اختطاف الأجانب ظاهرة شوهت المجتمع اليمني وأثرت سلبا على السياحة

الخميس 03 يناير-كانون الثاني 2013 الساعة 06 مساءً / مأرب برس - غمدان الدقيمي- خاص
عدد القراءات 4344
وسط ترقب ملحوظ لما ستؤول اليه أوضاع البلاد في الفترة المقبلة، يدخل اليمنيون عامهم الجديد 2013م، بمزيد من التحديات أبرزها قصور في الأداء الأمني، متزامن مع عودة ظاهرة اختطاف الأجانب، التي تقدم بلدهم على أنه منطقة محفوفة بالخاطر.
على الرغم من مرور أسبوعين على آخر عملية اختطاف اجانب في اليمن، التي نفذها أربعة مسلحون مجهولون كانوا يستقلون سيارة "سوزوكي" في منطقة التحرير قلب العاصمة اليمنية صنعاء، مازال الغموض سيد الموقف.
وفي هذا السياق قال مصدر أمني رفيع في وزارة الداخلية لـ"مأرب برس": إن الأجهزة الأمنية مستمرة في عملية البحث لمعرفة المكان الذي لجأ إليه خاطفو الثلاثة الأجانب (فنلنديين ونمساوي)، الذين اختطفوا الجمعة قبل الماضية 21 ديسمبر2012م.
وتعددت الروايات حول المنطقة التي يتواجد فيها المخطوفون، في حين أشارت وسائل اعلامية – مؤخرا - الى أن خاطفي المواطن النمساوى "رجال قبائل" يطالبون بفدية قدرها 7 ملايين دولار، مقابل إطلاق سراحه، بالتزامن مع المطالبة بإطلاق سراح بعض الأفراد المقبوض عليهم من اتباع هذه القبائل لدى السلطات اليمنية، إلى جانب التفاوض مع المبعوث الفنلندى لكى يسعى لدى السلطات اليمنية للإفراج عن شحنة أسلحة "مسدسات" كانت قادمة من تركيا، تم احتجازها في منطقة الحديدة من قبل أجهزة الأمن اليمنية قبل أيام.\
ورفض المصدر الأمني، الذي فضل عدم ذكر اسمه، التعليق عن هذه الأنباء.. موضحا: أن أجهزة الأمن مازالت تتحرى وتبحث على نطاق أمني واسع لمعرفة المكان الذي لجأ إليه الخاطفون، لافتا إلى أن وزارة الداخلية ستصدر بيانا خاصا عندما تتوصل إلى نتيجة.
19 أجنبيا تعرضوا للاختطاف
ووفقا لإحصائية خاصة بوكالة أنباء "شينخوا"، تعرض 19 أجنبيا للاختطاف في اليمن منذ مطلع العام 2012م، بعضهم على ايدي تنظيم القاعدة واخرون على ايدي جماعات قبلية مسلحة، والبعض اللآخر على ايدي مسلحين مجهولين، في محافظات (لحج وشبوة وأبين ومأرب والحديدة)، فضلا عن العاصمة صنعاء.
وفيما سجلت عملية اختطاف فاشلة لمسلحين مجهولون في مايو المنصرم بحق السفير البلغاري لدى اليمن بوريس بوريسوف، تم إحباط عدد من عمليات الاختطاف.
وتتوزع جنسيات المختَطفين، وفقا للمصدر السابق، بين سوريا واثيوبيا وتركيا وايطاليا وروسيا وفرنسا والفلبين والسعودية وسويسرا ولبنان والنرويج وفنلندا والنمسا.
شوهت المجتمع اليمني
يقول الصحفي والباحث في شؤون الحركات الإسلامية، نبيل البكيري: "هذه الظاهرة بدأت في تسعينيات القرن الماضي، كانت تلجأ اليها بعض الشخصيات المشيخية والقبلية للضغط على الدولة بهدف تحقيق مطالب شخصية في معظم الأوقات".
يوافقه الرأي الباحث والناشط الحقوقي والسياسي، علي الشريف، الذي يرى أنها ظاهرة شوهت المجتمع اليمني والمحافظات التي تتركز فيها نطاق عمليات الاختطاف تحديدا، موضحا أنه لا يمكن فصل هذه الظاهرة عن العمل السياسي، رغم أن لها دوافع أخرى، كانعدام القانون ووجود المظالم وعدم وجود اليات مدنيه للضغط وتحقيق المطالب والعدل وإيجاد حل للمظلوميات، منوها الى أن المخطوفين في الغالب لا يصابوا بأذى، لأن هدف الخاطفين ليس القتل وإنما الضغط على السلطة لتحقيق مطالب اما تنموية أو اطلاق سجناء أو قضايا اراضٍ..
ويشير نبيل البكيري إلى أن هذه ظاهرة بدأت بشكل محدود، وأن التعاطي معها من قبل الدولة، وفقا للعرف القبلي "مراضاة الجناة، ومساومتهم واعطائهم اموالا ومناصب وسيارات"، وعدم التعاطي معها وفقا للقانون، ساعد في تفاقمها وشجع على استفحالها.
الإخلال بالأمن والاستقرار
ووفقا للباحث علي الشريف، فإنها تعني بالضرورة الإخلال بالأمن والسكينة واستقرار البلد، من قبل بعض الأطراف التي يطيب لها إرسال رساله للخارج والداخل أن الوضع الأمني ليس على ما يرام، بل ومحفوف بالمخاطر، منوهاً بأن هذه سياس (خلق الأزمات وإدارتها بذكاء)، عرف بها نظام الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، ويأتي إقحام القاعدة وتصويرها بأنها طرف في هذه الاختطافات لنفس الدافع ولابتزاز الخارج، حد قوله.
ويتفق معه نبيل البكيري، الذي قال: إن تنظيم القاعدة لم يدخل في عملية الاختطافات إلا مؤخرا، وإنها لم تكن ضمن خطط واستراتيجيات التنظيم.من جهته أكد مدير عام العلاقات العامة بوزارة الداخلية اليمنية الدكتور محمد القاعدي، أن اختطاف الأجانب شيء مؤسف، تقوم به عصابات اجرامية أو مجموعات ارهابية، استغلت الوضع القائم في البلاد وأرادت زعزعة الأمن والاستقرار، رغم أن اليمن كانت قد خرجت من نفق الاختطافات منذ فترة طويلة.
تراجع عائدات السياحة
وعلى مدى سنوات دمرت ظاهرة اختطاف الأجانب في اليمن فرص النمو السياحي، يقول وكيل وزارة السياحة لقطاع التنمية السياحية، عمر بابلغيث: "هذه ظاهرة سيئة وخارجة على التقاليد والأعراف اليمنية، وأثرت سلبا على القطاع السياحي، حيث دفعت بالاتحاد الأوروبي وبعض الدول إلى تحذير رعاياها من السفر إلى اليمن".
وأكد بابلغيث تراجع عائدات القطاع السياحي خلال العام 2011م، حيث بلغت 780 مليون دولار مقارنة بـ 980 مليون دولار عام 2010م، مشيرا إلى أن النهوض بالقطاع السياحي يتطلب استقرارا سياسيا وأمنيا، ورفع الوعي لدى الناس بأهمية السياحة باعتبارها تجارة رابحة، والارتقاء بالخدمات السياحية وفقا للمعايير الدولية.
رئيس مجلس الترويج السياحي، فاطمة الحريبي، قالت: إن الأرقام الواردة سابقا حول عائدات السياحة مُبالغ فيها، وإنها أقل من ذلك بكثير، خصوصا خلال العامين الماضيين 2011م و 2012م، واللذين شهدا توافد أعداد قليلة جدا من السياح إلى جزيرة سقطرى غالبا، نتيجة للأحداث التي شهدتها البلاد، إضافة إلى الخوف من تعرضهم للاختطافات.
وأوضحت الحريبي مخاوفها من انعكاسات حادثة الاختطاف الأخيرة، باعتبارها عملية نفذت وسط العاصمة صنعاء، وبالقرب من عديد من المصالح الحكومية، بما فيها القصر الجمهوري.
استمرار الفوضى
ويعزو خبراء ومحللون تزايد عملية اختطاف الاجانب والاختلالات الأمنية القائمة، كالتقطعات القبلية والاغتيالات التي حصدت مايربو عن 70 ضابطا أمنيا وعسكريا في عديد محافظات الجمهورية، خلال العام الماضي 2012م، إلى قصور في السياسة الأمنية، وغياب العمل المؤسسي في الجانب الأمني، وافتقار السلطات إلى فلسفة أمنية.
إلى ذلك أشار نبيل البكيري إلى أن حادثة الاختطاف الأخيرة، هي نتيجة من نتائج استمرار الفوضى الأمنية، ووقوف بعض الأطراف التي تساعد على استمرارها وتشجيعها.
في حين يرى الناشط الحقوقي علي الشريف، أنها تأتي في سياق التحولات الكبيرة، التي يشهدها الوطن ومحاولات تمترس المخلوع علي صالح وأتباعه، ولا يستبعد الشريف أن يقوم المخلوع وحلفاؤه الجدد من إثارة الفوضى والقتل كما هو حاصل في عملية الاغتيالات بهدف نشر الفوضى في البلد كمحاولات يائسة بعد الضربة القوية التي مُني بها، والمتمثلة في قرارات هيكلة الجيش، والتي اُعتبرت الاقوى منذ بداية التسوية السياسية.
تحسن مستمر
مجددا قال الدكتور محمد القاعدي: إن جهود وزارة الداخلية حققت نجاحات ملموسة، موضحا معاناة وزارته في هذه المرحلة الاستثنائية، التي خرجت فيها البلاد من وضع خطير ومأساوي، يضيف: "رغم الجهود التي تبذلها الداخلية لترسيخ الأمن إلا أنها ليست عند المستوى المطلوب، وهذا لا تتحمل مسؤوليته وزارة الداخلية فقط، بل وبقية الأجهزة الأمنية، الأمن القومي والسياسي والاستخبارات العسكرية والمباحث الجنائية، التي لا نلحظ جهودها، ونشعر أن هناك قصورا كبيرا في هذه المجالات من قبلها".
وأكد القاعدي أن وزارة الداخلية لديها خطط وبرامج محكمة، ستفرضها لحماية الاجانب والمواطنين بشكل عام خلال الفترة المقبلة، معتبرا أن الأوضاع في تحسن مستمر يوما بعد يوم.
تشريع خاص
وفي السياق حذر محللون من استمرار توجه الوضع الأمني نحو الأسوأ، مطالبين بإعادة النظر وإيجاد حلول عاجلة وجذرية للمشكلة الامنية، وإعادة بناء مؤسسي للسلطات الأمنية على أسس وطنية لتقوم بدورها في حماية الوطن، وإنهاء مثل هذه الجرائم.
في المقابل أكد الناشط نبيل البكيري: أن الخيار الوحيد لمعالجة ظاهرة الاختطاف، يتمثل في تشريع قانون خاص، وتضمينه عقوبات رادعة بحق كل القوى التي يثبت تورطها في ارتكاب جرائم الاختطاف، وكذا كل من يحتضن المختطِفين، معتبرا أن ما دون ذلك لن تنتهي الظاهرة.

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن