مسح ميداني يكشف عن تلاعبات في أسواق الصرافة، وخبراء اقتصاديون يؤكدون بأن تراجع أسعار الصرف تضليلي وبأن هدفه قد يكون سياسيا

الإثنين 19 ديسمبر-كانون الأول 2011 الساعة 07 مساءً / مأرب برس/ خاص
عدد القراءات 11481
 


  

كشف مسح ميداني لأسعار صرف العملات الأجنبية في السوق اليمنية، عن وجود تلاعب في أسعار الصرف من قبل شركات الصرافة، والامتناع عن بيع الدولار الأميركي، في ظل الانخفاض المفاجئ لأسعار صرفه خلال الأيام الماضية.

وأشار المسح الميداني الذي نفذه مركز بحوث التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إلى أنه وبعد ارتفاع سعر بيع الدولار الأميركي إلى 244 ريالا الأشهر الماضية، تراجع إلى 238 ريالا، ثم إلى 233 ريالا يوم الأحد 11/12/2012، واستقر عند 221.9 ريالا مساء الثلاثاء الماضي.

وكشفت الدراسة بأن هناك فروقا نسبية في سعر صرف الدولار، بين شركات الصرافة، في إطار المحافظة الواحدة، بالإضافة إلى فروق في أسعار الصرف بين المحافظات الثلاث التي شملها المسح الميداني، حيث بلغ متوسط سعر الدولار في أمانة العاصمة 222.40 ريالا، فيما بلغ حده الأدنى في بعض شركات الصرافة 220 ريالا، وحده الأعلى 225 ريالا، بمعدل زيادة 2.2 بالمائة.

وفي محافظة عدن فبلغ متوسط سعر صرف الدولار 223.20 ريالا، فيما بلغ حده الأدنى 220 ريالا، وحده الأعلى 225 ريالا، بمعدل زيادة 2.2 بالمائة، أما في محافظة تعز بلغ متوسط سعر الصرف 219.0 ريالا، فيما بلغ حده الأدنى 218 ريالا، وحده الأعلى 220 ريالا، بمعدل زيادة 0.91 بالمائة.

وذكرت الدراسة بأن سعر صرف الدولار (شراء) بلغ على مستوى العينة ككل 217.67 ريالا، بمعدل انحراف معياري 1.97 ريالا، وبلغت نسبة الاختلاف للعينة الاستطلاعية نحو 0.83 بالمائة.

وأشارت الدراسة إلى أن سعر اليورو الأوروبي يقع بين حدين أدنى 285 ريالا، وأعلى 310 ريالات، بمعدل زيادة 8.7 بالمائة بين شركة صرافة وأخرى، بينما بلغ متوسط سعر الريال السعودي 59.27 ريالا، بين حدين أدنى 57 ريالا، وأعلى 60 ريالا .

وأكدت الدراسة بأن تراجع سعر صرف الدولار جاء بعد تشكيل حكومة الوفاق الوطني، معزية ذلك الانخفاض إلى ضخ السلطات النقدية للعملة الصعبة، في الأسواق، مشيرة إلى أن استخدام سعر الصرف كمؤشر اقتصادي في الوقت الراهن لا يعطي انطباعات تفاؤلية بحدوث الاستقرار السياسي في الشارع اليمني لتهدئة المواطنين وطمأنة رجال الأعمال والمستثمرين.

وأوضحت الدراسة بأن الاقتصاد اليمني يمر حاليا بحالة من الركود، وبأن هناك معدلات تضخم مستمر، ووضع متهور لميزان المدفوعات، والطلب على السلع والخدمات في حدوده الدنيا والإنتاج شبه متوقف، مشيرة إلى انعكاس ذلك على تسريح العمال والموظفين من أعمالهم وانتشار البطالة، ما أدى إلى انخفاض الدخول الفردية وبالتالي انخفاض الطلب على السلع، ونوهت إلى أن ذلك جعل الطلب على الدولار منخفضا نسبياً من قبل المستثمرين والمنتجين لعدم الحاجة إلى الاستيراد وزيادة الإنتاج، وقالت بأن هذا يساعد في التقليل من كمية الدولارات التي يتم ضخها في السوق وتخفيض سعره والحفاظ على السعر لفترة محدودة، وتوقعت أن يكون لتخفيض سعر صرف الدولار أثر ايجابي على النشاط الاقتصادي وتشجيع وزيادة إنتاج السلع البديلة للواردات .

وأوضح رئيس مركز بحوث التنمية الاقتصادية والاجتماعية، الخبير الاقتصادي مرزوق عبد الودود محسن، بأن المسح الميداني يأتي ضمن خطة المركز في الرقابة الدورية على أسعار الصرف وتحليل أسواق العملات بهدف رصد والاختلالات وكشف التلاعب والممارسات من قبل شركات الصرافة، وما لذلك من آثار سلبية على المستوى العام للأسعار وكذلك على الطلب والعرض وأسعار الواردات الصادرات وميزان المدفوعات والاقتصاد الوطني بشكل عام.

وحذر المركز من التلاعب الذي تمارسه شركات الصرافة في أسعار الصرف، وطالب بوضع حد لتلك التلاعبات، وتشديد الدول الرقابي عليها.

من جانبه أشار أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء، والباحث الاقتصادي في المركز، الدكتور علي العسلي، بأن الانخفاض المفاجئ لصرف الدولار تضليلي وليس حقيقيا، وقال بأن هدفه قد يكون سياسيا أكثر من كونه اقتصاديا، متسائلا: هل يتوفر لدى السلطات النقدية القدر الكافي من النقد الأجنبي للحفاظ على هذا السعر، وتوقع أن هذا السعر لن يستمر كثيراً وربما يشهد السوق المحلي خلال الأشهر القادمة ارتفاع سعر الدولار مرة أخرى، مؤكدا بأن التقلبات في سعر الصرف تؤثر على تدفقات رؤوس الأموال والسلع من وإلى البلد وعلى أرصدة الدولة من العملات الأجنبية وما تمتلكه في الخارج وما عليها من ديون للعالم الخارجي.