تطرق لمنع التزاوج بين الطبقات المرتفعة والطبقات المتدنية وناقش ألأعراف القبلية في العرف اليمني

الأحد 24 ديسمبر-كانون الأول 2006 الساعة 11 صباحاً / مأرب برس - خاص
عدد القراءات 7214

في أحدث إنتاجي أدبي لدور النشر السعودية صدر مؤخرا كتاب تحت عنوان العصبية القبلية من المنظور الإسلامي لمؤلفة للدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي حيث أستعرض مؤلفة الحديث عن مظاهر العصبية القبلية في العصر الحاضر وقد اعتمد مؤلف الكتاب في حديثه عن مظاهر العصبية القبلية في العصر الحاضر على مجتمعين هما « اليمن « و « نجد « فاستعرض في حديثه عن الطبقية في «اليمن» أمثلة واقعية لتقسيم المجتمع اليمني إلى طبقات عدة كطبقة السادة والمشايخ والقبائل والضعفة والمساكين وغيرها، مستعرضا أبرز مظاهر التعصب الموجودة كالاحتقار للآخرين ومنع التزاوج بين الطبقات المرتفعة والطبقات المتدنية، فضلا عن إلزام بعض الطبقات بالتزام عادات معينة في الزي واللباس تخالف طريقة الطبقات العليا حتى يستطيع الناس التمييز بينهم بمجرد النظر إليهم. كما قام المؤلف بعمل استبانة عن بعض الأعراف الاجتماعية المنتشرة في اليمن.

 والتي كان من أبرزها الطعن في الأنساب والتفاخر بالأحساب وتقسيم الناس تقسيما طبقيا باعتبار أصولهم ونسبهم، ثم انتقل إلى الحديث عن مظاهر الطبقية في « نجد « حيث يقسم الناس فيها إلى طبقات ثلاث: هي القبيليون والخضيريون والموالي وقد اعتنى بتعريف كل طبقة من تلك الطبقات كما تحدث باستفاضة عن أسباب جهل بعض الأسر والعوائل في نجد بأصولها ومن تلك الأسباب: النسيان والجهل، والخوف من الانتساب أحيانا، وامتهان بعض الحرف والمهن المتدنية، والهجرة إلى خارج الجزيرة.

ومن أبرز مظاهر العصبية القبلية التي تحدث عنها الجريسي عدم التكافؤ في الزواج واعتبار النسب أصلا في اختيار الزوج ولم يقف الأمر عند اعتبار الكفاءة في النسب شرطا في النكاح بل وصل الحال إلى التشدد في ذلك والإنكار على من يخرج عنه والمبالغة في اعتبار هذا الأمر.

وفي حديثه عن الكفاءة في الزواج استعرض الدكتور آراء من يعتبرونها شرطا في النكاح وقام بمناقشتها نقاشا علميا خلص فيه إلى أن أساس الكفاءة في أمور الزواج إنما تكون في الدين والخلق مستشهدا في ذلك بالأحاديث النبوية الصحيحة وأفعال الصحابة رضي الله عنهم كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد»، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت قيس وهي قرشية من بني فهر بأن تتزوج أسامة بن زيد وهو مولى فامتثلت لذلك وتزوجته كما زوج النبي صلى الله عليه وسلم بلال بن رباح من امرأة من بني بكير وهم من المهاجرين من بني الليث.

كما قام الدكتور الجريسي بمناقشة الآراء التي يوردها من يتمسك باعتبار الكفاءة في النسب شرطا في الزواج حيث استعرضها بأدلتها ثم ناقشها جميعا ورد عليها بحسب مقتضيات البحث العلمي وأصوله التي جرى عليها في كتابه.

وكانت نتيجة حكم المؤلف أن الأصل في الكفاءة هو الدين والخلق كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأنه لم يثبت حديث واحد يدل على اعتبار الكفاءة في الحسب والنسب شرطا في صحة الزواج ونقل في ذلك نقولا كثيرة عن العديد من علماء الإسلام المتقدمين والمعاصرين.

ثم ختم حديثه عن مظاهر العصبية القبلية الموجودة بالحديث عن المحسوبيات والمحاباة وهو أن يحابي الفرد ذويه وجماعته ويحامي عنهم ويشفع لهم بحق وبغير حق حتى لو لم يكونوا أهلا لذلك.

ولم يفت المؤلف أن يقوم بعمل استبانة للرأي عن مظاهر التعصب القبلي الموجودة في «نجد» وآثارها الاجتماعية السلبية، اشتملت على عدد من الأسئلة وزعت على شريحة من المستهدفين ضمت بعض القبيليين والخضيريين.

وفي خاتمة الكتاب ذكر الدكتور خالد الجريسي كيفية معالجة الإسلام لموضوع العصبية القبلية حيث أشار إلى أن الإسلام غرس في نفوس أتباعه المبادئ السامية التي تقوم على أساس الولاء لله تعالى والتقدير والإجلال باعتبار العمل الصالح والأخلاق الحميدة ونشر قيم الأخوة الإيمانية والتواضع والمساواة ونبذ رباط العصبية والطبقية والكبر والتفاخر كما في قوله تعالى: ((إنما المؤمنون إخوة)).

ودعم دراسته بملحق اشتمل على العديد من الفتاوى لعلماء الأمة الكبار من أمثال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمهما الله واللجنة الدائمة للإفتاء وغيرهما من العلماء الموثوق في علمهم.

وفي توصيات المؤلف التي جعلها نهاية كتابه أشار إلى أن الله عز وجل قد ساوى بين البشر جميعا فيما شاء وجعل معيار التفاضل هو التقوى والعمل الصالح وأن تقسيم المجتمعات إلى طبقات سواء كانوا سادة وقبائل وضعفة أو قبيليين وخضيريين أمر ما أنزل الله به من سلطان ولا يؤيده عقل ولا منطق فإن الإسلام يدعو إلى وحدة الصف وتآلف القلوب واجتماع الكلمة ونبذ الفرقة والاختلاف والتمييز العنصري وأن القرآن والسنة اعتبرا أمر الدين في الكفاءة أصلا وكمالا وأن المبالغة في أمور الكفاءة النسبية يؤدي إلى تفشي العنوسة وانتشارها كما دلت على ذلك نتائج الاستبانات المشار إليها سابقا.