في تقرير أمريكي عن الانتخابات الأخيرة.. الديمقراطية اليمنية متعثرة وتنحدر نحو الديكتاتورية

الخميس 09 نوفمبر-تشرين الثاني 2006 الساعة 02 مساءً / مأرب برس / الصحوةنت
عدد القراءات 3348

اعتبر تقرير أمريكي الديمقراطية في اليمن بأنها ديمقراطية متعثرة تنحدر نحو الديكتاتورية وأن الانتخابات الرئاسية والمحلية الأخيرة كانت كما تريدها الحكومة التي حصلت على كل ما تريده.

ووصف التقرير النظام السياسي اليمني بأنه نظام (مشخصن) نشأ خلال 28 سنة من حكم الرئيس صالح وأكد التقرير أن كل شيء يجري في الساحة اليمنية هو حسب هوى صالح.

وأكد التقرير أن بإمكان الرئيس أن يحاول في التخطيط لهبوط هادئ لليمن عند نضوب النفط إلا أنه لا مفر من التحطم الجزئي وأن يقوم أيضاً بنزع فتيل بعض القنابل المؤقتة التي تعرض مستقبل البلاد للخطر.

وحذر التقرير من قيام الرئيس صالح باستغلال طاقته في الفترة القادمة في بناء ما أسماه التقرير (أسرة حاكمة) كما يتخوف بعض اليمنيين وأن ذلك سيجعل الانتخابات الأخيرة الخطوة الأولى لانزلاق اليمن إلى هاوية الدمار.

وأكد التقرير -الذي نشره موقع التقرير الأمريكي للشرق الأوسط- أن التوقعات كانت تشير إلى أن الانتخابات لن تكون حرة ونزيهة وقال: كان متوقعاً أن الانتخابات لن تكون حرة حيث أن صالح أعلن قبل 14 شهراً بأنه لن يترشح وأن على الأحزاب الأخرى أن تقوم بترشيح دماء جديدة ووطنية ومثقفة لكي تخلفه في الحكم، وقد تسارعت الأحداث في كشف ذلك القناع حيث كان ذلك الإعلان جزءاً من مسرح سياسي يهدف إلى تفادي الانتقادات الناجمة عن الرفع الجزئي للدعم الحكومي عن المشتقات النفطية الذي تم إعلانه بعد يومين.

وأشار التقرير إلى أن صالح بدأ في شتاء ذلك العام بنمط من التصريحات الغامضة حيث لم يتراجع فيها عن وعده بعدم الترشح وإعادة تأكيد ذلك في فبراير 2006م في مقابلة مع صحيفة (الحياة) لكنه كان ذكياً في إعطاء تلميحات غامضة بأنه يمكن أن يتراجع عن ذلك القرار إذا تعرض لأية ضغوط.

وأكد التقرير الأمريكي أنه تم حسم التوقعات المتعلقة بنوايا الرئيس صالح في الأسبوع الأخير من يونيو 2006م عندما عقد حزب المؤتمر الشعبي العام مؤتمراً لإعلان مرشحه للانتخابات الرئاسية وكان مقرراً أن يستمر المؤتمر لمدة يومين لكن تم تمديده إلى ثلاثة أيام بعد أن رفض صالح ترشيح حزبه له في اليوم الأول من انعقاد المؤتمر، كما تم إغلاق المدارس والمؤسسات الحكومية في اليومين التاليين حيث خرج اليمنيون إلى الشوارع في حين وصفت الصحف الرسمية هذه المظاهرات بالعفوية.

وأشار التقرير الذي كتبه «جرجوري جونسن» عضو المعهد الأمريكي للدراسات في واشنطن إلى أن نهاية تلك المسرحية التي أخرجت ببراعة في صباح اليوم الثالث من انعقاد المؤتمر عندما أعلن صالح لآلاف المحتشدين في ميدان كبير بالعاصمة صنعاء بأنه اقتنع بالقيام بالترشح لفترة رئاسية قادمة.

وكان ذلك يشبه (عرضا للنصر) كما لو كانت الانتخابات قد حسمت قبل الإدلاء بصوت واحد، وقد تم إدارة ذلك العرض من وراء الكواليس.

معارضة قوية

واعتبر التقرير أن الانتخابات الأخيرة أكدت أن اليمن لديها معارضة قوية ومستقلة وأن مرشحها فيصل بن شملان يتمتع بصفة قلما تتمتع بها الشخصيات العامة اليمنية وهي صفة النزاهة، حيث أن سمعته لم تكن ملطخة بالفساد المستشري في البلاد.

بالإضافة إلى الكثير من الناس يعتبرونه أنموذجاً للمواطن وركناً للفضيلة وصاحب سجل ناصع.

وحول الحملات الانتخابية للمرشحين أكد التقرير أن ثقافة ا لفساد السائدة في اليمن لفترة طويلة قد ساعدت في إخراج الحملات الانتخابية المبكرة عن مسارها حيث أن المرشحين لم تكن لديهم الإمكانيات للحصول على الدعم من خلال دفع رشاوى وإعطاء وعود بوظائف في المستقبل بعكس حملة الرئيس صالح الذي تقف الحكومة بكل إمكانياتها وراءها ولم تواجه أية قيود أو عوائق.

وأشار كاتب التقرير المتخصص بالشؤون اليمنية إلى أن الإحباط السائد بسبب المستويات غير المسبوقة التي وصل إليها الفساد في اليمن يعد واحداً من أهم الأسباب الرئيسية التي جعلت بن شملان يحظى بشعبية كبيرة.

ووصف الكاتب بن شملان بأنه كان (مرشحاً ضد الفساد) وأن حملته قد أضافت إلى الضغوط الخارجية التي يتعرض لها الرئيس صالح منذ عام 2005م حيث أنه في إحدى زياراته لواشنطن تم إبلاغه بأن الولايات المتحدة والبنك الدولي سيقومان بتخفيض الدعم المقدم لليمن نظراً لانعدام الشفافية والمسؤولية في صرف المساعدات.

وقد أصاب هذا الموقف الرئيس صالح الذي يعتبر نفسه حليفاً رئيسياً في الحرب ضد الإرهاب أصابه بالصدمة لأن هذه الخدمة لم تخف إهماله في مكافحة الفساد.

وأكد التقرير بأن صالح منذ ذلك الحين قام بإلقاء عدد من الكلمات ضد الفساد وقامت الحكومة بنصب الكثير من اللوحات الكبيرة مكتوب عليها عبارات منوعة ومقتضبة تندد بالفساد وأن الرئيس لن يقبل باستمراره لكن رغم هذه الحملة ورغم تعهد صالح في كلمة قبوله للترشح بأنه سوف يستبعد كل أولئك الذي يستغلون نفوذهم لتحقيق مكاسب شخصية فإنه لم يتغير سوى الشيء القليل حيث وأن الكثير من اليمنيين ساخطين بسبب التراكم المذهل للحواجز البيروقراطية ومطالب الرشاوى التي يتوجب عليهم تلبيتها بشكل يومي كما أن اليمنيين أصبحوا يصرخون علناً بأن المسؤولين من جميع المستويات قد أتخموا أنفسهم على حساب البلاد.

وشدد التقرير على أن حملة بن شملان بالإضافة إلى الأشرطة الفنية بالإضافة إلى الضغوط الدولية قد ساهمت بشكل كبير في دفع صالح لإعطاء الوعود بالإصلاح إلى جانب دفع صالح أيضاً للحديث عن التغيير ونقص الموارد التي سوف تواجهها في اليمن في الأعوام القادمة.

كما أن يوم العشرين من سبتمبر كان يمثل فرصة للحكومة لكي تعترف ضمنياً بإخطائها في الماضي مع إعطاء وعود بإجراء إصلاحات بينما لم يتم محاسبتها بعد على الأخطاء التي ارتكبتها في صناديق الاقتراع.

وأرجع التقرير اختيار المهاجمين لمنشآت نفطية في مأرب وحضرموت إلى انعدام التنوع في الاقتصاد اليمني وهو أحد الأسباب التي جعلت تلك المنشآت هدفاً مفضلاً لتلك الهجمات حيث أن تلك الهجمات كانت ستضرب باستقرار البلاد إذا نجحت وانتقد التقرير محاولة الحكومة ربط تلك الهجمات بمرشح المعارضة بن شملان حيث قال (وقد حاولت الحكومة بشكل سخيف ربط تلك الهجمات بحملة بن شملان عن طريق إلقاء القبض على أحد حراسه الشخصين بزعم انتمائه للقاعدة، وقد تم توظيف ذلك الاعتقال في حملة الدعاية الانتخابية، وقد كان الشخص المذكور في الحقيقة عميلاً للحكومة تم إرساله لاختراق صف بن شملان.

أصعب الفترات

وتوصل التقرير إلى أن الفترة الرئاسية الأخيرة للرئيس صالح ستكون أصعب فتراته على الإطلاق فرغم مشاهدته لفترة الوحدة في 1990م والحرب الأهلية الدامية في صيف 1994م لكنه لم يشاهد مطلقاً الأوضاع الصعبة التي يحتمل أن تشهدها البلاد في السنوات السبع القادمة لأن الاقتصاد اليمني سوف يعاني من البطالة المرتفعة وارتفاع نسبة المواليد ونسبة الأمية.

وحسب المقاييس المعتمدة لدى منظمة كارينجي الدولية فإن اليمن تقترب سريعاً من قائمة الدول الفاشلة.

وأشار التقرير أن كل شيء جرى في الانتخابات حسب هوى الرئيس صالح لكي يقضي سنواته السبع الأخيرة في القصر الجمهوري وبإمكانه أن يحاول التخطيط لهبوط هادئ لليمن عند نضوب النفط إلى جانب نزع فتيل بعض القنابل المؤقتة الأخرى التي تعرض مستقبل البلاد للخطر.

وحذر التقرير في ختامه من استغلال الرئيس طاقته في بناء أسرة حاكمة لأن ذلك سيكون الخطوة الأولى لانزلاق اليمن إلى هاوية الدمار.

ساخطون

اليمنيون ساخطون بسبب التراكم المذهل للحواجز البيروقراطية ومطالب الرشاوي التافهة التي يتوجب عليهم تلبيتها بشكل يومي حسب التقرير الذي أشار إلى أن هذا السخط قد تم تصويره بشكل جميل من قبل الكوميدي اليمني فهد القرني في شريطه الذي أصدره في الصيف، لقد كان شريط (شابعين) ضربة مباشرة، حيث أن مقاطعه التسعة هي عبارة عن خليط من الأناشيد والفكاهات وجميعها تسخر من النظام والفساد الذي أصبح جزءاً من الحياة اليومية، حيث أن سخرية القرني تعبر عما يدور بخلد جميع الناس حيث أن القلة القليلة من أولئك الناس يصرخون علنياً بأن المسؤولين من جميع المستويات قد أتخموا أنفسهم على حساب البلاد.

ومما لا يثير الدهشة أن ذلك الشريط تم منعه وتم أيضاً مصادرة العديد من النسخ لذلك الشريط ورغم تلك الاجراءات الوقائية فإن الشريط لا يزال في متناول معظم اليمنيين الذين أدركوا فحوى الرسالة التي يحملها.

إن ذلك الشريط وغيره من الأشرطة الخاصة بمحمد الأضرعي وهو كوميدي آخر قد ساهمت في رفع سقف حرية التعبير السياسي في اليمن، حيث تم اعتقال الأضرعي في يونيو لعدة أيام بسبب محتويات الأشرطة التي قام بتسجيلها.

وأوضح الأضرعي في إحدى مقابلاته مع يمن تايمز كيف أنه نجح في السخرية من النظام، وقد أجاب على أحد أسئلة الصحيفة عن السجن بالقول: السجن كئيب، لكن السجن كان نظيفاً وقد اعتقلت لمدة ثلاثة أيام، لقد كانت فرصة طيبة لي لكي أستريح لأني كنت أعمل باستمرار في الحفلات لقد بعث الله أولئك الناس الطيبين لكي ينتزعوني من عملي الممل.