تقرير «أبعاد» يحذر من تنظيم مسلح جديد يمهد لانشقاقات عسكرية لتشكيل «جيش الجنوب الحر»

الإثنين 09 يوليو-تموز 2012 الساعة 05 مساءً / مأرب برس/ خاص
عدد القراءات 4105

  

حذر مركز أبعاد للدراسات والبحوث من نشوء تنظيم مسلح، سيشكل خطر قادما، جراء تلاقي مصالح تيارات العنف التقليدية في اليمن، مشيرا إلى أن ملامح هذا التنظيم المسلح بدأت تظهر في بعض المحافظات الجنوبية، وبالتحديد في محافظة عدن.

وقال أبعاد في تقريره الدوري: "إن التنظيم الجديد يسعى حاليا لإيجاد مشروعية لسلاحه في تحقيق انفصال الجنوب من خلال أحداث انشقاقات داخل معسكرات الجيش والأمن لتأسيس ما يعرف بالجيش الجنوبي الحر، مستغلا تعاون قيادات عسكرية جنوبية مزدوجة كانت محسوبة على النظام السابق".

وأشار التقرير إلى أن "أهم ما يميز القضية الجنوبية في الذكرى الـ18 لحرب صيف 1994م، هو تحول فصيل من فصائل الاحتجاج السلمي إلى فصيل مسلح يسعى من خلال العنف إلى فرض انفصال الجنوب، مخالفا لرؤى بقية الفصائل التي تسعى بمختلف الوسائل السلمية لحل القضية الجنوبية حلا عادلا ومرضيا لشعب الجنوب". 

على المستوى الميداني، رصد تقرير أبعاد اختلالات وصفها بالخطيرة في منطقة المنصورة بعدن التي كانت احدى ساحات الثورة السلمية قبل سيطرة الحراك المسلح عليها، وقال: "تحولت ساحة المنصورة إلى مكان آمن للمسلحين الفارين من السجون ومن الحرب على القاعدة في أبين وشبوة، ومنطقة استراتيجية لتخزين مختلف أنواع الأسلحة والعبوات الناسفة، وقد شهدت هذه المنطقة منذ منتصف يونيو الماضي مقتل 10 مدنيين بينهم امرأة، واغتيال 12 عسكريا بينهم أربعة ضباط وعلى رأسهم قائد المنطقة العسكرية الجنوبية اللواء سالم القطن، وإصابة أكثر من 11 عسكريا واختطاف 8 عسكريين آخرين".

وجاء في التقرير: "لقد دشنت الجماعات المسلحة أعمالها في منطقة المنصورة قبل ثلاثة أشهر باختطاف نائب القنصل السعودي، ومن وقتها قامت بتنفيذ هجمات مسلحة على مؤسسات مدنية وحكومية، ونهبت 100 مليون ريال من فرع بنك التسليف الزراعي، وملايين أخرى من مؤسسات حكومية إيرادية، وفجرت أكثر من 10 عبوات ناسفة استهدف معظمها فرع جهاز المخابرات ( الأمن السياسي)".

ورصد التقرير أيضا "عمليات لإطلاق الرصاص الحي بشكل عشوائي، واقتحام ونهب أكثر من ست مؤسسات حكومية في المنصورة ونهب عشرات السيارات والمحال التجارية التابعة للمواطنين، ونهب سيارات وشاحنات عسكرية وحكومية، وفرض إتاوات مالية بالقوة على أصحاب المؤسسات والمحال التجارية المجاورة".

وقال التقرير: "إن اتهامات موجهة للحوثيين ومن ورائهم إيران في السعي لتفجير الأوضاع بالمحافظات الجنوبية، مستندة على بعض الوقائع مثل وجود مسلحين من صعدة في أوساط فصيل الحراك المسلح، والقبض على مسلحين من صعدة كانوا يقاتلون مع تنظيم القاعدة في أبين، والزيارات المتبادلة بين قيادات في الحراك المسلح وقيادات حوثية بين عدن وصعدة، ثم سفر شباب من الحراك الجنوبي المسلح إلى بيروت وزيارة الكثير منهم للعاصمة الإيرانية طهران التي تقدم دعما لوجستيا علنيا في الجانب الإعلامي من خلال زعيمه علي سالم البيض".

وأشار التقرير إلى أن ما حصل في بعض المحافظات الجنوبية مؤخرا "يدلل أن الحراك الجنوبي المسلح وضع القضية الجنوبية في دائرة الغموض وادخلها شرك الصراع الإقليمي والدولي، وأن وسائل هذا الفصيل العنيفة والمسلحة ستؤثر سلبا على مطالب الجنوبيين العادلة ووسائلهم السلمية".

وأضاف تقرير أبعاد: "إن قرار طهران بدعم فصيل البيض المسلح، لم يكن بغرض تحقيق انفصال الجنوب وبناء دولة مستقرة تربطها بها مصالح استراتيجية على المدى الطويل، وإنما لتحقيق أهداف تكتيكية عاجلة متعلق غالبية تلك الأهداف بأمنها القومي، خاصة بعد تغيرات تشهدها المنطقة في ظل ثورات الربيع العربي".

واعتبر التقرير أن ما يحصل في محافظات جنوب اليمن من اختلالات أمنية ومواجهات مسلحة يتم تغذيته عبر دوائر داخلية وخارجية لها أبعاد محلية وإقليمية ودولية، خاصة بعد ثورات الربيع العربي وانعكاساتها على المشهدين السوري والمصري.

وقال التقرير: "إن ثورة الربيع السوري التي انتظر المجتمع العربي والإقليمي والدولي تراجعها لتنفيذ مبادرات الإصلاح السياسي دون سقوط نظام الأسد الخصم المسالم لإسرائيل، تمر حاليا بنقطة تحول مفاجئة قربت من احتمالية نجاحها، وتتمثل في ازدياد الانشقاقات العسكرية داخل النظام وتوسع في سيطرة جيش المعارضة على الأرض، وهو ما أعاد الجدية في تحركات الأوربيين والأمريكيين للتخفيف من الثمن السياسي إذا ما أسقط نظام الأسد عسكريا"، مضيفا: "كل تحرك جدي للمجتمع الدولي في سوريا، يعقبه تحرك إيراني لخلط الأوراق من خلال أذرعها المتعددة في المنطقة".

وأضاف: "في اليمن تحاول طهران من خلال إيهام الجنوبيين بدعم مطالبهم لتثبيت قدمها في عدن وباب المندب الذي يفوق مضيق هرمز أهمية في تغذية العالم بالنفط"، مشيرا إلى أن "إيران تستغل حركة الحوثيين المتمردة في الشمال للقيام بالمهام اللوجستية المطلوبة للسيطرة على الجنوب، وتقوم بأعمال استفزازية من شأنها تفجر حربا في المناطق المسيطرة عليها بصعدة شمالا، لتتحول قضيتي الحوثيين والحراك من قضيتين حقوقيتين إلى فزاعة ليس لدول الخليج فحسب، بل للمجتمع الدولي أيضا، وهو ما سيضع المطالب العادلة للقضيتين في دائرة المجهول".

وأكد تقرير مركز أبعاد أن وصول مرشح الإخوان المسلمين في مصر إلى موقع الرئاسة "أربك قوى داخلية وخارجية وجعلها تتحرك لتنفيذ حملات وقائية في بعض بلدان الربيع العربي وعلى رأسها اليمن لتستثمرها تيارات العنف المسلح في تحقيق أهدافها على الأرض من خلال النقد الممنهج لحزب الإصلاح، سعيا لإضعافه خاصة في المحافظات الجنوبية الذي يعد فيها القوة الأكثر ممانعة للانفصال".

ولم يستبعد التقرير أن يكون هناك أدوار سلبية للولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وروسيا في القضية الجنوبية مستدركا" لكنها ليست بالشكل الفاضح الذي تمارسه إيران".

وحث التقرير حزب الإصلاح على مراجعة أدائه فيما يخص القضية الجنوبية، وتبني رؤى منفتحة حولها بالتوافق مع الحزب الاشتراكي وفصائل الحراك الجنوبي السلمي، والقيام بحملات توعية لأعضائه بشأنها، لتخفيف الاحتقان وإضعاف مبررات الجماعات المسلحة في تفجير الأوضاع".

وحول الحلول العاجلة، دعا تقرير أبعاد الرئيس التوافقي وحكومة الوفاق إلى البدء في خطة طارئة لتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين وحل القضايا والمشاكل العالقة في المحاكم، وإعادة الحقوق من العقارات وغيرها لمالكيها، وإعادة رواتب ووظائف المسرحين والمتقاعدين من المؤسسات العسكرية والمدنية وتعيين مسئولين في الإدارات والأجهزة المباشرة من الأكفاء والنزيهين وتطبيق عدالة الدستور والقانون، وإيقاف عنف الجيش والأمن ضد الاحتجاجات السلمية.

وأكد على ضرورة البدء في إنهاء تداعيات حرب صيف 1994م، بالتوازي مع تحقيق الانتقال التدريجي للسلطة وتحقيق مطالب الثورة الشعبية 2011م.

وحسب تقرير مركز أبعاد فإن هناك عدة رؤى لحل القضية الجنوبية استراتيجيا سلطت احدى الدراسات المقدمة في مؤتمر أبعاد للباحثين اليمنيين منتصف مايو الماضي الضوء عليها "تتراوح بين خيار الانفصال، وبين خيار الحكم المحلي واسع الصلاحيات، وصيغ مختلفة أخرى مثل الكونفدرالية، والفيدرالية سواء بإقليمين أو عدة أقاليم".

وجاء في تقرير أبعاد: "إن تلك الدراسة أشارت إلى مدخلين الأول يتعلق بالجنوبيين أنفسهم ويتمثل في خوض حوار جنوبي داخلي بغرض توحيد مكوناتهم واختيار قادتهم وممثليهم، ومن ثم وضع تصور شامل لرؤيتهم حول القضية الجنوبية، والثاني يتعلق بمجموعة من الإجراءات والتدابير السياسية يقوم بها رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق الوطني مثل إصدار بيان أو إعلان سياسي يتضمن الالتزام الكامل بحل القضية الجنوبية وذلك في إطار الحوار الوطني حلاً عادلاً، وبما يرضي الجنوبيين، ودون مصادره حقهم في تقرير مصيرهم، بالتوازي مع الشروع في إعداد وتنفيذ برنامج عمل خاص يحتوي على جملة من المعالجات التي تعيد ثقة الجنوبيين في الوحدة".

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن