مصادر محلية تكشف عن مضايقات حوثية للمجتمع المدني

الجمعة 25 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 الساعة 03 مساءً / مأرب برس- عبدالرب ناجي: الأهالي نت
عدد القراءات 6259
 
 

ما إن أحكم الحوثيون سيطرتهم على مدينة صعدة "عاصمة المحافظة" في أبريل الماضي حتى قاموا بتقديم أنفسهم للمجتمع الصعدي كبديل ديني وسياسي أو كصاحب حق إلهي عاد إليه حقه –عن طريق معارك شرسة بدأت في 18/6/2004م وستدوم ما دامت عقليات أصحابها تؤمن بفكر اختزل الدين في كتيبات، وعقيدة اختصرت أركانها في ركن واحد تمثل في الإيمان بشخص جاء ليفسر –وفق هواه- ما أنزل من الدين وبذلك يتمكن من كسب أتباع له لا يحق لهم حتى الحياد فيما يراه فضلا عن الاعتراض، ويجمع أنصارا نذروا أنفسهم من أجل ما بشر به، كيف لا وسر وجودهم على البسيطة –كما يتصورون- هو الاقتداء به والسير على نهجه حبا منه وتقديسا لنسبه؟

ورغم كل الشعارات والوعود التي أطلقها الحوثيون قبل وخلال الأسبوع الأول من دخولهم المدينة، إلا أن تصرفاتهم طغت على كل ما بذلوه من جهود وأطلقوه من شعارات.

فما إن استتب لهم الأمر حتى حكموا فجاروا وتملكوا العشور والضرائب فبطروا وتسلحوا وتولوا المناصب فتكبروا وبدءوا بتصفية الحسابات مع كل من لا يؤمن بأفكارهم من أبناء جلدتهم، فضلا عن خصومهم فخلعوا الأول لأنه منافق خالفهم المنهج، وعزلوا الثاني لأنه فاسد الولاء، واعتقلوا الثالث لمشاركته في مسيرات التغيير وهكذا دواليك.

وليكون القارئ الكريم في صورة تلك الممارسات فإننا سنلقي الضوء على نزر يسير منها:

بلاطجة أم ثوار

تتوالى المواقع الإخبارية وكذلك المصادر المحلية في نشر المعلومات التي تؤكد التحالف القائم بين الحوثيين والنظام الحاكم ففي الوقت الذي تشير فيه وكالة فرانس برس إلى ذلك التحالف، تأتي لتفيد "بأن حالة التوسع الملحوظ لجماعة الحوثي في محافظة حجة والجوف وعمران –شمال البلاد- إضافة إلى صنعاء والمحويت يأتي باتفاق مع نظام الرئيس صالح لبناء تحالف جديد.

وأشارت وكالة الأنباء الفرنسية إلى "أن الحوثيين الذين يقودهم عبدالملك الحوثي ومعقلهم محافظة صعدة –شمال اليمن- يتوسعون ميدانيا باتفاق مع النظام".

ويؤكد ذلك التحالف ما تقوم به جماعة الحوثي من عنف واعتقال للثوار المشاركين في ساحات التغيير. فقد ذكرت مصادر محلية من مديرية حيدان بمحافظة صعدة أن أتباع الحوثي قاموا باعتقال الناشط ماجد مهدي جرمان فور عودته من ساحة التغيير قبيل عيد الأضحى الماضي.

ويروي أحد الشهود جزءا من تلك الحادثة بقوله: بينما خطيب العيد في طريقة لإلقاء الخطبة إذ بنا نفاجأ بمجاميع مسلحة يرافقهم أطقم تحمل أسلحة رشاشة 12/7 تابعة للحوثي قد طوقت المصلى.

مضيفا: بعد ذلك منعوا الخطيب من إلقاء الخطبة مطالبين باصطحاب ماجد كونه مطلوباً أمنياً وعند ذلك استجاب ماجد لطلبهم إلا أن المصلين اعترضوه ومنعوه من مرافقة الحوثيين، وهو ما دفع الحوثيين لأخذه بالقوة وعند ذلك تدافع العشرات من المصلين وتمكنوا من الصعود إلى الأطقم التابعة لأتباع الحوثي مطالبين بسجنهم مع ماجد.

وأضاف الشاهد: في الطريق إلى السجن "محكمة حيدان الابتدائية" قام الحوثيون بشهر أسلحتهم في وجود الأفراد الذين رافقوا ماجد، ونتيجة لذلك عاد مجموعة منهم إلا أن 6 أفراد فضلوا الموت على ترك ماجد في قبضة الحوثيين، وعندما رأى أتباع الحوثي إصرارهم أودعوهم صحبة ماجد سجن محكمة حيدان الابتدائية.

من جانبه ذكر أحد المعتقلين –فضل عدم ذكر اسمه- "أنه بعد مرور 3 أيام أقنعهم ماجد بالخروج من السجن وتركه وحيدا فيه".

وفي رده على سبب الاعتقال أضاف: كنا نسأل الحوثيين عن سبب اعتقال ماجد فيردون علينا: ماجد يقوم بحركات مشبوهة.

بعد مرور 11 يوما من السجن والاعتقال والتحقيق تفيد مصادر محلية أن ماجد خرج من السجن على شرط "الرحيل من المديرية" وهو ما قام به ماجد فور مغادرته السجن ولم تتمكن المصادر من معرفة وجهته حتى ساعة كتابة التقرير.

ومن تلك الممارسات ما يتعرض له الموظفون المشاركون في ساحات التغيير حيث يقول الأستاذ (ع. ح) "نحن نتعرض لخصميات يقوم بها مدراء مكاتب التربية المحسوبين على الحوثي تزيد عن 50% من الراتب ويرجع سبب ذلك إلى وجودنا في ساحات التغيير.

ويؤكد ذلك الأستاذ (م. ض) بقوله: "أنا لم أستلم راتبي لشهري سبتمبر وأكتوبر بسبب مشاركتي في المسيرات والاعتصامات في ساحة التغيير بالعاصمة صنعاء، مضيفا: تواصلت مع مدير التربية في المديرية –حوثي- وقلت له: نحن نأمل منكم مراعاتنا حيث ونحن جميعا في ثورة، فرد علي ساخرا بقوله: لا تشغلونا ثورة ثورة!! قاتلتنا 7 سنوات وخصموا رواتبنا ما شكينا على أحد".

وراء التضييق على المنظمات.. معايير مصلحية أم استخباراتية؟

كثير من أبناء محافظة صعدة يرون أن الدافع وراء تضييق الحوثيين على المنظمات الإنسانية هو نتاج أزمة نفسية يعانون منها حبا في التملك والاستحواذ والإقصاء.

فهم لا يتركون لأي طرف من الأطراف خياراً ثالثاً عملا بالمقولة: من ليس معنا –وبذلك ينفذ جميع الإملاءات- فهو ضدنا ولا بد أن يختار التعليق حتى يرضح لتوجيهاتهم أو يغادر المحافظة.

وقد تمثلت تلك المضايقات كما ترويها مصادر محلية في:

- إخراج كوادر المنظمات من المستشفيات الحكومية ليتمكنوا من الاستفادة من خدمات تلك المنظمات في مناطق يحددونها أنفسهم.

- تحويل عمل منظمة ما من منطقة –تابعة لطرف ما- إلى منطقة أخرى تحت ذريعة احتياج الأخيرة، أو بعد الأولى بحيث لا يستطيع فريق المنظمة الوصول إليها، أو أن سكان هذه المنطقة يمتلكون المال الكافي للوصول إلى المستشفى السعودي بمدينة صعدة.

- نقض الاتفاقات مع المنظمات.

- ومن التعسفات ما تقوم به اللجان المجتمعية –المشكلة من الحوثيين أنفسهم- من منع حملات التحصين ونشر شائعات بين سكان المناطق المستهدفة مفادها أن مصل اللقاحات يحتوي على مواد تؤدي إلى عقم الأطفال في المستقبل.

- أما في جانب توزيع المواد الغذائية فكانت أبرز المعوقات فرض أسماء مستفيدين محسوبين على الحوثي وحذف آخرين وفق معايير إقصائية لا تمت للعمل الإنساني بصلة.

وقد أكد عدد من المستفيدين أنه تم استبعادهم من سجلات الغذاء كونهم على عداء مع الحوثيين" وذكر آخرون أنه تم تعليق أسمائهم في منظمة الإغاثة الإسلامية بعد أن اكتشف الحوثيون أن عددا كبيرا من المستفيدين هم من النازحين الفعليين الذين غادروا قراهم رافضين الاشتراك مع الحوثيين في المواجهات المسلحة.

مصادر أخرى أفادت أن إحدى المنظمات استلمت ما يربو على 10 آلاف اسم –دون مراجعة أو مسح- غالبيتهم من المقاتلين الحوثيين أو وهميين أو أسماء أسر يحاول أتباع الحوثي استمالتهم إلى صفوفهم، ومن الأعمال التي قاموا بها أيضا نهب سيارتين تابعتين للمفوضية السامية لشئون اللاجئين إحداهما سيارة مصفحة وأخرى هايلوكس ونهب مخازن تلك المنظمة في الملاحيظ مركز مديرية الظاهر بحجة التوزيع المباشر للمواطنين دون الرجوع إليهم وأخذ موافقتهم في زمن ومكان وآلية التوزيع.

ونظرا لقبول المنظمات لجزء كبير من إملاءات الحوثيين فقد فتح ذلك شهية الأخيرين فسعوا إلى طلب توظيف عدد كبير من أنصارهم في هذه المنظمات، وبذلك يحلون محل الموظفين الأصليين الذي ينتمون إلى أحزاب أو تيارات لا يرضى عنها الحوثيون أو يرفضون التعايش معها. وهذا ما أثار حفيظة هذه المنظمات –حسب مصدر محلي- واعتبرت ذلك تدخلا في شئونها ويتنافى مع مبادئها كونها منظمات إنسانية ليس لها علاقة بالمعتقدات أو الانتماءات السياسية. موضحة أن اختيارها لموظفيها يقوم على الكفاءة وجودة الأداء فقط.

وردا على تصرفات تلك المنظمات فقد شن الحوثيون حملة إعلامية مهدفة في الصحف والمنابر بهدف تشويه هذه المنظمات والتحريض عليها كونها –كما يروجون- منظمات استخباراتية ولها ارتباطات بالسفير الأمريكي مباشرة واتهامها بالاستحواذ على جزء كبير من المنح والمساعدات.

ولما لم يستجب السكان للشائعات فقد تم تعليق عمل المنظمات ومطالبتها بالاستغناء عن بعض موظفيها كونهم يعملون في القطاع الحكومي.

وبعد تعليق دام ما يقارب من أسبوعين طالبت الوحدة التنفيذية والتي يرأس إدارتها "أبو علي الحاكم" من المنظمات إرسال ممثليها في صنعاء للتفاوض معهم والاطلاع على شروط الوحدة التنفيذية ويوافقوا على تلك الشروط إذا أرادت تلك المنظمات الاستمرار في عملها داخل المحافظة.

ومن أبرز تلك الشروط:

¬- اتهام المنظمات بالاستحواذ على جزء كبير من المنح والمساعدات.

- قطع التواصل مع الجانب الحكومي أو من يمثلها.

- إلزام المنظمات بالتنفيذ المطلق لتوجيهات الحوثيين كونهم أصحاب السيادة.

- أن الحوثيين هم المخولون بالموافقة على أي شريك وبذلك يتم إقصاء المنظمات أو الجمعيات المحلية التي يعمل فيها أفراد محسوبون على بعض الأحزاب السياسية والتيارات الأخرى.

- أن التوظيف يكون بالتنسيق مع الحوثيين.

- منع أي منظمة من التحرك إلا بعد موافقة الحوثيين وعدم الاستعانة بأي فرد أو جهة.

الشروط آنفة الذكر اعترضت عليها المنظمات في حينها إلا أن بعضها استجاب مكرها وهو ما جعل الكثير من السكان يتذمرون من تلك المنظمات ويطالبونها بمغادرة صعدة خيرا من أن يستحوذ عليها أتباع الحوثي ويستخدمونها لصالحهم فقط.

المناصب الحكومية.. استحواذ أم كفاءة!؟

حبا منهم في الاستحواذ والسيطرة وتصفية الحسابات مع الخصوم والمخالفين وحرصا منهم أيضا على جمع الأموال من المؤسسات والمرافق الإيرادية، فقد سعى الحوثيون إلى الدفع بأتباعهم –ترغيبا وترهيبا- إلى تولي المناصب الحكومية ومن المواقع التي شغلوها:

- تعيين أبو علي الحاكم رئيسا للوحدة التنفيذية في المحافظة وجمع كثير من الصلاحيات في يده، حتى أصبح غالبية سكان المحافظة يطلقون عليه المحافظ في إشارة إلى كونه الحاكم الفعلي للمحافظة.

وللحد من صلاحيات المحافظ فارس مناع فقد قاموا بتعيين يحيى المهدي وكيلا للمحافظة بهدف إضفاء الرسمية وتمرير الإجراءات التي قد يمتنع المحافظ عن الموافقة عليها.

ولم يكتف الحوثيون بالتعيينات آنفة الذكر بل تعدوا ذلك إلى تعيين كل من عبدالسلام الفيشي مدير عاما للأوقاف ومحمد عدلان مديراً عاما للخدمة المدنية وعصام أحمد الحملي مدير عاما للمواصلات.

أما الإدارات الأخرى فحدث ولا حرج فلا تكاد ترى مرفقاً إلا وفيه مديرا أو نائبا بيده جميع الصلاحيات. وتأتي المديريات –أيضا- في المقدمة فقد تم تعيين المئات منهم مدراء عموم لتلك المديريات أو مدراء مكاتب الصحة أو التعليم أو الأوقاف أو الواجبات أو غيرها من الإدارات.

مساجد صعدة.. احتلال وقيود

مع أن الحوثيين يزعمون أن ثقافتهم مستمدة من وحي القرآن الكريم، إلا أنهم –في نظر الكثيرين من أبناء محافظة صعدة لم يفقهوا قول الله تعالى "لا إكراه في الدين" أو أنهم اعتبروا تلك الآية منسوخة حكما ومعنى ودليل ذلك الممارسات التي يرويها عدد من أبناء المحافظة عن احتلال الحوثيين لعدد من أكبر مساجد المدينة والمديريات التابعة لها كجامع فليته وجامع السبيل وجامع الذهب والجامع الكبير بالجرشة، والجامع الكبير بمدينة ساقين وجامع شهارة وجامع السالمي وجامع ابن سلمان وجامع الهيري وجامع الناصر.

وقد رافق ذلك الاحتلال فرض معتقداتهم وطقوسهم بالقوة مما جعل العديد من سكان الأحياء المجاورة لتلك المساجد يؤدون الصلوات في منازلهم أو يقطعون مسافات طويلة بحثا عن مساجد أخرى لا تمارس فيها كل تلك المضايقات.

وختاما.. ما ذكرناه آنفا عن طريق مصادر محلية يعد غيض من فيض وقطرة من بحر الانتهاكات التي يمارسها الحوثيون في صعدة ضد السكان الذين يستنجدون منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية المحلية إلى إغاثتهم ورفع الجور الذي يحل بهم، مؤكدين أن المظلوم سيقتص ممن ظلمه ولو بعد حين.