آخر الاخبار

الزراعة أكثر القطاعات تأثراً: إغراق الأسواق أبرز تحديات انضمام اليمن لمنظمة التجارة العالمية

الجمعة 14 سبتمبر-أيلول 2007 الساعة 09 صباحاً / مأرب برس - ليلى الفهيدي :
عدد القراءات 8887

يواجه القطاع الزراعي في اليمن معوقات متعددة، من تراجع معدلات النمو والإنتاج، واستمرار الصعوبات المتصلة بتسويق وتخزين المنتجات الزراعية، وتدني الاستثمارات الخ اصة فيه نتيجة ضعف الحوافز والتسهيلات وغيرها من المعوقات الأخرى.

لكن التحدي الأبرز أمام هذا القطاع كما يرى اقتصاديون وخبراء هو انضمام اليمن لمنظمة التجارة العالمية.. حيث يشيرون إلى أن القطاع الزراعي هو أكثر القطاعات تأثراً سلبا وإيجابا في انضمام اليمن للمنظمة.

فمن متطلبات الانضمام للمنظمة الانفتاح على الأسواق العالمية، مما قد يؤدي إلى عملية إغراق للأسواق المحلية بالمنتجات الزراعية من مختلف دول العالم بأسعار رخيصة وجودة عالية إلى تأثر المنتجات المحلية المشابهة، التي لن تستطيع إذا ما استمرت بهذه الصورة المنافسة، مما سيؤثر على شريحة كبيرة جدا من سكان اليمن، خاصة أن الزراعة تشكل مصدر الدخل الرئيسي لحوالي 73.5 بالمائة من السكان، وتشغل حوالي 54 بالمائة من قوة العمل في البلاد، وتساهم في 13 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي و56.6 بالمائة من صادرات اليمن غير النفطية.

ولم تفرض الحكومة اليمنية طبقا لإجابات ممثل اليمن في مفاوضات الانضمام لمنظمة التجارة العالمية أية رسوم لمكافحة الإغراق أو تدابير تعويضية أو وقائية نظرا للافتقار إلى البنية التحتية والآليات الضرورية بما في ذلك تشريع تجاري متوافق مع منظمة التجارة العالمية.

كما أنها لم تقدم أية معونات تصدير ولا توجد خطط تمويل التصدير حاليا، لتعزيز صادراتها الزراعية المحدودة كما لا توجد حاليا أي معونات للصادرات أو تمويل أو برامج ائتمان أو ضمان الصادرات.

وتظل قضيه الإغراق هي الهاجس الأول للمنافسة وحرية التجارة، ذلك لان الإغراق من شأنه أن يضرب بقواعد المنافسة عرض الحائط ويؤدي إلى اختلال الأسواق ويدمر المنتجين الآخرين.

ويؤكد رئيس مكتب الاتصال والتنسيق مع منظمة التجارة العالمية بوزارة الصناعة والتجارة الدكتور حمود النجار لــ"الشرق" أن اللجنة الوطنية تحرص على عدم تأثر القطاع الزراعي في مفاوضات انضمام اليمن للمنظمة باعتباره القطاع الأكبر المشغل لليد العاملة، إضافة إلى انه لايزال يمثل نسبة كبيرة من الناتج القومي المحلي.

وأشار إلى أن اليمن تسعى من خلال المفاوضات الجارية إلى وضع حماية للمنتجات الزراعية وإقناع شركاء اليمن بضرورة المرونة في التعامل مع المنتجات الزراعية المصدرة.. مؤكدا أن الزراعة السبب الرئيسي في بطء التقدم في المفاوضات نتيجة تباين الدول الأعضاء في ما يتعلق بالدعم الزراعي وفتح الأسواق واتفاقية الزراعة التي لم تكن موجودة قبل جولة ارجواي في عام 1995م.

وبحسب الخطة الخمسية الثالثة للتنمية في اليمن 2006-2010م، فان تحرير التجارة وفتح الأسواق وإزالة الحواجز يتطلب التحول في استراتيجيات الإنتاج والتجارة والاتجاه نحو التصدير اعتمادا على تقنيات متقدمة ومنتجات ذات مواصفات وجودة عالية.

ويبين نائب رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية اليمني خالد طه مصطفى أن لدى القطاع الخاص الصناعي والزراعي في اليمن مخاوف كثيرة من انضمام اليمن باعتبار هذا القطاع لا يزال ضعيفا وغير قادر على المنافسة في حال فتح السوق على مصراعيه مما قد يضع الكثير من الصعوبات أمام المصنعين والمنتجين الزراعيين في اليمن.

ويؤكد أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء الدكتور محمد الميتمي أن تجارة اليمن الزراعية تعاني من عجز تجاري مزمن في مختلف المجموعات الغذائية، وهي من الدول المستوردة للغذاء، وتعتمد كذلك على تلبية احتياجات سكانها من الغذاء عبر الخارج.

وأشار إلى أن حجم واردات الغذاء يمثل نسبة 33 بالمائة من قيمة الواردات ويمثل عبئا ثقيلا على الميزان التجاري وميزان المدفوعات، حيث أنفقت اليمن في عام 2005م ما يقارب 100 مليار ريال على واردات الغذاء، 50 بالمائة من هذا المبلغ يذهب للقمح والدقيق وهو ما يعادل تقريبا نصف دخل اليمن من عائدات النفط.

ويطالب الدكتور الميتمي اليمن برفع الكفاءة الإنتاجية لمنتجاتها الزراعية من حيث الجودة والكم، من اجل الاستفادة القصوى مما تتيحه منظمة التجارة في إطار الاتفاقية الزراعية من استثناءات وامتيازات للبلدان الأقل نموا، الأمر الذي يتطلب من اليمن الاستفادة القصوى من تلك الأحكام.

نائب مدير عام الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة المهندس أحمد البشة يرى أن دخول اليمن إلى منظمة التجارة العالمية لا يخلو من انعكاس آثار سلبية متعددة على بعض السلع وخاصة السلع الزراعية

وقال:"لا ننكر أن ذلك سيكون له اثر كبير في اليمن سواء من الجانب الاقتصادي أو الزراعي في كل القطاعين الحكومي والخاص والمزارعين المنتجين وهو الأمر الذي يدعونا اليوم إلى البحث عن وسائل الحماية القانونية لهذه السلع والمنتجات من خلال مفاوضاتنا مع المنظمة..داعيا كافة الجهات ذات العلاقة إلى توحيد الجهود وتوجيهها نحو الحفاظ على مستوى جودة المنتج اليمني سواء كان زراعيا أو صناعيا استعدادا لامتلاك عنصر وقوة المنافسة على مستوى السوق المحلية والعالمية على حد سواء.

ويلفت الأمين العام للمجلس الأعلى لتنمية الصادرات نعمان الملصي إلى أن انضمام اليمن إلى منظمة التجارة العالمية سوف تكون له آثار متباينة على الاقتصاد اليمني.

وأشار إلى أن المجلس الأعلى لتنمية الصادرات ومن خلال الجهاز الفني يعكف على دراسة وتحديد الآثار التي يمكن أن تنجم عن الانضمام فيما يتعلق بتوقعات أثر الانضمام على الصادرات اليمنية.

وأشار إلى أن أحكام اتفاقية الزراعة تلزم الدولة طالبة الانضمام بإلغاء الدعم على السلع الزراعية بكافة أشكالها فهذا الشرط يمكن أن يؤثر سلباً وإيجاباً على التجارة الخارجية للسلع الزراعية اليمنية، أما الجانب الايجابي فهو أن إزالة الدعم من شأنها أن تعزز من القدرة التنافسية للسلع التي تصدرها اليمن من الخضر والفواكه والتي تصدر حالياً إلى المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي ويمكن زيادة الاستفادة في حالة تحسين مستوى الجودة والمواصفات واستهداف الأسواق الأوروبية نظراً لان قدرة المنتجات تتمتع بانخفاض التعرفة الجمركية بالدول الأوروبية وعلى وجه خاص محصولا القطن والبن.

وقال: "أيضاً في الأمد الطويل سوف تكون له آثار ايجابية على الاقتصاد اليمني حيث إن ارتفاع الأسعار العالمية للمحاصيل نتيجة لإزالة الدعم من شأنه زيادة فرص التوسع في إنتاج المحاصيل الزراعية الأخرى مثل الحبوب.

أما الأثر السلبي في الأمد القصير فان هناك مخاوف باعتبار أن اليمن مستورد رئيسي للغذاء (القمح) وان إزالة الدعم يمكن أن تنتج عنها زيادة في أسعاره العالمية وبالتالي تتأثر بلادنا من جراء الانضمام ولكن هناك مبدأ التعويض للدول النامية يمكن لليمن من خلال التفاوض أن تطلب التعويضات أو القروض الميسرة من المؤسسات الدولية وبشروط ميسرة".

أعباء إضافية ودعم غائب

في الوقت الذي لا تقدم فيه الحكومة اليمنية أي دعم للقطاع الزراعي، تسبب الإعلان عن رفع الدعم عن أسعار المحروقات في اليمن عام 2005م وخصوصا مادة الديزل في خسارة القطاع الزراعي اليمني وفقا لتقرير الاتحاد التعاوني الزراعي وصلت ما بين 25.8 مليار إلى 34.5 مليار ريال يمني.

وذكر التقرير أن تكاليف الإنفاق على المعدات والعمالة والطاقة في الزراعة سترتفع بنسبة 180% وفقاً لأسعار 2005م، كما تؤدي إلى آثار مباشرة على القطاع الزراعي تمثلت بارتفاع كلفة الري والميكنة الزراعية.

وطالب الاتحاد الحكومة بإعادة النظر في سعر مادة الديزل بحيث لا يزيد سعر اللتر على 25 ريالاً، وسرعة إقراض المزارعين لاستكمال هذا الموسم الزراعي بما يعادل التكاليف، و توفير تمويل 3000 حراثة بأقساط على مدى ثلاث سنوات، ومنع استيراد الفواكه الخارجية في فترة الوفرة داخلياً، وتمويل (100) قاطرة مبردة للتسويق الداخلي، والعمل على إيجاد التكامل بين القطاع الزراعي والقطاع الصناعي بإنشاء، مصانع ومعامل لتصنيع المنتجات الزراعية ذات الميزة النسبية العالية.

وأشار تقرير الاتحاد إلى أن إجمالي كميات الديزل المستهلكة في اليمن للزراعة المروية بلغ (1.658.891.125) لتراً وبلغت التكاليف أكثر من 28 ملياراً بحسب دراسة أعدتها منظمة "الفاو" 2002م.

وفي قطاع الدواجن ترتفع تكلفة الدجاج اللاحم بنسبة 25% أي 100 ريال وتكلفة كرتون البيض بنسبة 20% أي 1000 ريال.

وفي مجال قطاع الإنتاج النباتي والصادرات الزراعية ووفقاً للتعديلات السعرية الجديدة سترتفع تكاليف الإنتاج في مجال البطاطس من 100% إلى 150% أي أن خسارة مشاريع الاتحاد ستبلغ (120.000.000) ريال.

معوقات إضافية

تكشف دراسة عن الخريطة الزراعية في اليمن أعدها مركز بحوث الموارد الطبيعية المتجددة التابع للهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي أن حوالي 85 بالمائة من الأراضي الزراعية معرضة للتدهور بدرجات متفاوتة.. وأكدت أن هناك مساحات كبيرة تخرج سنويا من عداد الأراضي الزراعية الخصبة و تقدر ب (5) بالمائة بسبب الزحف العمراني والمنشآت المدنية الأخرى و3 بالمائة بسبب التصحر فضلا عن تدني إنتاجية مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية.

وأوضحت الدراسة أن مساحة الأراضي الزراعية في اليمن تصل إلى 13.6 بالمائة من إجمالي مساحة الجمهورية اليمنية و تقدر بحوالي 6.2 مليون هكتار وان إجمالي ما تتم زراعته يتراوح بين 1.2- 1.6 مليون هكتار.

وأشارت إلى أن الدراسات أظهرت تدني إنتاجية مساحات كبيرة من الأراضي بسبب تملح التربة وتدني الإنتاجية.

وتحدثت عن معوقات للإنتاج الزراعي تتمثل في قلة الهطول المطري وانخفاض حجم المياه الجوفية وسرعة الرياح العالية وارتفاع معدل تبخر المياه من سطح التربة ووجود ظاهرة الطباقية للترف في معظم طبقات التربة بفعل المياه فضلا عن وجود طبقات السلت على سطح التربة والرمل في معظم أراضي المناطق الساحلية والصحراوية والتي نتجت بفعل ترسبات مياه فيضان الوديان وتدهور نوعية مياه الري وحدوث ظاهرة الشقوق الغائرة أثناء جفاف التربة

عن الشرق

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن