرها منتصف العام الماضي عندما نجحت الوساطة القطرية في وقف المواجهات بين القوات اليمنية والحوثيين، ومؤخرا مشاركة قطر في توقيع وثيقة الإجراءات التنفيذية بين الحكومة اليمنية واتباع الحوثي باتت تبشر بالخير في وقف اندلاع مواجهة خامسة بين الجانبين، تشير الي ان المئات وربما الآلاف من القرويين وسكان المناطق التي تقع في نطاق هذه المواجهات سيلجأون الي مغادرتها والنزوح الي مركز المحافظة أو القري المجاورة لهم.

وكانت إيمان العنفري مسؤولة الإعلام في منظمة الصليب الأحمر الدولي قد ذكرت بأن هناك تخوفا حقيقيا لدي المنظمة من عودة حالة المواجهات بين الحوثيين والقوات اليمنية وأضافت أن عودة الأوضاع في مناطق تلك المواجهات قد شجعت أكثر من خمسين الف نازح علي العودة الي مناطقهم في حين فضل نحو عشرين ألفا منهم البقاء في مناطق آمنة، وضمن مخيمات الإيواء التي استحدثت في المناطق المحيطة بمدينة صعدة وفي القري والمناطق التي لم تكن معرضة للخطر.

حظر التجول

فرضت السلطات الأمنية اليمنية وقيادة محافظة صعدة جملة من الإجراءات والضوابط للحفاظ علي الاستقرار والحالة الأمنية في عاصمة المحافظة مدينة صعدة، ومن بينها فرض حالة منع التجوال بعد الساعة السادسة مساء حيث تغلق المحلات أبوابها وتخلو الشوارع من المارة، وتدخل المدينة في حالة من الصمت والسكون الحذر، فشارع صعدة وهو أكبر شوارع مدينة صعدة والذي يزدحم بالمحلات التجارية والمطاعم والعيادات، والذي يعد أهم وأكبر شوارع المدينة، يتحول إلي امتداد اسفلتي لا تسير عليه سوي الأوراق المتناثرة وأكياس البلاستيك التي تدفع بها رياح خفيفة، وحدها من بقت في ليل الحظر بعد ان غادر مرتادو السوق كل الي وجهته وأغلقت المحلات التجارية وعاد الباعة الجائلون الي خفايا الزوايا والأمكنة، بانتظار ان تنقضي ساعات حظر التجوال التي تبدأ في الساعة السادسة مساء حتي السادسة صباحا.

سائق الدراجة سمير

في اليوم الرابع لوصولي الي صعدة، كنت أغادر الفندق الذي افتتح قبل أشهر ويقع أمام المركز الثقافي ومكتب الثقافة في محافظة صعدة، وذلك قبل بدء حظر التجوال بنحو نصف ساعة، أوقفت دراجة نارية، وهي وسيلة لنقل الركاب بالأجرة في محافظة صعدة، كما انها وسيلة تنقل شائعة ومنتشرة في مختلف المحافظات اليمنية، طلبت من سائق الدراجة النارية ان يوصلني الي إحدي المكتبات لأني أريد شراء قلم وأوراق!.

وأثناء توجهنا الي المكتبة كنت اسأل سمير عن الأوضاع في صعدة وانعكاسها علي الحياة المعيشية لسكان المدينة خاصة مع حالة حظر التجوال المفروضة، حيث أبدي تذمرا واضحا وساخطا من الحالة الصعبة والتي وصفها بأنها لا تطاق، حيث أدت الحرب بين الحوثيين وقوات الأمن والجيش الي تضييق الخناق علي فرص الناس في كسب رزقهم بسبب الحالة الأمنية.

ويضيف سمير وهو كما أخبرني من أبناء مدينة الحديدة وكان هو وأسرته مغتربا في السعودية قبل ان يعودوا الي اليمن عام 1990 بعد احتلال القوات العراقية في عهد نظام الرئيس العراقي صدام حسين للكويت، بأن حظر التجوال قلل من مستوي الدخل اليومي الذي كان يتحصل عليه من تأجير دراجته النارية ونقل الركاب عليها الي مختلف أحياء وشوارع مدينة صعدة وأضاف ان الدراجة النارية تعد هي المصدر الوحيد

لإعالة أسرته والمكونة من والدته وعدد من إخوته إضافة الي زوجته وطفلين.

قلت لسمير من يتحمل ذلك فباغتني بالسؤال.. هل أنت صحفي أم ماذا اجبت أنا صحفي ولكن جئت الي صعدة ضمن فريق لتصوير فيلم سياحي عن مناطقها!!

واعترف بأن الخوف كان متبادلا بيني وبين سمير سائق الدراجة النارية فأنا كنت خائفاً من انه أحد رجال الأمن والذي كشف هويتي كصحفي.. حيث ان السلطات اليمنية اتخذت إجراءات مشددة لمنع وصول الصحفيين إلي محافظة صعدة وذلك منذ الأيام الأولي لبدء المواجهات التي قادها بداية حسين بدر الدين الحوثي عام 2004م.. وهو ما جعل مسألة الكشف عن تفاصيل تلك المواجهات والأحداث يخضع للمبالغة احيانا وللتهويل احيانا وللتعتيم في أغلب الاحيان من قبل الجانبين الحوثيين والسلطات اليمنية وسمير ايضا اظنه شعر بالرعب من انني قد أكون أحد اتباع الحوثي أو أحد رجال الأمن خاصة وان مظهري ولهجتي لا يوحيان ابدا بأنني من ابناء مدينة صعدة كما ان اسئلتي التي اجتهدت وأنا اسأله إيها ان لا تثيير لديه الريبة لم تنجح في إثارة كشفه لهويتي كصحفي دخل مخفياً هويته مدينة اسمها مدينة السلام لكنها لم تعد تعرف السلام بسبب ما قيل انه الشعار .. فما الحكاية!! وكيف بدأت المواجهات ومن هو حسين بدر الدين الحوثي ومن هم الشباب المؤمن!!

بداية أولي

في كتابه القيم والمهم يشير الصحفي اليمني عادل الأحمدي الي معلومات بالغة الأهمية تقدم ملخصاً دقيقاً للعوامل والمؤثرات التي أدت الي نشوب المواجهة المسلحة بين القوات الحكومية والحوثيين في محافظة صعدة التي تقع شمال غرب اليمن وتبعد عن العاصمة صفاء 242 كلم وفي كتابه المعنون ب الزهر والحجر والصادر قبل ثلاثة اعوام عن دارتشوان الحميري يقدم الصحفي اليمني عادل الأحمدي بانوراما متكاملة عن قائد التمرد الأول ضد السلطات الحكومية حسين بدر الدين الحوثي حيث يشير الي ذلك موضحاً التوجه العقائدي والايدلوجي لحسين الحوثي ولجماعة الشباب المؤمن التي اسسها بدعم معنوي ومادي ملحوظ في البداية من قبل الحكومة اليمنية والرئيس علي عبدالله صالح تحديدا الذي رأي ان تقديم العون والدعم المالي لجماعة الشباب المؤمن التي اسسها حسين بدر الدين الحوثي يصب في مجري واجب الدولة في دعم ورعاية كل المبادرات الهادفة إلي تحصين النشء والشباب من الافكار المتطرفة التي تسيئ إلي الدين الإسلامي والي ابناء اليمن الذين عرف عنهم حكمة الايمان كما قال خاتم الانبياء والرسل محمد عليه الصلاة والسلام موضحاً ان بدر الدين الحوثي الذي ولد في العام 1956 في قرية العيني إحدي قري مديرية حيدان كان قد تأثر في بداية حياته بحركة الإخوان المسلمين وقد التحق بالدراسة في المعاهد العلمية التي كانت حاضعة للحركة والتي تحولت فيما بعد الي حزب التجمع اليمني للإصلاح وذلك عام 1990م غداة تحقيق الوحدة اليمنية واعلان التعدد السياسي في اليمن وسبق ذلك ان تلقي حسين الحوثي دروساً في العلوم الدينية وخاصة المتصلة بالمذهب الزيدي علي يد والده بدر الدين الحوثي وهو أحد اعلام فقهاء المذهب الزيدي في اليمن!!

وقد حصل حسين الحوثي علي البكالوريوس من كلية الشريعة والقانون بجامعة صنعاء واسهم في العام 1992م عندئذ انخراطه بالعمل السياسي في تأسيس حزب الحق الذي سانده الحزب الاشتراكي ليكون رديفا لحزب التجمع اليمني للإصلاح وفي العام 1993م ترشح حسين الحوثي في الانتخابات النيابية وقد فاز بمقعد دائرة حيدان في تلك الانتخابات الي جانب عبدالله الرزامي الرجل الثاني في تنظيم الشباب المؤمن ولم يمض سوي عامين حتي قدم استقالته من حزب الحق وتفرغ للنشاط التدريسي ووضع لبنات حركته الحوثية التي يوضح كتاب الزهر والحجر للصحفي عادل الاحمدي جذورها بالقول

ان جذورها تقود إلي العام 1982 وقد استندت الي مرجع نصي لإحدي الفرق الزيدية التي عرفت بالجارودية نسبة لابن الجارود والتي كانت علي قناعة بوجود نص نبوي يؤكد امامة الإمام علي كرم الله وجهه مشيرا إلي أن أصحاب هذا الاعتقاد بدأوا التحرك بهدوء في العام 82 علي يد العلامة صلاح أحمد فليتة والذي انشأ في عام 1986 اتحاد الشباب وكان من ضمن ما يتم تدريسه مادة عن الثورة الايرانية ومبادئها يقوم بتدريسها محمد بدر الدين الحوثي وفي عام 1988 تجدد النشاط بواسطة بعض الرموز الملكية التي نزحت الي المملكة العربية السعودية عقب ثورة 1962 وعادوا بعد ذلك وكان من أبرزهم العلامة بدر الدين الحوثي ويري الكاتب ان بدر الدين هو الزعيم المؤسس للحركة الحوثية والأب الروحي لها وليس ابنه حسين أو غيره سوي قيادات تنفيذية فيما العلامة بدر الدين هو المرشد والمفتي والزعيم مع قيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990 تحولت هذه الأنشطة الي مشروع سياسي تساوقا مع المناخ السياسي الجديد الذي اقر التعددية وقد أعلن ما يزيد علي 60 حزبا في اليمن تمثل جميع التوجهات القومية واليسارية والاسلامية والليبرالية فيما تمثلت الاحزاب الشيعية في حزب الثورة الاسلامية، حزب الله، حزب الحق، اتحاد القوي الشعبية اليمنية وقد تواري الحزبان الأولان :حزب الثورة، حزب الله، فيما بقي في الساحة حزب الحق واتحاد القوي الشعبية وكان أكبر مهرجان لحزب الحق في منطقة الحمزات تحت مسمي مفهوم الفتح واستمر لمدة اسبوع ظهرت علي هامشه الخلافات بين حسين بدر الدين الحوثي وحسين يحيي الحوثي.

الشعار وموت أمريكا

لست هنا مخولا لنقد المرجعية الفكرية والعقائدية التي انطلق منها حسين بدر الدين الحوثي في تعبئة انصاره واتباعه بما تمثله مقولة الموت لأمريكا - الموت لاسرائيل من دلالة ايمانية - فذلك شأن آخر ولكن هنا انقل مشاهدات سجلتها خلال رحلة زرت فيها 13 مديرية من 15 مديرية هي عدد مديريات محافظة صعدة حيث ان مخاوف حقيقية شعرت بها دفعت بي إلي العودة إلي صنعاء - دون ان اكمل مغامرة تهيأت لي الفرصة ان اخوضها بالصدفة ودون ترتيب مسبق - وأعود ناقلاً بعض المشاهد للقراء !!

فالسلطات الحكومية اليمنية باشرت علي الفور وبعد ان احكمت قوات الأمن والجيش السيطرة علي المناطق والقري التي كانت مسرحاً للمواجهات مع الحوثيين الي تكثيف جهودها في ايصال الخدمات وانشاء المشاريع في المناطق التي وقعت فيها تلك المواجهات منذ اندلاعها في العام 2004 تمثل ذلك من خلال تخصيص مبالغ مالية ضخمة لإعادة البنية التحتية التي تهدمت بسبب المواجهات العسكرية وترميم المدارس والمرافق الحكومية التي تعرضت للتخريب وإعادة ترميم الطرق والجسور التي كانت هدفاً رئيسياً للحوثيين والذين عملوا علي تدميرها لمنع تقدم القوات الحكومية يضاف الي ذلك معالجتها للجانب المعنوي لدي أبناء المناطق التي خضعت للتعبئة العقائدية والايديولوجية لشعار الصرخة كما يطلق عليها الحوثيون وهو: الموت لأمريكا الموت، لإسرائيل اللعنة علي اليهود، النصر للإسلام وذلك من خلال تغطية كلمات في الشعار بالطلاء والكتابة فوقها آيات قرآنية منها كلكم لآدم وآدم من تراب ان اكرمكم عند الله اتقاكم اطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منكم كتابة هذه الآيات القرآنية شعار الحوثيين والتي وضعت لطمس ما يحتويه شعار الحوثيين من كلمات تدعو الي الموت لامريكا والموت لاسرائيل واللعنة علي اليهود ابقت علي كلمة الله أكبر التي تتصدر الشعار وكلمة النصر للاسلام التي تختتمه.

ودون ان اسأل زملائي من رفاق الرحلة من أعضاء الفريق الذي كلف بتصوير فيلم سياحي عن محافظة صعدة.. وكنا جميعاً من العاملين بوزارة السياحة - الهيئة العامة للتنمية السياحية.. كنت اراجع ما قامت به السلطات في محافظة صعدة تجاه معالجة كافة جوانب تداعيات المواجهات مع الحوثيين - عسكرياً ومدنياً وإنسانياً ودينياً عندما اوقفني تذكر الخطاب التعبوي والتحريضي الذي انطلق منه ما يسمي بالشباب المؤمن الذي اسسه كتنظيم عقائدي وسياسي مسلح حسين بدر الدين الحوثي- لأعود مرة أخري لاستشراف الخطاب وخفايا اهداف القيادة اليمنية في معالجتها لذلك فالآيات القرآنية التي وضعت فوق كلمات شعار الصرخة الحوثية اظن ان الهدف منها هو ازالة تأثير التعبئة العقائدية والايديولوجية الخاطئة التي نجح حسين الحوثي في غرسها في عقول ابناء المناطق الذين تأثروا به - يضاف الي

ذلك بعداً أوسع وأشمل وأعمق من هذا الهدف المتواضع والآتي.. فالآيات القرآنية الكريمة حملت في طياتها وأحكامها الإلهيه قواطع محسومة في الدين الإسلامي الحنيف بأن المسلمين جميعاً سواسية ولا فضل لعربي علي عجمي إلا بالتقوي وان دعوي التفضيل بالسلالية والطائفية والأسرية ودعوي الانتساب والخلافة لآل رسول الله محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام التي ارتدت برداء الحوثية غير مقبولة ولا مكان لها في اوساط المجتمع اليمني الذي عاني ويلات الجوع والفقر والمرض حتي كاد ان يفني علي الأرض كما قالت الطبيبة الفرنسية كلوديا فاين التي روت حكاية رحلتها الي اليمن في أواخر أربعينيات القرن الماضي وتفاصيلها بعد ان شاهدت مدعي الألوهية علي الأرض ممن يدعون امتلاكهم لصكوك الحاكمية علي البشر مرجعين ذلك الي نسبهم وارتباطهم بالرسول الكريم عليه الصلاة والسلام.

محطة توقف

أجد هنا انه من المهم الإشارة الي تجاذب المبررات التي تحصن خلفها اذا ما جاز ذلك كل من الحكومة اليمنية والحوثيين ففي الوقت الذي قالت السلطات اليمنية ان شعار الموت لأمريكا وإسرائيل كان هو المقدمة التي أعد لها حسين بدرالدين الحوثي بدعم خارجي إيراني -ليبي تحديداً للانقلاب علي النظام الجمهوري وللانتقام من ثورة 26 سبتمبر التي أنهت نظام الحكم الملكي فيما كان يعرف بشمال اليمن -فإن الطرف الآخر هو هنا الحوثيين نفس هذا الاتهام حيث قال محمد بدر الدين الحوثي أحدأشقاء حسين بدر الدين الحوثي ان الاتهامات الموجه للحوثيين بالسعي لقلب نظام الحكم في اليمن واستهداف نظام حكم الرئيس علي عبدالله صالح بأنه اتهام باطل ولا أسس له -ويشير في ايضاح مطول نشر علي مواقع الكترونية وفي مواقع تابعة لأحزاب المعارض اليمنية وحمل عنوان تعرف علي الحقيقة مجيبا فيه عن أسئلة تتعلق بالحركة الحوثية وما هو توجهها العسكري والسياسي وما هو موقفهم من النظام الجمهوري ومحملاً كلا التداعيات والمواجهات العسكرية التي خلفتها حرب صعدة علي السلطة والنظام السياسي ومن وصفهم بأنهم يعمدون الي تسوية الحقائق حيث اشار الي ذلك بالقول: نحن لم نعارض النظام الجمهوري، أو نفكر في الانقلاب عليه يوما ما، والنظام الملكي لا أساس له في فكرنا الزيدي، والأخ السيد حسين بدر الدين وضح ذلك في رسالته للرئيس قبيل الحرب وفي كثير من رسائله وتصريحاته، كما وضح ذلك الوالد العلامة بدر الدين الحوثي والشيخ عبدالله الرزامي في رسالتهما للرئيس قبل الحرب الثانية. وكذا تصريحات الوالد بدر الدين الحوثي في مقابلته مع صحيفة الوسط وان كان هناك من قبل السلطة وأزلامها من الكتاب من اساء استغلالها، وجهد في تحريف ما تزخر به من شفافية وانفتاح واخلاص وانصاف -كما ان الأخ حسين صرح في أكثر من مناسبة ان الرئيس هو رئيسنا، وان النظام الجمهوري هو نظامنا وانه لا مشكلة لنا مع السلطة، وان مشكلتنا ومشكلة الأمة الإسلامية كلها إنما هي من أمريكا واسرائيل.

وليس لدينا أية طموحات في أي منصب فيها، وكل ما يهمنا هو أن نعيش كمواطنين عاديين في ظل نظام يحترم الدستور الذي كفل لنا حق المواطنة والعيش بحرية وكرامة، وحتي النشاط الحزبي لا نرغب فيه لاعتقادنا عدم جدية السلطة في مسألة التعددية الحزبية، ولنا عبرة بما تواجهه معظم الأحزاب خصوصا حزب الحق، واتحاد القوي الشعبية.

إننا نأسف كثيرا لما تروج له السلطة وبعض الأقلام المأجورة التي تصورنا وكأننالانفكر إلا في التربع علي العرش!!.

الوساطة القطرية

في يونيو 2006م أعلنت دولة قطر عن نيتها لمبادرة وساطة بين السلطات الحكومية والحوثيين وذلك بعد ما يقارب من أربعة أشهر علي تجدد المواجهات بين الجانبين فيما سمي بالحرب الرابعة في صعدة.

المبادرة القطرية حظيت بقبول وموافقة من قبل الحكومة اليمنية والحوثيين وقد تضمنت الوساطة القطرية عدداً من النقاط والشروط الملزمة للطرفين لوقف المواجهات ومنها ايقاف الأعمال العسكرية تماما وتسليم الحوثيين لأسلحتهم.

الثقيلة والمتوسطة والنزول من المواقع الجبلية التي يتحصنون فيها والعودة الي مناطقهم وحصر الاضرار التي خلفتها المواجهات بين الجانبين وتعويض أصحابها اضافة الي ترتيب اوضاع المحتجزين لدي الطرفين.. اضافة الي اشتراطات ملزمة أخري للجانبين.. ليتم علي اثرها تشكيل لجنة رئاسية للاشراف علي تنفيذ بنود الاتفاق بمساعدة فريق قطري.

حيث ساد التفاؤل بأن يكتب لهذه الوساطة النجاح الا ان عوامل مختلفة دفعت الي تعليق هذه الوساطة بشكل مؤقت قبل ان يعلن الاسبوع الماضي عن استئنافها.

ليعود الامل مجددا بأن آله الحرب والدمار سوف تتوقف في محافظة صعدة وان مسلسل حصاد الارواح ونزيف الدماء اليمنية صار عليه الان ان يتوقف.

في حيدان

كانت مديرية حيدان هي الساحة الاولي التي انطلقت منها رصاصات المواجهة بين الحوثيين والقوات الحكومية للمرة الأولي في العام 2004م لتنتقل بعدها الي مناطق مرات والرزامات ورازح.. وبني معاذ وقطاير والصفراء وساقيني وجمعة بني فاظل.. فمن كان المسؤول عن هذه المواجهات -سؤال طرحته علي عدد من الشخصيات الاجتماعية والقبلية التي التقيت بها في مديرية حيدان اثناء زيارتي لمحافظة صعدة في سبتمبر الماضي - بعد انه اسهمت الوساطة (القطرية) في اعادة الأمن والاستقرار الي معظم المناطق التي كانت مسرحا للمواجهات المسلحة.

حيث التقيت هناك بالشيخ فايز حمود رئيس المجلس بمديرية حيدان والذي اخبرني ان عددا من مناطق المديرية ومنها مناطق بني لؤي وبني العياش وجزاء كانت مازالت متأثرة باحداث الفتنة التي قادها في المرة الرابعة عبدالملك الحوثي.. والذي حمله مسؤولية بقاء حالة التوتر في تلك المناطق من مديرية حيدان علي الرغم من وجود اجماع عام لدي أبناء المديرية علي ضرورة الاسهام بانجاح الوساطة القطرية من خلال الالتزام بما يحفظ الاستقرار والأمن في مختلف مناطقها.

وفي الوقت الذي تمني الشيخ فايز ان تتكلل جهود الوساطة القطرية بالنجاح عاد ليؤكد لي ان اي اخفاق تتعرض له هذه الوساطة يتحمل سببه الحوثيون الذي قال ان لديهم مصالح ومستفيدين من دعم خارجي تقدمه لهم بعض الدول.

لفت تحركي وسط سوق مديرية حيدان بعض رجال الأمن المتخفين بلباس مدني.. فلم تمر دقائق عليّ حتي كان طقم عسكري يوقفنا ونحن علي متن السيارة التي كانت قد بدأت سيرها - حيث سؤولنا عن غرض تواجدنا في المديرية وبعد ان عرضنا علي مدير المباحث الجنائية بالمديرية التصريح الذي حصلنا عليه من قيادة المحافظة- سمح لنا بمواصلة السير واكد ان الطريق أمان وليس هناك أي مخاوف او مفاجآت قد تعترضنا..!

حيث اشار النقيب حمود القويدي في حديثه معي بان الاوضاع في مديرية حيدان مستقرة بشكل كبير وذلك بفضل الجهود التي بذلها مسؤولو السلطة المحلية بالمديرية من الرجال الوطنيين الذين وقفوا في وجه فتنة الحوثي الي جانب اخوانهم من ابناء القوات المسلحة والأمن من اجل تأمين المديرية.

مضيفا بانه ومنذ ان تم القضاء علي التمرد الاول الذي قاده حسين بدر الدين الحوثي والذي قتل في سبتمبر العام 2004م فقد كثفت السلطة المحلية بالمديرية من عملية التوعية بين صفوف أبناء المديرية الذين انجروا خلف الافكار والتوجهات التي روج لها حسين الحوثي، حيث اثمر ذلك عن عودة حالة الهدوء والسكينة الي اغلب مناطق وقري مديرية حيدان وان كان بشكل غير كامل حيث شهدت عدد من القري والمناطق ارتكاب العناصر الحوثية لخروقات وهجمات استهدفت قوات الأمن والجيش اليمني.

مسقط رأس حسين الحوثي

لم أكن أتوقع أبداً أن تتوفر أمامي الفرصة والظروف الكافية لأن أكون ضيفاً في منزل زعيم الحوثيين وقائد التمرد المسلح علي السلطات الحكومية في محافظة صعدة حسين بدر الدين الحوثي الذي شغل اليمنيين وشغل أطرافاً عربية وإقليمية أخري عديدة بالبحث عن خفايا وإجابات للأسئلة التي تفجرت مع تزعمه لحركة التمرد والفتنة في محافظة صعدة للمرة الأولي في عام 2004م والتي حصدت في مراحلها الأولي واللاحقة وخلال ما يقارب أربعة أعوام مئات القتلي والجرحي وآلاف النازحين والضحايا.. وتسببت في إلحاق خسائر مادية تقدر بعشرات المليارات بالاقتصاد اليمني، أقول بأن مثل هذا التوقع لم يكن وارداً في أي لحظة من لحظات متا بعتي كصحفي لتغطية الأحداث اليومية للمواجهات العسكرية العنيفة بين القوات الحكومية اليمنية وأنصار وأتباع حسين بدر الدين الحوثي من عناصر تنظيم الشباب المؤمن- ولكن هذا التوقع البعيد حصل فكيف تم..!!

- كانت مديرية مران مسقط رأس حسين الحوثي من بين أهم الأماكن المستهدفة لإنجاز وتصوير الفيلم السياحي الذي كلفنا بتصويره عن محافظة صعدة- وذلك يعود إلي ما تمتلكه المديرية من مقومات جذب سياحي مختلفة كمنطقة زراعية تنتشر علي روابيها وسفوح جبالها وكل شبر فيها خضرة الحياة والتي جعلته الشجر ينبت حتي في حجارها الصماء.. وهنا قد لا أستطيع أن أنقل وصفاً كاملاً ودقيقاً عن روعة وجمال ودهشة المشهد الذي تقدم تفاصيله للعين مساحات الخضرة والأشجار التي تغطي بساط الأرض والجبال لمرائيه الشاهقة.. ولن أكون منصفاً إذا ما قلت أن البساط الأ خضر الذي امتد أمام ناظري علي اتساع الأفق.. ما زال حتي الآن لحظة دهشة أسترجع روعتها بين وقت وآخر- ذلك إن وصف القلم لا يمكن أن يكون قادراً علي نقل الصورة كاملة مثلما تراها العين ويحتفظ العقل بها!!

منزل الحوثي

ما ان وصلنا منطقة مران وعلي مرتفع عن الطريق الأسفلتي الذي يربط مديرية حيدان بمران ويوصل إلي مديرية رازح مروراً بمديرية الملاحيظ ومديرية حرض الحدودية بين اليمن والسعودية- يقع منزل حسين الحوثي- المبني بالحجارة والذي تتخذه قوات الأمن اليمنية موقعاً لها في المنطقة منذ أن توقفت المواجهات الأولي بين القوات الحكومية والحوثيين غداة مقتل زعيمها حسين الحوثي بعد أشهر من قيادته التمرد عام 2004م، من الخارج

تظن للوهلة الأولي أن منزل حسين الحوثي لا يختلف عن بقية منازل أبناء المنطقة، وما ان تصعد أمتاراً قليلة من التلة الصخرية التي بني عليها المنزل وتحدق بالنظر في اتجاهات المكان الذي تقف فيه حتي تكتشف أن اختيار موقع بناء المنزل لم يكن ارتجالياً بالمرة، خاصة وأنه بنبي قبل سنوات قليلة وقد اختار الموقع حسين الحوثي بنفسه- ولعل ذلك يعود إلي ما كان الرجل يتمتع به من حس عسكري حيث تجد خلال نظرك في الزوايا الأربع للاتجاهات الأصلية شمال، جنوب، غرب، شرق ان موقع المنزل يحكم السيطرة والتدقيق الكامل علي أي تحركات في هذه الاتجاهات الأربعة- يضاف إلي ذلك أن توسط موقع المنزل ما بين الطريق الأسفلتي قد منحه ميزة أن يكون مختلفاً عن بقية منازل أبناء المنطقة، وفي ذلك دلالة معنوية ونفسية واضحة، كان لها أثرها الكبير كما أعتقد في نفوس أبناء مران الذين التفوا خلف حسين بدر الدين الحوثي وساندوه وكانوا كغيرهم ممن تأثر بخطابه علي إيمان بصواب توجهاته.

سبق أن قلت أن الفرصة تهيأت دون توقع، وذلك ما تم فالوصول إلي منزل حسين الحوثي بل وتناول الغداء فيه والتجوال داخله وأداء صلاة الجمعة داخل الديوان وهو المكان الذي كان حسين بدر الدين الحوثي يلتقي فيه بأنصاره وأبناء المنطقة.. ونقل تفاصيل ذلك لقراء الراية أمر يستوجب مني أن أقدم تفاصيله بدقة، حيث سبق وتوجهنا إلي مديرية مران بترتيبات تتعلق بالحماية وتقديم المساعدة لنا كفريق يقوم بتصوير المناطق السياحية والذي كان مكوناً من ستة أشخاص إضافة إلي السائق وهو من أبناء محافظة صعدة وتحديداً من أبناء مديرية رازح، فقبل أن نصل أنا وزملائي في الفريق وهم محسن الصعدي ومطلق الحامي من موظفي وزارة السياحة في محافظة صعدة ومحمد الراعي مدير إدارة الترويج بهيئة التنمية السياحية والمصور التليفزيوني خالد زيد والمصور الفوتوغرافي هادي الشبوطي من وكالة الأنباء اليمنية والمصور عيبان شمسان إلي مديرية مران كان في

استقبالنا مندوب عن المنطقة العسكرية والذي رافقنا خلال عملية تصوير المواقع والمناطق السياحية والمدرجات الجبلية الزراعية قبل ان نعود الي منزل حسين بدر الدين الحوثي حيث قضينا نحو ساعة إلا ربع فترة راحة.

لنقوم بعدها بالوضوء والتوجه لصلاة الجمعة مع بقية افراد الموقع وما لفت انتباهي خلال فترة الاستراحة ان عرض حجم بناء جدران المنزل الخارجية تتجاوز المتر والنصف من الحجارة الصلبة والخرسانة المسلحة وان المظهر العادي للمنزل حين تشاهده من الخارج لايوحي بهذا السمك لجدرانه يضاف الي ذلك ان النوافذ في المنزل كانت مصممة بشكل ضيق بحيث يكتفي بوضع ساتر رملي موضوع داخل كيس قماشي او غيره حتي تتحول النوافذ الي مترس حصين بامكان من يقف خلفة ان يقتنص مهاجميه بكل سهولة وبحماية كبيرة. في الغرفة التي استرحنا فيها قبل اداء صلاة الجمعة لاحظنا ان شبابيك التهوية وهي عادة وفقا لطراز المعمار اليمني تكون صغيرة ولايزيد عرضها عن عشرين سنتي مترا ولاتزيد عن سبعين كانت شبابيك مموهة فهي من الخارج تظهر للعيان بانها شبابيك ولكن في داخل الغرفة هي تجويفات في الجدار كل واحدة منها وضعت كمواقع قنص وقد سددت من داخل الغرفة بقوالب اسمنتية صلبة دائرية الشكل وضع في مؤخرتها حلقات معدنية تمكن في داخل الغرفة ان يسحبها حيث يمسك حلقة حديدية الي الداخل حتي تصبح الفوهة للشباك مطلة علي الخارج ومنها يمكنه ان يطلق النار علي من في الخارج دون ان يتعرض للاصابة ذلك انه محمي بجدار الغرفة السميك وبالفتحة الضيقة التي يري من خلالها من خارج المنزل والجدار والذي يصعب عليهم رؤيته او اقتناصة.

الديوان والسجن

اذن المؤذن داعيا لصلاة الجمعة وكنت قد اكملت وضوئي نزلت برفقة عدد من زملائي درجات منحية تؤدي الي الاسفل خلعت حذائي ودخلت الجامع للصلاة افراد الحامية الامنية وقائد الموقع وعدد محدود من ابناء منطقة مران كانوا بداخل المسجد.. يستمعون لخطيب الجمعة وما ان انتهي حتي اقام الصلاة فأديناها بعد وتبادلنا السلام بعد اداءها غادر معظم من كان متواجدا تأملت ما حولي فالمسجد الذي ادينا فيه صلاة الجمعة كان هو الديوان مكان الزوار والضيوف الذين كان يستقبل فيه حسين الحوثي زعيم تنظيم الشباب المؤمن انصاره وابناء منطقة مران والمناطق الاخري يصل طول الديوان لما يزيد عن خمسة وعشرين مترا وعرضه خمسة امتار تقريبا وكان جداره يتجاوز من جوانبه الاربعة المتر والنصف مبنيا من الحجارة والخرسانة المسلحة وقد استحدثت في جداره القبلي فتحه عميقة ووضع بجانبها منبر للخطيب وحول الي مسجد للصلاة.

المحكمة والسجن

كان حسين بدر الدين الحوثي قد جعل من مقيله اليومي في الديوان عنصرا هاما في احكام تأثيره علي ابناء منطقة مران ومناطق صعدة المختلفة حيث كان يحل قضايا الخلافات بين ابناء المنطقة كما كان يقدم علي سجن من يخالف احكامه التي يصدرها في تلك النزاعات حيث يشير الكثيرون من ابناء المنطقة انه كان يتسم بالانحياز الي جانب اصحاب الحقوق وكان ذلك احد اسباب تأثر الناس بدعوته.

اعود الي تقديم تفاصيل عن الديوان المحكمة وزنزانة السجن الموجودة في منزل حسين الحوثي فالديوان وعلي الجانب الايمن منه قاطع مثلث الشكل مبن من البلك.

لايتجاوز طوله المتر والنصف ويرتفع نحو 80 سم وبمحاذاة الجدار ترتفع عن بقية ارضية الديوان مساحة تشبه الدكة وهي المكان الذي كان يجلس فيه حسين الحوثي عند لقائه بالناس ارتفاع المكان المخصص بجلوس ومقيل زعيم تنظيم الشباب المؤمن كان الغرض منه تقديم ايحاء نفسي ومعنوي لمن يقصدون الديوان من ابناء المنطقة وغيرها لمقابلة حسين الحوثي عن المكانة العائلية والاسرية والسلالية التي يتمتع بها وذلك كما اخبرني به احد الاشخاص من ابناء المنطقة والذي اشار لي ايضا الي موقع السجن او الزنزانة الموجودة في المنزل حيث تقع الزنزانة في الجانب الغربي من نفس بناء المنزل وتطل علي هوة سحيقة تلاصقها من نفس الجهة من الاسفل بركة ماء اخبرني الرجل ان الزنزانة تقع اسفل بناء المنزل او كما يقال في بدروم من غرفة واحدة هي الزنزانة والسجن الذي كان حسين الحوثي يودع فيه من يحكم عليه بالعقاب لاي سبب. كنت اسأل الرجل عن ثمان او عشر انابيب بلاستيكية قطر فتحتها نصف انش وضعت فوق باب الزنزانة الحديدي .  

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن